قبل لقاء أرسنال.. برناردو سيلفا: غريمنا الأكبر هو ليفربول    جيوكيريس: بعدما بدأت الاحتفال بتلك الطريقة سجلت مزيدا من الأهداف    مصلحة الضرائب تسعى لإيجاد حلولًا متكاملة لدعم مجتمع الأعمال بالحزمة الثانية من التسهيلات    في أول يوم دراسي.. توجيه عاجل من محافظ القاهرة بشأن الكتب المدرسية    سيناريوهات محاكمة "بوبا اللثغة" بعد حبسها 6 أشهر وغرامة 100 ألف جنيه    أمين الفتوى يوضح أوقات استجابة الدعاء    موعد أذان الظهر ليوم الأحد ودعاء النبي عند ختم الصلاة    الكرة الذهبية 2025.. لماذا يُترقّب محمد صلاح ودور ديمبلي؟    ميسي يقهر فايلر في مباراة مثيرة بالدوري الأمريكي    استشهاد 13 فلسطينيا وإصابة آخرين جراء قصف الاحتلال المتواصل على مدينة غزة    القناة 12 الإسرائيلية: اعتراض صاروخين في أسدود أطلقا من غزة    عودة المدارس.. المرور يشن حملات مكبرة لضبط حركة السير بالطرق    وزير التعليم أثناء جولته بمحافظة القليوبية : مهنة التدريس "أم المهن" والمعلم المسئول الأول عن وضع الطلاب    انطلاق العام الدراسي الجديد بمعاهد مطروح الأزهرية.. و"حب الوطن" رسالة اليوم الأول    دراسة تنفي "الفاعلية السحرية" لعلاج مخصص للسكتة الدماغية    مستشار الرئيس للصحة: الزيادة الحالية لنزلات البرد متوقعة.. وحالات كورونا ليست كثيرة    ترامب مطالبا بمقاضاة خصومه: حاكموني مرتين ووجهوا ضدي 5 لوائح اتهام    تظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب والقدس للمطالبة بإنهاء الحرب وإعادة الأسرى    النشيد الوطني وتحية العلم مع اكتمال عودة المدارس بالبحيرة (فيديو)    اليوم.. وزارة الأوقاف تطلق مبادرة «صحح مفاهيمك».. ومحافظون: «مشروع وطني متكامل»    الطماطم تبدأ من 10 جنيهات.. أسعار الخضروات اليوم الأحد 21 سبتمبر 2025 بأسواق الأقصر    وزير المالية: استكمال صرف الدفعة الأولى من ال50%؜ المقررة نقدا للمصدرين    ياسر ريان: حسام غالي "أخل بمبادئ الأهلي".. ولن يكون له دور الفترة المقبلة    ضياء السيد: الجمعية العمومية للأهلي داعمة دائمًا.. والفوز على سيراميكا أعاد الثقة للاعبين    مواعيد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025: كل ما تحتاج معرفته    وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يغادر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لبحث سبل توسيع آفاق التعاون مع الشركات الأمريكية المتخصصة فى مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات    بتكلفة 8.2 مليون جنيه.. محافظ الشرقية يفتتح مدرسة كفر أبو جبل الإبتدائية بالزقازيق    كسوف الشمس 2025 في السماء اليوم.. تفاصيل أطول حدث فلكي يستمر أكثر من 4 ساعات    وزارة الداخلية تكشف ملابسات فيديو يزعم طلب فرد شرطة بمطار القاهرة مبلغا ماليا من راكب صيني    تجديد حبس ربة منزل أجنبية متهمة بسرقة شقة مخدومتها في السلام    لهذا السبب.. مي كمال الدين تتصدر تريند "جوجل"    فايزة أحمد، صوت لامس قلوب الأمهات رغم محنتها الأسرية وصدفة وراء شهرتها في مصر    بالعمة والقفطان.. انتظام المعاهد الأزهرية في أول يوم دراسي بالقليوبية    تليجراف: بريطانيا تفرض عقوبات جديدة على حماس اليوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 21-9-2025 في محافظة قنا    رئيس الوزراء يتوجه إلى نيويورك لتمثيل مصر في مؤتمر حل الدولتين    استئناف دخول المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    «الصحة» تُطلق الدبلوم المهني لسلامة المرضى وإدارة مخاطر الرعاية الصحية    طريقة أسهل وأسرع نوتيلا اقتصادية وصحية للمدارس    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 21 سبتمبر 2025    التمريض الركيزة الأساسية لنجاح المنظومة الصحية بالأقصر    اليوم، 2355 مدرسة بسوهاج تستقبل مليون و255 ألف طالب وطالبة    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب.. تعرف على طريقة أداء صلاة الكسوف    مصدر من الزمالك ل في الجول: غياب بانزا عن المباريات لقرار فني من فيريرا    صعود جماعي لرأس المال السوقي وتباين في مؤشرات البورصة المصرية خلال الأسبوع الماضي    «هتفضل عندي أغلى من الياقوت».. مي كمال الدين توجه رسالة مؤثرة ل أحمد مكي    لم يزره أحدًا منذ أيام.. العثور على جثة متحللة لموظف في شقته بالبحيرة    ترامب يهدد أفغانستان بعواقب "وخيمة " إذا رفضت تسليم قاعدة باغرام الجوية للولايات المتحدة    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في عطلة الصاغة الأسبوعية الأحد 21 سبتمبر 2025    إياك وتداول الشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 21 سبتمبر    وزير السياحة عن واقعة المتحف المصري: لو بررنا سرقة الأسورة بسبب المرتب والظروف سنكون في غابة    رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كليات التربية والطب والتجارة مع بداية الدراسة    أصالة وأحمد سعد يشعلان احتفالية اليوم السعودي بمهرجان مراسي    سيد رجب يلجأ لمباحث الإنترنت بعد ابتزازه في "لينك"    حسام الغمري: خبرة بريطانيا التاريخية توظف الإخوان لخدمة المخططات الغربية    منتخب مصر تحت 20 سنة يتفوق على نادي سان لويس التشيلي بخماسية استعدادًا لمونديال الشباب    محمد طعيمة ل"ستوديو إكسترا": شخصيتي في "حكاية الوكيل" مركبة تنتمي للميلودراما    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كرباج شريعى
نشر في التحرير يوم 29 - 11 - 2011

البلد الذى يعيش فيه فنان مثل عمار الشريعى دون أن يتلقى أرفع الأوسمة الرسمية، ودون أن يُنصب له تمثال يليق بعطائه فى أكبر ميادين القاهرة بعد تسميته باسمه، ودون أن تقام له كل عام فى عيد ميلاده احتفاليات رسمية وشعبية توسعه حفاوة وتنهال عليه حبا، هو بلد.. للأسف بلدنا.
استعينوا على قضاء أيامكم بعمار الشريعى. نصيحة من أخ لكم انتهت علاقته بالصحيان غير «طايق لنفسه»، عندما هداه الله ذات صباح بعيد لكى يدير فى الكاسيت مع كوباية شاى منو فيه شريط أغانى مسلسل «أبو العلا البشرى»، الذى ما إن انتهى وذهب أخوكم لكى يعيد تشغيله ثانية، وهو خجلان من أن يقفز فى أنحاء البيت فرحان ومعترفا أنه لم يعد حزينا على الإطلاق، ففوجئ بصلاح جاهين يخرج له من الكاسيت ليضربه قلما أبويا حانيا هاتفا فيه «كرباج سعادة وقلبه منى انجلد.. رَمَح كإنه حصان لف البلد.. ورجع لى آخر الليل وقالّى ليه.. خجلان تقول إنك سعيد يا ولد». ومن يومها وأخوكم يجلد قلبه كل صباح بكرباج سعادة شريعى، أحيانا يكون «حاف» بموسيقى الهجان والنديم والزينى بركات وعصفور النار وهيمة، وغالبا يكون «متغمس» بشجن أبنودى «يا حبيبتى الشمس مش بعيدة إحنا إيدينا قصيرين»، أو مغموسا فى حكمة حجابية «تحت نفس الشمس فوق نفس التراب، كلنا بنجرى ورا نفس السراب»، أو منغمسا فى حيرة أحمد فؤاد نجمية «يا سكة الأحلام يا مغربة روحى أشكيكى للأيام ولّا اشتكى روحى؟».
وقف عمار الشريعى إلى جنبى كثيرا، فى شقة أم ميمى الكائنة بنواحى حسن محمد بالهرم، كان يخرج من الراديو مرة كل أسبوع لأغتسل فى «بحر النغم»، فأنسى وعثاء الفقر وكآبة المنظر، وفى خُنّ شارع المحطة كان يخرج من شرايط (الأصدقاء) ليذكرنى فى لحظات بعينها أننى خرع وقابل للهزيمة بسهولة ومبصر لا بصيرة له، فأفوق لنفسى وأنسى فكرة الخروج من الحدود إلى الأبد، وأطارد مجددا أحلامى بحبيبة «من ضفايرها يطل القمر»، وفى شارع الفاتح ظل عمار على مدى أربعين يوما يجيبنى على ملا وشى فى السابعة والنصف مساء، ليتفرج رواد قهوة (الأهلى والزمالك) علىّ وأنا أبكى كطفلة دانماركية مدللة فور أن تهل دخلة تتر مسلسل «أرابيسك» العظيم، الذى كنت أشاهده على القهوة، لأنى أسكن فوق السطوح فى غرفة ليس لها سقف، فكيف يكون بها تليفزيون؟ وفى حارة سمكة خرج لى عمار من أول تليفزيون اشتريته بالقسط ليتهمنى بأننى باتلكك بتتر مسلسل الشهد والدموع، لكى أبرر قرار الانسحاب من معركة الحياة بدعوى أننا «تحت نفس الشمس فوق نفس التراب كلنا بنجرى ورا نفس السراب»، وفى شارع قصر العينى كان يزغر لى كأنه يرانى، كلما شاورت عقلى بالغرق فى باطل الصحافة تاركا سيد حجاب لكى يذكرنى «آدى الحقوق وآدى اللى طالبينها.. والحق تاه فى الباطل البطال.. وقلوبنا تاهت عن محبينها.. وآدى نجومنا بعيدة ما تنطال».
وعندما أحببت تسامح عمار مع نشازى وأنا أعيش دور العاشق الدمشقى وأغنى لحبيبتى «وبتسأل يا حبيبى باحبك قد إيه»، وعندما تفرقنا أنا وحبيبتى أيدى سبأ ضحك عمار لأننى أوهم الكل بأننى مصدق أنه «إوعى تصدق أنثى.. المرأة خلاص إلغاء إعدام»، أتذكر يوم أن قلت لأحمد زكى أننى أعتبر هذه الأغنية لسان حالى فى الحياة، فقال لى بسخريته المملوءة دائما بالشجن «يا رب يتقطع لسان حالك يا شيخ.. ده إحنا عملنا الأغنية دى هزار.. قلت لصلاح جاهين إشمعنى أنا اللى ماليش غنوة لوحدى فى المسلسل.. فعملها لى.. هو فى حد يقدر يعيش من غير أنثى فى الدنيا دى»، تذكرت ذلك عندما عادت حبيبتى ثانية إلىّ، وكيف شعر عمار يومها أن أى كلام سيكون بايخا، فاكتفى بأن عزف لى حتة من تتر رأفت الهجان، ربما لأن قصة حبنا كانت ملحمية مع أنها لم تكن مأخوذة من ملفات المخابرات العامة.
كل ذلك حدث لى قبل أن أعرف عمار الشريعى عن قرب، والغريب أننى منذ أن عرفته لم أجرؤ ولو لمرة على أن أعدد له أياديه البيضاء علىّ، لأننى أصاب بصمت أهطل فى حضرة الأساطير، يدفعنى زيادة فى الهطل لتجنب زيارتهم بانتظام. لكننى أمس عندما شاهدت حلقة له مع الراحل حسين كمال فى (سهرة شريعى)، التى أحرص على مشاهدتها بانتظام لشحن بطاريات الروح، انتهت الحلقة بى وأنا أبكى بكاء هستيريا، جعل ابنتى عشق تضحك علىّ ضاربة بكل حقوق الأبوة عرض الحائط، قررت أن أعمل بنصيحة جاهين، فأتصل بعمار فى نص الليل لأعلن له أننى لست خجلان من تعداد جمايله، لكن صوت ابنه مراد بادرنى داعيا لترك رسالتى بعد سماع الصفارة، ارتبكت محاولا أن أوجز ما أريد قوله، لكن الصفارة عاجلتنى معلنة امتلاء البريد الصوتى. عندها قررت أن أدوس على زرار يحذف ما تركته له على البريد الصوتى وأكتب هذه الكتابة، لا لكى يعرف عمار أياديه البيضاء علىّ، فلا أظنه مهتما بذلك، ولكن ليعرف مراد (إذا سأل يوما لماذا لا يوجد لأبيه تمثال فى شوارع القاهرة؟) أننا قررنا أن نرد على قلة أدب الرسميين وعمى بصائرهم، فأقام كل منا تمثالا يذكره بوقفات عمار الشريعى جنبه، وأنا وحدى يا مراد الذى نصبت لأبيك تمثالين، أولهما فى فايل «ماى ميوزيك» على الكمبيوتر، والثانى نصبته هناك فوق الكاسيت قريبا من شريط أبو العلا البشرى بجوار كرباج السعادة.
(مقتطف من كتاب «أولئك آبائى» تحت الطبع أعيد نشره تحية لأستاذى وملهمى وصديقى عمار الشريعى أتم الله شفاءه بألف خير وأعاده إلينا بمليون سلامة).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.