أرجو أن يتفضل علينا مسؤول واحد فى مصر ويفهمنا معنى تواصل ارتفاع جرائم العنف إلى مستويات مروعة، وتحول البلطجية إلى ميليشيات تهاجم بالمئات، وبأحدث الأسلحة ومواصلة حرق أقسام الشرطة، ومنشآت حيوية وتساقط عشرات القتلى، والجرحى من المواطنين، والجنود، والضباط وفى تزامن، فى جميع أنحاء مصر، ودون حدوث حالة إعدام واحدة ترد هذا الترويع المخطط بترويع القتلة ومحرضيهم ودافعى الأموال لهم، كما ثبت فى اعترافات كثير ممن ألقى القبض عليهم، وأيضا فى اعترافات المسعفين الذين امتنعوا عن إسعاف الجرحى وأقر بعضهم بما دفع لهم!! ما المنتظر؟ أن يتاح لهم استكمال مخطط تخريب وحرق مصر كلها، بيد وأموال من أسقطت الثورة ممالك فسادهم ونفوذهم. كيف تستطيع مجموعة من الخارجين عن القانون أن تظل نحو 9 ساعات تروع سكان مدينة على حدود وخطوط الأمن المصرى وتقتل ضابطين وتسقط عشرات من المصابين من الجنود ومن أبناء المدينة وتحاول تفجير خطوط تبريد محطة تصدير الغاز بالشيخ زويد؟ هل تحمل الجريمة عنوانا آخر غير الترويع والإرهاب، وغير تحدى هيبة الدولة، وقدرة دفاعها عن أبنائها وحدودها؟ وماذا لو لم يكن الهجوم من ملثمين ومتشحين بزى موحد أسود وبسيارات الدفع الرباعى والرشاشات الآلية ومدافع الجريتوف؟ ماذا لو تم بقوات الصهاينة لتنفيذ مخططهم لاحتلال سيناء؟ ما أعرفه أن ضابط الجيش لا يستشهد إلا فى حرب دفاعا عن وطنه. أما ترك المواطنين، والجنود، والضباط، ومؤسسات الدولة لتتساقط بأسلحة وجرائم العنف والبلطجة، فمشهد لا يتفق مع أى سيادة، أو كرامة، أو بديهيات أمن وتأمين الوطن والمواطن، ويفرض السؤال مرة أخرى: لماذا يترك تمادى العنف والترويع دون رادع أعنف وأقسى، ودون رد على الترويع بترويع وإعدام كل من تثبت إدانته بفعل وتحريض؟ المدهش أنه فى يوم واحد وفى ساعات واحدة رُوِّع المصريون بمشهدين، كلاهما أكثر قسوة من الثانى، ما كان يحدث فى العريش من قصف بأسلحة ميدانية امتد لتسع ساعات، ومشهد انقسام الصف الوطنى فى ميدان التحرير وباستعراضات للقوة على الأرض وبنداءات جعلت الأمر يبدو كأن فى مصر حربا على الإسلام، مع أن الإسلام بخير ولكن مصر هى التى بعافية، وبشدة، وتحت تهديد عنف مخطط، بينما فى العريش وفى ميدان التحرير كل واحد فى واديه يقصف بأسلحته الخاصة ولا علاقة له بالواقع النفسى، الذى ما زالت تعيشه جموع المصريين التى خرجت وراء نداءات الخلاص والإنقاذ بحلم وأمل التغيير. هذا الحلم الذى لم تتوقف مخططات إسقاطه، وإفشاله، وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وإعادة اختطاف مصر كلها وبما يجعلها فريضة إيمانية أن يصطف وراء حمايته الأمناء والمخلصون من جميع الأطياف السياسية مدنية، وإسلامية ولنقل الحكم سلميا، وديمقراطيا، إلى الإرادة الشعبية لوضع نهاية لسيناريوهات إسقاط الثورة، التى لم تتوقف منذ قيامها، وأحدث وجوهها الشيطانية إسقاط الدولة وهيبتها وقدرتها على تأمين أبنائها، وثورتهم. كل يوم يتأكد أننا ما زلنا لا نرى إلا قمة جبل الجليد المختبئ فى ظلمات التآمر الداخلى والخارجى، ويتأكد ضرورة تخلى الجيش عن مسؤوليات وهموم إدارة الدولة ليعود مكرما، ومشكورا إلى مهماته الأصيلة والمقدسة، خصوصا على الحدود الملتهبة فى الشمال الشرقى، والغرب والجنوب، بدلا من إنهاك وتبديد طاقة المقاتلين العظماء فى حراسة الميادين والمنشآت أو لصناعة حواجز بشرية للثوار من اختراقات البلطجة والتآمر، وتطبيق القانون والعقوبات الرادعة ورد الترويع بترويع أكبر، والإعدام العلنى والعاجل لجميع شركاء تفجير قلب وأمن مصر، وأن يتقدم إجراءات تأمين الداخل أن لا تستقطب القوى السياسية الجادة، والأمينة على شعبها إلى صراعات ومهاترات، وخروج على وحدة الصف الوطنى كمثل ما شهد ميدان التحرير فى جمعة 29 يوليو، فمخططات الفوضى والعنف تهدد باختطاف الثورة ومصر كلها، وحتى الميدان ربما لا تتركه لهم يتعاركون فيه، ففى المعتقلات وفى الإعدام وكما كان الأمر سيكون المتسع للجميع! ■ ■ ■ أنتظر إعلان نتيجة التحقيقات فى أحداث العباسية، أو موقعة الجمل الثانية كما أطلق عليها لتشابه كثير من وقائعهما المخزية، وأرجو أن تشمل التحقيقات واقعة بعينها، أتمنى أن تظل حالات فردية وأن لا تكون جزءا من محاولات إفساد العقيدة الوطنية للشرطة العسكرية، وانتمائها واحترامها لشعبها. حكى لى بعض الشباب الذين شاركوا فى المسيرة السلمية التى حاولت التوجه إلى المجلس العسكرى الأسبوع الماضى لعرض مطالب الثورة، واستعجال محاكمات رموز النظام السابق، وقتلة الشهداء، والمسارعة بإجراءات العدالة الاجتماعية. ما حدث فى ميدان العباسية معروف وفتح المسارات التى تطلق البلطجية المجهزين بالمولوتوف والأسلحة البيضاء على الشباب، تماما كما حدث فى التحرير، سواتر وموانع لا تحمى ولا تمنع الاعتداء ومنع الشباب من الاحتماء بمسجد النور، وتركهم تحت رحمة الممارسات الإجرامية للخارجين عن القانون، الأخطر كما يحكى الشباب ليس الموقف السلبى، ولكن حدوث وقائع اعتداء من بعض الشرطة العسكرية واحتجاز وضرب شباب داخل مدرعة تقف بالميدان!! أرجو أن أضع بين يدى جهات التحقيق، ما لدى من معلومات فما أريد تشهيرا أو إساءة أو قسمة بين الشعب وجيشه، فقط أقول إنه إذا كان من أخطر جرائم النظام السابق قتل العقيدة الوطنية لجهاز له تاريخه الوطنى، وتحويل الشرطة من خدمة الشعب إلى خدمة النظام والدفاع عنه، فأرجو حماية الولاء والعقيدة الوطنية لأبناء جيشنا من التضليل والإفساد والإنهاء الفورى للتجاوزات والاعتداءات، التى أرجو أن تظل فردية وبعيدة عن الإساءة للوجه النبيل والأخلاقى، لجنود وضباط من الجيش فى أثناء أداء مهمتهم المدنية المؤقتة، التى يجب أن تنتهى، ولهم فى الضمير المصرى ما كان دائما عبر التاريخ من إعزاز وتقدير وثقة بأن جنود وضباط جيشهم من أشرف مكونات وحدة وقوة نسيجهم الوطنى. ويظل السؤال: هل يدرى المشير ما يرتكبه بعض أفراد الشرطة العسكرية من تجاوزات على شباب يصفهم بنفسه بأنهم أنبل وأطهر ما فى الوطن، وما يحدث لهم من اعتداءات وضرب حتى إسالة دمائهم داخل مصفحات عسكرية، وآخرها حتى الآن؟ أرجو أن يكون آخرها على الإطلاق ما حدث فى موقعة الجمل الثانية بميدان العباسية. كل عام وأنتم بخير.. كنت أتمنى أن أبدأ بها ولكن تقاذفتنى آلام الأحداث ومخاطر الأيام التى نعيشها وإن ظل للشهر الكريم بمذاق الثورة ونفاذ عدالة ورحمة السماء مذاق أكثر حلاوة.