"المجتمع المفتوح وأعداؤه".. كتاب صدر حديثا عن دار التنوير للطباعة والنشر، للفيلسوف الانجليزي انتماء النمساوي الأصل، كارل بوبر، وترجمه السيد نفادي. يثير الكتاب الصعوبات التي تواجه الحضارات المختلفة، التي يمكن بها النزوع إلى تحقيق ما هو إنساني ومعقول، وتحقيق المساواة والحرية. ويحاول أن يبين أن هذه الحضارة لم تفق بعد من صدمة ميلادها، صدمة التحول من "المجتمع البدائي" أو "المغلق"، الواقع تحت سيطرة القوى السحرية، إلى "المجتمع المفتوح"، الذي يطلق قوى الإنسان النقدية، ويحاول كذلك أن يبين أن صدمة هذا التحول إنما هي أحد العوامل التي جعلت من الممكن أن تنشأ تلك الحركات الرجعية التي حاولت، ولا تزال، هدم الحضارة، والعودة إلى النظام القبلي. ويقترح أن المجتمع الشمولي إنما ينتمي إلى ما هو سائد سواء أكان قديمًا أم حديثًا، كما هو الحال في الحضارة نفسها. يخلص بوبر إلى أن "السلطة مفسدة مطلقة" وفقًا لعبارة اللورد آكتون الشهيرة. وفق هذه القاعدة، وبتأثير طبول الحرب العالمية الثانية التي كانت تقرع عند كتابة هذا الكتاب، يقيم بوبر مراجعته للجذور العميقة للثقافة الغربية بدءًا من أفلاطون بوصفه "الفيلسوف المقدس" وصولا إلى الذين يشعلون الحروب، مرورًا بالماركسية وغيرها من الفلسفات الشمولية المغلقة. إن فهم الشمولية، وأهمية ودلالة الكفاح لمواجهتها تبدو اليوم قضايا ملحة ومعاصرة ونحن نشهد هجوم الأفكار الشمولية التي تضع الماضي "القبلي" كنموذج تدعو إلى العودة إليه.