الجبهة الوطنية بالمنيا: نعمل لصالح المواطن بعيدًا عن أي اصطفافات سياسية شكلية    جامعة العريش تنظم حفلا لتكريم أوائل الخريجين    لا أماكن بكليات الهندسة للمرحلة الثانية.. ومنافسة شرسة على الحاسبات والذكاء الاصطناعي    الكهرباء تبدأ اختبار الكابلات لإعادة التيار للمناطق المتأثرة بالفصل في الجيزة    بعد تصدره التريند.. استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري في التعاملات الصباحية ليوم الإثنين 28 يوليو 2025    بارقة أمل في مفاوضات غزة.. هل اقتربت هدنة ال60 يوما بعد استئناف المباحثات؟    السودان: تطورات سياسية وميدانية متسارعة وسط دعم أممي وتنديد إقليمي بمحاولات تقويض الانتقال    ذهبيتان وفضية لمصر في أول أيام منافسات دورة الألعاب الإفريقية للمدارس    تعرف على مواعيد مباريات المصري بالدوري خلال الموسم الكروي الجديد    مدرب بيراميدز يهاجم تحديد موعد المباراة تحت درجات حرارة قاتلة: "الأمر يتعلق بصحة اللاعبين وليس بالمنافسة"    مصرع أمين شرطة متأثرا بإصابته في حادث أودى بحياة مدير أمن الوادي الجديد    بالأسماء.. إصابة 5 أشخاص في انقلاب سيارة بصحراوي البحيرة    اصطدام قطار المناشي بجرار زراعي أمام قرية بالبحيرة دون خسائر بشرية | صور    الحكومة: حملات مرورية مكثفة وتشديد الرقابة لمنع القيادة تحت تأثير المخدرات    إيهاب توفيق يحيي أولى حفلات المهرجان الصيفي للأوبرا باستاد الإسكندرية    السيطرة على حريق بمصنع "كريازي" في العبور    ردا على الأهلي، ماذا فعل الزمالك مع زيزو قبل لقاء القمة؟    حسين الشحات: لن أرحل عن الأهلي إلا في هذه الحالة، والتتويج أمام الزمالك أسعد لحظاتي    بعد 26 ساعة من العمل.. بدء اختبار الكابلات لإعادة التيار الكهربائي للجيزة    الداخلية: وفاة نزيل عقب نقله من محبسه إلى المستشفى بالدقهلية    تنسيق الكليات 2025، الحدود الدنيا لجميع الشعب بالدرجات والنسب المئوية لطلبة الثانوية بنظاميها    وزير الزراعة: تجاوز صادرات البطاطس 1.3 مليون طن للمرة الأولى    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات كليات الطب البيطري 2024 المرحلة الأولي بالنسبة المئوية    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بمدينة الخانكة    الصفاقسي التونسي يعلن تعاقده مع علي معلول.. والتفاوض مع لاعب الزمالك    الغندور يعلن رحيل نجم الزمالك.. ويكشف وجهته المقبلة    الحوثيون يعلنون عن خطوات تصعيدية جديدة ردا على الحرب فى غزة    رابطة العالم الإسلامي: مؤتمر "حلّ الدولتين" فرصة للوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ    إسرائيل تفرض رقابة عسكرية مُشددة على المُراسلين الأجانب الراغبين في دخول غزة    مقتل 4 على الأقل إثر خروج قطار يحمل نحو 100 راكب عن مساره جنوب ألمانيا    الاحتلال يقصف حَيَّيْ التفاح والشجاعية في مدينة غزة    خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء.. " كامل الوزير" يستعرض خطة تطوير الطريق الدائري الإقليمي    الأرصاد تحذر من ارتفاع الأمواج في عدد من الشواطئ (تعرف عليها)    السكرتير العام المساعد لمحافظة الجيزة: عودة المياه لمعظم المناطق المتأثرة خلال ساعة    أحمد نبيل: تعليم الأطفال فن البانتومايم غيّر نظرتهم للتعبير عن المشاعر    وزير السياحة: ترخيص 56 وحدة فندقية جديدة و60 طلبًا قيد الدراسة    «اللي بيتكلم مجنون».. مدحت شلبي يهاجم مسؤول في الأهلي بتصريحات قوية    متخليش الصيف ينسيك.. فواكه ممنوعة لمرضى السكر    معاناة حارس وادي دجلة محمد بونجا.. أعراض وأسباب الإصابة ب الغيبوبة الكبدية    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. استشهاد 4 فلسطينيين فى قصف الاحتلال على خان يونس.. هزات أرضية وصلت ل3.8 درجة بمقياس ريختر فى ميانمار.. مقاتلون سابقون فى طالبان نقلوا لبريطانيا حفاظا على سلامتهم    دفاع أحد ضحايا سفاح المعمورة بعد الحكم بإعدامه: طالبنا بتعويض مدنى مليون جنيه    أم وابنها يهزمان الزمن ويصنعان معجزة فى الثانوية العامة.. الأم تحصل على 89% والابن 86%.. محمد: ليست فقط أمى بل زميلتي بالدراسة.. والأم: التعليم لا يعرف عمرا وحلمنا ندرس صيدلة.. ونائب محافظ سوهاج يكرمهما.. فيديو    المعهد القومي للكبد: مصر حققت إنجازًا عالميًا في القضاء على فيروس "سي"    «قالوا لي إني ميتة».. أنوار تروي مأساة 9 سنوات انتهت باختفاء الزوج ووقف المعاش    حددت شروطا للظهور به وارتدته وخلعته قبل 11 عاما.. قصة سما المصري مع الحجاب بعد «فيديو البكاء»    أخبار × 24 ساعة.. توقعات بارتفاع الحد الأدنى لتنسيق كليات علمى من 1 ل2%    طه عزت: الموسم المقبل بلا تأجيلات.. وهناك تنسيق مع حسام حسن بسبب الأجندة الدولية    الباذنجان مهم لمرضى السكر والكوليسترول ويحمي من الزهايمر    بعد توقف 11 عاما.. رئيس حقوق الإنسان بالنواب يُشارك في تشغيل مستشفي دار السلام    رغم ارتفاع درجات الحرارة.. قوافل "100 يوم صحة" تواصل عملها بالوادى الجديد    رفضت عرسانًا «أزهريين» وطلبت من زوجها التعدد.. 19 معلومة عن الدكتورة سعاد صالح    في الحر الشديد.. هل تجوز الصلاة ب"الفانلة الحمالات"؟.. أمين الفتوى يوضح    جامعة أسيوط تشهد فعاليات اللقاء العلمي "GEN Z ANALYSTS" بكلية التجارة    هل الحر الشديد غضبًا إلهيًا؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    بتوجيهات شيخ الأزهر.. قافلة إغاثية عاجلة من «بيت الزكاة والصدقات» في طريقها إلى غزة    البابا تواضروس يصلي القداس مع شباب ملتقى لوجوس    وزارة التربية والتعليم تعلن بدء تحويلات المدارس الدولية IPS    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المركزى للمحاسبات» ومن الجهاز ما فسد
نشر في التحرير يوم 19 - 11 - 2011


أعد الملف: رنا ممدوح
مواجهة مرتقبة فى شهر مارس من كل عام تقف فيها الحكومة موقف المدافع، ويتقمص رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات دور المهاجم، فيوجه عبارات تتضمن أرقاما من نوعية «استمرار زيادة الفجوة بين الاستخدامات والإيرادات بقيمة كذا»، «وزيادة الأعباء المالية وزيادة الدين العام الداخلى والخارجى بقيمة كذا». أرقام ومصطلحات تبدو مهمة، لكن ليس لها واقع ملموس عند المواطن المتابع بشغف لتلك المناظرة التى تجرى بين قوى الخير الممثلة فى المسؤول الحكومى الذى يمارس عمله وينقد الحكومة، وقوى الشر الممثلة فى وزير المالية.
فى السياق نفسه، نجد أن هذا المسؤول الذى لا يخشى فى الله لومة لائم عندما يتحدث عن رئيس الجمهورية، يقول تحت عنوان حقائق «إن السيد رئيس الجمهورية يتابع مع الوزراء والمحافظين وجميع المسؤولين بالدولة ما يتعلق بحياة الناس وتوفير الحياة الكريمة، فالشغل الشاغل للرئيس هو حياة المواطن البسيط». جمل قاطعة مفهومة للجميع يذكرها رئيس الجهاز كحقائق، وربما هذا ما جعل المستشار جودت الملط يستمر على قمة الجهاز الرقابى الأول فى مصر مدة تجاوزت ال12عاما، ولمَ لا والرجل استطاع أن يحقق المعادلة الصعبة، فهو المحارب ضد الفساد، حسبما أطلقت عليه بعض المنظمات التى تعتمد على تصويت المواطن العادى فى اختيار الشخصيات التى تروق للبسطاء، وهو الرجل المرضى عنه الموثوق فيه بالنسبة لمبارك ورجاله. بعد سقوط مبارك لا بد أن تتغير الحال ويفعّل الدور الرقابى للجهاز المعنى بمعرفة جميع تفاصيل المصروفات والإيرادات، «فلوسنا بتروح فين وبتيجى منين»، «بنصرف إيه وبننتج كام وبنستلف قد إيه»، «مين بيدفع الضرائب ومين مابيدفعش».. ماذا يحتاج «المركزى للمحاسبات» ليقوم بحماية المال العام بعد الثورة؟ سؤال قررت «التحرير» الإجابة عنه.
ثمار ثورة 19 التى فسدت فى عهد الرئيس السابق .. جمال عبد الناصر حوَّل اسمه من ديوان المحاسبات إلى الجهاز المركزى
نشأ الجهاز المركزى للمحاسبات مستقلا، فاعلا فى أداء دوره الرقابى، مما جعل النظام الحاكم، ابتداء من الملك مرورا برؤساء مصر الثلاثة، يتصدى له، ويحاول السيطرة عليه بكل الطرق. الجهاز المركزى للمحاسبات أو «ديوان المحاسبة» هو أحد ثمار ثورة 1919، فبرزت الحاجة إلى وجود جهاز مستقل للرقابة على الميزانية عام 1923 عندما صدر الأمر الملكى رقم 42 لسنة 1923 بوضع نظام دستورى للدولة، أشار كل من مجلسى البرلمان فى أثناء بحث ميزانية الدولة سنة 1924 إلى ضرورة وجود جهاز رقابة مستقل كما هو متبع وقتها فى فرنسا وإنجلترا، ثم عاد البرلمان ليؤيد الفكرة عند بحث ميزانية الدولة لسنة 1926، وهو نفس العام الذى قامت وزارة المالية فيه بوضع مشروع قانون أطلقت عليه «تنظيم مراقبة حسابات الدولة»، وتم عرض هذا المشروع على البرلمان فى عام 1927، إلا أن البرلمان لم يستطع بحثه والموافقة عليه، نظرا لما طرأ على الحياة النيابية من تعطيل فى ذلك الحين، وفى أوائل عام 1930 تم إعادة النظر للقانون مرة أخرى، فقام مجلس النواب ببحثه، ثم إحالته إلى لجنته المالية، حيث بحثت نصوصه، وقدمت تقريرا عنه بتاريخ 4 يونيو 1930.
مجلس النواب أقر المشروع بعد أن أدخل عليه بعض التعديلات، وأرسله إلى مجلس الشيوخ الذى لم يقره، حتى تجددت فكرة إقرار المشروع من جديد بعد إبرام المعاهدة المصرية الإنجليزية عام 1936، حيث طالبت لجنتا المالية بمجلسى النواب والشيوخ بإعادة النظر فى هذا القانون حتى جاءت وزارة النحاس باشا فى ظل حكومة الوفد عام 1942، وأنشأت ديوان المحاسبة بالقانون 52 لسنة 1942، الغريب أن هذا القانون كفل الاستقلال الكامل للجهاز أو لديوان المحاسبة، كما أطلق عليه فى هذا الوقت فنص على أن تنشأ هيئة مستقلة للمراقبة تسمى ديوان المحاسبة، ويختص هذا الديوان بمراقبة إيرادات الدولة ومصروفاتها دون استثناء أى جهة، عندما قامت الوحدة بين مصر وسوريا تم توحيد الإقليمين المصرى والسورى، وتغير اسم الديوان إلى «ديوان المحاسبات» بموجب قرار جمهورى رقم 230 لسنة 1960، ثم صدر قرار من رئيس الجمهورية رقم 129 لسنة 1964 بتغيير اسم الديون إلى الجهاز المركزى للمحاسبات، وظل هذا الاسم من وقتها حتى الآن.
أول الموضوعات التى طرحت على هذا الديوان فور إنشائه كانت قضية الأسلحة الفاسدة فى حرب فلسطين عام 1948، حيث أعد الديوان تقريرا وردت فيه مخالفات مالية جسيمة فى حق الملك فاروق نفسه، شابت صفقات أسلحة للجيش تمت فى عامى 1948 و1949م. تقرير الجهاز وقتها طالب بضرورة محاكمة الملك بتهمة جلب أسلحة فاسدة، والحصول على رشاوى وعمولات، وطالب بضرورة إلزام الملك بدفع الأموال التى حصل عليها من صفقة السلاح الفاسد إلى الخزانة العامة للدولة، وهو ما تصدت له حكومة الوفد برئاسة مصطفى النحاس، ومارست ضغطا على رئيس الديوان وقتها المحاسب محمد محمود، لحذف كل ما يتعلق بمسؤولية الملك عن المخالفات المالية من التقرير، فرفض وقدم استقالته، وهو ما فجر عاصفة من الغضب ضد حكومة النحاس باشا من الأعضاء المعارضين بالبرلمان، فقدم النائب البرلمانى مصطفى مرعى وقتها استجوابا للحكومة عن أسباب الاستقالة، وفضح فى جلسة مجلس الشعب يوم 29 مايو 1950 للمجلس المخالفات الجسيمة التى شابت صفقات الأسلحة، إلا أن حكومة النحاس بمساعدة الملك فاروق وقتها استخدمت كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لإسكات أصوات المعارضة التى أرادت فتح ملفات القضية، للوصول إلى المتورطين فيها، ومن أبرز القضايا التى كشف فيها تقرير ديوان المحاسبة مخالفات خطيرة كانت قضية صرف 5 آلاف جنيه للمستشار الصحفى لديوان الملك من مستشفى المواساة بالإسكندرية فى عام 1948 عن تصرف لم يعلمه الديوان.
عادة يترأس الجهاز المركزى للمحاسبات شخص يحظى بثقة ورضا رئيس الجمهورية ورجاله بالأساس. تتابع على رئاسة الجهاز منذ نشأته عام 1942 حتى 11 أكتوبر الماضى 15 شخصية، تضمنت وزراء ومسؤولين وأساتذة جامعة ومستشارين. غالبا ما يترأس الجهاز شخصية من خارجه، فلم يذكر تاريخ الجهاز أن ترأس الجهاز أحد من العاملين به سوى مرتين فقط. أمين عثمان باشا أول رئيس لديوان المحاسبات، كان وزيرا للمالية وأحد أبرز المقربين من الإنجليز، ترأس الجهاز فى الفترة من 1942 إلى 1943 ثم خلفه كامل صدقى باشا، وظل سنتين من 1943 حتى 1945، ثم تبعه محمد محمد محمود بن محمد محمود باشا فى الفترة من 49 إلى 1950، وهو أبرز رؤساء الجهاز، فهو الوحيد من رؤساء الجهاز الذى تقدم باستقالته، اعتراضا على عدم الأخذ بتقارير الجهاز، وهو صاحب الفضل فى كشف فضيحة الأسلحة الفاسدة عام 1948، ثم جاءت فترة أحمد محمد إبراهيم بك التى امتدت من عام 1950 حتى 1954، وعاصرت قيام ثورة يوليو 1952، ومن عام 1954 حتى 1964 تولى رئاسة الجهاز الدكتور محمد توفيق يونس، وهى أطول الفترات التى قضاها أى رئيس للجهاز فى منصبه. خلال رئاسته. تم إنشاء المقر الحالى للجهاز بصلاح سالم، وإخضاع الشركات التى تم تأميمها لرقابته، ولعام واحد من 1964 حتى 1965 شغل المنصب زكريا محيى الدين أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة، ومع رئاسته صدر القانون 129 لسنة 1964 بتسمية الجهاز بالمركزى للمحاسبات، وإضافة اختصاصات جديدة إلى جانب الرقابة على الأجهزة الحكومية والجهاز الإدارى للدولة، ومنها الرقابة على المؤسسات والهيئات التى أنشئت بعد الثورة، والرقابة على تقييم الأداء والرقابة القانونية على قرارات شؤون العاملين والرقابة على المخالفات المالية، ثم ترأس الجهاز عضو مجلس قيادة الثورة ونائب رئيس الجمهورية فى هذا الوقت حسين الشافعى عام 1965، وظل رئيسا للجهاز ونائبا لرئيس الجمهورية «6 سنوات» حتى عام 1971، ثم تلاه المهندس محمد صدقى الذى ترأس وزارة السد العالى، ثم أصبح رئيسا للوزراء قبل أن يترأس «المركزى للمحاسبات» لمدة 7 سنوات حتى عام 1977، وخلفه المهندس سمير حلمى وزير الصناعة عام 1978 حتى 6 أكتوبر 1981، حيث قتل مع الرئيس السادات فى حادثة المنصة، ثم عين الدكتور عاطف صدقى رئيسا للجهاز حتى عام 1986 ليصبح بعدها رئيسا للوزراء، ثم تولى أحد أبناء الجهاز المنصب وهو المهندس محمد عادل حسن فى الفترة من 1987 إلى 1989، وجاء بعده ابن آخر من أبناء الجهاز هو المحاسب فخرى عباس رئيس اللجنة الاقتصادية فى الحزب الوطنى، حيث ظل بالمنصب لثمانية أعوام حتى إحالته إلى المعاش 1997، بعد أن وصل إلى سن الخامسة والستين، وتلاه الدكتور شوقى خاطر، الذى كان رئيسا لجامعة طنطا فى الفترة من 1997 إلى 1999 وهو الذى أجبر على الاستقالة من الجهاز، بإيهامه بأنه سيشغل منصب رئيس الوزراء، بسبب اعتراضه على برنامج الخصخصة، ليخلفه المستشار الدكتور جودت الملط رئيس مجلس الدولة السابق، بداية من أكتوبر 1999 حتى 11 أكتوبر الماضى.
وكيل الجهاز: تقارير الملط اعتمدت على بيانات «المالية».. المشكوك فيها
وكلاء «المركزى للمحاسبات» قللوا من أهمية التقرير الذى لم يتمكن الملط من عرضه على مجلس الشعب، فقال المحاسب مصيلحى يوسف عليوة، وكيل أول الجهاز المركزى للمحاسبات إن من غرائب الدنيا أن يدخل الملط فى معركة حامية فى شهر مارس من كل عام مع وزير المالية عند عرضه تقرير الجهاز الخاص بالسنة المالية على مجلس الشعب، مشيرا إلى أن الملط يخرج ليعلن للرأى العام حجم الدين العام وحجم الإيرادات والمصروفات والفارق بينهما، مستخدما بيانات وزارة المالية فقط دون أن يكون للجهاز أى دور فى التأكد من صحة أو دقة المعلومات. مصيلحى لفت إلى أن تقرير الجهاز الأخير ذكر قيمة الفجوة بين الإيرادات والمصروفات دون أن يذكر -حسب مصيلحى- الأسباب المؤدية إلى هذه الفجوة، وإنما اكتفى بمقارنة قيمة الإيرادات إلى المصروفات لمدة عامين فقط. مصيلحى لفت إلى أن أهم ما يؤخد على التقرير أنه رصد الديون المستحقه للحكومة لدى الغير، دون أن يذكر سبب عدم تحصيلها، ومن المسؤول عن عدم تحصيلها. مضيفا أن التقرير ذكر أنه تم تغطية تلك الديون المستحقه للحكومة بالاقتراض المحلى والأجنبى، دون أن يذكر أسباب عدم تحصيل تلك الديون. وكيل «المركزى للمحاسبات» أضاف أن التقرير تطرق إلى زيادة الضرائب من عام إلى آخر، وذكر أن حصيلة الضرائب حتى 30/6/2010 وصلت إلى 170 مليار جنيه، وهى معلومة تبدو إيجابية فى ظاهرها، وإنما حقيقة الأمر -حسب مصيلحى- هى معلومة مضللة، لأن الزيادة فى الضرائب ليست زيادة تحصيل فعلى، وإنما زيادة فى الربط «المفترض تحصيله»، وهو زيادة متوقعة لا حقيقية. أهم بنود التقرير -حسب مصيلحى- هو البند الخاص بأموال التأمينات التى اقترضتها الحكومة، حيث ذكر أن إجمالى مستحقات التأمينات الاجتماعية من الحكومة 121 مليار جنيه، دون أن يذكر مصير تلك المبالغ والمسؤول عن عدم سدادها، إضافة إلى أن تقرير الملط لم يضف أموال التأمينات إلى قيمة العجز فى المصروفات والإيرادات «124ملياراً». مشددا على أن هذا يعد جريمة، ويجب فتح تحقيق عاجل فيها. مضيفاً أن الملط لم يذكر عدد تلك الصناديق ولا الجهات التابعة لها، خصوصا فى ظل وجود تقارير كثيرة فى حوزة الجهاز تكشف فسادا كبيرا فى مجمل حسابات تلك الصناديق التى تكفى أرصدتها لسداد جانب كبير من الدين الداخلى والخارجى. لافتا إلى أن كل الرقابيين يعلمون تماما أن هناك جانبا كبيرا من حسابات تلك الصناديق فى البنك المركزى المصرى باسم حساب الصناديق الخاصة قطاع مكتب وزير المالية، مشيرا إلى أن تلك الحسابات يتم الإنفاق منها بالسالب على سداد فوائد بعض الحسابات الخاصة دون الأخرى خصما من حساب الموازنة العامة للدولة.
فلوسنا بتروح فين، وبتييجى منين؟
ثمانية آلاف عضو فنى بالجهاز المركزى للمحاسبات، ما بين محاسبين ومحامين واقتصاديين وزراعيين وأطباء وتخصصات أخرى، هم المسؤولون عن الإجابة عن سؤالك.
ينقسم العمل الرقابى داخل الجهاز إلى فرعين، الأول يراقب الأداء المالى للحكومة المركزية «رئاسة الجمهورية-الوزارات الرئاسية-الهيئات القضائية-وحدات الجهاز الإدارى للدولة-وحدات الإدارة المحلية» إضافة إلى مراقبة الخطة والموزانة العامة للدولة، ويضم نحو 27 إدارة مركزية، تضم ما يزيد على 220 قطاعا، كل قطاع ينقسم إلى إدارات عامة، ثم إلى شعب «الإدارة المركزية للرقابة المالية على شؤون وزارات الدفاع والداخلية والإنتاج الحربى-الإدارة المركزية للرقابة على شؤون العاملين-الإدارة المركزية لمتابعة تنفيذ الخطة وتقويم الأداء-الإدارة المركزية للجامعات والتعليم العالى-الإدارة المركزية للأندية ومراكز الشباب والنقابات واللجان النقابية والهيئات المعانة-الإدارة المركزية للرقابة على الإيرادات....».
الفرع الثانى يراقب الأداء المالى لشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام والهيئات الاقتصادية «هيئة قناة السويس-الهيئة المصرية للبترول-هيئة ميناء القاهرة الجوى..»، والهيئات العامة «الهيئة العامة للآثار-الهيئة العامة لقصور الثقافة..»، إضافة إلى الهيئات الخدمية والشركات المشتركة-البنوك..»، وهذا الفرع يضم 36 إدارة مراقبة حسابية، مثل «إدارة مراقبة البنوك-إدارة مراقبة حسابات التأمينات والمعاشات-إدارة مراقبة حسابات البترول والثروة المعدنية-إدارة مراقبة قناة السويس-إدارة مراقبة الكهرباء-إدارة مراقبة الموانى..».
عادة ما يكون للجهاز المركزى للمحاسبات، خصوصا فرع المحاسبة، هيكل إدارى كامل بكل هيئة أو شركة يراقب عليها الجهاز، فمثلا هيئة مثل قناة السويس يوجد للجهاز فيها وحدة إدارية كاملة تضم 300 موظف يمارسون عملهم فى مراقبة حسابات الهيئة بشكل يومى من داخل الهيئة، التى يوجد لهم فيها دور كامل يضم مدير إدارة مراقبة حسابات الهيئة بدرجة وكيل أول وزارة، ونائب مدير إدارة بدرجة وكيل وزارة أيضا، إلى جانب مراقبى حسابات فئة «أ» و«ب»، ومراجعين وإداريين وكتبة وخدمات معاونة، وفى ما يتعلق بالجهات التابعة للهيئة يتعاقب عليها مراقبو الحسابات بالجهاز، لفحص ميزانيتها، كل فى نطاق اختصاصه.
لكن ما يسمى بالحكومة المركزية «رئاسة الجمهورية-دواوين الوزارات..» فغالبية الوزارات لا يوجد بها مقر رسمى لمراقبى الجهاز، فيما عدا وزارة الخارجية، التى يوجد بها مكتب رسمى لأعضاء الجهاز يضم «مديرا عاما-رئيس شعبة- مراقبى حسابات-مراجعين»، أما بقية الوزارات فيكون مقر الشعبة التى تراقب أداءها المالى داخل الجهاز المركزى للمحاسبات، وعادة ما ينتقل مراقبو الحسابات إلى تلك الوزارات مرتين أو ثلاث على الأكثر خلال العام، لمراجعة البنود المختلفة لميزانيات تلك الوزارات.
مفتشو أو مراقبو الجهاز يرفعون تقاريرهم عن الوزارات والجهات التابعة لها إلى رئيس الشعبة ثم إلى مدير الإدارة العامة ثم إلى رئيس القطاع ثم إلى الإدارة المركزية التابع لها الوزارة التى يقوم رئيسها بمخاطبة رئيس الجهة محل الفحص بالملاحظات والمخالفات التى يرصدها مراقبو الجهاز فى الوزارة أو الجهة الحكومية، يرد عليها، وفى حالة عدم الرد يتم استعجال رئيس الإدارة المركزية لرئيس الجهة الحكومية ثلاث مرات قبل أن يحيل الأمر إلى رئيس الجهاز لمخاطبة الوزير أو المحافظ المختص للرد على ملاحظات الجهاز.
مراقبو الجهاز يعدون 25 ألف تقرير سنويا عن المخالفات المالية الخاصة بكل الجهات الحكومية، يقومون بإبلاغ ممثلى الجهات الحكومية بها، أما التقارير السرية أو التى لها طابع خاص يحدده رئيس الجهاز، فلا تُبلغ من خلال وكلاء الوزارة وإنما من خلال رئيس الجهاز الذى يختص بتبليغ كل التقارير الخاصة بمجلس الشعب وبرئاسة الجمهورية وبالموضوعات الخاصة، حيث يقدم فيها تقارير سرية إلى رئيس الجمهورية مباشرة.
الغريب أن مراقبى الجهاز يقابلون بحفاوة وتعاون شديد من جانب معظم وزارات الدولة وهيئاتها إلا فى ما يتعلق بالهيئات القضائية، فحسب عدد من محاسبى الجهاز فإن المحكمة الدستورية العليا وعددا من محاكم الاستئناف ومجلس الدولة ترفض التعاون مع مراقبى الجهاز، حتى إن الجهاز، حسب المحاسبين، مُنع من الرقابة على المحكمة الدستورية العليا منذ عام 2005، عندما ذهب مراقب الجهاز إلى المحكمة وقابله رئيس المحكمة المستشار ممدوح مرعى، وقتها، وأخبره أن الجهاز المركزى للمحاسبات غير مرحب به داخل «الدستورية العليا» ولا رقابة له عليها، مراقب الجهاز وقتها نقل تلك الرسالة إلى المستشار جودت الملط، التى اعتبرها قرارا رسميا، ومنع مراقبى الجهاز وقتها من الرقابة المالية على المحكمة، شأنها شأن عدد من محاكم الاستئناف وبعض الجهات التابعة لمجلس الدولة. المحاكم ليست فقط التى مُنع مراقبو الجهاز من فحص ميزانيتها، وإنما مجلس الشعب ومجلس الشورى أيضا، حيث تم إدخال تعديلات على اللائحة الداخلية لكل منهما، بحيث تراقب فى مجلس الشعب مثلا لجنة الخطة والموازنة، التى كان يرأسها أمين التنظيم فى الحزب الوطنى المنحل أحمد عز، على ميزانية المجلس بدلا من الجهاز المركزى للمحاسبات.
رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء والرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات، جهات عَطّل الملط، بتعليمات شفهية منه، مراقبى الجهاز من الرقابة عليها منذ عام 2005، حيث أبلغ الملط وكلاء الجهاز ورؤساء الإدارات المركزية بوقف الرقابة على تلك الجهات، على خلفية قيام أحد المحاسبين بإعداد تقرير عن بدلات سفر الرئيس وزوجته وأبنائه إلى الخارج. وزارة الداخلية من الجهات التى توجد عليها رقابة من الجهاز المركزى للمحاسبات، لكنها أقرب إلى الرقابة المقننة، ففى الوقت الذى تضم فيه الشعب المسؤولة عن الرقابة المالية لكل ديوان وزارة ما يزيد على 10 أعضاء للجهاز، نجد أن الشعبة الخاصة بمراقبة حسابات وزارة الداخلية تضم محاسبة واحدة فقط، تدعى مها محمد عرفة، يوجد لها مكتب خاص داخل وزارة الداخلية منذ 20 سنة، رغم أن تلك الوزارة جعلت كل استثمارات ومصروفات الهيئات التابعة لها من خلال ديوان الوزارة، وهو ما يتطلب وجود عدد كبير من المحاسبين والمراقبين القانونيين داخل تلك الشعبة. الملط، حسب مراقبى الجهاز، عمد منذ عام 2005 إلى فرض رقابة شكلية على جهات بعينها تتمثل فى «التليفزيون-مدينة الإنتاج الإعلامى-مكتبة الإسكندرية-هيئة الاتصالات»، وذلك بإرسال عدد غير كاف من المراقبين، حتى لا يتمكنوا من الرقابة الفاعلة على الأداء المالى لتلك المؤسسات، بالإضافة إلى التنبيه على المراقبين الموجودين بتلك الأماكن بعدم كتابة تقارير عن موضوعات بعينها أو أشخاص بعينهم، كما حدث حسب مراقبى الجهاز مع المحاسبة المسؤولة عن مراقبة حسابات مكتبة الإسكندرية، حيث أعدت تقارير رصد مخالفات مالية تتعلق بسوزان مبارك -السيدة الأولى وقتها- فاستدعاها الملط ونبّه عليها بعدم تكرار ذلك.
توسعت صلاحيات «الجهاز فى عهد عبد الناصر.. وأصبحت شكلية فى عهد السادات
رغم أن الجهاز فى الحقبة الناصرية التى امتدت من عام 1954 إلى عام 1970 شهد توسيعا فى صلاحياته واختصاصاته، حيث أصبح يراقب ميزانيات جميع الشركات التى قامت ثورة يوليو بتأميمها، فإنه تعرض أيضا لسحب سلطته فى المحاكمة التأديبية للموظفين المرتكبين لمخالفات مالية وإحالتهم إلى النيابة لمحاكمتهم جنائيا فى حالة الاختلاس والتزوير، فنص دستور 1956 على عدم اختصاص الجهاز بمراجعة مشروع الميزانية أو التعديل فيها من دون موافقة الحكومة، وتم منع الجهاز من مراقبة ومراجعة جميع الحسابات التابعة للحزب الحاكم وقتها المعروف بالاتحاد القومى، ثم الاتحاد الاشتراكى، ولم يكن يجرؤ الجهاز المركزى للمحاسبات على مناقشة ميزانية هذا الحزب أو تحريك المسؤولية التأديبية أو الجنائية ضد أى مرتكب لمخالفة مالية أو اختلاس أو تبديد أو إهدار للمال العام به.
الجهاز المركزى للمحاسبات فى عهد الرئيس أنور السادات من الناحية الشكلية كان أكثر استقلالا، حيث نقلت تبعيته إلى مجلس الشعب كجهة معاونة للمجلس فى أداء دوره الرقابى، إلا أنه واقعيا لم يحقق هذا الأمر تقدما حقيقيا فى مجال إحكام الرقابة المالية، وهو ما ترتب عليه إعادة تبعية الجهاز إلى رئاسة الجمهورية.
الجهاز فى عهد مبارك، خصوصا فى آخر 10 سنوات لمبارك فى الحكم، أصبحت له شهرة واسعة، رغم أنه ليس الجهاز الرقابى الوحيد فى مصر، فالجهاز هو أحد سبع هيئات رقابية فى مصر «الرقابة الإدارية- النيابة الإدارية- الكسب غير المشروع- الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة..»، ليس بسبب دوره الفاعل فى حماية المال العام كما ينبغى، وإنما بسبب المواجهة التى كان ينتظرها المواطن البسيط فى شهر مارس من كل عام، عندما يعرض الملط بحماس تقريره عن السنة المالية المنتهية على مجلس الشعب، متضمنا تجاوزات مالية ضخمة ضد حكومات مبارك، خصوصا حكومة نظيف، يقابله برود وسخرية، أو ربما سب من رئيس الوزراء أو وزير المالية الذى سبق ووصف الملط فى عام 2009 بأنه «ممثل البنك الدولى فى مصر»، والأكثر من ذلك أنه سبق وطالب فى 2007 بالاستعانة بمكاتب محاسبة خاصة لمراقبة عدد من الهيئات بالدولة، منها الهيئة العامة للبترول، بدلا من الجهاز المركزى للمحاسبات دون أن يكون للملط أى رد فعل غير أنه يؤدى عمله فى إظهار الفساد والتصدى له، مستشهدا بتقديمه مئات بل آلاف التقارير الكاشفة عن فساد ميزانيات الحكومة لمجلس الشعب وللرئيس مبارك. الجهاز فى عهد مبارك -حسب حركة «رقابيون ضد الفساد»- كان يعمل وفقا لتقاليد معينة أرساها المستشار جودت الملط، منها عدم قدرة أى محاسب بالجهاز على المطالبة بفحص ميزانيات أى جهة تابعة لرئاسة الجمهورية ولمجلس الوزراء، وفرض رقابة شكلية على جهات مثل وزارة الداخلية التى جعل المسؤول عن فحص جميع ميزانيتها طوال ال12 عاما التى ترأس فيها الجهاز محاسبة فقط، رغم أن قواعد العمل بالجهاز تنص على عدم استمرار أى محاسب فى مراقبة جهة ما أكثر من 3 سنوات، وكذلك الحزب الوطنى، وكل الجهات التى كانت تشرف عليها قرينة الرئيس المخلوع سوزان مبارك مثل المجلس القومى للمرأة ومكتبة الإسكندرية. الملط وضع بروتوكلا فى الجهاز بموجبه يتم عرض جميع التقارير الخاصة بالوزراء والمسؤولين والموضوعات المهمة عليه قبل اتخاذ أى قرار بشأنها، وهو ما جعله -حسب أعضاء الجهاز- يحتفظ بعدد كبير من التقارير الخاصة بالمسؤولين البارزين على شاكلة أحمد فتحى سرور وأحمد عز و.. فى عهد مبارك فى مكتبه، وهو ما جعله عند صدور حكم القضاء فى 2010 ببطلان عقد بيع «مدينتى» لهشام طلعت مصطفى يصرح فى الإعلام بأن الجهاز هو أول من كشف فساد عقد «مدينتى»، فحسب «رقابيون» رصد الجهاز المخالفات الجسيمة فى عقد بيع أرض «مدينتى» لهشام طلعت مصطفى، وأعد تقريرا بذلك فى عام 2007، إلا أن الملط قام بالاحتفاظ بالتقرير فى مكتبه، ولم يظهره سوى عام 2010 بعد صدور حكم القضاء، والأمر نفسه تكرر فى عقد بيع أرض توشكى للوليد بن طلال.
«التحرير» تنفرد بنشر التقرير الذى لم يتم عرضه على البرلمان
حصلت «التحرير» على نص تقرير الجهاز «المركزى للمحاسبات»، الذى كان من المفترض أن يعرضه الملط فى شهر مارس الماضى على مجلس الشعب. التقرير الذى جاء فى 29 صفحة و15 ملاحظة ضمت 35 بندا، كشف تحت عنوان أولا، استمرار زيادة الفجوة بين الموارد «الإيرادات ومتحصلات القروض وعائد بيع الأصول» والاستخدامات الفعلية، حيث بلغت قيمتها 124.1 مليار جنيه عام 2010، فى حين أنها كانت 89.9 مليار جنيه عام 2009.
2008/2009 2009/2010 البيان
284.8مليار جنيه 271.4 مليار جنيه الموارد الفعلية
374.4 395.5 الإستخدامات الفعلية
89.9 124.1 العجز ” الفجوة “
إضافة إلى عدم دقة تصوير الحساب الختامى للدولة لحقيقة استخدامات الموازنة العامة.رصد التقرير أن حساب الديون المستحقة للحكومة لدى الغير «المتأخرات» حتى 30/6/2010 وصل إلى 111 مليارا و115 مليون جنيه، بواقع زيادة قدرها 11 مليارا و661 مليون جنيه عن عام 2009.
التقرير ذكر أن المتأخرات مستحقة لوحدات الجهاز الإدارى للدولة بنحو 57 مليارا و93 مليونا مستحقات ضرائب، و40 مليارا و322 مليونا متأخرات يمكن تحصيلها، و16 مليارا و771 مليون جنيه متأخرات لا يمكن تحصيلها، و30 مليارا و995 مليون جنيه متأخرات مستحقة لوزارة المالية لدى بعض الهيئات الاقتصادية وبعض شركات قطاع الأعمال العام والقطاع العام، إضافة إلى 2 مليار و423 مليونا متأخرات مستحقة لوحدات الإدارة المحلية، ومليار و985 مليونا متأخرات مستحقة للهيئات العامة الخدمية، التقرير ذكر أن تلك المتأخرات تمثل نسبة 89.5 من جملة العجز فى الحساب الختامى للموازنة العامة للدولة «124.1مليار جنيه»، مشددا على أن الحكومة قامت بتغطية العجز بين قيمة الموارد والاستخدامات بالاقتراض المحلى والأجنبى.
الملاحظة الثانية التى رصدها تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات الذى عرضه الملط على المجلس العسكرى بدلا من مجلس الشعب المنحل تناولت تأجيل الحكومة لسداد بعض الأعباء المالية «المبالغ الواجب سدادها» التى تخص العام المالى 2009/2010 رغم توافر مقومات صرفها حسب التقرير، مبررا بأن الحكومة تريد تخفيض العجز فى الموزانة، وهو ما يلقى بمزيد من العبء على الموازنات المالية التالية، متمثلا فى تدبير الاعتمادات المالية اللازمة لسداد هذه الأعباء، وهو ما يؤدى إلى تداخل حسابات السنوات التالية.
ملاحظة الجهاز الثالثة تناولت زيادة حصيلة الضرائب من عام إلى آخر، معتمدا على بيانات وزارة المالية.
البيان 2008/2007 2009/2008 2010/2009
الضرائب على الدخل 75٫9 89٫5 91٫3
الضرائب على المبيعات 39٫7 50٫9 55٫4
الجمارك 14٫02 14 14٫7
الضرائب الأخرى 7٫6 8٫8 9٫1
الجملة 137٫2 مليار 163٫2 مليار 170٫5 مليار
وذكر أن حصيلة الإيرادات الضريبية بلغت 170.5 مليار جنيه عام 2009/2010 بعد أن كانت 163.2 مليار جنيه فقط العام الماضى 2008/2009، وهو ما يعنى أن الإيرادات فى زيادة، حسب تقرير الملط.
وتحت عنوان مدى تطور المصروفات على الدعم عاما بعد عام، رصد تقرير «المركزى للمحاسبات» المصروف على الدعم خلال السنوات السبع الأخيرة كالتالى: 2003/2004 «10٫3 مليار جنيه» – 2004/2005 «13٫8 مليار» -2005/2006 «54٫2» مليار – 2006/2007 «54» مليار – 2007/2008 «84٫2» مليار- 2008/2009 «93٫8» مليار – 2009/2010 «93٫6» مليار جنيه
ورد بالتقرير أن المصروف على دعم المواد البترولية خلال عام 2010 وصل إلى 66.5 مليار جنيه، أما السلع التموينية فبلغت قيمة الأموال التى تدعم بها الحكومة تلك السلع 16.8 مليار جنيه.
تقرير الجهاز شدد فى هذا السياق على أن الحكومة لم تسدد مستحقات صندوقى التأمين الاجتماعى للعاملين بالقطاع الحكومى وقطاع الأعمال العام والخاص حتى 30/6/2010، التى قدرت قيمته حسب التقرير ب121.7 مليار جنيه، منها 66.7 مليار جنيه ديون لصندوق العاملين بالحكومة و55 مليار جنيه لصندوق قطاع الأعمال العام والخاص. تقرير المحاسبات رصد أيضا عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإصدار صك على الخزانة العامة للدولة لصالح الصندوقين بنحو 3 مليارات جنيه، تمثل قيمة مستحقات الصندوقين للسنوات السابقة طرف الخزانة العامة.
الملاحظة السابعة بالبيان تطرقت إلى أعباء الدين العام الحكومى الداخلى والخارجى «الفوائد والأقساط»، فذكر التقرير أنها وصلت عام 2009/2010 إلى 98 مليارا و855 مليون جنيه، قيمة الفوائد منها 72.1 مليار جنيه، فى حين أن الأقساط قيمتها 26 مليار جنيه فقط.
أما الدين العام الحكومى الداخلى والخارجى فبلغ حتى 30/6/2010 -حسب التقرير- 955.1 مليار جنيه، بزيادة قدرها 12.3 مليار جنيه عن العام الماضى، الدين الداخلى فقط قيمته 808.4 مليار جنيه، فى حين أن الدين الخارجى وصل -حسب تقرير الملط- إلى 146.7 مليار جنيه، التقرير أبدى عددا من الملاحظات حول صافى الدين العام الحكومى والخارجى، منها أن الجانب الأكبر من صافى الدين العام الحكومى الخارجى فى 30/6/2010 يتمثل فى الديون المعاد جدولتها، والبالغة 71.6 مليار جنيه، حيث تم إضافة هذه الديون لمركز الدين العام الحكومى الخارجى فى 30/6/2008 بموجب الاتفاق الذى تم بين وزارة المالية والبنك المركزى المصرى. تقرير الجهاز توصل إلى أن الدين العام الخارجى لم يتضمن قيمة القرض الموقع بين مصر وروسيا، والبالغ قيمته 7 مليارات و541 مليون جنيه، إضافة إلى وجود فروق بين المسدد من القروض الخارجية وبين الوارد بمركز الدين العام والمصروف بمسمى «أقساط القروض» بنحو 106.5 مليون جنيه.
تقرير «المركزى للمحاسبات» عن العام الماضى، الذى خلا من الملاحظات الإيجابية رصد عددا من المخالفات والسلبيات فى تنفيذ عدد من المشروعات العامة، فأكد التقرير فى صفحته رقم 16 على استمرار ظاهرة عدم كفاية ودقة وسلامة الدراسات الأولية ودراسات التربة ودراسات الجدوى السابقة على بدء تنفيذ المشروعات الحكومية، إضافة إلى عدم جدية المستثمرين المصريين والأجانب وعدم استفادة الناتج القومى من بعض الزراعات القائمة لصالح المستثمرين العرب والأجانب واستنزاف مياه الخزانات الجوفية لصالح تلك الزراعات. التقرير ذكر أن هناك تأخرا فى تنفيذ بعض أو معظم الأعمال فى بعض المشروعات لعدة سنوات، وصلت إلى 16 سنة فى بعض المشروعات، مشددا على وجود مشروعات لم تحقق الهدف منها ومشروعات أخرى بها أخطاء وعيوب جسيمة تصميمية وفنية وبيئية. وحدد التقرير المشروعات التى تظهر فيها بوضوح تلك السلبيات ب«مشروع فوسفات أبو طرطور- شركة سيناء للفحم- إنشاء ترعة الصف- القومى للصرف المغطى- شرق العوينات- درب الأربعين بمحافظة الوادى الجديد- قنظرة فم وهويس الرياح التوفيقى- وادى الصعايدة بمحافظة أسوان- وادى النقرة- شرق السويس- غرب السويس- المشروعات الكبرى المقامة على نهر النيل وفرعيه- شمال بحر وهبى بالفيوم- الحسينية بالشرقية- قوته بالفيوم- شمال مطوبس بكفر الشيخ- استصلاح 42 ألف فدان بمنطقة الحمام والضبعة والعلمين بالساحل الشمالى الغربى- المشروعات الزراعية التابعة للهيئة العامة لتنمية بحيرة السد العالى بأسوان- توسعات الصرف الصحى بالغردقة- الصرف الصحر برفح- طريق القسيمة (الكونتلا) رأس النقب بطول 150 كيلو- توسعات محطة معالجة الصرف الصناعى بعتاقة»، إضافة إلى بعض المشروعات القومية مثل توشكى وتنمية شمال سيناء. تقرير «المركزى للمحاسبات» أفرد صفحتيه رقم 18و19 للحديث عن ملاحظاته حول عدم الاستخدام الحكومى الأمثل للقروض والمنح الخارجية، وتراخى جهات التنفيذ فى الانتهاء من تنفيذ المشروعات الممولة من القروض الأجنبية.تقرير الجهاز -الذى ننفرد بنشر أهم بنوده- أفرد البند الخامس والثلاثين منه للحديث عن حسابات الصناديق الخاصة، فذكر تحت عنوان «المآخذ والمخالفات التى شابت حسابات الصناديق الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص» أن هناك ثمة مخالفات شابت أعمال الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص بلغت جملة ما أمكن حصره من آثار مالية تناولتها تلك الملاحظات نحو 8 مليارات و870 مليون جنيه، تم تصويب ملاحظات وإزالة آثارها، بلغت نحو 123 مليون جنيه، وجار متابعة ملاحظات بنحو 8 مليارات و747 جنيها، تقرير «المركزى للمحاسبات» ذكر أن أهم الملاحظات هى:
- حرمان بعض الصناديق والحسابات الخاصة من جانب من مواردها، نتيجة عدم تحصيل مستحقاتها طرف بعض الجهات، أو تحصيلها بأقل مما يجب أو تعليتها بالحسابات الجارية الدائنة.
- استخدام جانب كبير من أموال بعض الصناديق والحسابات الخاصة فى غير الأغراض التى أنشئت من أجلها، وتحميلها بأعباء دون مبرر بالمخالفة لأحكام القوانين والقرارات الصادرة فى هذا الشأن، تم صرفها على شراء الهدايا والدعاية والإعلان ومكافآت وبدلات وشراء تجهيزات لبعض المكاتب.. فضلا عن صرف بعض المبالغ دون وجود مؤيدات لذلك.
- ضعف الرقابة على أموال بعض الحسابات والصناديق الخاصة، نتيجة عدم وجود الدفاتر والسجلات اللازمة لتسجيل ما يتم تحصيله وصرفه من تلك الأموال.
- استمرار عدم الاستفادة من بعض الوحدات السكنية بوحدات الإدارة المحلية التى تم الانتهاء من تنفيذها منذ فترات طويلة، نتيجة عدم ربطها بالمرافق العامة، مما أدى إلى حرمان حساب الإسكان الاقتصادى من جانب من موارده المتمثلة فى أقساط تمليك هذه الوحدات.
تقرير الجهاز تطرق إلى استخدامات الموازنة العامة للدولة خلال العامين الماليين 2008/2009 و2009/2010
النسبة إلى الإجمالى الجملة
2008/2009
النسبة إلى الإجمالى الجملة
2009/2010
التقسيم الوظيفى
28٪ 104 مليارات و872 مليونا 33٫7٪ 133 مليارا و434 مليون جنيه خدمات عامة
6٪ 22 مليارا و530 مليونا 6٪ 237 مليارا و98 مليونا الدفاع والأمن القومى
4٫3٪ 16 مليارا و169 مليونا 4٫6٪ 182 مليارا و91 مليونا النظام العام وشؤون السلامة
6٫3٪ 23 مليارا و597 مليونا 6٫8٪ 269 مليارا و95 مليونا الشؤون الاقتصادية
0٫3٪ مليار و258 مليونا 0٫3٪ مليار و369 مليونا حماية البيئة
4٫9٪ 18 مليارا و464 مليونا 5٫2٪ 20 مليارا و679 مليونا الإسكان والمرافق المجتمعية
4٫2٪ 15 مليارا و834 مليونا 4٫4٪ 17 مليارا و391 مليونا الصحة
3٫7٪ 13 مليارا و810 ملايين 3٫8٪ 14 مليارا و841 مليونا الشباب والثقافة والشؤون الدينية
10٫7٪ 40 مليارا و5 ملايين 11٫4٪ 45 مليارا و68 مليونا التعليم
31٫6 118 مليارا و185 مليونا 23٫7٪ 93 مليارا و659 ميلون جنيه الحماية الاجتماعية
لفت تقرير المحاسبات إلى أن هناك 28 هيئة اقتصادية من مجمل 50 هيئة حققت فائضا فى العمليات الجارية جملته 51.1 مليار جنيه خلال السنة المالية 2009/2010 استحق للحكومة منها نحو 26.4 مليار جنيه، أسهمت فيه هيئة قناة السويس بنحو 12.6 مليار جنيه والهيئة المصرية العامة للبترول ب12 مليار جنيه، وباقى الهيئات 1.8 مليار جنيه، فى حين أسفرت نتائج أعمال 15 هيئة اقتصادية عن عجز فى عملياتها الجارية بلغت جملته نحو 3.7 مليار جنيه. تقرير «المركزى للمحاسبات» أفرد صفحاته رقم 25 و26 و27 للحديث عن الهيئة المصرية العامة للبترول، فذكر التقرير أن الحساب الختامى للهيئات العامة الاقتصادية ورد به أن الدعم المقدم من وزارة المالية للهيئة المصرية العامة للبترول عن العام المالى 2009/2010 بلغ 63 مليار جنيه، وأن صافى الربح للهيئة نفسها قبل الضرائب 24.8 مليار جنيه، وهو ما يعنى أن صافى الدعم قيمته 38.2 مليار جنيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.