«العقيدة علاقة بين العبد وربه، فأنا مصرية حتى النخاع، والتوافق الفكرى والنفسى وليس الدينى، هو ما حسم زواجى من الفنان يحيى الفخرانى»، بهذه الكلمات استهلت الكاتبة الدكتورة لميس جابر، حوارها مع «ڤيتو»، وقالت فى سياق الحوار :«أنا أكره من يسألنى عن دينى، فيجب أن تتغير ثقافتنا، فيما يتعلق بهذا الموضوع، لأنه أساس التعصب والطائفية الكريهة، وبالمحبة لا بالعقيدة يجب أن نتعايش». جابر أشارت إلى أن القس سرجيوس، الذى كان يلقب ب«قمص الوطنية فى مصر»، حكم عليه، مع الشيخ «الآياتى»، بالأشغال الشاقة، عندما خطب فى الأزهر قائلا:«إذا كان الاحتلال الانجليزى جاء لحماية الأقليات، فليمت ال2 مليون قبطى ليعيش المسلمون»، ما يعكس طبيعة العلاقة التى كانت تربط بين المسلمين والمسيحيين فى مصر، قبل أن تتعرض لهزات متعمدة، من دعاة الفتنة، من الجانبين. وأوضحت أنها تكره «الخطاب الدينى المسيس»، كراهيتها للأحزاب التى تقوم على أسس دينية، مؤكدة أنها رفضت الانضمام إلى حزب قبطى، وقالت لمؤسسه:«هذا هطل». الكاتبة الكبيرة قالت:«الشعب المصرى نسيج متماسك، ولا يمكن أن يخضع لتأثيرات مشعلى الحراق وصانعى الفتنة الطائفية، رغم ما يحدث «مستشهدة بمقولة اللورد كرومر:«المصرى المسيحى والمسلم فى شكلهم واحد، يرتدون نفس اللبس ، فتجد واحدا يدخل الجامع والآخر يدخل الكنيسة، ولا يستطيع أحد أن يفرق بينهم». وعن زواجها من الفنان يحيى الفخرانى، وهل صاحب هذا الارتباط مشاكل فيما يتعلق بالديانة قالت لميس جابر: حدثت مشكلة بسيطة بسبب اعتراض والدتى على هذاالزواج، أما والدى - الذى كان محبا ليحيى - فقد بارك هذه الزيجة، وقال: إن الله محبة، ودعا لنا بأن تذخر حياتنا بالمودة والحب وقد تحققت - والحمد لله - دعوته. وأوضحت : «بعض الحاقدين، كانوا يرددون فى بداية حياتى الزوجية، إن أولادنا سوف يخرجون إلى الحياة مشوهين، بسبب اختلاف ديانة الأب والأم، وهو ما لم يحدث، لأن التوافق الفكرى والنفسى بينى وبين الفخرانى سهل لنا كل تفاصيل حياتنا، ومكننا من تنشئة أولادنا تنشئة طيبة». تدفع لميس جابر، عقارب الزمن إلى الوزراء بقوة، لتتذكر:«عم جميل صليب كان يأخذنا دائما إلى مسجد الحسين، فى طفولتى، وكنت أشعر حينئذ براحة نفسية». ثم تتوقف برهة لتكمل:«عم جميل كان يصطحبنى مع أصدقائى من المسلمين والأقباط لزيارة الحسين وكان يطلب منا قراءة الفاتحة خلفه، ونحن داخل المسجد، ثم نخرج بعدها لأكل الكشرى، وكنت أخرج من هذه الزيارة براحة نفسية غير عادية». ولفتت جابر إلى أنها كانت تتلقى تعليمها الأولى فى مدرسة أهلية، مملوكة لقسيس، وكان غالبية الطلبة مسلمين، متذكرة بأنها فى حصص التربية الدينية الإسلامية كانت وهى وزملاؤها الأقباط يحضرون مع المسلمين دون أن يعترضهم أحد، أو يأمرهم بالخروج من الفصل، كما يحدث حاليا. وتنتقل لميس جابر من الماضى البعيد إلى القريب، حيث أكدت أنها هى من أشرفت على تحفيظ القرأن الكريم لأولادها، مؤكدة أنها بادرت بجلب «محفظ للقرآن»، ليعلم أبناءها وأطفال العمارة التى تقطنها، القرآن، كما أنها كانت تمنح كل طفل يحفظ آية جنيها، تشجيعا لهم. وقالت جابر: إنها وجيلها تربوا فى أجواء طيبة، لا تعرف التوتر ولا الفتن الطائفية، مشيرة إلى أنها أطلعت، فى مكتبة والدها، على نسخ من المصحف، وعديد من الكتب والمراجع الإسلامية، للطبرى وابن تيمية. الكاتبة الكبيرة أبدت اعتراضها على ما سمى ب«حوار الأديان»، لأنها غير مقتنعة به، دافعة بأنه «ليس من الضرورى أن أعرف ديانتك لكى أتحاور معك». وقالت إنها تؤمن بأن الجميع تحت مظلة الله الواحد، كما أبدت احترامها وتقديرها للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بسبب مواقفه الوطنية الخالصة مستشهدة برده فى أحد البرامج التليفزيونية عندما قال:«الفراعنة كانوا يعرفون الله وهذا يظهر من اعتقادهم فى الحساب والعقاب والآخرة، من خلال ما ظهر فى المعابد والمقابر»، وهذا يعنى أنه رجل دين مستنير. وأشارت إلى أن الكنيسة الارثوذوكسية المصرية هى من حافظت على الحضارة المصرية.