الخروج من الأزمة يحتاج إلى المصالحة والاتفاق على هدف واحد وهو الصالح العام، فعندما أراد النبى صلى الله عليه وسلم تأسيس الدولة الإسلامية والتى تكون عاصمتها المدينةالمنورة أول قرار صدر منه صلى الله عليه وسلم هو القضاء على الخلاف ونبذ التنازع وتوحيد الكلمة. فكان فى المدينةالمنورة الأوس والخزرج هما فى قتال دائم يحرضهما على ذلك الأمر الطرف الثالث وهم اليهود هم يخططون فى خفاء، فقام النبى صلى الله عليه وسلم بعقد صلح بين الأوس والخزرج وأصبحت بعد المصالحة هذه البقعة المباركة هى نواة الدولة الإسلامية التى كانت مترامية الأطراف وعندما دار حوار أساسه المصلحة العامة لا أساسه الجدل أو تحقيق مصلحة خاصة ظهر فساد الطرف الثالث هم يهود المدينةالمنورة فهم قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يصفون أنفسهم بالصفوة هو أهل كتاب وهو ما يعرف الآن بالنخبة هم أهل ثقافة بتوحد صفوف الأوس والخزرج ظهر فساد وحقد الطرف الثالث هم اليهود فتوجهت قوى الأوس والخزرج إلى تطهير المدينة من خبثها أصحاب الباع الطويل فى فن الفتن. ترك المهاجرون موطنهم فحتى لا يعامل المهاجرون معاملة المواطن من الدرجة الثانية، آخى النبى بين الأنصار هم الأوس والخزرج سابقا الأنصار حاليا من جهة وبين المهاجرين من جهة أخرى بل كان الأنصارى يرث المهاجر والمهاجر يرث الأنصارى فأصبح رابط المصلحة العامة مقدما على المصلحة الخاصة بالمصالحة والإخاء أصبحت المدينةالمنورة هى نواة أكبر وأعظم إمبراطورية عرفها التاريخ. من هذا الدرس الإسلامى إن كان الباحث فيه تيارا إسلاميا وجب التأسى به والسير على نفس الدرب وإن كان الباحث فيه من التيار العلمانى فينظر إليه أنه درس تاريخى لا يمكن إنكاره . فعلى الحكومة ألا تتربص بالمعارضة وتشركها فى أمرها وعلى المعارضة أن تكف عن سياسة التخوين والتشدق بإنكار واجبات الحكومة وتكرر مقولة إسقاط الشرعية حتى لا يكون الجدل الدائر حول شرعية الحزب الحاكم أو عدم شرعيته لابد أن يكون النقاش حول مصلحة المواطن وليس من هو الأحق بالحكم. ففى نهاية الأمر لا تقوم دولة يخوّن بعضها البعض ولا يقاتل بعضها البعض فعلى الجميع أن يراجعوا أنفسهم فهم أحق بالمصالحة مع أنفسهم أولا وبعدها المصالحة مع غيرهم حتى تتقدم هذه الدولة . أيها الحاكم عليك مسئولية نشر الإخاء والمساواة بين أطياف الشعب . يا أيها النخبة عليكم النظر إلى مصلحة هذا البلد . أيها الشعب لكم الله.