زاملت يحيى قلاش فى مجلس نقابة الصحفيين.. فكان النقابى المثالى الذى يلبى نداء أى صحفى فى أى وقت.. ويحافظ على مصالح النقابة والصحفيين. لم يسع إلى الاستفادة يوما ما من وجوده فى النقابة واحترام الجميع له.. فلم يطمح إلى منصب داخل مؤسسته الصحفية بل إنه آثر أن يبتعد عن مؤسسته الصحفية فى ظل وجود موالسى ومنافقى النظام المخلوع على رأسها.. مفضلا خدمة زملائه على أن يكون ترسا فى ساقية تلك المؤسسات.. فلم يفعل مثل غيره الذين ساندوا تلك القيادات طموحا وطمعا فى مناصب داخل مؤسساتهم وغرف مميزة.. مقابل الموالاة لرأس تلك المؤسسة الذى كان يسيطر على النقابة أيضا.. محاولا أن يجعلها فى خدمة النظام.. لكن كان دائما هناك يحيى قلاش وأمثاله يقفون بالمرصاد لتلك السياسات.. التى حافظت فى النهاية على النقابة إلى حد ما من الدوران فى فلك النظام الاستبدادى والمعادى لحرية الصحافة والصحفيين، كان الصوت الذى خصه الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى نقل رسالته إلى الصحفيين والنظام السلطوى فى عام 1995 وكانت نبوءة مبكرة للثورة على النظام «سلطة شاخت على مقاعدها».. لتهتز القاعة التى كانت تمتلئ بآلاف الصحفيين ويمتد صوتهم إلى الخارج وفى الشارع ولدى القوى السياسية كافة.. ليجبر النظام على إلغاء قانون اغتيال الصحافة (قانون 93 لسنة 1995) ويعتمد طرقا أخرى للالتفاف حول حرية الصحافة والصحفيين. لكن كان هناك دائما يحيى قلاش حاضرا يجمع الصحفيين من الأطياف السياسية كافة للوقوف ضد دعاوى النظام لوأد حرية الصحافة. وقف ضد سيطرة رجال النظام الذين أفسدوا الصحافة مثل إبراهيم نافع فى «الأهرام» وإبراهيم سعدة فى «الأخبار» وسمير رجب فى «الجمهورية» وغيرهم فى المؤسسات الصحفية الحكومية كافة والتى كانت عزبة خاصة لهم يتصرفون فيها كيفما يشاؤون ليفتضح أمرهم ويتم الكشف عن فسادهم وإهدارهم مال تلك المؤسسات التى تعود فى الأساس إلى ملكية الشعب.. كانوا يستعينون بالهدايا التى يقدمونها إلى أفراد النظام وعصابته لإبقائهم فى مناصبهم. قدّر شيوخَ المهنة فأحبوه واستمعوا إليه وكانوا حاضرين فى أى مناسبة يدعو إليها.. ولم تكن مناسبات خاصة وإنما من أجل حرية الصحافة والصحفيين، ولا أنسى عندما حضر شيخ الصحفيين ونقيب النقباء الراحل كامل زهيرى وهو مريض ممسكا بيده يحيى قلاش للتظاهر أمام مجلس الشعب عام 2006 فى أثناء مناقشته قانون الصحافة الذى التفّ فيه ترزية النظام السابق وعلى رأسهم مفيد شهاب على مطالب الصحفيين بإلغاء عقوبة الحبس فى قضايا النشر.. ليفاجأ الجميع بأن النظام وضع مادة دخيلة عُرفت بمادة أحمد عز، هى الخاصة بالذمة المالية التى تتضمن تجريم من يتناول الذمة المالية للشخصيات العامة.. وهى مادة كان من الممكن أن يتم بها حبس جميع الصحفيين. احترم شبابَ الصحفيين فقدّروه وجعلوه مرجعا لهم فى أى أمر من الأمور الصحفية والنقابية.. ولا يمر يوم دون أن تجده فى اتصال مع ما يزيد على مئة صحفى سواء تليفونيا أو بزيارة فى مكتبه.. فقد كان مكتبه فى النقابة بيتا لأى صحفى يمر على النقابة. تجده دائما حاضرا أى تحقيق نيابى مع أى من الزملاء الصحفيين أو فى محكمة تضامنا مع الزملاء الذين يتم محاكمتهم فى قضايا النشر. هو محرض دائم على الحرية.. حرية المجتمع.. التى فى قلبها حرية الصحافة.. هكذا يقول دائما.. لا حرية فى المجتمع دون حرية الصحافة. يحمل همّ النقابة وهموم الصحفيين على ظهره. كرامة الصحفى مهنيا واقتصاديا فى جدول أعماله اليومى.. يسعى بكل ما يملك لتحقيقه. رأيته يناطح صفوت الشريف الذى كان يرأس المجلس الأعلى للصحافة ويتحكم فى زاد النقابة بالحصول على حقوق الصحفيين فى بدلاتهم ومعاشاتهم وحقوقهم فى الحرية والمهنة وحقهم فى العلاج.. ورأيته يناطح أنس الفقى عندما كان وزير الإعلام فى حق الصحفيين فى حقوقهم وفى قانونهم الذى يحقق الحرية والكرامة. عندما وجد النقابة تسير فى اتجاه موالاة النظام والترويج للتوريث تنفيذا للاتفاق الذى أجراه النظام المخلوع مع النقيب السابق.. ترك النقابة وإن لم يترك الصحفيين وهمومهم فكان مع جمهور الصحفيين وأصبح واحدا منهم بدلا من الجلوس على الكراسى وخيانة الصحافة والصحفيين. كان حاضرا دائما فى ثورة 25 يناير من اليوم الأول من دار القضاء العالى مرورا بشوارع وسط القاهرة إلى ميدان التحرير ليحتله الثوار.. وتبدأ الثورة.. ويطالب بأن تنتقل الثورة إلى النقابة.. ويستعيد الصحفيون نقابتهم. الآن آن أوان الصحفيين أن يذهبوا غدا الجمعة إلى دار نقابتهم لانتخاب يحيى قلاش نقيبا للصحفيين لتستعيد النقابة حريتها والصحفى كرامته.