لو استمر الأمر هكذا. فلا نملك سوى رفع القبعة للإخوان المسلمين -شابو للإخوان- فقد أخذوا البلد. حاول أن تستوعب مرة أخرى. الإخوان أخذوا مصر. ولا ندرى أشر أريد بمن فى مصر أم أراد الله بهم خيرا. الأيام هى التى ستحسم كل تلك الأمور التى تبدو معقدة وضبابية. الإخوان أذكى من الجميع وهم بالتاريخ الطويل فى العمل السياسى أمهر وأمكر فى الوصول إلى غاياتهم وهو الحصول على حكم مصر. وهو الغاية والحلم الأعظم. ففى انتخابات المرحلة الأولى وفى تسع محافظات حصلوا على 70 مقعدا، منها 40 «قائمة» و30 «فردى» وتبقى دائرة الساحل. الإخوان اكتسحوا الانتخابات ليس اكتساحا فى العدد فقط بل هو اكتساح فى الأسلوب والخطط التى أدار بها الإخوان الانتخابات وهى حملة دعائية من طراز فريد نقلت بالحرف من أستاذ وعبقرى فن التسويق مايكل بورتر، ذلك الرجل صاحب نظريات فن التسويق ومخترع أسلوب وسائل التأثير فى عالم الأعمال والنمط الاستهلاكى فيها. وهى نفس حملة «نايك» للملابس الرياضية التى اتخذت شعار (فقط افعلها) وقد فعلها الإخوان. يوم الخامس من يناير القادم هو اليوم الذى يعلن فيه نهاية دولة محمد على وإعلان دولة جديدة تبدأ بدولة الإخوان، ومن اليوم الأول من حكم الإخوان ستتطبق المادة الثانية من الدستور فى مربع واحد، وهو حد الحرابة، فتصدر قوانين الإعدام لكل من البلطجية والخاطفين وقطاع الطرق. وهو ما سيخلق ارتياحا شعبيا لا مثيل له خلال أيام معدودة. وسيستقر الوضع الاقتصادى ولن تختفى أى سلعة من الأسواق. سيوفر الإخوان أمن المواطن والأمن الغذائى. وهو ما يحتاجه الشعب الآن وبعدها سيطلب الإخوان تشكيل الحكومة ولن يكون هناك وزير واحد من خارج البرلمان حتى رئيس الوزراء. كل الحكومة من شرعية الصندوق. ولن تكون حكومة إخوانية. بل أغلبها من الإخوان. وسيتراضى السلفيون وبقية الأحزاب بوزارات لها احتكاك مباشر بالمشكلات المعقدة التى لا حل لها تقريبا أو التى يطول الزمن فى حلها والفشل هنا لن يطول الإخوان، بل تيارات تلك الوزارات. ولن تجد من يمكن أن يعترض على تشكيلهم للحكومة. فالشعب هو الذى اختارهم والصندوق هو الشرعية الوحيدة. هنا لا بد أن يستعد رجال المجلس العسكرى للصدام وهم فيه الخاسرون، وقد يذهب اثنان من قيادات المجلس إلى المحكمة الدولية فى لاهاى للمحاكمة على قتل الثوار فى محمد محمود وقتل الأقباط فى موقعة ماسبيرو ليحصلوا على الدعم والاحترام والتأييد الدولى، وقد يقدم البعض للمحاكمة. وسيرشح الإخوان مرشحا للرئاسة، وكما حصلوا على مجلس الشعب سيأخذون الرئاسة. أليس هم من قالوا فى بداية الحياة السياسية بعد الثورة إنها مشاركة لا مغالبة. وسنشارك بثلاثين فى المئة فقط فى البرلمان. ثم عندما ذاقوا ضعف كل من أمامهم ولمسوا جهلهم السياسى وانتهازيتهم ولصوصيتهم. زادت النسبة لتصبح خمسين فى المئة، والآن هم الأغلبية بنسبة سبعين فى المئة تقريبا. وقد قالوا إنهم لا يطمعون فى الرئاسة، وبعض السياسيين قالوا هناك صفقة ما بين الإخوان والعسكر. البرلمان للإخوان. والرياسة للعسكر. كلام فاضى. الإخوان أغلبية اختارهم الشعب فى انتخابات حرة. فكيف يفوتون تلك الفرصة التاريخية التى قد لا تتكرر؟ وستبدأ القوانين التى تبدو فى صالح الشعب. أن تظهر للحياة قوانين للإعلام والاقتصاد وغيرها، ولن تقترب من الحريات، بل قوانين ذات شعبية كتجريم التعذيب فى السجون وأقسام الشرطة. وتغليظ عقوبة فاعلها. وكلها قوانين لا بد أن تتماشى مع طلبات الناخب الذى اختار الإخوان لبرنامجهم الانتخابى، فالناخب الذى يختار الجمهوريين فى أمريكا ينتظر الأسلوب الجمهورى فى الحكم. لذلك سيلبى الإخوان طلبات الناخب الذى اختارهم على أنهم -رجال بتوع ربنا- فهل سترضى أن تشاهد ابنتك أو زوجتك أو أمك قناة (التت) المتخصصة فى الرقص الشرقى؟ بالطبع الغالبية العظمى معروف إجابتها. إذن أغلق القناة بمرسوم قانونى سيتخذ فى البرلمان ضمن القوانين الإعلامية التى ستتخذ. وهل توافق على وجود البارات فى شوارع القاهرة تقدم الخمور؟ إذن أغلقها بقانون تنظيم واقتصار تقديمها على الأجانب فقط للحفاظ على السياحة. أما الميدان فلن يجرؤ أحد من الاقتراب منه إلا من أجل الطلبات الفئوية الثورية ولن تظهر كلمة ارحل للمرشد. أو مصر حرة بديع بره. فقد جاؤوا بالشرعية وسيفض الميدان فى أقل مما تتخيل. فرق الإخوان الأمنية لا تعرف دلع الشرطة المصرية المعتاد. فالجهاد فى سبيل الله والعقيدة بداخل رجل الأمن الإخوانى لا تعرف الهزار، ثم إنهم يبنون وطنا خُرِّب خلال ثلاثين عاما، وعلى الجميع أن يقفوا يدا واحدة لبناء الدولة الإسلامية الحديثة -الشعب والإخوان إيد واحدة- هذا بعض ما سيحدث من دولة الإخوان. أما الغرب والأمريكان فهم أسعد الناس ببلوغ الإخوان حكم مصر. فشكرا للمجلس العسكرى الذى لعب دورا بارعا فى تسليم الأمة المصرية ليد الإخوان دون قصد، وقد خسر كل التيارات، التحرير والثوار والأقباط والليبراليين، بل وراح يغذى أبناء ميدان العباسية لتتوازن مع ميدان التحرير وبدأت الفرقة. ووقعت مصر فى يد الإخوان والصدام قادم قادم. وقد فاتت الفرصة وانتهى الوقت وليس أمامنا سوى الحل المصرى العتيق المعتاد. اسمه لعبة القدر....