ليلة هادئة عاشتها العاصمة لندن والمدن الإنجليزية التى شهدت أسوأ موجة أعمال شغب ونهب وإحراق فى تاريخها منذ عقود، لكنها لم تكن كذلك داخل أروقة السياسيين، الذين طالتهم وأمسكت بهم ألسنة لهب لن تنطفئ بسهولة. فحزب العمال البريطانى المعارض استغل موجة الانفلات التى اجتاحت شوارع لندن، لتوجيه الانتقادات إلى خطط التقشف التى اعتمدتها حكومة ديفيد كاميرون، التى أدت -بحسب عدد منهم- إلى التفاوت فى الخدمات العامة بين الناس، وانتشار البطالة بين الشباب، وأزكت عوامل العنف فى لندن وبرمنجهام ومانشستر وغيرها طوال الأيام الماضية، وهو ما أدى فى النهاية لاعتقال نحو 1200 شخص. وبالمثل انتقد إد ميليباند، زعيم المعارضة فى مجلس العموم البريطانى، خطط كاميرون لخفض تمويل الشرطة، مما أدى لقصورها فى مواجهة تلك الاضطرابات، فى حين أعلن هيو إورد، رئيس رابطة ضباط الشرطة، أن هناك استياء داخل أوساط الشرطة، لأنه يتم تصويرهم على أنهم فاسدون يحتاجون لفرز، ويجب خفض التمويل لهم. ديفيد كاميرون حاول دحض كل تلك الانتقادات فى خطابه مساء أول من أمس (الخميس) بمجلس العموم البريطانى، حيث دافع عن خطط التقشف قائلا: «ما حدث لا يتعلق بالفقر، وإنما بالثقافة التى تعظم العنف وتظهر عدم الاحترام للسلطة، وتقول كل شىء عن الحقوق دون أن تتحدث عن المسؤوليات، فعندما تكون هناك سقطات أخلاقية عميقة يجب أن لا نرجعها إلى حاجز الأموال». كما أنه رد على مسألة تخفيض تمويل الشرطة، منتقدا أسلوب تعاملها مع الاحتجاجات: «لقد استخدموا تكتيكات غير ناجحة، وعددهم كان صغيرا للسيطرة على أى أعمال شغب»، أما ورقة التعويضات، فلم يتركها كاميرون من يده، حيث استخدمها لكى يخرس أصوات المعارضة، مشيرا إلى أنه سيتم دفع تعويضات لكل من تضررّت منازلهم أو متاجرهم فى أعمال الشغب، حتى لو لم تكن خاضعة للتأمين، ومن المتوقع أن يكلف ذلك الحكومة أموالا طائلة.