فجأة، وعقب نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير، تعالت أصوات، قهرها النظام السابق لسنوات عديدة، وبرزت على السطح كجزء من حرية التعبير، التى نادت بها الثورة، وخرجت من أجلها، ومن أبرز تلك الأصوات، التى علت على نحو غير مسبوق، صوت التيارات السلفية، أو التى تطلق على نفسها اسم السلفية، والتى ليست تيارا واحدا، كما قد يتصوّر البعض، ولكنها تيارات متعدّدة، تشترك جميعها فى أن كلا منها يرى أنه الأفضل، والأكثر إيمانا، والوحيد الذى ينادى بشريعة خالق الكون جل جلاله، وأنه الأوحد فى اتِّباع السلف الصالح، باعتبار أن المجتمع المتبقى لا يتبع الدين، كما يرونه هم، من منظورهم الخاص جدا، وهذه حريتهم.. فعندما نادت الثورة بالحرية كانت تنادى بها للجميع.. كل فئات الشعب، وكل طبقاته، وكل طوائفه، وكل انتماءاته بلا استثناء... ومن أساسيات حرية التعبير هذه، أنها مكفولة للجميع دون تمييز، ومشروطة أيضا بحرية الفكر، وأيضا دون تمييز، والقيمة الأساسية فى حرية التعبير تكمن فى الإيمان بحق الآخر فى التعبير، وبحقه فى الاختلاف، وعدم الحجر على رأيه، بأى وسيلة كانت، سواء مادية أو معنوية، لما فى هذا من قهر فكرى، اندلعت ثورة للقضاء عليه... ومن المدهش، أن التيارات السلفية نفسها، كانت ومنذ اليوم الأوّل للثورة، التى منحتها حرية التعبير، ضد فكرة الثورة تماما، وكان أنصارها ينتشرون بين الثوار، يحذرونهم من مغبة ما يفعلون، ومن أن الخروج عن الحاكم الظالم الفاسد المتجبر، غير جائز شرعا، على حد قولهم، الذى يستند إلى ما سعى عهد معاوية بن سفيان إلى توقيره فى القلوب، باعتباره أول من اغتصب الولاية، وكان يخشى من خروج الناس عن ولايته، ثم وفجأة، أصبحوا يسعون لاستغلال مكاسب الثورة إلى أقصى حد ممكن، حتى إنهم، وبعد سنوات من رفض فكرة الحزبية، سعوا لتكوين حزب، ما دام هذا يتيح لهم بلوغ السلطة، من منطلق أن الغاية تبرر الوسيلة.. وبغض النظر عن كل هذا، فلا بد لنا من أن نلقى على أنفسنا سؤالا مهما: ماذا لو أن السلفيين قد حكموا مصر بالفعل، بمنظورهم هذا؟! والسؤال الأول هو: هل ستؤمن التيارات السلفية، مع اختلاف طوائفها وجماعاتها، بأن حرية القول وحرية الرأى والفكر والعقيدة مكفولة للجميع؟!... الجواب ليس عسيرا أو محيرا، فقد أجاب عنه السلفيون أنفسهم، من خلال أحاديثهم، المسجلة بالصوت والصورة، التى تملأ مساحة لا بأس بها من شبكة الإنترنت، التى شاهدها وسمعها الكل، من خلال وسائل الإعلام المختلفة، و.. للحديث بقية