على الكرسى نفسه الذى جلس عليه عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، ليؤكد أن «التعليم كالماء والهواء حق لكل إنسان»، يجلس الآن الدكتور أحمد جمال الدين موسى وزير التربية والتعليم، ليُعيد إنتاج أفكار حكومات رجال الأعمال السابقة، والتعامل مع التعليم باعتباره سلعة وخدمة بمقابل. مشروع نظام الثانوية العامة الجديد، أثار انتقادات خبراء التعليم، واتهامهم الوزير بأنه جاء ليخرّب ما تبقى من المنظومة التعليمية لصالح المستثمرين فى مجال التعليم. «بوابة خلفية لإلغاء مجانية التعليم»، توقع من الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوى والباحث بالمركز القومى للبحوث التربوية، لحال مشروع الثانوية العامة الجديد، الذى وصفه بأنه «كارثة تستكمل سياسة نظام مبارك فى تدمير وتخريب التعليم»، منتقدا تعدد وتناقض مشروعات الثانوية العامة خلال السنوات الماضية، مما حوّل الطلاب إلى حقل تجارب للأفكار المستوردة وغير المدروسة، بهدف صرف الشعب عن قضايا وأزمات التعليم الحقيقية، مثل انعدام الإمكانيات فى التعليم الفنى، وتمركز 65% من طلاب الثانوية فى التعليم العام، و35% فقط فى الفنى. مغيث رفض فكرة إقرار اختبارات القدرات للالتحاق بالجامعات، محذرا من أنها ستفتح بابا أوسع للوساطة والمحسوبية والرشاوى والمجاملات، لافتقاد الوزارة المعايير الناضجة لتطبيقها، مشددا على أننا نحتاج إلى أكثر من خمس سنوات على الأقل لنضمن شفافية التطبيق. واعترض مغيث أيضا على فكرة اعتبار شهادة الثانوية منتهية بعد خمس سنوات، فى حال عد الحصول عليها، مبررا ذلك بأن دول العالم تعمل على مبدأ إطالة مدى وتعدد فرص التعليم. العضو المؤسس ورئيس اللجنة النقابية لاتحاد معلمى مصر عبد الناصر إسماعيل، حذر من أن الهدف الرئيسى من المشروع الجديد هو فتح باب الاستثمارات فى مجال التعليم الجامعى، بما يضر مصالح وحقوق أبناء الفئات الفقيرة، بعد خفض الإنفاق الحكومى على التعليم، كمرحلة لإلغاء مجانية التعليم، وهو المشروع المرتبط بالمشروع الدولى لتجارة الخدمات. مشيرا إلى أن تقسيم الثانوية العامة إلى مجموعات لا تؤهل الطلاب إلى العمل فى أى مجال، وكأنهم يسعون لتحويل شهادة الثانوية إلى شهادة «محو الأمية». إسماعيل قال إن الضغوط الاقتصادية على الجامعات، هى التى دفعت إلى طرح هذا المشروع الجديد، لافتا إلى أن تطبيق النظام الجديد يحتاج إلى تغيير الثقافة المجتمعية لقبول فكرة «إقراض الطالب» المطبقة فى أمريكا على سبيل المثال، بحيث يقترض الطالب من البنوك لسداد تكلفة تعليمه.