فى السنوات الخمس السابقة حدثت طفرة إعلامية كبرى فى مصر على جميع المستويات.. من فضائيات وسماوات مفتوحة.. إلى الإنترنت وتطبيقاته من مواقع إلكترونية لمجموعات «الفيسبوك» إلى المنتديات الجماهيرية، والصحافة المطبوعة تطورت مع العصر من خلال الصحف المستقلة، فتحولت الطفرة الإعلامية إلى ثورة حقيقية فى تشكيل فكر ووجدان المواطن المصرى، وأصبح تدفق المعلومات كالطوفان الذى يجب على كل منا أن يتعلم كيف يتعامل معه بإيجابية حذرة، لأن الموضوع ليس محصورا فى الكم فقط، لكن أصبح أيضا فى الكيف، والكيف هنا هو أهمية المعلومة ومصداقيتها وقدرتها على التغيير الإيجابى فى فكر المتلقى، وهذه هى المشكلة فى المجال الرياضى وإعلامه! فالإعلام السياسى والثقافى والاقتصادى والاجتماعى المصرى تقدم خطوات واسعة إلى الأمام عن طريق برامج التوك شو، وحركت الصحف المستقلة ك«المصرى اليوم والدستور والشروق واليوم السابع» الماء الراكد بإلقاء كثير من الأحجار فيه، لكن لماذا تراجع الإعلام ولم يقم بدوره رغم تطوره من ناحية الكم على حساب الكيف؟ وكيف أصبح الإعلام عبئا على الدولة فى أحلك الأوقات، ولم يكن يوما العربة التى تشد قطار الرياضة إلى الأمام؟ هذا إذا لم نقر أنه يشدها إلى الخلف، فإذا راجعنا خريطة الإعلام المصرى نجد أن المحركين الأساسيين لها هما الإعلانات والانتماءات لأجندات، وليس إلى قيم ومبادئ ورسالة، وأنا هنا لا أتحدث عن الكل أو الجميع، لا سمح الله، لكن عن حفنة تضع البلاد تحت فوهة من البركان، منهم من هو متحوّل وكاذب على نفسه قبل الآخرين، ومنهم من هو يلعب على الأوتار فى كل حالة حرجة وحساسة، ومنهم من هو يلعب فقط على العاطفة التى هى أهم سمات الشعب المصرى العظيم، وهم يعلمون أن من حرك الشعب بثورة هى الأعظم فى تاريخ العالم هى مواقع التواصل الاجتماعى. لا أحد ينكر أننا فى عصر الاحتراف، وأن كل من يمارس حرفة من حقه الحصول على أكبر مكاسب منها، لكن دون أن يدوس على القيم المجتمعية والمبادئ العامة التى يجب أن تنور الناس وترشدهم إلى ما هو أفضل لهم ولمجتمعهم، لكن الاحتراف تحول إلى اغتراف وانحراف واستخفاف وبعد تام عن الشرف والعفاف مع أدنى اختلاف وأصغر خلاف. مواقع الإنترنت العامة قامت بواجبها فثقفت ونوّرت وطورت فى فكر القارئ، وتواصلت معه حقيقة، ومن ثم أصبح لها السبق، وهى الآن التى تعطينا الأمل فى غد أفضل مع تطويرها ومنافستها الشريفة فى الحصول على أكبر عدد من القراء والمتابعين، بينما تراجعت الصحافة المطبوعة إلى الخلف، خصوصا فى الشرائح العمرية الأصغر لأنها تجاهلت تطورات العصر واختلاف فكر الأجيال الجديدة، إلا أنها ما زالت تحاول على استحياء رغم معاناتها من تفرغ كتابها للتقديم، أو الوجود على الفضائيات. المعضلة الكبرى وأم الكوارث فى مصر الآن بالفضائيات المصرية والرسالة الإعلامية التى تقدمها الأغلبية منها -ولا أقول الجميع- فهى مليئة بالسباب لا الحوار وغارقة فى التعصب والتحول إلى أجندات لا إلى مبادئ، وبرامج الفضائح أصبحت أكثر حظوة من البرامج الهادفة لتنوير الأجيال، والنصائح تحت شعار «الفضيحة لا النصيحة» لأن البشر بطبيعتهم فى العالم كله، وليس فى مصر فقط، ينجذبون إلى الفضائح، وهو ما خلق الصحف الصفراء فى كل دول العالم، لكن أن تتحول هذه البرامج إلى دستور يومى فهذه هى المصيبة، لأن ترويج الفضيحة يعنى ازدياد نسبة المشاهدة، ومن ثم ارتفاع العائد من الإعلانات، وبالتالى ارتفاع أجر مقدمى هذه البرامج الذين أصبحوا عبيدا لشهوة النجاح والمال، ولم يفكر أى منهم ماذا يقدم للناس، فيصمت الجميع.. العالم كله يتحرك إلى الأمام، ونحن «إن لم نكن محلك سر فإننا للخلف دُر»، ولا يلاحظ أحد..... حلمك يا سى إعلام!!