فى شهر مايو 2008، كتبت فى صحيفة الدستور (الأصلى) مقالا جاء فيه: «إن عقد تصدير الغاز الطبيعى إلى الكيان الصهيونى بأسعار تقل كثيرا جدا عن الأسعار العالمية، ولمدة تصل إلى عشرين عاما، هذا الاتفاق يعد جريمة متكاملة الأركان، وكل من شارك أو وافق على هذه الجريمة لا بد أن يقدم إلى المحاكمة القضائية أو المحاكمة الشعبية. وإذا لمن تمكن فى الظروف الآنية من تقديمهم جميعا إلى محكمة تعيد للشعب حقوقه المسلوبة، فلا بد من الدعوة والإعداد والتحضير لمحاكمات قضائية عادلة -ستجرى فى يوم قريب إن شاء الله- لكل من تواطأ فى هذه الجريمة، سواء من وافق أو ساهم أو شارك أو صمت على سرقة شعبنا الفقير». هكذا كان الأمر واضحا للغاية -ومنذ سنوات- فى جريمة تصدير الغاز لأعداء الوطن، ومن ثم فمهما حاول البعض الآن أن يحمى هؤلاء الخونة، فمحاكمتهم قادمة بإذن الله. وفى شهر يوليو الماضى كتبت هنا مقالا بعنوان «لغز الغاز»، بدأ هكذا: «ثمة أسباب كثيرة جدا دفعت المصريين إلى الثورة على نظام حكم عائلة مبارك، وإذا أردنا أن نبحث فى هذه الأسباب جميعا، فلن تكفينا كل صفحات هذه الصحيفة! ومن ثم سنتوقف الآن عند سبب واحد من أسباب الثورة، وهو علاقة مبارك ونظامه الفاسد مع العدو الصهيونى. على الرغم من أن النظام الساقط، كان كثيرا ما يتحدث عن حسنى مبارك باعتباره قائد الضربة الجوية، الذى فتح الطريق بسلاح الطيران أمام قواتنا المسلحة لتحقيق انتصارنا العظيم فى حرب أكتوبر المجيدة. فإن المواقف العملية لنظام الحكم تجاه حكومات إسرائيل المتعاقبة، كانت فى غاية التراجع والتخاذل بل والانبطاح الكامل.. والآن لنا أن نتساءل عن سر تصدير الغاز لإسرائيل، بعد ما هرب حسين سالم، وتخلصنا من حسنى مبارك وعائلته، ومن عمر سليمان المنسق العام مع إسرائيل، ثم تخلصنا أيضا من أحمد شفيق وتاريخه؟ وقد تكرر تفجير خط الغاز الواصل إلى إسرائيل، فبعد الثورة، وقبل رحيل المخلوع بدأ تفجير خط الغاز، يفجر ثم يتم إصلاحه، ويعود الغاز إلى إسرائيل، أربع مرات متتالية! فمن يا ترى يقف وراء وصول الغاز المصرى إلى إسرائيل؟». وها نحن الآن قد وصلنا إلى سابع عملية تفجير لخط تصدير الغاز إلى إسرائيل! دون أن يدرك القادة فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ضرورة اتخاذ قرار فورى بإيقاف هذا الاستنزاف لثروات الوطن، خصوصا بعدما قال مجدى توفيق رئيس شركة «جاسكو»: إن «القوة القهرية» تجنب الحكومة أى تعويض قد يطالب به مستوردو الغاز، كما أنها «غالبا» تعفيها من التعويضات تحت ظروف تدعو إلى إنهاء تعاقدات التصدير الذى يتم وفقا لتعاقد فاسد أبرم خلال حكم الرئيس المخلوع، وبأسعار زهيدة للغاز، وغير مجزية لمصر، وأن ثورة يناير تمثل «قوة قهرية»، فضلا عن وجود حكم قضائى أصدرته المحكمة الإدارية العليا بوقف تصدير الغاز لإسرائيل. والحقيقة إن موقف المجلس العسكرى المتخاذل أمام إسرائيل لا يختلف عن موقف مبارك ونظامه الساقط، وهذا ما يثير الحزن والأسى، بل ويثير الضيق والغضب، فثمة حكم محكمة عليا بوقف تصدير الغاز إلى إسرائيل، وهذا الحكم واجب النفاذ، ويجب تنفيذه فورا.