هى كارثة بكل المقاييس.. بل أم الكوارث التى من شأنها أن تلحق بالغ الضرر بالأمن القومى المصرى وتدمر الاقتصاد لعقود طويلة.. فالحكومة المصرية التى جاءت بعد ثورة شعب على الظلم والاستبداد، تخطط لاستيراد الغاز الطبيعى من الخارج وتحديدا من قطر، رغم وجود فائض لديها من الغاز تصدره إلى إسرائيل والأردن.. الأغرب انها تعتزم تقديم تسهيلات غير مسبوقة، وغير مبررة ولا يقبلها العقل، للشركة العالمية التى ستظفر بعقد توريد الغازلمصر.. منها تحديد الكميات التى سيتم ضخها، وتسويق الغاز المستورد فى السوق المصرىة بشكل مباشر والتعاقد مع المستفيدين سواء المصانع الكبرى او محطات الكهرباء العملاقة، وحتى التعاقد على توصيل الغاز للمنازل، دون ان يكون للحكومة المصرية أى دخل فى هذا الشأن، وهو ما يعنى ان الشركة الأجنبية، ستكون هى المتحكم الوحيد فى امدادات الطاقة لمصر، ويمكنها فى اى وقت قطع الغاز او تقليله، ومن ثم تتوقف المصانع وتنقطع الكهرباء..ولم تتوقف التسهيلات عند هذا الحد، بل تعتزم الحكومة السماح للشركة الموردة للغاز، باستخدام الشبكة القومية للغاز فى عملها مقابل رسوم رمزية لا تتناسب أبدا مع القيمة الحقيقية!! اما المفاجأة الكبرى فتتمثل فى ان الشركة التى ستتولى توريد الغاز لمصر، ستكون قطرية أيضا بمشاركة بعض رجال الاعمال المصريين.. من بينهم أحمد أبو هشيمة وأحمد هيكل أى ان قطر ستحتل مصر اقتصاديا من خلال تحكمها فى إمدادات الغاز الطبيعى إليها، بمباركة الحكومة المصرية.. هذه القضية الخطيرة، أو الكارثة الكبرى، كشفت عنها دعوى قضائية تمت إقامتها فى مجلس الدولة تحت رقم إيداع «23509» لسنة 67 قضائية، اختصمت وزير البترول ورئيس مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «ايجاس»، ورجلى الاعمال احمد هيكل رئيس مجلس ادارة شركة «مجموعة القلعة المالية»، واحمد ابو هشيمة، رئيس مجلس ادارة شركة حديد المصريين.. والسطور التالية تحمل تفاصيل القضية بحسب الدعوى القضائية. جاء فى عريضة الدعوى التى حصلت «فيتو» على نسخة منها، ان الشركة المصرية القابضة للغازات «إيجاس» وهى إحدى شركات وزارة البترول والثروة المعدنية، أعلنت عن مزايدة عالمية لاستيراد الغاز الطبيعى من الخارج وتسويقه فى مصر، على ان تكون هذه المزايدة بين الشركات المصرية والعالمية المؤهلة والقادرة على القيام بهذه المهمة وفقا للشروط والقواعد التى تحددها «ايجاس»، على أن تبدأ الشركة الفائزة بالمزايدة عملها اعتبارا من شهر مايو المقبل.. وحددت الشركة المصرية نطاق الأعمال المطلوب تنفيذها فى «5» مهام أساسية هى: استيراد الغاز من الخارج فى صورته السائلة، والتعاقد على إنشاء أو استئجار رصيف بحرى بأحد موانئ مصر الواقعة على ساحل البحر المتوسط لاستيراد الغاز من خلاله، وإنشاء وحدات بحرية لاستقبال وتخزين وإعادة الغاز المسال الى حالته الغازية، وإنشاء ما يلزم من اعمال هندسية من شأنها ربط هذه الوحدات بالشبكة القومية للغاز، وتسويق وبيع الغاز المستورد فى السوق المحلى، واستخدام الشبكة القومية للغازات مقابل رسوم رمزية. وفى الخامس والعشرين من شهر اكتوبر الماضى، وجهت الشركة الدعوة للشركات المصرية والعالمية لتقديم عروضها فى موعد أقصاه ظهر يوم 13 يناير الماضى، وحددت للمزايدة رقما هو (1- 2012/ 2013)، وأعطت للشركات المتزايدة الحق فى التقدم بأكثر من عرض، ومنحت الشركة الفائزة امتيازات إضافية منها حق اختيار الميناء المخصص لاستيراد الغاز سواء على البحر المتوسط او البحر الأحمر، وتسويق وبيع الغاز مباشرة فى السوق المصرية، وتحديد كميات الغاز الطبيعى التى يمكن توريدها بشرط ألا تزيد على السعة القصوى للشبكة القومية للغاز، واعطت أيضا الحق للشركة الفائزة فى تحديد الموعد الذى تبدأ فيه العمل دون الالتزام بالموعد الذى حددته سلفا وهو مايو 2013. وحدد «أيجاس» مدة التعاقد بعشر سنوات على الأقل، على ان تتم مراجعة البنود التجارية فيه كل عامين، وتحصل الشركة على «10» ملايين دولار امريكى زيادة على قيمة التعاقد مقابل حق استغلال الشبكة القومية للغاز.. وفى حالة حدوث أي منازعات تتم تسويتها وديا خلال 90 يوما من إخطار احد الطرفين للطرف الآخر بالمنازعة أو الخلاف، وإن لم يتوصل الطرفان الى حل ودى، يتم اللجوء الى قواعد التحكيم الدولى.. الغريب ايضا ان قواعد المزايدة لم تضع سقفا للأسعار التى سيتم التعامل بها بين الشركة المستوردة والمستهلك المصرى، ما يعطيها الحق فى تحديد السعر على حسب هواها.. أيضا لم تشر من قريب أو بعيد الى وجود هيئة فنية او استشارية للتأكد من نوعية وجودة الغاز الطبيعى الذى سيتم ضخه، وهو الأمر الذى يفتح الباب امام توريد نوعيات رديئة او غير صالحة للاستخدام. وأشارت أوراق الدعوى الى ان شركة «مجموعة القلعة المالية» التى يرأسها رجل الاعمال احمد هيكل، وقعت اتفاقا مع شركة «كيو انفست» وشركاء قطريين، يقضى بتأسيس شركة لاستيراد الغاز الطبيعى وتوريده الى مصر بحلول منتصف عام 2013 على ان يتم نقله عبر الشبكة القومية المصرية للغاز.. ثم اعلن رجل الاعمال احمد ابو هشيمة رئيس مجلس إدارة شركة حديد المصريين، عن انه تقدم بمشروع اطلق عليه اسم «الحلم» الى مجلس الاعمال القطرى، لاستيراد الغاز المسال من قطر وبيعه مباشرة فى السوق المصرية، واكد ذلك الدكتور محرم هلال الرئيس التنفيذى للاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، اى ان الشركة التى ستستورد الغاز من قطر، ستكون قطرية أيضا... وفى وقت متزامن مع هذه التصريحات، اعلنت وكالة «بلومبرج» الاقتصادية أن مصر سوف تستورد الغاز الطبيعى لاول مرة فى تاريخها ورغم انها تصدره الى دول اخرى.. وطالبت الدعوى فى النهاية بإلغاء المزايدة لما تمثله من خطورة شديدة على الامن القومى المصرى.