للدكتور عمار على حسن اجتهادات بحثية مرموقة، خصوصا فى ما يتعلق بملف الجماعات الإسلامية، وعلاقتها بالسياسة. يبدو صوت عمار مسموعا اليوم بقوة، لأنه يفتى فى مجاله، خصوصا عندما دخل الصوفيون كرقم فى معادلة الحراك السياسى، الذى تشهده مصر حاليا، بين تيار ظلامى ينادى بدولة دينية تحكمها الشريعة، وتيار وطنى يدعو إلى دولة مدنية يحكمها القانون. صاحب «الصوفية والسياسة فى مصر» هو أيضا عضو فى الجمعية الوطنية للتغيير، والمشرف على لجنة الاتصال بين التيارات السياسية، والطرق الصوفية، استعدادا لمليونية الجمعة القادمة، التى دعا إليها عدد من القوى الوطنية والطرق الصوفية، لتأكيد مدنية الدولة. الصوفية هى الحل، من وجهة نظر رئيس وحدة الأبحاث فى وكالة أنباء الشرق الأوسط، كبديل للعمل السياسى الإسلامى فى مصر. الصوفية بمعناها الروحى، لأنها سوف تمكننا من العودة إلى سماحة الإسلام بإنسانيته وعقلانيته، وهى منزلة لا يمكن الوصول إليها، إلا من خلال الإسلام الروحى الذى تنادى به الصوفية، وليس الإسلام الوهابى، الذى ينادى به السلفيون. دعوة الطرق الصوفية لمليونية «الدفاع عن الدولة المدنية» بمشاركة القوى السياسية والوطنية، هى السبيل الوحيد الذى يراه حسن، من أجل العودة إلى ميدان التحرير، الذى أغلقه المجلس العسكرى بالضبة والمفتاح، مرتكزا فى حديثه على أن الصوفية تمثل قوى احتياطية استراتيجية بالنسبة للقوى السياسية المدنية، لافتا إلى أن الطرق الصوفية تحتاج إلى خطة وطنية واضحة المعالم، تنقل أتباعها من السلبية إلى المشاركة الإيجابية، ونجاح الطريقة العزمية، أكبر الطرق الصوفية، فى إنشاء حزب التحرير المصرى، قد يكون القاطرة التى تجر الطرق الصوفية إلى رحاب السياسة، كما كان الوضع قبل ثورة 1952. انخراط الصوفيين فى العمل السياسى، بعد الثورة، ليس مستغربا، ويرد حسن على ذلك بأن «بعض الطرق الصوفية قامت بمناهضة مبارك، ودفعت ثمن هذا الموقف بتعيين شيخ مشايخ للطرق الصوفية، عبد الهادى القصبى، التابع للجنة السياسات بالحزب الوطنى المنحل، كما تم التضييق على الطريقة العزمية، بعدما رشح شيخها علاء الدين أبو العزائم نفسه فى مواجهة فتحى سرور رئيس مجلس الشعب السابق». ويضيف «لا غضاضة فى أن يبحث المتصوفة بعد ثورة 25 يناير عن دور سياسى، خصوصا أنهم شاركوا الشعب المصرى فى إنجاحها، وليس مستغربا أيضا أن تدشن الطريقة العزمية، التى شاركت فى الثورتين العرابية و1919، حزبا سياسيا، وتدعو إلى مظاهرات للرد على جمعة قندهار، التى سيطر عليها السلفيون والإخوان المسلمون لفرض وصايتهم على المصريين للمطالبة بتطبيق شرع الله». الصوفية تجدد نفسها من داخلها، حسب وجهة نظر حسن، والجيل الصوفى الجديد يعى الأبعاد الاجتماعية للصوفية، ويطالب بإنهاء التوريث داخل الطرق الصوفية، وانتخاب شيخ الطريقة، ويحارب من خلال جانب جبهة «الإصلاح الصوفى» وجود عبد الهادى القصبى، أحد فلول النظام البائد، على رأس المشيخة العامة للطرق الصوفية. على الرصيف المقابل، يبدو السلفيون فى تقييم الباحث الكبير «علمانيون.. مشروعهم السياسى علمانى غربى، لأنه ليس فى الفقه الإسلامى شىء اسمه حزب سياسى أو ديمقراطية أو انتخابات أو برلمان، فالفقه السياسى لديهم وقف عند حد البيعة، وليس الانتخاب، وعند أهل الحل والعقد، وليس البرلمان وعند الشورى، وليس الديمقراطية، وعند الفرقة وليس الحزب، ومن ثم فإنهم دون أن يدروا يطرحون مشروعا سياسيا علمانيا». «المتصوفة يحتاجون خبرة السياسيين، والسياسيون يحتاجون الزخم الاجتماعى، والكثرة العددية للمتصوفة.. ووفق تلك المعادلة يمكن إعادة وزن الأمور مجددا فى الميدان، لمصلحة الدولة المدنية» يقول عمار، ويوضح أن هذا ليس مقصودا به فقط الرد على التيارات الإسلامية، التى دعت إلى دولة دينية، بل هو مقدمة لتعاون وتضافر القوى الوطنية، من أجل دولة مدنية، وتحقيق أهداف الثورة من خلال برلمان قوى وحكومة ثورية.