لم يظهر بعد..!! لا أدرى.. أهى مصادفة أن يخرج البعض ممن كانت تربطهم بالنظام السابق أواصر قديمة عن صمتهم، بعد زواله ، ليخوضوا فيما كان مسكوتا عنه، أو محرما الحديث فيه من قبل.. أهى دواع تستلزمها طبيعة المرحلة .. أم تبرئة للساحة ونفض لليد، وغسلها مما ارتكبه ذلك النظام من آثام.. أم ذلك كله..!! هذا السؤال فرض نفسه علىّ فى أعقاب حوار صحفى أدلى به المستشار السياسى للرئيس السابق أسامة الباز للزميلة «المصرى اليوم» أخيرا.. ود.أسامة الباز لمن لا يعرفه من أجيالنا الجديدة : هو من عهد إليه الرئيس الراحل أنور السادات بمعاونة الفريق حسن مبارك سياسيا، فور اختياره نائبا لرئيس الجمهورية عام5791، حتى يتمكن من أداء دوره السياسى المرسوم له.. ومن يومها لازم الباز مبارك - الرئيس فيما بعد - كظله، وظل بجواره مستشارا سياسيا يقدم له الرأى والرؤية، وما يملكه من خبرة سياسية عميقة إزاء ما يحدث. وإذا كان اقتراب الباز من الرئيس السابق ، والتحامه به معروف الأسباب والدواعى.. فإن انسحاب الضوء السياسى عنه حين توارى إلى الظل مختفيا عن حضرة الرئيس فى السنوات العشر الأخيرة ليس له - فيما نعلم - أسباب معروفة وإن كنا نعرف نتائج هذا الافتراق وذلك الغياب - ابتعادا أو إبعادا - فيما جرى من انحراف فى سياسة نظام مبارك داخليا، وخارجيا فى السنوات العشر الأخيرة.. وفيما ظهر من تراجع عام، وتقزيم لدور هذا البلد وقامته، وافتئات على إرادة شعبه باستسلام الرئيس السابق ، لغواية التوريث السياسى وتصديقه أن مصر يمكن أن تورث كعقار، أو ممتلكات خاصة.. حتى جاءت الثورة لتقطع الشك باليقين، وتطيح بالرئيس ومن معه إلى أبد الأبدين..!! لم يكن الباز وحده على رأس المبعدين أو المنسحبين من حول مبارك، بل كان هناك آخرون بحجم وقامة د.مصطفى الفقى الذى أفصح عن أسباب إبعاده، وقد سبقهما إلى ذلك المصير رجال الحرس القديم بالحزب الوطنى الحاكم الذين جرى التخلص منهم، الواحد تلو الآخر، لتهيئة المسرح «للوريث» وعلى رأسهم أقدم برلمانيى مصر النائب الراحل كمال الشاذلى، والأمين العام الأسبق للحزب د.يوسف والى .. وغيرهما. أهم ما قاله أسامة الباز فى حواره سالف الذكر أن الرئيس القادم لمصر لم يظهر بعد، وأنه لن يكون واحدا من المرشحين المحتملين الذين أعلنوا نيتهم الترشح لهذا المنصب.. وحين يصدر مثل هذا القول عن رجل بخبرة الباز ودرايته بكواليس المطبخ السياسى فىمصر، طيلة 04عاما ومعرفته بخبايا الأمور، بحسبانه الصندوق الأسود للسياسة المصرية - الخارجية والداخلية - وما شهدته من تحولات دراماتيكية عاصفة، كان أبرزها على الإطلاق اتفاقية «كامب ديفيد» التى كان د.الباز لاعبا أساسيا في صياغة بنودها، وما أحدثته من دوى هائل على مسرح الأحداث ، ومساراتها فى الشرق الأوسط كله، وفى القلب منه علاقة مصر بشقيقاتها العربيات، وما تبعها من شق للصف العربى، وعزلة لمصر. ومن ثم حين يخرج الباز عن صمته، ويحدثنا فى الشأن السياسى، ويدلى بدلوه فى أهم ما يشغل بال المصريين جميعا فى العام الجديد.. فينبغى ألا نمر على ما قاله الرجل مرور الكرام، فخبرته ودرايته وحنكته السياسية الكبيرة لها وزن يجعلنا نمحص ما قاله ونتمعن فيما ذهب إليه بوضوح قاطع.. فلماذا حكم الباز بأن المرشح الحقيقى للرئاسة لم يظهر بعد.. أهو لعدم قناعته بشخوص من أعلنوا نيتهم الترشح.. أم أن فى الأفق السياسى شيئا يراه ولا نراه.. ولماذا لم يحظ المرشحون الحاليون بقناعته أو يحوزوا رضاه..؟! ومن هو ذلك المرشح «المرتقب» الذى ربما يرقى لرضا الباز وقناعته، ولم يجر الكشف عنه تصريحا ولا تلميحا..حتي صار الأمر ضربا من الظن والتخمين أو الرجاء والتمنى.. ونستكمل الأسبوع القادم..؟!