«مصر ليست كتركيا، فالحفاظ على قيمة القانون على رأس الاختلافات بين البلدين»، هذا ما يراه الخبير السياسى عمرو الشوبكى، مشيرا إلى أن الحفاظ على دولة القانون فى تركيا تقليد صارم، حتى لو كان لا يحقق الديمقراطية، بينما القانون فى مصر لا يُحترم. الشوبكى فى ندوة التحول الديمقراطى فى تركيا ومصر.. مقارنات ودروس، التى عُقدت مؤخرا، قال إن الصراع فى مصر لم يكن بين نظام مدنى ديمقراطى وقوة غاشمة تهدد المجتمع، ولكنه كان صراع نظام استبدادى يحارب التنظيمات الأكبر والأكثر تأثيرا. الخبير السياسى أوضح أن «حزب العدالة والتنمية» التركى قبِل بالقواعد القانونية للدولة العلمانية، وإن كانت جائرة، لأنه رأى أن التفاعل الداخلى سيؤدى، فى ما بعد، إلى تغيير جزء من تلك القوانين، وأن علمانية الأتراك هى العلمانية الأوروبية، التى لا تقهر المؤسسات الدينية، ولا تفرض عليها وصاية، بخلاف العلمانية الفرنسية. الشوبكى أشار إلى أن العلمانية التركية هى مصالحة مع الدين، ومرادفها فى مصر هو الدولة المدنية، التى يكون فيها الدين حاضرا، ويلعب دورا فى أن لا يحكم أحد بحصانة خاصة، لأن لديه مرجعية دينية معينة أو ثورية، مشيرا إلى أن تجربة «البعث» والقذافى وتجربة تونس كانت استبدادية بامتياز لأنهم حكموا من هذا المنطلق «الحصانة». أستاذ القانون الدولى والعلاقات الدولية فى جامعة كوجالى بتركيا سمير صالحة قال «ليس هناك نموذج تركى يمكن للدول العربية أن تتبعه، فلا نزال فى وسط التجربة، فلنسأل أنفسنا هل نجح الحزب التركى فى تحقيق ما يريد حتى الآن، وهل نجح فى إدخال المحجبات إلى البرلمان التركى بعد، فحتى تلك الساعة لم يحل حزب العدالة والتنمية كثيرا من المشكلات فى الداخل والخارج، منها على سبيل المثال العلاقة بينه وبين المؤسسة العسكرية، وكذلك معاملة الأقليات. مدير مركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» ضياء رشوان قال إن مصر تشهد الآن وجود قوى سياسية ذات طابع فكرى لا أحزاب سياسية حقيقية، مشيرا إلى أن تلك الأحزاب تحاول بناء نفسها بعد الثورة لا العكس، فضلا عن أن الإسلام السياسى حاليا يمارَس من خلال أحزاب تابعة لجماعات سواء كانوا إخوانا أو سلفيين. مضيفا أن الإسلام السياسى فى مصر غير مؤهَّل للتطور الذى شهدته تركيا، إذ إن الإسلام السياسى يقمع الأفراد داخل الجماعة بما يتضمنه من بيعة وإمارة. رئيس مكتب التفكير الاستراتيجى فى أنقرة ياسين أقطاى قال إن أحزاب المصريين لا يجب أن تتغالب وتتنافس بقدر إسلاميتها، إذ إنه من المفترَض أن تكون المنافسة بينها فى الخدمات العامة والمشروعات التى تفيد المصريين كما فعلت تركيا، موضحا أنه لا يهمّ مَن أكثر إسلاما، لكن الأهم هو من يتميز فى تقديم الخدمات التى يحتاج إليها الشعب، ويزيل الفساد من طبقات المجتمع. رافضا فكرة وجود حزب إسلامى لأن ذلك من شأنه أن يستبعد الأقليات من الحزب، وهذا غير منطقى، لأن القيم الإسلامية والمسؤولية ليست حكرا على حزب دون غيره. أقطاى أضاف أن المعضلة التى تواجه المصريين حاليا هى أن ثورتهم كانت نموذجا للعالم أجمع، فكيف يمكنهم الاستمرار فى كونهم ملهمين ونموذجا يُتبع، مشيرا إلى أن مصر حينما تبحث عن نموذج يجب أن تتبع روح ذلك النموذج، ولا تأخذه كعمل يتم استنساخه.