قنابل موقوتة وضعناها على حدودنا، لتهدد الأمن القومى وهيبة الدولة بإرادتنا، قبيلة العزازمة التى تحرس حدودنا مع إسرائيل بخلت عليها مصر بمنحهم الجنسية، فى الوقت الذى يتم منح الجنسية المصرية للآلاف من أبناء المصريات المتزوجات بأجانب، كل من يفر من العزازمة إلى إسرائيل تحتضنهم الدولة الصهيونية لكن أغلبية «العزازمة» صابرون محتسبون حتى يقضى الله أمراً.. نظام مبارك الباطش، وزبانيته، وجلادوه، ومرتزقته ، ولا عقو أحذيته المستمرون فى السلطة يرفضون استخراج بطاقات رقم قومى أو جوازات سفر لهذه القبيلة المصرية العريقة يكتفون بمنحهم ورقة من الكرتون مكتوب فيها «بدون جنسية» وكأنهم سكان المثلث المحصور بين الكويت والسعودية وإيران، ولم يكتف النظام الساقط العميل بهذا بل حرم 82 قرية وتجمعا بدويا تسكنها القبيلة من أدنى الحقوق الآدمية، فلا مياه، ولا كهرباء، أو مستشفى، وتركتهم فى فقر مدقع، رغم ذلك وصفهم المخلوع بأنهم مهربو مخدرات ، وجواسيس، فنزع عنهم لباس الوطنية الذى يتدثرون به من أعاصير إسرائيل، ونحن عنهم غافلون! الطريق إلى مضارب قبيلة العزازمة لم يكن سهلاً بالمرة ، فهو كثير المنحنيات فى كثير من الأوقات، وغير ممهد وجبلى فى أوقات أخرى ، فقد قطعت بنا السيارة قرابة الثلاث ساعات للوصول إلى القرى التى تقطنها القبيلة ،والتى تبعد عن مدينة العريش بنحو 061كيلو متراً.. قرية الجايفة اولى القرى التى تسكنها قبيلة العزازمة ، والتى ظللنا بها قرابة الساعتين نستمع الى شكوى أبنائها ، ثم تركناها لنسير فى طريق غير ممهد لمسافة تصل الى كيلو ونصف الكيلو لنسير على طريق اسفلتى تحوطه الجبال من كل جانب وبعد مسافة ثلاثين كيلو مترا انحرفت بنا السيارة يمينا تجاه وادى لصان وسارت بنا فى طريق جبلى غير ممهد لمسافة 01 كيلو مترات لنصل الى وادى لصان ، والذى يتكون من 13 تجمعا لقبيلة العزازمة ، وتتميز منازل العزازمة باحتضان الجبال لها، وتناثرها، وبعد المسافات بين البيت والأخر، حتى لحقنا بصلاة الجمعة بمسجد القرية ، والتى يقوم احد ابنائها ممن يعرفون القراءة والكتابة بخطبة الجمعة من كتيب يقرأه، لننتقل بعدها الى المقعد، نتناول اقداح الشاى وسط حديث عن المشاكل التى تواجه أبناء العزازمة. فى مقعد العزازمة بالجايفة أولى قرى العزازمة رحب بى الحضور وقال لى أحد أبناء القبيلة ويدعى سويلم أحمد وهو يصنع سيجارة من دخان عربى :إن العزازمة قبيلة بدوية قوامها قرابة 5 آلاف شخص يقيمون بمحيط منطقة « القسيمة « بوسط سيناء بقرى لصان ووادى الجايفة ومنطقة بئر معين وتتبع هذه القرى نحو 82 تجمعا بدويا لاهل القبيلة والذين عانوا كثيرا من التهميش والتجاهل والفقر فى الخدمات فى ظل النظام السابق، والعزازمة الذين يعيشون بمصر يعيشون منذ 3591بعد رحيلهم من فلسطينالمحتلة عقب ممارسات تعسفية من القيادة الاسرائيلية ضدهم ، حال العزازمة ظل كما هو طوال تلك السنوات بالرغم من عيشهم على تلك الارض وحماية حدود مصر الشرقية ، الى ان جاء عام 9991وقامت القبيلة بأكملها بالدخول إلى الأراضى الإسرائيلية نتيجة التضييق عليهم من قبل النظام السابق عام 9991مصطحبين معهم متاعهم وجمالهم وأطفالهم وذلك عبر صحراء النقب، قيل وقتها لخلافات قبلية ولكن الحقيقة كانت بسبب تضييق النظام السابق على ابناء القبيلة وحملات التفتيش المستمرة لمنازلهم ، إلى ان وصل الامر الى سرقة ممتلكاتهم وأموالهم ، فالحكاية كما يرويها سويلم ان قبيلة العزازمة تم تغريمها فى جلسة قضاء عرفى مبلغا ماليا كبيرا يقترب من الربع مليون جنيه ، وقام افراد القبيلة بتجميع المبلغ ، وقتها تدخلت احدى الجهات السيادية ووعدت بضمانات كبيرة منها حل مشكلة الجنسية واعطاؤهم وثيقة سفر على هيئة جواز سفر لحين توفيق اوضاعهم على ان يعودوا مرة اخرى لاراضيهم فى الاراضى المصرية. و يؤكد سويلم ان القبيلة استجابت بعد وعود الحكومة المصرية وعادت مرة اخرى الى الاراضى المصرية ، وتم منح أبناء القبيلة وثيقة السفر بشكلها الحالى فى مطلع العام 1002وتلك الوثائق القديمة والجديدة يجددها أبناء العزازمة بشكل سنوى من مديرية الأمن بشمال سيناء مقابل 002جنيه للفرد ، بينما تصل مصاريف استخراجها لاول مرة الى 004جنيه ، وهى أشبه بجواز السفر، ويتم استخراجها منذ ميلاد الطفل ، والامر الاغرب ان الاسرة الواحدة بها من الاخوة من يحملون الجنسية المصرية ويمتلكون بطاقة رقم قومي، واخرون لديهم وثيقة غير معينى الجنسية . و ليت الامر يظل هكذا- فقد صدرت قرارات إدارية من مديرية التربية والتعليم بمحافظة شمال سيناء بطرد التلاميذ الذين لا يحملون الجنسية المصرية من المدارس ، وعدم قبولهم مرة اخرى إلا بعد سداد الرسوم المقررة ، فاصبح لدى رب الاسرة تلميذ يذهب الى المدرسة لحمله الجنسية المصرية ، واخوه مطرودا من المدرسة لأنه غير معين الجنسية ، كما ان استخراج قسيمة الزواج بالنسبة لغير معينى الجنسية يتم بالسفارة الفلسطينية بالقاهرة نظير رسوم تقدر بالفى جنيه على اعتبار ان جذورهم فلسطينية، ولذلك يعزف كثير من ابناء القبيلة عن تسجيل الزواج وما يترتب عليه من مشاكل مستقبلية وعدم حصول الاطفال على حقوقهم فى التعليم والصحة والوظائف الحكومية، وعند استخراج رخصة قيادة يتم كتابة الجنسية « اجنبي» ويتم التعامل مع ابناء القبيلة على اساس انهم اجانب وليسوا مصريين ، بالرغم من انهم طيلة حياتهم بمصر ولدوا وتربوا على ارضها ، ويحرسون حدودها الشرقية. ويؤكد سويلم على انه ليست الجنسية المصرية هى المشكلة الوحيدة التى يعانى منها فإن مضارب قبيلة العزازمة وقراها الثلاثة لم تصل اليها مياه الشرب والمشهد الاكثر ايلاما هو اصطفاف أبناء القبيلة أمام سيارات المياه القادمة من منطقة القسيمة للحصول على حصتهم من المياه، وملء الجراكن والأوانى بالمياه النظيفة ، خاصة مع قطع الطرق بسبب السيول الاخيرة فسيارة المياه لا تاتى سوى مرة كل عشرة ايام ، والابار التى تم حفرها بالقرى مالحة جدا ، ولا تصلح للاستخدام الآدمي، وغالبية ابناء القبيلة يستعيضون عنها بتخزين مياه الامطار فى هرابات «خزان ارضي» واستخدامها فى شتى مناحي الحياة ، حتى تلك الخزانات احيانا تكون فارغة نتيجة قلة الامطار ، والكهرباء ايضا ممنوعة ومقطوعة على أبناء العزازمة فالمنطقة يغطيها الظلام الدامس ليلا إلا من بعض اللمبات الصغيرة التى تعمل بالمولدات الكهربائية التى تم شراؤها خصيصا بديلا لذلك ، بالرغم من وجود خط للكهرباء يمر بالمنطقة منذ سنوات، حتى الارسال التليفونى تحرم منه قبيلة العزازمة ، فبالرغم من تغطية شبكة التقوية بمنطقة القسيمة للقرى التى تسكنها القبيلة ، الا انه دون سابق انذار تم تخفيض التغطية واصبحت مناطق العزازمة خارج التغطية ، او بمعنى ادق خارج نطاق الخدمة . يؤكد سويلم ان الوحدة الصحية التى تم بناؤها فى عام 4002 لا تصلح ان تكون وحدة صحية ، فلا يوجد بها أى طبيب ، الى الطب البدوى والتداوى بالاعشاب والكى ، و يلتقط سويلم نفسا عميقا ويقول إن انخفاض مستوى التعليم يعد واحدة من المشكلات التى يعانيها أبناء قبيلة العزازمة ،ورغم انتشار الأمية بين أبناء عزازمة سيناء إلا أن شيوخ القبيلة اهتموا بتعليم صغارهم، فانشأوا مدرسة بالجهود الذاتية فى 9991بمنطقة الجايفة ، بدون أى مساعدة حكومية، لكنها لم تصمد أمام إحدى موجات الأمطار القوية التى تضرب المنطقة من وقت إلى آخر، ولم تفكر الحكومة فى بناء مدرسة جديدة لأبناء العزازمة بل نقلت الطلاب وكتبهم ومقاعدهم الخشبية إلى الدور الأرضى من وحدة صحة المرأة المهجورة، ووضعت على المبنى لافتتين؛ الأولى لوحدة صحة المرأة، والثانية لمدرسة حملت عنوان «ملحقة الجايفة العزازمة»،أما المبنى من الداخل فقد تحولت غرف الكشف إلى فصول للطلاب، وسكن للمدرسين بينما نقش الطلاب جدول حصصهم على الجدران ،حالها كحال معظم المدارس فى تجمعات العزازمة والتى تفتقر الى العملية التعليمية . يحرص العزازمة على أداء واجبتهم الدينية، لذا بنوا مساجدهم بالجهود الذاتية لكن وزارة الأوقاف لم ترسل لهم واعظا دينيا طوال السنوات الماضية، ولو لإلقاء خطبة الجمعة، هذا الوضع يضطر عددا من أبناء العزازمة إلى قطع مسافة حوالى 061 كيلومترا حتى العريش كل يوم جمعة لإحضار واعظ يتقاضى عادة 002جنيه مقابل الخطبة بالاضافة إلى 012جنيهات ايجار السيارة التى ستحمله إلى مضارب قبيلة العزازمة ، وفى بعض الجمعات لا يتوافر هذا المبلغ معهم مما يضطرهم لأداء الصلاة بدون خطبة ، او يقوم احدهم بإلقاء خطبة الجمعة. مطلبنا الاساسى - والكلام لا زال على لسان سويلم - هو الحصول على الجنسية المصرية لأننا ولدنا وتربينا وعشنا على ارض سيناء ، لأننا نعيش فى سجن كبير فلا نستطيع السفر خارج مصر لأننا غير معينى الجنسية ، كما لا نستطيع أداء الفروض الدينية والذهاب الى الاراضى السعودية للحج أو العمرة، فقد تقدم 55 من ابنائنا لاداء فريضة الحج العام الماضى ، لكنهم لم يتمكنوا من السفر الى الاراضى الحجازية لعدم حملهم الجنسية المصرية او أى جنسية اخرى فنحن غير معينى الجنسية.