الإسلاميون بعد الثورة ليسوا من كانوا قبلها، شعارهم «لا وقت»، شعارهم «الوقت كالسيف». الدعوة السلفية كانت من هؤلاء، إذ وجدت فى عيد الأضحى فرصة سانحة للإجابة عن عديد من الأسئلة التى تدور فى ذهن رجل الشارع، أهمها: هل هى جماعة دعوية أم سياسية، وما أهدافها؟ السلفيون أجابوا عن أسئلة المواطنين البسطاء فى عيد الأضحى بتأكيدهم أنهم جماعة من أبناء هذا الوطن، وأنهم بحسب رسالتهم «رضينا بالله ربًّا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا، ندعو إلى الله سبحانه، إلى عبادته والإيمانِ به، تحقيقا لقوله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) متبعين الرسول الذى جاء بالإسلام كدين شامل كامل ينظّم حياةَ الفرد والأُمَّة والدولة؛ فى الظاهر والباطن، فى العقيدة والعبادة والمعاملة والخلق والسلوك». أهداف الدعوة السلفية واضحة فهم يقولون: نريد العودة إلى الإسلام كما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم أبيضَ نقيّا بلا شوائبَ ولا بدع كما فهمه وطبّقه السلف الصالح من أصحاب رسول الله ومَن تبعهم بإحسان، الذين نحبهم ونتولاهم ونبغض مَن يبغضهم وبغير الخير يَذكُرهم. ونريد استئناف حياة إسلامية لبلادنا ولكل المسلمين فى الأرض لتحقيق الإسلام والإيمان والإحسان. ففى العقيدة والإيمان: ندعو إلى توحيد الله سبحانه بتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فى ربوبيته ولا شريك له فى الهيئة ولا كفءَ له فى أسمائه وصفاته وأفعاله، فهو وحده المتفرد بالخلق والرزق، وهو وحده الذى له الأمر والحكم فلا نرضى أبدا بحكم يخالف شرعَه الذى أوحاه إلى النبى محمد خاتمِ النبيين، ونحارب البدع كلَّها، ونسعى إلى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة فى الأمة كلِّها، وكذا صوم رمضان والحج، وندعو إلى تجنب الحرام فى المعاملات والأعمال، فلا بد أن تُضبَط الدنيا بالدين، فنرفض الربا ومنه فوائد البنوك الربوية والرشوةَ التى دمرت المجتمع، والميسرَ والخمر ولحم الخنزير والميتة والأصنام. الأقباط كانوا فى الصورة إذ يرونهم من أهل الكتاب، وحقَّهم أن لا يُكرِهَهم أحدٌ فى دينهم (لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىِّ) وهم جزء من المجتمع له حقوقه وعليه واجباته كما شرع الله لهم فى أحوالهم الشخصية مِن زواج وطلاق ونحوه أن يتحاكموا إلى شرائعهم ما داموا لم يختلفوا، «فإذا اختلفوا واحتكموا إلينا حكمنا بينهم بشرع الله، كما لا يُمنعون من ممارسة شعائرهم فى بيعهم وكنائسهم ولا مِن أكل ما اعتقدوا حِلَّه كخنزير أو خمر على أن لا تكون فى الأسواق والأماكن العامة، ونأمر بالعدل معهم والبر والإحسان لمن لا يحارب المسلمين فى الدين، ونرى جواز البيع والشراء والإجارة والشركات والمضاربات وسائر الأنشطة التى أحلها الله، ولهم دورهم فى بناء المجتمع والدولة، وهم مسؤولون عن ذلك مع المسلمين وإن لم يتولوا الولايات العامة التى تهدف إلى إقامة الدين، فلا يُتصوَّر أن يتولاها مَن لا يؤمن بهذا الدين، ونحفظ حرمةَ دمائهم وأعراضهم، وندافع عنهم كما ندافع عن المسلمين فى ذلك كله». الدعوة السلفية قالت: مرجعيتنا فى المشاركة السياسية الشريعةُ الإسلامية التى نريد المحافظة على هُوية الأمة بالتمسك بها وتفعيلها، حتى تتحول كلُّ التشريعات إلى ما يوافق الوحى المنزَّل على رسول الله، ووسيلتُنا فى تحقيق ذلك ما أمر الله به من التعاون على البر والتقوى، وجماعتُنا ترى لزومَ ذلك والاجتماعَ عليه فى كل المجالات بما فى ذلك مجال المشاركة السياسية من خلال الأحزاب التى تقوم على مرجعية الشريعة وتتعاون معا لتحقيق الهدف المنشود. الإعلام كان له نصيب إذ يرون ضرورة أن يكون واعيا يقوم على الصدق والأمانة وتوضيح الحقيقة ومحاربةِ المبادئ المخالفة للشرع والشهوات المغوية والشبهات المضِلّة، والنظام القضائى يرونه نظاما عادلا يقوم على القسط الذى شرعه الله، وجزءٌ منه نظام العقوبات الإسلامى مِن حدود وردت فى كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) بضوابطها الشرعية وتعزيرات لردع المفسدين، وهذه كلها لا تخيف أحدا مِن أهل الخير والصلاح بل بها تقوم السماوات والأرض، لأنها العدل وليس ما اخترعه البشر من عقوبات أو قضاء بخلاف الشرع الذى ما جرَّ على الناس إلا مزيدا من الفساد للمجتمع ونشرَ الظلم والمنكر فيه. وعن النظام الاقتصادى يرون ضرورة أن يهدف إلى تحقيق التكافل بين الطبقات الاجتماعية بلا غنى مطغٍ ولا تسليطٍ لرأس المال، ولا فقرٍ مُنسٍ يقهر الطبقات الفقيرة الكادحة، بل يجد كلُّ واحد كفايتَه ويتقاسم الناس فيه الخير والرخاء والثروات بنظام الزكاة، ويتجنب النظام الربوى وأنظمةَ الميسر والقمار المتفرعةَ عنه. كما يحافظ على الملكية الخاصة ويمنع مصادرة الأموال بغير حق ما دام اكتسبها صاحبُها بالحلال مهما بلغت وأدى ما عليه، كلُّ هذا مع الانفتاح على العالم. وفى السياسة الخارجية وفى مجال الحرب والسلم شددوا على ضرورة تقوية الجيش الذى يدافع عن الدين والبلاد والعباد، ويحافظ على الكرامة، كما نفِى بالعهود والمواثيق ولا نغدر ولا نخون. وفى النظام الاجتماعى يدعمون المحافظة على الأسرة، وأكدوا حق المرأة والضعيف كما ورد فى الشرع لا على حسب أهواء الغرب ومنظماته الهادمة لمبادئ الشريعة.