لا زلت أذكركِ وأنتِ تلاحقينَ الزمان .. كانت عيناكِ دليلي في زمنِ الزيف فعبرتِ فوق أشلائي نحو السراب .. صنعتُكِ نجمة ً لتنيرَ طريق َ العاشقين وبكيتكِ قوةً لا ضعفاً ... فكنتُ أنا أضحوكتك - تباً لك أيها الحب. يُحكى في التاريخ أن فارساً أسودَ اللون بغضه قومُه فسلبوه نسبَه وحريتَه وصارَ لهم عبداً فلما احتاجوا ساعدَه نصرَهُم وهم له منكرون ... إلا حبيبتُه ابنةُ عمه التي أنكره أبوها وعمُها وجدُها وخالُها وأبت أن تكونَ مثلهم فرقً بياضُ قلبها لسوادِ بشرته فارتحل وقاتلَ وانتصر ولم يكُ يبغي مجداً فقد عفَ عند المغنمِ - فكيف هو جحودُكِ وأنينُ فراقِك؟ لقد قاتلتُ فيكِ الجحود ... وأبيتِ أنتِ أن أعود ... فلِمَ كفرتِ بأجملِ ما فينا ... وكيف لي يوماً أن أزود؟ أنا من أنستهُ عيناكِ جراحَه وأنينَه وجنونَه وأمسَه وليلَه ففجرَه ونورَه وطريقَه فيومَه فغداه .. أنا ما عدتُ أعرفُ ما أشاء وكيف أشاء ولِمَ أشاء - أتظنين أنني فارقتُ الحياة؟ أنا إذ أبكي وداعَكِ لا أهتمُ من أين يأتي الدمع - إنما أبكي صغيرتي التي اخترتها حلماً فاختارتني تجربة وكأنني أنا الشمس ... منذ فجري لم أكن أعرفُ إلى أين مغربي .. فقط بحثتُ عن قمري فلما وجدتُه ... خسف فأصبحَ عالمي نوراً من لهب ومعاشاً بلا سكون ولكنه دافئاً عند الشتاء فاعلمي أن الحبَ عطاء وأن صيفَكِ قادمٌ ليخوضَ تجربةََ الحياة وكأنما صعدتُ بكِ القمر وصارَ بيننا حبٌ كطفلٍ جميل أردتُ له الحياةَ فسقيتهِ أنتِ كأساً من جحودٍ فترنًح وسقط أنا ما عدتُ أذكرُ لونَه أو شعرَه أو ملمسَ كفيه - ما عدتُ أسألكِ البقاءَ أو الرحيل - ما عاد يعنيني العتابُ أو الغيابُ أو الضبابُ أو السرابُ أو السبيل - أنا فقط أبكي لأنني لا أرى في عينيكِ شيئاً من ألم .. من أنينٍ .. من ندم - وكأنما قطعتُ آلافَ الأميالِ إلى القمر أحملكِ فوق حصاني الجريح كي أرى في عينيكِ هذا الجحود ... في نهاية الطريق ............