الترقب كان سيد الموقف داخل القاعة الرئيسية لمجلس الشعب، خلال الجلسة الافتتاحية لبرلمان 2102.. فى أذهان الجميع دار تساؤل واحد: «من سيلقى الخطاب الافتتاحى؟» فهذه المرة الأولى منذ اكثر من 03 عاما، التى يتخلف فيها الرئيس المخلوع حسنى مبارك عن إلقاء خطابه المعتاد. . غياب جميع أعضاء المجلس العسكرى، والدكتور كمال الجنزورى دفع الجميع للحوار حول «صاحب الخطاب».. البعض أكد أن المشير محمد حسين طنطاوى سيصل فى اللحظات الأخيرة لافتتاح الجلسة ، باعتباره قائما بأعمال رئيس الجمهورية، والبعض الآخر قال إن الإعلان الدستورى يعطى الحق لأى عضو يتم اختياره لافتتاح الجلسة.. قليل من النواب المستقلين لم ينشغل بشخص المتحدث وقالوا إن مضمون الخطاب هو الأهم. قاعة المجلس الرئيسية امتلأت عن أخرها بالنواب الجدد، فنواب «الحرية والعدالة» الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين احتلوا مقاعد المنطقة الوسطي داخل القاعة، وتركوا الجانب الأيمن كاملا لنواب» النور» الذين تبادلوا الأحاديث فيما بينهم وبقيتهم انشغل بالتقاط الصور تحت القبة، علي الجانب الأخر تناثر نواب» الكتلة المصرية» في الجهة اليسري والمقاعد الخلفية للقاعة. صاحب الخطاب في تمام الثانية عشرة ظهرا دخل جميع أعضاء «المجلس العسكري» بصحبتهم الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء عدا الفريق سامي عنان رئيس الأركان، فسارع نواب «الحرية والعدالة» للتأكيد علي أنه سيكون صاحب الخطاب، لكن ما هي إلا دقائق قليلة وبنظرات ثابتة تقدم المشير طنطاوي لمنصة رئيس المجلس وسط موجه هادئة من التصفيق قابله بها النواب الجدد وتحديداً نواب حزب «الحرية والعدالة». «السادة النواب .. بداية لا أريد أن أهنئكم بجلوسكم تحت قبة أول برلمان منتخب بعد ثورة مجيدة قام بها شعب مصر الشامخ القوي بقدر ما أريد أن أؤكد لكم أنني اليوم كواحد من الذين ألقيت علي عاتقهم المسئولية طوال الشهور القليلة الماضية أن المستقبل لهذا البلد مرهون بقراراتكم وأفكاركم وخطواتكم، التعاون هو الطريق الوحيد للنجاح، لقد فعل المصريون بكل طوائفهم الثورة، وذهبوا لصناديق الاقتراع ليقولوا كلمتهم في انتخابات شهد بنزاهتها الجميع، في الداخل والخارج». « الأمس ذهب بما له وما عليه، لن نتحدث عما كان يجب أن يفعل أو ما لا يفعل، الكل كيان واحد تروس متباينة كل يؤدي الدور المنوط له لنخرج بمصرنا العزيزة من المأزق الذي وضعتنا فيه بعض الظروف الخارجة عن الإرادة، لن ندين أحد إلا لأنه يستحق الإدانة، وقضاء مصر الشامخ هو صاحب اليد العليا والكلمة النهائية في كل الدعاوي القضائية التي تنظرها محاكمه المختلفة». صفقات ومؤمرات السادة النواب..قلتها أكثر من مرة وقالها بقية أعضاء المجلس العسكري أننا لا نطمح سوي في رخاء مصر ونعيمها، هناك من خرج ليتحدث عن مؤامرات وجلسات وصفقات، وأقول لكم أن القوات المسلحة لم ولن تسعي إلي أحد..ولم تقدم طرف علي أخر إلا لما فيه مصلحة البلاد..وأنتم تعلمون أننا مستهدفون من الخارج، وهناك أيدي تعبث بمقدرات الوطن قوي لا تريد لنا اللحاق بركب التقدم واقتناص مقعد أمامي في قاطرة التنمية، في البداية كنا نتقبل تلك الأحاديث لكن وتحديدا في الفترة الأخيرة زادت الأمور عن المعتاد، وأكررها مرة ثانية،إن ما نشهده الآن من أحداث و محاولات التخوين و التشويه للمجلس العسكري هو أمر مرفوض جملة و تفصيلا". موجه هادئة من التصفيق تأتي من وسط القاعات. نواب الشعب الكرام..من اليوم أنتم أصحاب الشرعية في مصر ومستقبلنا بين أيديكم، وكم انتظرنا تلك اللحظة لنسلم لكم المسئولية مع وعد بالبقاء خارج الكادر السياسي وتقديم كافة المساعدات التي تطلبونها من مؤسستنا العسكرية التي أريد أن أؤكد أنها جزء لا ولن يتجزأ من مصر العزيزة الغالية، من اليوم أنتم الذين ستمسكون بالدفة ونعلق عليكم أمالاً عريضة تخرجنا من المأزق الذي تحدثت عنه، يد واحدة وعقول عدة..هكذا ينظركم الشارع المصري الذي منحكم الثقة مصحوبة بالأمل في التغيير والنمو والرخاء". السادة الأفاضل..نجحنا بجهود الشارع المصري وحالة التكاتف الشعبية في العبور من منحني الانتخابات البرلمانية بأقل الخسائر المتوقعة، وأريد أن أقول لكم إن معلومات كثيرة توافرت لدينا عن مخططات تم وضعها لتشتيت المجتمع وإفشال العملية الانتخابية ، ونحن نعلم من يقفون ورائها، وبعضهم الآن يمثل أمام قاضيه الطبيعي أما البقية فلن تكون بعيدا عن يد العدالة التي ستشق طريقها رغم الصعاب والعراقيل التي توضع في طريقها، لقد عاني الشارع المصري وأنتم جزء لا يتجزأ منه من ويلات الانفلات الأمني ، ومن جانبنا قدمنا الدعم المطلوب لوزارة الداخلية التي أدت دورها كاملا دون تقصير وبدأ رجل الشارع العادي والمواطن المصري يشعر بالتغيير الذي حدث ، وأعلم وأنتم مثلي أن الحالة الثورية التي تعيشها البلاد خلال الأشهر الماضية كان لها عظيم الأثر في دفع العجلة عدة خطوات للأمام، وأنتم تدركون أن التغيير لا يحدث في يوم وليلة، وأن الأمنيات لن تتحقق بالنوايا الحسنة والوعود البراقة ، قلنا إننا نمد أيدينا للجميع في الداخل والخارج، البعض– ولحسابات خاصة- يريد استمرار واستثمار سيناريو الفوضى في الشارع المصري، ولدي يقين أن المصريين الآن اقتربوا من الإدراك الكامل لمن يريد أن تتحسن الأوضاع ومن يرغب في بقاء الأمر كما هو عليه أو زيادة درجة السوء، وأقول لكم وللشارع المصري إننا لن نسمح لأحد بالقفز علي مكتسبات ثورة الخامس والعشرين المجيدة، ولن يقطف أحد – لا يستحق- ثمارها التي روي أبناء وطننا الغالي شجرتها بالدماء والعرق والجهد". تصفيق حاد القاعة من كل الجوانب تجتاحها موجة شديدة من التصفيق. أريد أن أوضح شيئا مهما قبل أن أنهي كلمتي معكم لأترككم تمارسون المهمة الجسيمة الملقاة علي عاتقكم، أن القوات المسلحة ستظل هي الدرع الواقي لكل التدخلات الخارجية والداخلية ولن نسمح لأحد مهما علا شأنه بالاقتراب أو المساس حتى بما حققه الشعب المصري ، ولن نقف مع طرف لا يريد لهذا البلد أن ينمو ويتقدم لأننا شركاء في هذا الوطن ولا داعي للأقاويل التي تتناثر حولنا لأننا أبناء هذا البلد وسنظل مخلصين له في أي موقع نوضع فيه وأية مهمة توكل لنا . وفقكم الله لما فيه الخير لبلدنا مصر وأهلها