شهدت مصر الأحد الماضى يومًا تاريخيًا يسطر في تاريخها صفحات جديدة وتقاليد لم نشهدها منذ عشرات السنين، حيث إنه تم عقد حفل تنصيب الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي وسط حضور كبير من رؤساء وأمراء وملوك دول العالم. يعد حفل تنصيب «السيسي» الأول لرئيس مصرى منذ عهد الفراعنة، ليفتح العديد من علامات الاستفهام حول إصرار مصر على إقامة مثل هذا الحفل بعد ثورة 30 يونيو التي أنهت فيه حكم جماعة الإخوان التي أرادت أن تنهب مقدرات الدولة. وقال السفير محمد كامل عمرو، وزير الخارجية الأسبق، إن حفل التنصيب للرئيس المصرى الذي شهدته مصر يوم الأحد الماضى كان ضروريًا لإرسال رسالة إلى العالم، مفادها أن مصر عادت إلى مكانتها وريادتها، واصفًا إياه بالحفل «المبهر». وأضاف عمرو: إن المشاركة على المستويات «العربية والأفريقية والدولية» تشير إلى التقدير الدولى لمكانة مصر بعد إتمام الاستحقاق الثانى بانتخاب الرئيس وسط تنظيم ممتاز لحفل التنصيب، كما يركز على أن جميع دول العالم تقدر وتحترم إرادة الشعب المصرى. وشدد على أن حفل التنصيب الذي شاهده العالم أجمع الأحد الماضى تخطى حيز المنتظر والشكل العام، ولكن الهدف منه المضمون الذي أجبر العالم على رغبة الشعب المصرى المتمثلة في خارطة الطريق والالتفاف الشعبى حولها. وأشار إلى أن المشاركة الأفريقية على مستوى الرؤساء، فضلًا عن مشاركة وزير الخارجية الإثيوبى، وكذلك مبعوثين من الاتحاد الأفريقى يعكس أمل التطوير الكبير في الملفات المصرية الأفريقية في ظل مناخ مناسب للتعامل مع مثل هذه الأمور. إلى ذلك رأى السفير محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق، أنه كان من الضرورى إقامة مثل هذا الاحتفال الذي اعتبره إشارة بداية عودة مصر إلى رونقها وأناقتها أمام العالم أجمع، مشيرًا إلى أن القاهرة نجحت الأحد الماضى في توصيل رسالة إلى العالم مفادها أنه أصبح لمصر رئيس منتخب ويوجد شرعية جديدة، وتأكيد أن الدولة أصبحت مستقرة وواثقة من مكانتها وأى ادعاءات أخرى تكون غير شرعية وغير قانونية. وفيما يتعلق بإرسال الأمير القطرى الشيخ تميم بن حمد الثانى رسالة تهنئة إلى الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسي تزامنًا مع البث المباشر لحفل التنصيب رغم عدم توجيه القاهرة دعوة رسمية إلى الدوحة، أكد العرابى أن قطر شعرت اليوم بالعزلة بعد حضور جميع القادة العرب وخاصة الخليجيين حفل تنصيب الرئيس المصرى المنتخب، ولكنها لن تغير سياستها بنسبة 100%. وركز على أن حضور جميع السفراء والقائمين بأعمال السفراء المعتمدين بالقاهرة سواء على المستوى الدولى أو الإقليمى أو الأفريقى يمثل اعترافًا كاملًا ورسميًا بالسلطة المنتخبة في مصر، منوهًا إلى أن التمثيل الضعيف للدول الغربية كان متوقعًا ولكن سوف تتغير وجهة النظر الغربية تزامنًا مع تقدم الحريات وحقوق الإنسان في مصر. وفيما يتعلق بتأثير التنظيم الراقى لحفل التنصيب على الملفات العالقة وحرص عدد كبير من دول العالم وملوكها وأمرائها على حضور حفل التنصيب أو إيفاد مبعوثين عنهم شدد وزير الخارجية الأسبق على أن الحفل الفخم الذي شهدته مصر الأحد الماضى سوف يكون مفتاحًا لحل عددً من القضايا العالقة ومنها ملف سد النهضة المرشح للتقدم في الفترة المقبلة، وعودة النشاط المصرى إلى الاتحاد الأفريقى قبيل الانتخابات البرلمانية القادمة، أما فيما يخص الخلاف المصرى- القطرى فتنتظر مصر اقتران الأقوال بالأفعال، كما أنه لابد ألا تلتفت مصر إلى الملف التركى كثيرًا. وأشاد العرابى بكلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء حفل التنصيب، قائلًا: «كلمة قوية مجملة للخطوات القادمة في الأجل القصير وتدل على مكانة رجل دولة»، منوهًا إلى إصرار السيسي على تمسكه بانتمائه إلى المؤسسة العسكرية وظهر ذلك خلال استقامته أثناء تحية العلم وتحركاته أثناء توجهه إلى باب القصر الرئاسى. وفى ذات السياق اهتمت السفير منى عمر، مساعد وزير الخارجية السابق للشئون الأفريقية، بحضور الجانب الأفريقى حفل تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسي، على المستوى الرئاسي، مشيرة إلى أن الحضور الأفريقى مؤشر قوى على عودة النشاط المصرى إلى أفريقيا في القمة القادمة المقرر عقدها قبل الانتخابات البرلمانية، فضلًا عن أن حضور ممثل الاتحاد الأفريقى يعد اعترافًا كاملًا بإتمام الاستحقاق الثانى من خارطة الطريق. وترى أن حفل التنصيب كان لابد منه بعد ثورة 30 يونيو المجيدة، حيث إنه لم تشهد مصر مثل هذا التنصيب والتسليم السلمى للسلطة الذي شهدته الأحد الماضى منذ عهد الفراعنة، مشددة على أنه كان لابد أن ندعو العالم وخاصة الدول المساندة لثورة 30 يونيو لتشارك مصر فرحتها بعد إتمام استحقاقها الثاني. وركزت على أن مصر لم ولن تنتظر اعترافًا دوليًا بالسلطة الحالية لأن القرار تم اتخاذه من قبل الشعب المصرى خلال انتخابات حرة نزيهة بشهادة جميع البعثات التي تابعت العملية الانتخابية بداية من المنظمات المحلية وحتى البعثات الأوربية والأجنبية والأفريقية، ورغم ذلك فإنها بمجرد حضور مبعوث من أي دولة في العالم بغض النظر عن مستوى التمثيل، فهذا يعنى اعترافًا كاملًا بالسلطة المصرية الحالية. وشددت على أن المظهر الراقى الذي خرج به حفل تنصيب الرئيس المصرى، مؤشر قوى لعودة مصر إلى ريادتها ومكانتها، ولكن لابد من الإنتاج والعمل حتى لا ينظر إلينا على أننا دولة نطلب المساعدات، مشيرة إلى أن قوة مصر تنبع من الداخل ثم التحرك الخارجى. وعن الخلافات السياسية بين مصر وبعض الدول مثل قطر وتركيا، أكدت السفيرة منى عمر أن مصر تنتظر تحركًا إيجابيًا منهما وليس من المعتاد أن ترد مصر يدًا مدت لها بالسلام، مشيرة إلى رسالة التهنئة التي وجهها الأمير القطرى إلى السيسي تزامنًا مع بث مراسم حفل التنصيب. وأشادت بحضور الرئيس الإثيوبى حفل تنصيب السيسي، مطالبة الأخير بتنفيذ وعده وزيارة إثيوبيا وعقد قمة مصرية إثيوبية، وأخرى خاصة بدول حوض النيل، لإزالة أي خلافات عالقة.