إذا كنا نعتقد أن السمكة تفسد من رأسها، فهذا يعني أننا نسلم بأهمية الرأس للكائن الحي، ورأس الدولة هو رئيسها له أهميته التي لا تقل عن أهمية الرأس في الكائن الحي، ولذلك فإن أي رئيس عادة يترك بصماته الخاصة على الدولة التي يقودها.. وفي ظروفنا الراهنة ستكون بصمات الرئيس على دولتنا أكثر من أي وقت مضي في ظل رهان واسع من قبل الجماهير على الرئيس القادم، حتى وإن كان دستورنا الجديد يمنحه سلطات أقل وجعل الحكومة ورئيسها تشاركه في إدارة شئون الدولة والسلطة التنفيذية. وإذا فاز المشير السيسي في الانتخابات الرئاسية سيترك بصماته بقوة على الدولة، خاصة أنه يتمتع بظهير شعبي واضح سيكون له تأثيره الفعال في هذا الشأن إذا ترجم إلى أصوات للناخبين يحصدها في هذه الانتخابات. وليس صعبا استنتاج هذه البصمات التي سيطبع بها السيسي الدولة المصرية عندما يصبح رئيسا.. فإن السيسي أتاح لنا ذلك من خلال شخصيته التي عرفناها وأطل بها علينا سواء قبل 30 يونيو أو في 3 يوليو أو بعدهما. ففي بيان القوات المسلحة الأول الذي سبق الطوفان الشعبي الجارف في 30 يونيو، نبه السيسي إلى أن هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه أو يرفق به، وبعدها في الثالث من يوليو اتخذ السيسي بحزم القرار الذي طالبته به جماهير واسعة، رغم المخاطر التي كانت تحيط به والتهديدات التي أطلقها في وجوهنا الإخوان.. وهذا يعني أن دولة السيسي سوف تمزج بين الحنان والحزم.. الحنان لمن هم يعانون -طبقا لوصفه- من حالة عوز.. والحزم في مواجهة الكسالي والسلبية والمتآمرين والمعوقين لمسيرة الوطن. ولعل شخصية السيسي التي تمزج بين العاطفة والجدية هي التي تصوغ سلوكه ومواقفه والأغلب منهجه في إدارة العمل الذي يتولاه.. العاطفة هي التي تحثه على أن يكون حانيا على من يستحق أن يحنو عليه برفق به.. والجدية تحضه على أن يكون حازما في مواجهة كل مقصر في أداء عمله أو كل من يرتكب خطأ، وكل من يخرب عمدا جهود النهوض بهذا البلد. وهنا لا تناقض بالطبع بين الأمرين، ولذلك ستكون دولة السيسي حانية وحازمة.