الإسكان تحدد مواعيد تقنين الأراضى بمدينة العبور الجديدة الإثنين المقبل    هجوم روسي على كييف: أصوات انفجارات ورئيس الإدارة العسكرية يحذر السكان    وزير الأوقاف ناعيًا الحاجة سبيلة عجيزة: رمز للعطاء والوطنية الصادقة    انتهاء مهلة إنذار معالى للزمالك.. واللاعب يبدأ إجراءات فسخ تعاقده    سموحة يغلق الباب أمام رحيل اللاعبين فى يناير ويرفض ضم صفقات جديدة    أزمة مياه بالجيزة.. سيارات شرب لإنقاذ الأهالي    ترامب يعلن بدء استهداف تهريب المخدرات ويكشف عن اتصالات مع مادورو    ترامب: لقاء ويتكوف وكوشنر مع بوتين أظهر رغبة روسيا في إنهاء الحرب    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق النار شرق جباليا شمال قطاع غزة    ضياء رشوان: موقف مصر لم يتغير مللي متر واحد منذ بداية حرب الإبادة    ضياء رشوان عن مزاعم الاحتلال بفتح معبر رفح للخروج من غزة: شيء لا أساس له في الواقع    الطب البيطري: ماتشتريش لحمة غير من مصدر موثوق وتكون مختومة    محافظ سوهاج يشيد بما حققه الأشخاص ذوي الهمم في يومهم العالمي    تشيلسي يسقط بثلاثية أمام ليدز يونايتد في البريميرليج    إنتر ميلان يكتسح فينيزيا بخماسية ويتأهل لربع نهائي كأس إيطاليا    زلاكة يغيب عن بيراميدز في مواجهة بتروجت.. اعرف السبب    أهلي بنغازي يتهم 3 مسؤولين في فوضى تأجيل نهائي كأس ليبيا باستاد القاهرة    موعد مباريات اليوم الخميس 4 ديسمبر 2025| إنفوجراف    ظهور تماسيح يثير ذعر الأهالي في الشرقية وتحرك عاجل من المحافظة (فيديو وصور)    استئناف المتهمة في واقعة دهس «طفل الجت سكي» بالساحل الشمالي.. اليوم    بالأسماء.. إصابة 8 أشخاص في حادث تصادم ب بني سويف    وزير الثقافة يُكرّم المخرج خالد جلال في احتفالية بالمسرح القومي.. صور    بلاغ للنائب العام ضد أحمد مراد بتهمة إزدراء الأديان    استشاري يحذر: الشيبسي والكولا يسببان الإدمان    تصادم موتوسيكلات ينهى حياة شاب ويصيب آخرين في أسوان    العناية الإلهية تنقذ أسرة من حريق سيارة ملاكى أمام نادى أسوان الرياضى    حبس 4 عمال بمطعم لاتهامهم بسرقة أجنبي داخل شقته بالشيخ زايد    ألمانيا والنقابات العمالية تبدأ مفاوضات شاقة حول أجور القطاع العام    مصر تستورد من الصين ب 14.7 مليار دولار في 10 أشهر من 2025    آثار القاهرة تنظم ندوة علمية حول النسيج في مصر القديمة واتجاهات دراسته وصيانته    ياسمين الحصرى ل معكم: أتمنى أن يقبل الله عملي وينالني شفاعة النبي    الشباب والرياضة: نتعامل مع واقعة وفاة السباح يوسف بمنتهى الحزم والشفافية    هل الفراخ السردة غير صالحة للاستهلاك الآدمي؟ شعبة الثروة الداجنة توضح    غرفة عمليات حزب المؤتمر تصدر البيان الختامي لليوم الأول للدوائر الملغاة بانتخابات النواب    «هل عندي وقت ؟»| أحمد فهمي يحسم جدل تورطه في فيديو يسيء لأسرة هنا الزاهد    حلمي عبد الباقي: لا أحد يستطيع هدم النقابة وكل ما يتم نشره ضدي كذب    أكرم القصاص ل إكسترا نيوز: ضمانات الانتخابات أعادت الثقة للناخبين    رئيس جامعة المنوفية وأمين عام الأعلى للجامعات يطلقان فعاليات مؤتمر خدمة المجتمع    بدء تحصيل الزيادة الجديدة في قانون الإيجار القديم من ديسمبر... اعرف قيمتها    مها محمد: كوليس ورد وشيكولاتة أجمل من التصوير    قرارات جديدة تعزز جودة الرعاية الصحية.. اعتماد 19 منشأة صحية وفق معايير GAHAR المعتمدة دوليًا    لأول مرّة| حماية إرادة الناخبين بضمان رئاسى    هل يجوز التصدق من أرباح البنوك؟| أمين الفتوى يجيب    هل يعتبر مريض غازات البطن من أصحاب الأعذار ؟| أمين الفتوى يجيب    الخامس في قنا.. القبض على " قرموش" لشراء اصوات الناخبين    مياه الشرب بالجيزة: كسر مفاجئ بخط مياه قطر 1000 مم أمام مستشفى أم المصريين    في يومهم العالمي.. 5 رسائل من الأزهر لكل أسرة ترعى طفلا من ذوي الإعاقة    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    وكيل لجنة مراجعة المصحف ورئيس منطقة الغربية يتفقدان مسابقة الأزهر السنوية لحفظ القرآن الكريم    انعقاد الاجتماع الرابع للجنة الفنية المصرية – التونسية للتعاون الاستثماري    الأرصاد: استمرار انخفاض درجات الحرارة الملحوظ على مختلف أنحاء البلاد.. فيديو    السيدة انتصار السيسي تحتفي بيوم أصحاب الهمم: قلوب مليئة بالحب    الصحة تعلن ضوابط حمل الأدوية أثناء السفر| قواعد إلزامية لتجنب أي مشكلات قانونية    أطعمة تعالج الأنيميا للنساء، بسرعة وفي وقت قياسي    لاول مرة فى مستشفي شبين الكوم بالمنوفية..استخراج ملعقة من بطن سيدة مسنة أنقذت حياتها    مجلس حكماء المسلمين يشارك بجناح خاصٍّ في معرض العراق الدولي للكتاب 2025    توافد الناخبين للتصويت في جولة الإعادة بانتخابات النواب بالإسكندرية| صور    «الوطنية للانتخابات»: إعادة 19 دائرة كانت قرارًا مسبقًا.. وتزايد وعي المواطن عزز مصداقية العملية الانتخابية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ رفعت “1′′
نشر في التحرير يوم 12 - 08 - 2011


(1)
«يا بوى يا عم الشيخ رفعت».. صوت أحد مريدى الشيخ، تستطيع أن تميزه بسهولة فى تسجيل سورة «مريم».. لعله الشخص نفسه الذى انتحر يوم جمعة عام 1943.. بعدما احتبس صوت الشيخ رفعت ولم يستطع مواصلة التلاوة.
فى هذا اليوم، وفى مسجد فاضل باشا بالجماميز، حيث تعود شيخنا أن يتلو ما تيسر من قرآن الجمعة.. وصل إلى سورة «الكهف» آية «واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا».. فغص صوته واحتبس فى كلمتين أو ثلاث.. وقاوم «الزغطة» التى غص بها حلقه، وقرأ ما سمحت به نوباتها المتكررة.. ثم سيطرت «الزغطة» على الموقف وملأت حلق الشيخ وحبس صوته تماما.
أحنى الشيخ العظيم رأسه جريح القلب لا يدرى ماذا يصنع، ثم أخرج من جيبه زجاجة صغيرة بها سائل أحمر (دواء)، فأطاعه صوته فى آيتين أو ثلاث.. ثم قهره الداء وتوقف حائرا لبعض الوقت.. ثم غادر مجلسه تاركا إياه لشيخ آخر..
انفجر الناس فى المسجد باكين، وعلا نحيب المقرئين الشبان الذين كانوا يلتفون حول الشيخ رفعت لسماعه فى كل جمعة والتعلم منه.
وذاع الخبر.. انتهى الشيخ رفعت وقهره المرض.. ولن يستمع له أحد مرة أخرى.
انتهى صوت الشيخ رفعت من مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز.. ولم يدر الناس كم من الوقت مضى منذ أن اعتلى شيخنا منبر هذا المسجد حتى نزل من عليه مكسورا أمام المرض اللعين، الذى ترك كل شوارع الجسد ليستقر فى النهاية فى حنجرة محمد رفعت.
(2)
كان عند مولده بصيرا.. وكان طفلا تروى عنه الأساطير، لأنه الأجمل فى حى المغربلين، وكان أجمل ما فيه عينيه.. أما والده محمود رفعت، وكان مأمورا لقسم الساحل، فقد أحبه لدرجة كبيرة، حتى إنه كان لا يتركه ليمشى على قدميه، بل يحمله على كتفه.
فجأة أصيب هذا الصبى بالرمد، وتمكن من بصره، ولم يكن هناك بد من إجراء عملية جراحية.. فقد بصره بعد إجراء العملية، وهو فى الثالثة من عمره، فذهب به والده إلى أحد مشايخ المغربلين ليحفظه القرآن.. فأتم حفظه فى التاسعة من عمره.. فى الوقت نفسه توفى والده وتركه مسؤولا عن إعالة أسرة بأكملها.. ففوجئ الطفل بأنه لا يملك مصدرا للرزق سوى ما يحفظه ويُحفظّه أيضا..
فانطلق صوته من ليالى المآتم وأصبح مطلوبا دوما لجمال صوته وصغر سنه وقلة أجره.. وبدأ فى الوقت نفسه يتعلم فن التجويد والقراءات السبع على يد أستاذيه: الشيخ محمد البغدادى، والشيخ السمالوطى، الذى أصر على أن يعلم شيخنا محمد رفعت الموسيقى وعزف العود، لتهذيب إحساسه بموسيقى كلام الله.
وعندما استشعر شيخنا حلاوة صوته ودفأه، أنشد فى محطات الإذاعة الأهلية «أراك عصى الدمع»، و«حقك أنت المنى» و«بحق هواك يا من أنت عمرى».. وبدأت تلوح فى الأفق رايات الإعجاب والانبهار بصوت الشيخ رفعت.
(3)
فى عام 1934 أنهيت خدمة المحطات الأهلية، وبدأ أول بث للإذاعة اللا سلكية الحكومية، وأرسل محمد باشا زيادة للشيخ رفعت يطلب منه أن يقدم تلاوة قرآنية بصوته مرتين فى الأسبوع، ليصبح بذلك أول مقرئ يدخل الإذاعة ويتلو فيها القرآن على الهواء مباشرة.
فى بادئ الأمر رفض شيخنا هذا العرض، ولم يبد الأسباب، لكن أمام إصرار مدير الإذاعة، طلب منه شيخنا مهلة لمدة أسبوعين لاستشارة رأى علماء الدين فى التعامل بكلام الله مع الأجهزة الحديثة.. واتضح أن الشيخ رفعت كان يخشى التسجيل لخوفه من أن يمس شخص غير طاهر الشرائط.. لكن المشايخ أقنعوه بأن مسؤولية الطهارة لا تقع على حامل الأسطوانة، لكنها تقع على القارئ والمستمع..
وبناء على رأى علماء الدين وافق شيخنا على أن يقوم بالتلاوة فى الإذاعة مرتين أسبوعيا.. مساء يومى الثلاثاء والجمعة.. و«أجارك الله».. كان الناس يلتفون حول جهاز الراديو فى كل مكان بمصر فى ميعاد التلاوة.. وكان أصحاب المقاهى يزيدون عدد الكراسى لاستيعاب كل المستمعين، ومع ذلك كان الجمهور وقوفا أكثر، لدرجة الاستعانة بالشرطة، تحسبا لخروج مظاهرات من المقاهى تهتف ضد الإنجليز بعد الشحنة التى حصل عليها المستمعون.. فالحكام عادة كانوا يخشون كل ما يحرك آدمية المحكومين.
فى هذا الوقت كان محمد رفعت يتقاضى ثلاثة جنيهات فقط عن تلاوة ساعة كاملة.. وبدأت شهرته تذيع فى الوطن العربى، لدرجة أنه خلال الحرب العالمية الثانية كانت إذاعات لندن وباريس وبرلين تذيع قراءاته لجذب المستمعين إليها.. فبدا صوت الشيخ رفعت وكأنه إحدى أهم دعائم العمل السياسى فى هذه الفترة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.