تعتبر عائلة "محيى الدين" من أشهر العائلات فى الحياة السياسية المصرية، وقد ضمت رموزا كبيرة مثل زكريا محيى الدين نائب رئيس الجمهورية فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وأحد قيادات الضباط الأحرار الذين قاموا بثورة يوليو52، وفؤاد محيى الدين رئيس الوزراء، وخالد محيى الدين عضو مجلس قيادة الثورة ومؤسس حزب التجمع، وأخيرا محمود محيى الدين وزير الاستثمار الأسبق ومدير البنك االدولى. أما بداية الظهور الكبير لعائلة محيى الدين فى الحياة السياسية مع بداية الثورة، حيث كان زكريا وخالد ضمن أعضاء مجلس قيادتها، فيما كان الدكتور فؤاد محيى الدين عضوا فى الحركة الطلابية عن الشيوعيين، لكن الغريب فى هذه العائلة التى توزعت بين حكومة ومعارضة يسار ويمين، أن أفرادها دخلوا معارك انتخابية عندما تنافس خالد محيى الدين رئيس حزب التجمع على مقعد دائرة كفر شكر، أمام ابن عمه الدكتور صفوت محيى الدين عن الحزب الوطنى، وهو والد وزير الاستثمار الدكتور محمود محيى الدين، وانتهت الانتخابات بفوز المعارضة على الحكومة داخل العائلة. يوميات عائلة محيى الدين: خالد محيى الدين هو الصفحة الحقيقية فى تاريخ مصر التى تتحرك على الأرض وأول من نادى بالديمقراطية الحقيقية لتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية، بهذة الكلمات بدأ محمد عامر حديثه مع «فيتو» عندما التقينا به داخل منزله بكفر شكر ليحكى أدق تفاصيل عائلة من أهم عائلات مصر فى تاريخها. خالد محمد أمين محيى الدين عامر، هذا هو الاسم الكامل لزعيم حزب التجمع، وكما انفردنا باسمه كاملا، انفردت "بوابة فيتو" بأدق تفاصيل حياته مع عائلته منذ أن كان طفلا صغيرا، حتى سحب الضوء من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ومحاولات اغتياله التى لم تنشر من قبل. ولد "محيى الدين" فى 7 مايو 1918م، فى كفر شكر بمحافظة القليوبية، تلقى دراسته فى مدرسة أولية بالقرية، ثم بمدرسة العباسية الابتدائية، ومدرسة فؤاد الأول الثانوية، والتحق بالكلية الحربية فى 6 أكتوبر 1936، وتخرج فيها فى 6 فبراير 1938، برتبة ملازم ثانٍ، وعمل فى سلاح الإشارة فى منقباد بصعيد مصر، والتحق بكتيبة بنادق المشاة بالإسكندرية، ثم انتقل إلى منقباد سنة 1939، حيث التقى جمال عبد الناصر، ثم سافر إلى السودان سنة 1940، حيث عمل مع جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر. ويستكمل محمد عامر، كلامه قائلا لقد حمل على عاتقه هموم جيرانه وأصدقائه فلم يكن خالد الطفل ابن سرايا حتى أطلق علية (طفل الشارع) فلم يكن يهوى المظاهر الزائفة، ولم يكن يوما منحازا إلى طبقته، ولكنه كان منحازا إلى طبقة الفقراء والعمال والفلاحين وكان هو الوحيد من عائلة محيى الدين الذى يحضر أفراح الفقراء، بعكس زكريا محيى الدين فكان دائما واضعا أنفه فى السماء. حياة الطفل خالد مع طبقة الفقراء جعلت بعض أفراد عائلته يطلقون عليه الخائن، لأنه فى نظرهم خان طبقتهم وانحاز إلى الطبقة الفقيرة، فكان خالد الطفل أقرب فى ميوله إلى العدالة الاجتماعية بغض النظر عن أفكاره الاشتراكية. بدأت الحياة السياسية لدى خالد محيى الدين عندما تنازل عن منصبه العسكرى ليؤسس تنظيم التجمع عام 1976 بأفكاره الاشتراكية، قاطعنا ابن عم الزعيم وسألناه ماذا عن ديمقراطية خالد ؟ فقال كان رجلا ديمقراطيا لأقصى درجة مستمعا جيدا ومحللا ذكيا، وكان سياسيا بدرجة إنسان.. شخصيته السياسية أقرب إلى "تيتو" ومن الناحية السياسية أقرب إلى نهرو. ومن ضمن المفارقات العجيبة التى تؤكد انحيازه إلى الفقراء، أنه كان يحضر مأتمهم ولا يحضر مأتم الأغنياء، ويكتفى بإرسال برقية تعزية فقط، وكان حريصا على مقابلة الناس لحل مشاكلهم كل يوم أربعاء فى مضيفة محيى الدين بكفر شكر. خالد محيى الدين فى المنفى: اعترض هذه المرة السياسى مع مجلس قيادة الثورة عندما أبدى وجهة نظره فى أن مجلس قياده الثوره يجب أن يعود للحياة العسكرية ويعود إلى ثكناته وإذا ظل يعمل فى السياسة لا بد أن يستقيل مجلس قيادة الثورة بالكامل من الحياة العسكرية ويكون حزبا سياسيا، مما دفع جمال عبد الناصر فى ذلك الوقت بأن يضعه فى منفى بسويسرا عام 1954، وبقى فيه حتى عام 1957. ولأن عبد الناصر كان يعرف جيدا قيمة خالد محيى الدين وأنه صاحب شعبية كبيرة من الجناح اليسارى، استعان به فى أثناء إلقائه خطبة تأميم قناة السويس فى الإسكندرية، عندما أرسل له طائرة خاصة لتأتى به من سويسرا ليجلس بجواره فقط فى أثناء إلقائه خطبة التأميم، لكن سرعان ما انتهى اليوم ليعده عبد الناصر إلى منفاه على نفس الطائرة التى أتت به. جرة العسل والصاغ الأحمر: عبد الناصر أطلق على خالد محيى الدين (جرة العسل) برغم اختلافه الفكرى معه وعندما سأله مجلس قيادة الثورة كيف تطلق على من تختلف معه أنه جرة عسل، فرد عبد الناصر: الذباب لا يهبط إلا على العسل وخالد هو العسل الذى يقترب منه ذباب كثير.. عبد الناصر كان يقصد بالذباب الملتفون الكثر حول الزعيم، أما السادات فقد أطلق عليه الصاغ الأحمر، أما محبوه فقد أطلقوا عليه فارس الديمقراطية نظرا لكل الفوارق التى كان يعمل على تذويبها بين الطبقات وانحيازه دائما لفئة الغلابة والمهمشين. أهالى كفر شكر يتجاهلون مجلس قيادة الثورة: وتابع ابن عمه لقد قرر عبد الناصر السماح أخيرا للزعيم الملهم بالرجوع من منفاه إلى مصر وبمجرد وصوله إلى منزله بالقاهرة، كانت هناك حفلة فى قرية كفر شكر يحضرها عبد الناصر، وأثناء وجود الرئيس فى الحفل دخل خالد محيى الدين ليلتف حوله الناس ويتروكون عبد الناصر. خالد محيى الدين يطلق النار: عندما استولى الحاج عبد المجيد محيى الدين على قطعة أرض أسماها أرض الجزيرة على النيل مباشرة بمدينة كفر شكر وطرد فلاحيها منها وأحاط عليها بالأسلاك الشائكة، وعبد المجيد محيى الدين هو عم خالد محيى الدين ووالد زكريا محيى الدين، وكان زكريا فى ذلك الوقت يشغل مناصب كثيرة، رفع الأهالى الأمر إلى القضاء، ولأن مقاليد الأمور كانت بيد زكريا فلم يتم تنفيذ الحكم الصادر ضد والده.. وعندما عاد خالد محيى الدين من منفاه وعلم بالأمر أخذ السلاح وخرج مناصرا الفلاحين ضد عمه الذى استولى على أراضيهم ونجح فى ذلك. ومن ضمن المفارقات التى استطاعت أن تحصل عليها "فيتو" أن أمن الدولة المنحل كان يسعى دائما لإسقاط خالد محيى الدين أنه كان من أشد المعارضين لسياسة السادات، وبخاصة فى اتفاقية كامب ديفيد هو وكمال الدين حسين، وفتحى رضوان وممتاز نصار، كما نجا من محاولتين اغتيال؛ أولها كان على كوبرى قصر النيل عندما حاولت سيارة ترحيلات الركوب فوق سيارته إلا أنه لاذ بالفرار، والمرة الثانية عندما ذهب إلى أسيوط وكانوا مجموعة من البلطجية فى انتظاره لتنفيذ مخطط تصفيته إلا أنه نجا بفضل الله.