الزمالك يتأهل إلى نصف نهائي الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    الأرصاد: طقس غداً الأربعاء حار نهاراً معتدل ليلاً    بعد صعود عيار 21 بالمصنعية والدمغة.. كم حقق سعر الذهب اليوم الثلاثاء 20-5-2025؟    بتكلفة 5.8 مليون جنيه.. محافظ الشرقية يتابع تنفيذ المشروعات الخدمية والتنموية في القرين    شروط حجز شقق الإسكان الاجتماعي الجديدة 2025 والمستندات المطلوبة    حقيقة منع الميكروباص أعلى الدائري نهائيا بداية من 1 يونيو    توريد 424 ألف طن من القمح في الوادى الجديد    حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 175 ألف شهيد وجريح    ننشر الصور الأولى لضحايا طائرة رأس البر العسكرية    باكستان والهند تتفقان على سحب التعزيزات العسكرية من كشمير نهاية مايو    "بنها الأهلية" أول جامعة مصرية في المجلس العربي للتبادل الأكاديمي    إمام عاشور يرفض عرض الأهلي بعد الجلسة العاصفة.. إعلامي يكشف مفاجأة    مصر أكتوبر: نستعد للانتخابات بعمل ميداني ولقاءات توعوية تستهدف كل فئات المجتمع    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو سير سيارة ربع نقل بحمولة زائدة بالإسماعيلية (فيديو)    سبق اتهامه فى عدة قضايا.. أمن الأقصر يضبط تاجر مخدرات    بعد عرض الجيل الرابع.. «مشعلو الحرائق» و«المطعم» في عروض قصور الثقافة على مسرح الأنفوشي بالإسكندرية    رئيس جامعة مطروح: انتظام سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني    حسين الشحات: متحمسون للغاية لمواجهة ميسي الأفضل في العالم.. ونثق في حضور جماهيرنا    ثروت سويلم: تصريحاتي بشأن الأهلي والإسماعيلي في إلغاء الهبوط فُسرت خطئا    مؤسسات فلسطينية: الاحتلال يحاول تصفية مجموعة من رموز الحركة الأسيرة وقادتها    المغرب: حل الدولتين الأفق الوحيد لتسوية القضية الفلسطينية    الجيش السوداني: نقترب من السيطرة الكاملة على الخرطوم    وزير الزراعة: توطين صناعة المبيدات "ضرورة" تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية    جدول امتحانات الثانوية العامة 2025.. تفاصيل مواعيد الامتحانات لجميع الأنظمة التعليمية    «السجيني» يطالب الحكومة بالاستماع إلى رؤية النواب حول ترسيم الحدود الإدارية للمحافظات    "أمين عام مجمع اللغة العربية" يطلب من النواب تشريع لحماية لغة الضاد    محمد ثروت يحيي الذكرى الرابعة لوفاة سمير غانم برسالة مؤثرة    «ما يهزهم ريح».. 4 أبراج تتميز بثبات انفعالي مذهل في المواقف الصعبة    هل يجوز الحج عمن مات مستطيعًا للعبادة؟.. دار الإفتاء تُجيب    ماذا تفعل المرأة إذا جاءها الحيض أثناء الحج؟.. أمينة الفتوى ترُد    قبل امتحانات آخر السنة 2025.. ما هو الاختيار الأفضل لتحلية الحليب لطفلك؟ (أبيض ولا أسود)    حوار خاص| أحمد السبكى رئيس هيئة الرعاية الصحية ل«البوابة»: إطلاق المرحلة الثانية من منظومة «التأمين الصحى الشامل» بمطروح خلال سبتمبر وشمال سيناء في ديسمبر المقبل    مستشفى أطفال مصر يجرى عملية توسيع للصمام الأورطى بالبالون عن طريق القسطرة لطفلة حديثة الولادة    أونروا: إسرائيل تمنع المتطوعين من دخول قطاع غزة    أنطلاق فيلم المشروع x بطولة كريم عبد العزيز ويامسين صبري بدور العرض السينمائى    نقابة الفنانين السورية تنعي بطلة «باب الحارة»    «جاب الفلوس منين».. شوبير يعلق على رفع القيد عن الزمالك    الأمن يلقى القبض على المتهم بذبح والده المسن بأسوان    دينزل واشنطن يوبخ مصورا قبل حصوله على السعفة الذهبية الفخرية في مهرجان كان    الخميس.. فرقة الصحبجية تغني في قصر الأمير بشتاك    برواتب تصل ل15 ألف جنيه.. فرص عمل جديدة تطلب 5 تخصصات بشروط بسيطة    بحضور مدبولي.. رئيس سوميتومو العالمية: نحتفل بفخر بإنشاء أحدث مصانعنا المتطورة    الأهلي يواجه الزمالك في مباراة فاصلة لحسم المتأهل لنهائي دوري سوبر السلة    مشوار الأهلى والزمالك فى الكؤوس الأفريقية لليد قبل مواجهات ربع النهائى    هل يشارك معلول في كأس العالم للأندية؟ جلسة حاسمة مع ريفيرو تحسم القرار    عاجل- الصحة العالمية تُعلن خلو مصر من انتقال جميع طفيليات الملاريا البشرية    بعد تداول فيديو.. ضبط قائد سيارة حاول الاصطدام بسيدة على محور 30 يونيو    الصحة: إغلاق عيادة للتجميل وتركيب الشعر الصناعي بالعجوزة للعمل دون ترخيص ويديرها منتحل صفة طبيب    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    وزير الري يبحث إضافة مواقع سياحية جديدة لمنظومة السد العالي -صور    نتنياهو: أدين بشدة تصريحات يائير جولان ضد إسرائيل وجيشها    المركزي الصيني يخفض أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية    "تأهيل خريج الجامعة لمواجهة تحديات الحياة الأسرية".. ندوة بجامعة حلوان    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    طريقة عمل الفراخ البانيه، بقرمشة لا مثيل لها    «أكبر خطيئة وتستلزم الاستغفار».. سعد الهلالي عن وصف القرآن ب الدستور    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كأن شيئا لم يكن!
نشر في التحرير يوم 21 - 11 - 2011

اليوم هو الجمعة السابق لمليونية التحرير التى طلب الإسلاميون تنظيمها. لا أعرف ما ستسفر عنه الأمور ولا حجم المظاهرات، لهذا أعتذر عن الكتابة عنها سلبا أو إيجابا. الكل غاضب، وحتى الذين طالبوا بهذه الوثيقة يوما وجدوا أنها لا تلبى ما أرادوا، اضطراب فى كل مكان تقريبا وعجز حكومى تام، مع يقين لدى الجميع أن الأسوأ قادم وأن المرح لم يبدأ بعد.
كنت أسأل نفسى أمس هل فعلا صرنا أفضل أم أسوأ حالا؟ كان ذلك عندما أرسل إلىّ صديق عزيز فيلما قصيرا من يوتيوب، قصة الفيلم أن فتى وفتاة ارتكبا فعلا شائنا فى حديقة الأزهر وقبض عليهما رجال الأمن. أصر الفتى على تصوير رجال الأمن بكاميرا الموبايل التى يحملها، إنه يجادل بقوة والفتاة تتحدى بتنمر وكثير من الوقاحة، لكن رجال الأمن هادئون يتمالكون أعصابهم. قلت لنفسى إن الفتى والفتاة وقحان فعلا اختارا الطريقة الخطأ للتعبير عن الثورة. ولو حدث هذا قبل الثورة لانهالت بصقات وصفعات رجال الشرطة عليهما، لكن بالعكس بدا لى فى الفيلم أن رجال الشرطة هم الطرف الذى تتعاطف معه أكثر والذى يمسك بأعصابه حقا، والسبب طبعا أن كل شىء يتم تسجيله، لكن ماذا يمنعهم من تهشيم الهاتف نفسه؟
نصف كوب الماء الممتلئ يقول إن أظفار الشرطة قد قلمت فعلا، وصاروا أكثر تحضرا، سوف يتردد الضابط القادم كثيرا قبل أن يولج عصا مكنسة فى مؤخرة متهم، ومراد بيه لن يدس لفافة البانجو فى جيب المشتبه فيه القادم. نصف الكوب الفارغ يقول إن هذين الشابين ما كانا ليتصرفا بهذه الوقاحة والتحدى قبل الثورة، لكنى فى النهاية قلت لنفسى إن النصف الممتلئ أروع بكثير من النصف الفارغ. لنفس الفتاة على كل حال قصة طويلة أخذت أكبر من حجمها عندما نشرت صورة عارية لنفسها فى مدونتها، وهى طريقة مبتذلة غير أصيلة للاحتجاج تقلد بالضبط ما تفعله حركات PETA فى الخارج، كانت هناك معارضة عربية نزعت ثيابها ودارت عارية عدة مرات حول نافورة فى روما منذ أعوام ولم يهتم أحد بقصتها. طريقة احتجاج خائبة وتافهة. أو هى رغبة استعراضية مرضية عارمة تتنكر فى شكل ثورى، والفتاة تحسب أنها بهذا ستصير قائدة للتحرر النسائى. كل هذا جربه الغرب قبلنا بخمسين عاما وعرف أنه لا يصح إلا الصحيح.
نعم. لقد حققت الثورة أشياء كثيرة ولو كنت تشك فى هذا فعليك أن تراجع الصحف منذ عام واحد، ذلك العالم اللزج من الاستعداد للانتخابات المزورة وصور جمال بيه، وأحمد عز الذى يحرص على أن يبدو نصابا، وقضية هشام طلعت مصطفى الأبدية وقضية ابنة ليلى غفران، والتشكيك فى خالد سعيد، وضابط الأمن الذى ركل الطالبة فى بطنها، كنا سيئين جدا ولم نكن نملك أى بصيص نور.
المشكلة هى أن فلول مبارك كثيرون جدا وبارعون، بالفعل هم بارعون ولو لم يكونوا كذلك لأطاحت بهم الضربة الساحقة التى هوت على رؤوسهم من 80 مليون مصرى، لكنهم ظلوا على أقدامهم وهم الآن يحاولون النهوض والتماسك والعثور على مكان تحت الشمس الجديدة.
كأن شيئا لم يكن، هذا هو شعارهم، هذه سياسة ناجحة تنطبق على الفلول ورجال الإعلام.
أذكر فى أيام المدرسة الابتدائية أننى قذفت صديقا لى بحجر على سبيل الدعابة. أنت تعرف مداعبات الأطفال الرقيقة لبعضهم، طبعا اصطدم الحجر بزجاج نافذة وهشمه. التصرف الذى وجدته مناسبا هو أننى ابتعدت بهدوء وأنا أصفّر. بعد ساعات ذاب تصرفى هذا وسط زحام الضوضاء اليومية. وعندما كبرت رأيت رجلا مسنا يخرج سيارته من بين سيارتين فهشم كشافات السيارة التى أمامه والتى وراءه. نظر حوله فلما تأكد من أن أحدا لا يراه، انطلق مبتعدا كأن شيئا لم يكن.
على نطاق الدول فعلها نبلاء البوربون فى فرنسا، وهم أولئك (اللويسات) الذين تعرفهم والذين ينتهون بلويس السادس عشر. لقد قامت الثورة الفرنسية عام 1789 وقطعت الرقاب وأحرقت وعيّنت وطردت وحاكمت، هم ظلوا ينتظرون فى هدوء كأن شيئا لم يكن، وعندما سقط بونابرت عام 1814 استعادوا عرش فرنسا، أى بعد 25 سنة! والمهم أنهم لم يتغيروا ولم يتعلموا وعادوا يحمون فرنسا بذات الطريقة الغاشمة التى من أجلها قامت الثورة (كان السادات يحب هذا المثال كثيرا ويربطه بشدة بعودة حزب الوفد، لا تنس أن السادات كان مثقفا، بينما أشك أن مبارك سمع عن البوربون أصلا!).
سياسة من كانوا يفسدون فى الأرض قبل الثورة واضحة تماما: تظاهر بأن شيئا لم يكن. تناس أنك فعلت أى شىء ولسوف ينسى الناس ما فعلته، وانتظر فرصة العودة.
الآن نتذكر عشرات المواقف، والتى حاولت الرائعة دعاء سلطان أن توثقها فى برنامجها، من حظ طلعت زكريا ومحمد فؤاد العاثر أن تذكرهما الناس بالذات وتذكر ما قالاه. مثلا كانت المظاهرات تملأ الشوارع يوم 25 يناير، بينما مفيد فوزى يجرى حوارا طويلا (مسجلا) فى التليفزيون مع حبيب العادلى، يطرى فيه وزارة الداخلية ويضع لها المساحيق، ثم يرثيان معا ما حدث فى تونس الخضراء الجميلة التى دمرتها الثورة. كان التناقض مروعا ولم يعلق عليه أحد، ربما لأن الجميع كانوا فى الشوارع وقتها فلم ير أحد هذا الحوار الفاضح. سوف يتوارى مفيد لفترة ثم يظهر ليتكلم فى أشياء أخرى تماما كأن شيئا لم يكن.
المذيع عالى الصوت الذى خرج بعد الثورة يسب الدين ويقول (كان طلعان... أمنا)، رغم مدحه الواضح للنظام قبل الثورة. ثم عاد لتقديم برامجه كأن شيئا لم يكن، والمذيعان اللذان قدما فى فخر الصحفية النصابة التى زعمت أنها تدربت فى الموساد لتشعل الثورات، وأنها كانت تتدرب فى الصرب وجنوب إفريقيا، إلخ، تجاهلا الأمر.
إنهما يتظاهران بأن الزجاج لم يتحطم، يعودان لتقديم برنامجهما ويصفران، حتى لو انهالت الشتائم عليهما فى النت ويوتيوب فلا مشكلة، استمر فى أداء عملك وسوف ينسى الجميع كل شىء.
كل الفلول تعد عدتها للعودة مع الانتخابات القادمة، ويتوقع د.محمد أبو الغار أن يحصلوا على مئة مقعد فى المجلس القادم. لقد كانت الضربة عنيفة وزلزلت الأرض زلزالها، لكنهم استطاعوا أن يحنوا رؤوسهم وأن يعيشوا ثم ينهضوا. يقول العلماء: إن الكائنات الوحيدة التى ستتحمل وتنجو من الحرب النووية القادمة هى الصراصير التى تستطيع التكيف مع كل شىء، أنا أضيف للصراصير رجال الحزب الوطنى السابقين، أمراء البوربون الذين يجب أن يعرفهم الجميع ويبتعد عنهم الجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.