مطار طهران وبعض الأحياء الراقية.. مناطق استهدفها الهجوم الإسرائيلي على إيران    الإذاعة الإسرائيلية: تل أبيب نفذت عملية بمنطقة يوجد فيها كبار قادة الحرس الثوري الإيراني    دينا عبد الكريم تلتقي بالسفير حبشي استعدادًا لجولة كبرى لبناء قواعد للجبهة الوطنية من المصريين بالخارج    هبوط عيار 21 لأدنى مستوياته.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة    3 أيام متتالية.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    تعرف على برامج الدراسة بجامعة السويس الأهلية    الرئاسة الفلسطينية: قرار وقف الحرب يجب أن يتبعه تنفيذ حل الدولتين ومساءلة إسرائيل عن جرائمها    كأس العالم للأندية - باريس ضد راعي البقر وبطل بلا تسديدة والوحيد بلا لقب.. حكاية المجموعة الثانية    الأهلى يتحرك لخوض التدريبات استعدادا ل إنتر ميامى فى مونديال الأندية (صور)    «بيطلع عيني».. تعليق مثير من كوكا بشأن مشاركته بدلاً من علي معلول    محافظ المنيا يوجه بسرعة التعامل مع حريق محدود بمركز «جنة التخصصي» دون خسائر بشرية    عقب تداول فيديو.. «الداخلية» تعلن القبض على المتهم بالتحرش بأطفال في بورسعيد    وفاة صديقين أسفل عجلات القطار بقنا    محامي عروسين الشرقية يكشف مفاجأة    تدريب على الإنعاش القلبي الرئوي الأساسي (BLS) وفقًا لمعايير جمعية القلب الأمريكية AHA    بالأسماء.. وزير البترول يصدر حركة تنقلات وتكليفات بشركات القطاع    استشهاد 63 فلسطينيا فى غزة بينهم 32 من منتظري المساعدات    صورة الوداع الأخيرة.. قصة عائلة هندية قضت في الطائرة المنكوبة    أتلتيكو مدريد يرفع عرضه لضم ثيو هيرنانديز واقتراب الاتفاق مع ميلان    إعلام إسرائيلي: المجلس الوزاري الأمني المصغر يبحث التغييرات التي اقترحها الوسطاء على مسودة ويتكوف    بعروض مبهرة.. الأوبرا المصرية تحتفل بعيد روسيا الوطني في أجواء فنية ساحرة| صور    رسميًا بعد الزيادة الجديدة.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 13 يونيو 2025    بكم الطن؟ سعر الأرز اليوم الجمعة 13 يونيو 2025 في الأسواق    قمة شباب بريكس للطاقة: دعوة لتحول عادل وشامل بقيادة الأجيال الشابة    محمد شكري: لم يتواصل معي أي شخص من الأهلي    محمد هاني يتحدث عن.. المنافسة في المونديال.. وانضمام زيزو إلى الأهلي    جمال حمزة: الزمالك واجه صعوبات كثيرة.. ويعاني من مشكلة هجومية    شاهد، لحظة تتويج سيراميكا كلوباترا ببطولة كأس الرابطة للمرة الثالثة    حمدي فتحي: احترم ميسي ولا أخشاه.. ونمتلك فريقًا لا يقل عن أندية أوروبا    محافظ كفر الشيخ: تنفيذ 9 قرارات إزالة على مساحة 800م2 بمركز دسوق    تعرف على موعد صرف مرتبات العاملين بالدولة والزيادة الجديدة    مريم الثالثة على "ابتدائية الأزهر - مكفوفين": أختي كانت عيني بشوف بيها    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 برقم الجلوس محافظة الغربية (فور إعلان الرابط)    «غدروا بيه».. جنازة «أحمد المسلماني» تاجر الذهب في البحيرة (صور)    أب يلقي مادة كاوية على ابنته لشكه في سلوكها بالغربية    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 38.. حالة الطقس اليوم    الأول إعدادي أزهري بالسويس: القرآن سر تفوقي    جامعة السويس تعلن تفاصيل برامج الجامعة الأهلية الجديدة    منة شلبي ترقص ب"الصاجات" في حفل زفاف منة عدلي القيعي (صور)    محمد دياب عن فوز فيلم «هابي بيرث داي» ب3 جوائز: شكرًا لكل اللي شارك    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    الآلاف يشيعون جثمان تاجر الذهب أحمد المسلماني ضحية غدر الصحاب في البحيرة (فيديو وصور)    تكريم نوال عبد الشافي عن أغنية " هي جت عليا" في مهرجان international fashion awards    سلمى أبو ضيف تعلق على رقصها مع زوجها.. ماذا قالت؟    تحلّ بالواقعية والوعي المالي.. حظ برج الجدي اليوم 13 يونيو    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    وظائف بمستشفيات جامعة عين شمس.. الشروط والتقديم    محافظ قنا يناقش تحديات القطاع الصحي ويضع آليات للنهوض بالخدمات الطبية    القومى للبحوث يعقد مؤتمره السنوي بشعار «من الرؤية إلى الواقع.. لغد بصحة أفضل»    مدرسة السكة الحديد فى الجيزة.. تعرف على شروط التقديم والمستندات المطلوبة (تفاصيل)    محافظ قنا: وضع لوائح انضباط على مداخل المستشفيات لبيان حقوق وواجبات المرضى    متحور كورونا الجديد «NB.1.8.1».. تحت المراقبة العالمية    الأزهر للفتوى يعلق على شغل الوقت باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي    وفد عمل مصر الثلاثي يُشارك في منتدى «التحالف العالمي للعدالة الإجتماعية»    ملك زاهر توجه رسالة مؤثرة من داخل المستشفى    وزير الري: مصر تعتمد بشكل شبه كلي على نهر النيل لتلبية احتياجاتها المائية    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بين الثورة والانقلاب
نشر في التحرير يوم 17 - 12 - 2011

شعرت بفرحة كبيرة عندما رأيت الرجل الفاضل والمناضل العمالى الصلب منصف المرزوقى يلقى خطابه الأول كرئيس لتونس أمام الجمعية التأسيسية منتصف الأسبوع الماضى، ليؤكد بصدق أن بلده الطيب قد شهدت ثورة حقيقية. وبكيت مع المرزوقى عندما دمعت عيناه، واختنقت كلماته، بينما هو يتذكر أرواح شهداء ثورة تونس الأبرار، ويقر ويعترف أنه لولا تضحياتهم لما كان وقف فى مكانه ليلقى خطابه كأول رئيس لبلاده، بعد الإطاحة بالنظام الديكتاتورى للرئيس المخلوع زين العابدين بن على.
وبالطبع تملكتنى مشاعر الغيرة والحزن فى نفس الوقت عند مقارنة مسار الثورة فى تونس بما يجرى لدينا فى مصر. ففى تونس يتولى الرئاسة شخص كان يعرفه العالم كمعارض شرس لنظام الديكتاتور بن على وزوجته ليلى الطرابلسى التى ظنت أنها كانت تمتلك تونس مع أشقائها وأقاربها فى نموذج فج للفساد. المناضل المرزوقى قضى معظم حياته فى المنفى، كما كانت حال الكثير من المعارضين التوانسة الشرفاء، ولكنه كان دائما الأعلى صوتا، وكان وصوله إلى سدة الرئاسة أقرب للخيال قبل عام واحد فقط. وفى مصر كان لدينا كذلك رئيس ديكتاتور أطال وشاخ فى منصبه، وظن أيضا أن مصر عزبته، يمتلكها هو وزوجته وأبناؤه، بل أراد توريث الحكم لابنه، رغم أن الصفة الأولى لبلدنا هى أنها «جمهورية». وفى مصر دفع شبابنا ثمنا غاليا من أرواحه ودمائه، ولا يزال، ليس لأنه كان يريد فقط التخلص من المخلوع وطغيانه هو وزوجته وأبناؤه، ولكن لتغيير النظام بأكمله بكل ما يترتب على ذلك من توابع. ولكن فقط فى مصر قامت ما سماه العالم بثورة دون أن يتولى شؤونها بعد ذلك أى من الثوار أو المناضلين الشرفاء الذين صمدوا لعقود طويلة، ورفضوا كل الإغراءات الكثيرة فى عهد المخلوع مبارك، الذى كان يتفنن وأجهزته فى احتواء المعارضين، لكى يصبحوا فى النهاية، وكما كان يردد دائما «جزء من النظام».
نعم قمنا فى مصر بثورة، واقترب عدد الشهداء من الألف مواطن، ليتولى شؤوننا بعد ذلك وزير دفاع الرئيس المخلوع، الذى كان شديد القرب والولاء له على مدى أكثر من عشرين عاما، ومعه تقريبا كل أعضاء المجلس العسكرى الكرام. وبدلا من أن يقر ويعترف حكام مصر الجدد، كما المناضل التونسى منصف المرزوقى، أنهم ما كانوا ليصلوا لما هم فيه الآن من دون تضحيات شهداء مصر الأبطال، فلقد رأينا استمرارا فى قتل المناضلين من الشباب، سواء فى ماسبيرو أو فى محمد محمود، بل وتخوين وسباب واتهامات بأن هؤلاء الثوار فى الميدان لا يمثلون الشعب المصرى. لماذا لم يقولوا هذا الكلام المؤلم عندما انطلقت الموجة الأولى من الثورة فى 25 يناير؟
وحتى بعد الإطاحة بالمخلوع، تمسك العسكر برئيس الوزراء الذى عينه المخلوع وتطلب الأمر مظاهرات واحتجاجات عديدة حتى وافق المشير على تغيير الفريق أحمد شفيق. وتطلب الأمر احتجاجات وشهداء ومعتقلين تمت محاكمتهم عسكريا حتى وافق المشير على إحالة مبارك ونجليه للمحاكمة. وبعد أن وافق على مضض على تعيين رئيس وزراء تم حسابه على الثورة غالبا لإنقاذ ماء الوجه، تم سلب كل الصلاحيات من يد عصام شرف، وليبقى فى منصبه ضيف شرف ليكون اسما على مسمى. وعندما تم دهس المتظاهرين الأقباط بالمدرعات أمام ماسبيرو، سمعنا أصواتا تتردد بنفس صدى صوت المخلوع مبارك لتنفى أى مسؤولية لقيادة الجيش عن ذلك، رغم أن الساحة لم يكن بها سوى جنود ومتظاهرين وتليفزيون رسمى يحض «المواطنين الشرفاء» أن يهبوا للدفاع عن جيشهم، وليضع البلد على شفا حرب طائفية حقيقية لم ننج منها سوى برحمة من الله وبعد تدخل العقلاء لتهدئة الموقف.
وعندما تفجرت الاحتجاجات وانطلقت الموجة الثانية من الثورة بعد تراجع العسكر عن وعودهم بتسليم السلطة وانتخاب رئيس للبلاد خلال عام، تفتق ذهن جهابذة المجلس العسكرى عن اختيار السيد كمال الجنزورى، ليرأس ما سموه بحكومة إنقاذ وطنى، وليوجهوا بذلك صفعة قوية على الوجه والقفا لكل من كان يعتقد أنه قد حدث فى مصر ثورة. الثورة التى كانوا يسمونها بثورة الشباب وال«فيسبوك» أسفرت عن اختيار رئيس وزراء يقترب من الثمانين عاما، وارتبط اسمه وتاريخه بنظام المخلوع بكل ما كان فيه من فساد وبيروقراطية وقمع للحريات، وليطلبوا مننا بعد ذلك أن نتعاطف معه لمجرد أنه قد خرج من دائرة المقربين من المخلوع من دون الحصول على وظيفة أو وسام. رجل أتوا به من أعماق الذاكرة المريرة ليرأس وزارة مصر، بينما مصر تزخر بالملايين من الشباب الواعد المتقد الذى أبعده النظام السابق متعمدا عن إدارة شؤون البلاد. فأى ثورة هى إذن؟ ولماذا كل هذا الضحك على الذقون؟
المقارنة بتونس تجعل المرء يشعر بالمرارة على عدة أصعدة، بما فى ذلك الانفتاح الذى يميز عقول إسلاميى تونس، مقارنة بتحجر عقول غالبية قيادات الإسلاميين فى مصر، ويكفى أنه لا يوجد فى تونس من هو فى عقلية عبد المنعم الشحات. ولكن الأسوأ هو أن يقع فى مصر تغيير كبير يعتقد البعض أنه ثورة، ولكن ليتولى أمورها بعد ذلك نفس رموز النظام القديم، ولتترسخ قناعة أن ما جرى فى بلدنا كان مجرد انقلاب. مصر لديها الكثير من النماذج القريبة من المناضل الشريف المنصف المرزوقى، ولكن العسكر لا يريدون لبلدنا أن تكتمل فيها أول ثورة شعبية فى تاريخها الحديث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.