انخفاض أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 في مصر.. وعيار 21 يسجل 5425 جنيهًا    عاجل- رئيس الوزراء: افتتاح المتحف المصري الكبير يعزز مكانة مصر السياحية ويعكس ريادتها الحضارية    شقق شركة مدينة مصر تبدأ بمقدم 140 ألف جنيه وقسط شهري 5 آلاف فقط.. تفاصيل المشاريع وفرص الاستثمار العقاري    البرلمان يناقش اتفاقية دعم الاقتصاد ب4 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبي    بدء إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025 عبر استمارة تحديث البيانات الجديدة    عاجل- الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال ثلاثة فلسطينيين بغارة جوية قرب جنين بعد اشتباكات عنيفة    تدمير 90% من منازل غزة.. والمنظمات الأممية تطالب بإدخال مواد إيواء عاجلة    زيلينسكي: أوكرانيا ستحتاج لدعم أوروبي لعامين آخرين أو ثلاثة من القتال    إحالة عاطل وزوجته لمحكمة الجنايات في قتل مسن بالمرج    هذا هو موعد عرض مسلسل كارثة طبيعية بطولة محمد سلام    الإفتاء توضح الحكم الشرعي لتقنية الميكرو بليدينج لتجميل الحواجب    مقتل ثلاثة أشخاص في جامايكا أثناء الاستعدادات لوصول إعصار ميليسا    جراجات مجانية لأعضاء النادي في انتخابات الأهلي    "القومي للمرأة" يشارك في احتفال اليوبيل الماسي للهيئة القبطية الإنجيلية    محافظ أسيوط يستقبل الرحلة الجوية المنتظمة بين القاهرة وأسيوط دعما لمنظومة النقل والتنمية بالصعيد    المشاط: الحكومات وحدها لا تستطيع مواجهة المتغيرات الاقتصادية العالمية والقطاع الخاص شريك رئيسي    رئيس جامعة سوهاج يعلن تكليف 1113 أخصائي تمريض لدعم المستشفيات الجامعية    ميسي: سأقيم نفسي قبل اتخاذ قرار المشاركة في كأس العالم    ذكرى رحيل عميد الأدب العربى طه حسين    موعد مباراة نابولي وليتشي في الدوري الإيطالي    الشبكة هدية أم مهر؟.. حكم النقض ينهى سنوات من النزاع بين الخطاب    3 وزارات تناقش تأثير تغير المناخ على الأمن الغذائي في مصر    جامعة القناة السويس تنظم قافلة شاملة بقرية أم عزام بمركز القصاصين    دراسة: زيارة المعارض الفنية تُحسن الصحة النفسية    ب«الشيكولاتة والعسل والتوت».. طريقة عمل ال«بان كيك» أمريكي خطوة بخطوة    صحيفة إسبانية: الملك فيليبى يشارك فى افتتاح المتحف المصرى الكبير    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ومستشار الرئيس الأمريكي لبحث تطورات الأوضاع في السودان وليبيا    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع رقص ب«ملابس خادشة» في الإسكندرية    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    قرارات حاسمة من محافظ القاهرة| غلق فوري لمحال بيع الأسكوتر الكهربائي ومنع سير التوكتوك    جدلية الفرص والطبقات في مدارسنا وجامعاتنا    تامر عبدالحميد: "حسين لبيب تقدم باستقالته من رئاسة الزمالك"    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    «بسبب فاترينة سجائر».. «أمن القليوبية» يكشف ملابسات مشاجرة بين طرفين في شبرا الخيمة    «بلغهم بالتليفون».. شوبير يكشف تفاصيل صادمة في أزمة إيقاف «دونجا» ودور عامر حسين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28-10-2025 في محافظة الأقصر    شيخ الأزهر للرئيس الإيطالي: ننتظر إعلان إيطاليا الاعتراف بدولة فلسطين    ب25 مليون جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    ضبط (100) ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط 3 أطنان دقيق في حملات مكثفة لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    وزير الداخلية التركي: لا خسائر بشرية جراء زلزال باليكسير    تأكد غياب رباعي الأهلي عن السوبر.. وموقف إمام عاشور (تفاصيل)    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    رابط حجز تذاكر دخول المتحف المصري الكبير    ميسي يكشف عن موقفه من المشاركة في كأس العالم 2026    الصين تحقق مع نائب برلماني تايواني للاشتباه في قيامه بالدعوة للانفصال    نزلات البرد وأصحاب المناعة الضعيفة.. كيف تتعامل مع الفيروسات الموسمية دون مضاعفات؟    "بعد رسول العاصفة".. كيف تمهد روسيا لعصر الصواريخ النووية الفضائية؟    القضاء الإداري: فتح حساب خاص بالدعاية الانتخابية لمرشح النواب شرط جوهري    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    وزارة الصحة تكشف خطتها للتأمين الطبي لافتتاح المتحف المصري الكبير    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 بمحافظة السويس    طارق قنديل: ميزانية الأهلي تعبر عن قوة المؤسسة.. وسيتم إنشاء فرعين خارج القاهرة    استقرار اسعار الفاكهه اليوم الثلاثاء 28اكتوبر 2025 فى المنيا    لترسيخ الانتماء الوطني.. انطلاق مبادرة «تاريخ بلادنا في عيون ولادنا» بالأقصر    خالد الجندي: في الطلاق رأيان.. اختر ما يريحك وما ضيّق الله على أحد    بعد حلقة الحاجة نبيلة.. الملحن محمد يحيى لعمرو أديب: هو أنا ضباب! أطالب بحقي الأدبي    جاهزون.. متحدث مجلس الوزراء: أنهينا جميع الاستعدادت لافتتاح المتحف الكبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كأن شيئا لم يكن!
نشر في التحرير يوم 21 - 11 - 2011

اليوم هو الجمعة السابق لمليونية التحرير التى طلب الإسلاميون تنظيمها. لا أعرف ما ستسفر عنه الأمور ولا حجم المظاهرات، لهذا أعتذر عن الكتابة عنها سلبا أو إيجابا. الكل غاضب، وحتى الذين طالبوا بهذه الوثيقة يوما وجدوا أنها لا تلبى ما أرادوا، اضطراب فى كل مكان تقريبا وعجز حكومى تام، مع يقين لدى الجميع أن الأسوأ قادم وأن المرح لم يبدأ بعد.
كنت أسأل نفسى أمس هل فعلا صرنا أفضل أم أسوأ حالا؟ كان ذلك عندما أرسل إلىّ صديق عزيز فيلما قصيرا من يوتيوب، قصة الفيلم أن فتى وفتاة ارتكبا فعلا شائنا فى حديقة الأزهر وقبض عليهما رجال الأمن. أصر الفتى على تصوير رجال الأمن بكاميرا الموبايل التى يحملها، إنه يجادل بقوة والفتاة تتحدى بتنمر وكثير من الوقاحة، لكن رجال الأمن هادئون يتمالكون أعصابهم. قلت لنفسى إن الفتى والفتاة وقحان فعلا اختارا الطريقة الخطأ للتعبير عن الثورة. ولو حدث هذا قبل الثورة لانهالت بصقات وصفعات رجال الشرطة عليهما، لكن بالعكس بدا لى فى الفيلم أن رجال الشرطة هم الطرف الذى تتعاطف معه أكثر والذى يمسك بأعصابه حقا، والسبب طبعا أن كل شىء يتم تسجيله، لكن ماذا يمنعهم من تهشيم الهاتف نفسه؟
نصف كوب الماء الممتلئ يقول إن أظفار الشرطة قد قلمت فعلا، وصاروا أكثر تحضرا، سوف يتردد الضابط القادم كثيرا قبل أن يولج عصا مكنسة فى مؤخرة متهم، ومراد بيه لن يدس لفافة البانجو فى جيب المشتبه فيه القادم. نصف الكوب الفارغ يقول إن هذين الشابين ما كانا ليتصرفا بهذه الوقاحة والتحدى قبل الثورة، لكنى فى النهاية قلت لنفسى إن النصف الممتلئ أروع بكثير من النصف الفارغ. لنفس الفتاة على كل حال قصة طويلة أخذت أكبر من حجمها عندما نشرت صورة عارية لنفسها فى مدونتها، وهى طريقة مبتذلة غير أصيلة للاحتجاج تقلد بالضبط ما تفعله حركات PETA فى الخارج، كانت هناك معارضة عربية نزعت ثيابها ودارت عارية عدة مرات حول نافورة فى روما منذ أعوام ولم يهتم أحد بقصتها. طريقة احتجاج خائبة وتافهة. أو هى رغبة استعراضية مرضية عارمة تتنكر فى شكل ثورى، والفتاة تحسب أنها بهذا ستصير قائدة للتحرر النسائى. كل هذا جربه الغرب قبلنا بخمسين عاما وعرف أنه لا يصح إلا الصحيح.
نعم. لقد حققت الثورة أشياء كثيرة ولو كنت تشك فى هذا فعليك أن تراجع الصحف منذ عام واحد، ذلك العالم اللزج من الاستعداد للانتخابات المزورة وصور جمال بيه، وأحمد عز الذى يحرص على أن يبدو نصابا، وقضية هشام طلعت مصطفى الأبدية وقضية ابنة ليلى غفران، والتشكيك فى خالد سعيد، وضابط الأمن الذى ركل الطالبة فى بطنها، كنا سيئين جدا ولم نكن نملك أى بصيص نور.
المشكلة هى أن فلول مبارك كثيرون جدا وبارعون، بالفعل هم بارعون ولو لم يكونوا كذلك لأطاحت بهم الضربة الساحقة التى هوت على رؤوسهم من 80 مليون مصرى، لكنهم ظلوا على أقدامهم وهم الآن يحاولون النهوض والتماسك والعثور على مكان تحت الشمس الجديدة.
كأن شيئا لم يكن، هذا هو شعارهم، هذه سياسة ناجحة تنطبق على الفلول ورجال الإعلام.
أذكر فى أيام المدرسة الابتدائية أننى قذفت صديقا لى بحجر على سبيل الدعابة. أنت تعرف مداعبات الأطفال الرقيقة لبعضهم، طبعا اصطدم الحجر بزجاج نافذة وهشمه. التصرف الذى وجدته مناسبا هو أننى ابتعدت بهدوء وأنا أصفّر. بعد ساعات ذاب تصرفى هذا وسط زحام الضوضاء اليومية. وعندما كبرت رأيت رجلا مسنا يخرج سيارته من بين سيارتين فهشم كشافات السيارة التى أمامه والتى وراءه. نظر حوله فلما تأكد من أن أحدا لا يراه، انطلق مبتعدا كأن شيئا لم يكن.
على نطاق الدول فعلها نبلاء البوربون فى فرنسا، وهم أولئك (اللويسات) الذين تعرفهم والذين ينتهون بلويس السادس عشر. لقد قامت الثورة الفرنسية عام 1789 وقطعت الرقاب وأحرقت وعيّنت وطردت وحاكمت، هم ظلوا ينتظرون فى هدوء كأن شيئا لم يكن، وعندما سقط بونابرت عام 1814 استعادوا عرش فرنسا، أى بعد 25 سنة! والمهم أنهم لم يتغيروا ولم يتعلموا وعادوا يحمون فرنسا بذات الطريقة الغاشمة التى من أجلها قامت الثورة (كان السادات يحب هذا المثال كثيرا ويربطه بشدة بعودة حزب الوفد، لا تنس أن السادات كان مثقفا، بينما أشك أن مبارك سمع عن البوربون أصلا!).
سياسة من كانوا يفسدون فى الأرض قبل الثورة واضحة تماما: تظاهر بأن شيئا لم يكن. تناس أنك فعلت أى شىء ولسوف ينسى الناس ما فعلته، وانتظر فرصة العودة.
الآن نتذكر عشرات المواقف، والتى حاولت الرائعة دعاء سلطان أن توثقها فى برنامجها، من حظ طلعت زكريا ومحمد فؤاد العاثر أن تذكرهما الناس بالذات وتذكر ما قالاه. مثلا كانت المظاهرات تملأ الشوارع يوم 25 يناير، بينما مفيد فوزى يجرى حوارا طويلا (مسجلا) فى التليفزيون مع حبيب العادلى، يطرى فيه وزارة الداخلية ويضع لها المساحيق، ثم يرثيان معا ما حدث فى تونس الخضراء الجميلة التى دمرتها الثورة. كان التناقض مروعا ولم يعلق عليه أحد، ربما لأن الجميع كانوا فى الشوارع وقتها فلم ير أحد هذا الحوار الفاضح. سوف يتوارى مفيد لفترة ثم يظهر ليتكلم فى أشياء أخرى تماما كأن شيئا لم يكن.
المذيع عالى الصوت الذى خرج بعد الثورة يسب الدين ويقول (كان طلعان... أمنا)، رغم مدحه الواضح للنظام قبل الثورة. ثم عاد لتقديم برامجه كأن شيئا لم يكن، والمذيعان اللذان قدما فى فخر الصحفية النصابة التى زعمت أنها تدربت فى الموساد لتشعل الثورات، وأنها كانت تتدرب فى الصرب وجنوب إفريقيا، إلخ، تجاهلا الأمر.
إنهما يتظاهران بأن الزجاج لم يتحطم، يعودان لتقديم برنامجهما ويصفران، حتى لو انهالت الشتائم عليهما فى النت ويوتيوب فلا مشكلة، استمر فى أداء عملك وسوف ينسى الجميع كل شىء.
كل الفلول تعد عدتها للعودة مع الانتخابات القادمة، ويتوقع د.محمد أبو الغار أن يحصلوا على مئة مقعد فى المجلس القادم. لقد كانت الضربة عنيفة وزلزلت الأرض زلزالها، لكنهم استطاعوا أن يحنوا رؤوسهم وأن يعيشوا ثم ينهضوا. يقول العلماء: إن الكائنات الوحيدة التى ستتحمل وتنجو من الحرب النووية القادمة هى الصراصير التى تستطيع التكيف مع كل شىء، أنا أضيف للصراصير رجال الحزب الوطنى السابقين، أمراء البوربون الذين يجب أن يعرفهم الجميع ويبتعد عنهم الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.