بعد الاستفتاء وإقرار الدستور، الذي عصف بالبلاد حتى كادت أن تغور، رقص ابن مرسي وأهله وعشيرته من فرط السرور، وقالوا: لا قبل لأي معارض بنا حتى يوم النشور، وقد وجب علينا السعي حثيثا نحو الأخونة دونما إبطاء أو قصور.. ولم يكتفوا بذلك بل زادوا: سبحان من أخرجنا من برودة البرش وظلمة القبور، إلى هناء العيش وأنوار القصور، وسخر لنا كل المناصب وأعطانا جُلّ الأجور، وقد كنا نتزوج نسوانا "غفرا" فأبدلنا بهن البطّات البضّات الحور، وقد كنا نخاف من عسكري الأمن المركزي، واليوم يحني رأسه أمامنا من الهيبة أجدع مأمور، ولم يكن لنا في الطحين كما أنه ليس لنا في الثور، فرزقنا الله بشباب نقي لم يلف قبل ذلك أو يدور، فقاموا بثورة ضد الديكتاتور، وأعطوها لنا بيضة ليس بها أي قشور، فأكلناها هنيئا مريئا دون طبخ او نفخ أو قدور، ولن يصل إليها أي طامع أو طامح أو متآمر أو مأجور.. قال مرشدهم: رويدا.. رويدا.. فإن في الأمور أمور، ويمكن لكل ما أنتم فيه من أملة أن ينزوي في لحظة أو يحور، هلموا إلى اجتماع على مستوى القيادات العليا لسد تلك الثغور، ولنتدبر من أمرنا ما يكون في العشي وفي البكور. غزلان لأحد مجاوريه في المجلس: والله يا مولانا أنا لا أرى "لزوم" لهذا الاجتماع على هذا المستوى بكل تلك السرعة والأهمية بعد أن أكرمنا الله في معركة الاستفتاء، ونصرنا على الأعداء، ولكني كلي يقين بأن مولانا المرشد يعرف أكثر. العريان وكان يتابع الحوار: الله يفتح عليك، لا تجادل ولا تناقش يا أخ محمود، السمع والطاعة يا حبيبي بارك الله فيك. الكتاتني محتدا: هدوء يا إخوان وإلا ثم تذكر أنه ليس في مجلس الشعب- أقصد وإلا غضب عليكم مولانا بديع أطال الله لنا في عمره. المرشد: جمعتكم اليوم لأمر جلل، وكما يقول بعض شباب هذه الأيام هداهم الله "اللي فات حمادة، واللي جاي حمادة تاني خالص"، هل تظنون أننا بعد أن وضعنا واحدا منا على كرسي الرئاسة، وبعد أن شكلنا الحكومة "المقندلة".. أقصد القنديلية، وقضينا على كل بؤر الفساد الناشطة وأولها المحكمة الدستورية والنائب العام القديم ومساعده، وقمنا ب"تدجين" بقية السلطة القضائية، ورقعنا الزند علقة جعلته "يجيب ورا"، وفصلنا الدستور وسلقناه في يوم وليلة، ونحن في الأخونة سائرون، وعلى الدرب ماضون، ولكن هل تظنون أننا بعد كل هذا واصلون، أو أننا منتهون؟ أبدا.. إننا ما زلنا في البداية، وإنه مازال يتهددنا خطر عظيم. الحضور في نفس واحد: خطر عظيم؟! المرشد قاطبا جبينه وكأنه يقرأ من كتاب مفتوح: والله ما من الثوار، ولا جبهة الإنقاذ، ولا ثورة الجياع، ولا الدول الشرقية أو الغربية أخاف عليكم.. الشاطر بعدما أثارت عبارات المرشد حماسه: فما هو هذا الخطر يا مولانا خبنا وخسئنا إن لم نحم جماعتنا منه؟ المرشد مسترسلا: إنما أخشى عليكم من زملاء السلاح، ورفاق الكفاح، أخاف عليكم من السلفيين والجهاديين، إنهم بلا عقل أجمعين، حافظين وغير فاهمين، ويسيرون كالمغيبين، يسلبون ويسرقون ويقتلون ويذبحون باسم الدين، بل ويظنون أنهم من المأجورين، اللذين هم في الجنة خالدين، السياسة عندهم صنو النجاسة، والديمقراطية، كاللات والعزى القرشية، ولا أنكر أننا اتخذناهم قبل النصر حلفاء، حتى ظهرنا على كل الأعداء.. المجلس: الله أكبر.. ملهم يا مولانا، ولكن كيف سنوقع بهم جزاء سنمار، قبل أن يهدموا على رءوسنا الدار؟ المرشد باسما: عليكم بالباعت، عليكم بالباعت. المجلس مستفهما: وما الباعت بارك الله فيك؟!! المرشد موضحا: "الباعت بإذن الله" هو لقب للشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل، فبعد أن "بعت" ثوار التحرير وتحجج ب" كرامب" في ساقه، و"بعت" أصحابه في موقعة الإسكندرية وتعلل بضياع شاحن موبايله، فإننا نرى أنه خير من يبعت هؤلاء المغفلين، إلى غيابات السجن أجمعين، إنه يقوم وصاحبه عبدالغفور، بتاع حزب النور، بتكوين جبهة سلفية ما تلبث إلا أن ينضم إليها بقية السلفيين، فنفتعل حادثة أو حادثتين إرهابيتين نلصقها بهم، ثم نأخذهم بها مكلبشين، نحبس من نشاء ونقتل من نشاء، ويخاف من بئسنا بقية المصريين، ونقيم الأفراح ونحيي الليالي الملاح، ثم بعدها نأخذ علم الجماعة إلى النجوم.. وتبدأ دولتنا الإخوانية التي لن تغيب عنها الشمس.