ضمن إصدارات "دار عين " للنشر عام 2014، جاءت رواية " جنة البرابرة " للكاتب السوري خليل صويلح. جنة البرابرة هي رواية تجسد بعض المشاهد اليومية للحياة في دمشق بعد أن أصبحت شوارعها وحواريها مجرد حطام يحمل بعضا من العراقة والأصالة التي عرفت بها دمشق عبر التاريخ. وفي مشاهد سردية قد لا تكون بجديدة لمن يتابع الشأن السوري بدقة، حيث أصبح الواقع أكثر فجاعة من أية كلمات، لكن مهارة الروائي هنا خاصة أنه يتحدث عن واقع حي لم يمر بعد، فاللغة الأدبية والمزج بين الواقع والماضي عكس الفارق الكبير بين الماضي والحاضر في عدة مشاهد منها عبر شوارع حلب التي حطمتها البراميل المتفجرة، ليأخذك الكاتب بعد ذلك إلى مشاهد أخرى وهي أن تعيش وسط أصوات المدافع والقذائف وأصوات العويل، هذا المشهد اليومي والذي تراه يوميا أمام عينيك، فضلا عن الشعور الذي ينتابك أنك قد تكون أحد هؤلاء الضحايا في أية لحظة من اللحظات. ثم يتابع الكاتب بعد ذلك وصفه لبعض مصابي الثورة، وذلك في المشهد الذي يرى فيه عددا كبيرا ممكن يسيروا على كراسي المعاقين، فمنهم من فقد ساقه ومنهم من فقد الاثنين، إنها المأساة الأخرى التي يعيشها الكاتب في واقعه وداخل روايته أيضا. وقبل نهاية الرواية يصل بنا "خليل صويلح " إلى حالة من عدم الشعور بهذه المشاهد وهو ما عكسه في مشهد جارته الأرمينية التي لم تتوقف عن نشر غسيلها أثناء سير سيارة دفن الموتى والتي كانت تذيع خبر وفاة أحدهم، وكأن الأمر قد أصبح شيئا عاديا، رائحة الموت أصبحت كرائحة البن الدمشقي الذي اعتاده السوريون، هذه هي سوريا التي كانت فخر التاريخ أصبحت مجرد مبانٍ منكوبة وأطفال ميتمة ونساء مرملة نتيجة الصراع على السلطة، ليدفع الفقراء الثمن. جدير بالذكر أن خليل صويلح هو روائي سوري، من مواليد الحسكة سنة 1959، طبع له من قبل رواية "وراق الحب، بريد عاجل، ودع عنك لومي، وزهراء وسارة، وناريمان، وسيأتيك الغزال" وكانت آخر أعماله هي "جنة البرابرة" من إصدار دار العين للنشر.