أخيرا ظهر أحمد عاطف، وحكى عن اختطافه فى تجربة قاسية، مهينة، مرعبة. من اختطفه؟ لماذا؟ هل هم أشباح يظهرون فى الكوابيس؟ وبالفعل مع حكاية أحمد عاطف نحن فى كابوس جديد، طبيب يُخطف بطريقة مستوحاة من أفلام عن جمهوريات الموز فى أمريكا اللاتينية. خدعة محبوكة دراميا، وشاب لم يفكر إلا فى الحصول على حقوق الأطباء، وتحسين أحوالهم. لم نفعل شيئا سوى أننا حلمنا بتنظيف بلدنا. هذا ما قاله أحمد للمذيعة، فى أسى لا يخفى إلا على أصحاب القلوب الغليظة، والذين أعمتهم الخطابات المضللة المنتشرة ضد الثورة. أحمد قال أيضا: لقد كسرنى.. ولهذا لم أنطق. الخاطف يكسر شابا ناجحا فى عمله، يبحث عن حقه الضائع، وأمامه وحش جبار يمتص أمانه، ويهتك خصوصيته، ويلقى به فى حجرة بها حصيرة ومخدة. لماذا؟ ماذا يريدون؟ من هم؟ على الدولة كلها أن تقف عن الهراء الذى تلقيه علينا عبر وسائل إعلامها، وتصريحات مسؤوليها، لتفسر لنا عملية اختطاف أحمد عاطف. أحمد كان خائفا على أمه، وأيقن بعد محنة الخطف، أن مصر ما زالت تعانى من قاذوراتها، وأن أمه كانت على حق عندما قالت له «لا شىء تغير». لكن هناك أشياء كثيرة تغيرت. لم يسكت المجتمع عن اختفاء أحمد، ولم يتوقف البحث، والمطالبة بالكشف عن الحقيقة، حتى بعدما أعلن وزير الداخلية أن أجهزته لا تعرف شيئا. هل الجهات الخاطفة أكبر من وزير الداخلية؟ ما هذه الجهات التى يمكنها أن تخطف فردا تحت تهديد السلاح وسط القاهرة، وتحتجزه 6 أيام، وتستجوبه حول تفاصيل لا علاقة له بها؟ وما حكاية الصحفى الذى اتهم أحمد عاطف بالمشاركة فى أحداث ماسبيرو، هو ومجموعات من الشخصيات العامة؟ وما علاقة الصحفى وحكايته بمحاولة الجهات الخاطفة الحصول على معلومات، فيما يبدو أنه تجهيز لقضية تدبر فى أماكن سرية، وسيارات على نوافذها ستائر، تعبر بيننا ولا نعرف أن بين ركابها مخطوفين أو واقعين تحت تهديد السلاح، لا نعرف يعمل لمصلحة من؟ ما كل هذا الغموض الذى تصمت الدولة بشأنه، بينما تنتفض إذا انتقد أحد الشباب شخصا فى المجلس العسكرى، وتحيله إلى التحقيقات؟ لماذا تستباح أجسادنا بالموت تحت المدرعات، وبالاحتجاز تحت تهديد السلاح، وتستباح حياتنا باتهامات مجانية لمجرد أن الشاب أراد الدفاع عن حق المنتمين إلى مهنة يراها محترمة؟ ليست هذه جريمة عادية. وإن سكت عنها الدكتور أحمد، حماية لأمانه العائلى، لا يمكن السكوت عنها لأننا جميعا معرضون لأن تقودنا مجموعة سرية... بهذه الطريقة المرعبة إلى مكان لا نعلم هل نعود منه أم لا؟ أين هذا المكان الذى يشبه السجن؟ هل هناك سجون لا يعلم القضاء المصرى عنها شيئا؟ هل هناك أماكن احتجاز لا تقع تحت عين الرقابة القضائية؟ أسئلة تبدو ساذجة لمن يتصور الأسوأ... لكننى بكل هذه السذاجة، أسأل: من خطف أحمد عاطف؟