هبوط أسعار الذهب بعد بيانات اقتصادية أمريكية قوية وخفض الفائدة    آرني سلوت يودع لويس دياز بكلمات مؤثرة    كوندي يحسم مصيره مع برشلونة ويؤكد اقتراب تجديد عقده    بمسروقات تجاوزت ال50 مليونا.. إحالة المتهمين بسرقة شركة إنتاج للمحاكمة    لطفي لبيب.. عاشق المسرح الذي لم تفارقه الخشبة    ترامب يسمح للاجئين الأوكرانيين بالبقاء في الولايات المتحدة لحين انتهاء الحرب مع روسيا    سيناتور أمريكي: ترامب يريد فرض رسوم جمركية على دول تشتري النفط والغاز من روسيا    نتنياهو: أسقطنا المساعدات على غزة وحماس تسرقها من المدنيين    وزارة العمل تبدأ اختبارات المرشحين للعمل في الأردن.. بالصور    تنسيق جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية 2025 (المصروفات ورابط التسجيل)    القميص الجديد يثير أزمة في معسكر برشلونة بكوريا الجنوبية    التشكيل المثالي لصلاح    رسميًا بعد الزيادة الجديدة.. موعد صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 للعاملين في الدولة    بينهم طفلتان.. إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم على طريق بورسعيد المطرية    طعنه بسلاح أبيض.. تأجيل محاكمة متهم بقتل جزار في الشرقية    تنفيذًا لتوجيهات الرئيس.. مصر تسقط عدة أطنان من المساعدات الإنسانية جوًّا على قطاع غزة    حسن الرداد يلعب بوكسينج ومحمد ثروت بصحبة أسرته فى عرض فيلم روكي الغلابة    المهيمن العنيد.. نقاط القوة والضعف لبرج الأسد    اتخذ قرار الاعتزال.. قصة عزلة عاشها زياد الرحباني استمرت 800 يوم    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الشيخ خالد الجندي: الرسول الكريم ضرب أعظم الأمثلة في تبسيط الدين على الناس    ما حكم بيع سلعة لشخص قد يستخدمها في الحرام؟.. أمين الفتوى يُجيب    الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان    نقيب أطباء القاهرة: «كشف العذرية» خرافة.. و«غشاء البكارة» لا يُثبت شرف البنت    انطلاق المؤتمر الجماهيري لحزب الجبهة الوطنية بسوهاج لدعم المرشح أحمد العادلي    محمد إسماعيل: هدفي كان الانتقال إلى الزمالك من أجل جماهيره    الكونغ فو يحصد 12 ميدالية ويتوج بالكأس العام بدورة الألعاب الأفريقية للمدارس    ضربتها لتقويمها..إنتحار طفلة بالفيوم بالحبة السوداء.. والأم تتهم الجدة بتعذيبها    "هواوي" تطلق الإصدار 8.5 من حزمة السحابة في شمال إفريقيا لتعزيز الذكاء الاصطناعي    البيت الفني للمسرح ينعى الفنان لطفي لبيب    المتهم بارتكاب أفعال فاضحه لجارته بالبساتين ينفي الواقعة    تأجيل دعوى عفاف شعيب ضد المخرج محمد سامي بتهمة السب والقذف    في شهرين فقط.. تامر حسني يجني 99 مليون مشاهدة بكليب "ملكة جمال الكون"    عاجل.. تشكيل النصر الرسمي لمواجهة تولوز وديا    وزارة الثقافة تعلن تسجيل مصر مبنى متحف الخزف الإسلامي في سجل التراث المعماري والعمراني العربي    مصر تواجه تونس في ختام الاستعدادات لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    تايلاند وكمبوديا تؤكدان مجددا التزامهما بوقف إطلاق النار بعد اجتماع بوساطة الصين    رئيس جامعة المنيا يحفّز الأطقم الطبية قبيل زيارة لجان اعتماد مستشفيي الكبد والرمد الجامعيين    ركود السوق يهبط بأسعار الأجهزة الكهربائية 35%.. والشعبة: لا تشترِ إلا عند الحاجة    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    ترامب يعلن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الهند    محافظ المنوفية تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 ب 469 لجنه انتخابية    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    لماذا ينصح الأطباء بشرب ماء بذور اليقطين صباحًا؟    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    ختام موسم توريد القمح في محافظة البحيرة بزيادة 29.5% عن العام الماضي    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    ضبط 30 كجم مخدرات وتنفيذ 609 أحكام في دمياط وأسوان    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    البورصة المصرية تطلق مؤشر جديد للأسهم منخفضة التقلبات السعرية "EGX35-LV"    ترامب يكشف عن تأثير صور مجاعة قطاع غزة على ميلانيا    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    إعلام كندي: الحكومة تدرس الاعتراف بدولة فلسطين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ رفعت “1′′
نشر في التحرير يوم 12 - 08 - 2011


(1)
«يا بوى يا عم الشيخ رفعت».. صوت أحد مريدى الشيخ، تستطيع أن تميزه بسهولة فى تسجيل سورة «مريم».. لعله الشخص نفسه الذى انتحر يوم جمعة عام 1943.. بعدما احتبس صوت الشيخ رفعت ولم يستطع مواصلة التلاوة.
فى هذا اليوم، وفى مسجد فاضل باشا بالجماميز، حيث تعود شيخنا أن يتلو ما تيسر من قرآن الجمعة.. وصل إلى سورة «الكهف» آية «واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا».. فغص صوته واحتبس فى كلمتين أو ثلاث.. وقاوم «الزغطة» التى غص بها حلقه، وقرأ ما سمحت به نوباتها المتكررة.. ثم سيطرت «الزغطة» على الموقف وملأت حلق الشيخ وحبس صوته تماما.
أحنى الشيخ العظيم رأسه جريح القلب لا يدرى ماذا يصنع، ثم أخرج من جيبه زجاجة صغيرة بها سائل أحمر (دواء)، فأطاعه صوته فى آيتين أو ثلاث.. ثم قهره الداء وتوقف حائرا لبعض الوقت.. ثم غادر مجلسه تاركا إياه لشيخ آخر..
انفجر الناس فى المسجد باكين، وعلا نحيب المقرئين الشبان الذين كانوا يلتفون حول الشيخ رفعت لسماعه فى كل جمعة والتعلم منه.
وذاع الخبر.. انتهى الشيخ رفعت وقهره المرض.. ولن يستمع له أحد مرة أخرى.
انتهى صوت الشيخ رفعت من مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز.. ولم يدر الناس كم من الوقت مضى منذ أن اعتلى شيخنا منبر هذا المسجد حتى نزل من عليه مكسورا أمام المرض اللعين، الذى ترك كل شوارع الجسد ليستقر فى النهاية فى حنجرة محمد رفعت.
(2)
كان عند مولده بصيرا.. وكان طفلا تروى عنه الأساطير، لأنه الأجمل فى حى المغربلين، وكان أجمل ما فيه عينيه.. أما والده محمود رفعت، وكان مأمورا لقسم الساحل، فقد أحبه لدرجة كبيرة، حتى إنه كان لا يتركه ليمشى على قدميه، بل يحمله على كتفه.
فجأة أصيب هذا الصبى بالرمد، وتمكن من بصره، ولم يكن هناك بد من إجراء عملية جراحية.. فقد بصره بعد إجراء العملية، وهو فى الثالثة من عمره، فذهب به والده إلى أحد مشايخ المغربلين ليحفظه القرآن.. فأتم حفظه فى التاسعة من عمره.. فى الوقت نفسه توفى والده وتركه مسؤولا عن إعالة أسرة بأكملها.. ففوجئ الطفل بأنه لا يملك مصدرا للرزق سوى ما يحفظه ويُحفظّه أيضا..
فانطلق صوته من ليالى المآتم وأصبح مطلوبا دوما لجمال صوته وصغر سنه وقلة أجره.. وبدأ فى الوقت نفسه يتعلم فن التجويد والقراءات السبع على يد أستاذيه: الشيخ محمد البغدادى، والشيخ السمالوطى، الذى أصر على أن يعلم شيخنا محمد رفعت الموسيقى وعزف العود، لتهذيب إحساسه بموسيقى كلام الله.
وعندما استشعر شيخنا حلاوة صوته ودفأه، أنشد فى محطات الإذاعة الأهلية «أراك عصى الدمع»، و«حقك أنت المنى» و«بحق هواك يا من أنت عمرى».. وبدأت تلوح فى الأفق رايات الإعجاب والانبهار بصوت الشيخ رفعت.
(3)
فى عام 1934 أنهيت خدمة المحطات الأهلية، وبدأ أول بث للإذاعة اللا سلكية الحكومية، وأرسل محمد باشا زيادة للشيخ رفعت يطلب منه أن يقدم تلاوة قرآنية بصوته مرتين فى الأسبوع، ليصبح بذلك أول مقرئ يدخل الإذاعة ويتلو فيها القرآن على الهواء مباشرة.
فى بادئ الأمر رفض شيخنا هذا العرض، ولم يبد الأسباب، لكن أمام إصرار مدير الإذاعة، طلب منه شيخنا مهلة لمدة أسبوعين لاستشارة رأى علماء الدين فى التعامل بكلام الله مع الأجهزة الحديثة.. واتضح أن الشيخ رفعت كان يخشى التسجيل لخوفه من أن يمس شخص غير طاهر الشرائط.. لكن المشايخ أقنعوه بأن مسؤولية الطهارة لا تقع على حامل الأسطوانة، لكنها تقع على القارئ والمستمع..
وبناء على رأى علماء الدين وافق شيخنا على أن يقوم بالتلاوة فى الإذاعة مرتين أسبوعيا.. مساء يومى الثلاثاء والجمعة.. و«أجارك الله».. كان الناس يلتفون حول جهاز الراديو فى كل مكان بمصر فى ميعاد التلاوة.. وكان أصحاب المقاهى يزيدون عدد الكراسى لاستيعاب كل المستمعين، ومع ذلك كان الجمهور وقوفا أكثر، لدرجة الاستعانة بالشرطة، تحسبا لخروج مظاهرات من المقاهى تهتف ضد الإنجليز بعد الشحنة التى حصل عليها المستمعون.. فالحكام عادة كانوا يخشون كل ما يحرك آدمية المحكومين.
فى هذا الوقت كان محمد رفعت يتقاضى ثلاثة جنيهات فقط عن تلاوة ساعة كاملة.. وبدأت شهرته تذيع فى الوطن العربى، لدرجة أنه خلال الحرب العالمية الثانية كانت إذاعات لندن وباريس وبرلين تذيع قراءاته لجذب المستمعين إليها.. فبدا صوت الشيخ رفعت وكأنه إحدى أهم دعائم العمل السياسى فى هذه الفترة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.