ليس هناك ثلاثة يجمعون على الرضا عن أداء عصام شرف، رئيس الوزراء، وحكومته، فى الأحداث التى تمر بها مصر فى الفترة الانتقالية.. التى كان آخرها مجزرة الأقباط أمام ماسبيرو.. وتداعياتها على المستوى السياسى والإعلامى، خصوصا تغطية التليفزيون المصرى، وأداء وزير الإعلام، التى كانت تدعو فى النهاية إلى التحريض على الفتنة، وهو ما كان له تأثير فى القاهرة وفى عدد من المحافظات.. وخرج على أثرها بعض أفراد من الإسلاميين يسبون الأقباط، ويهددون الناس فى الشارع مع بعض بلطجية النظام السابق، الذين يجرى استخدامهم الآن -للأسف- من قبل الأمن -وللأسف الأكبر- من قبل الشرطة العسكرية! فالرجل لم يفعل شيئا ثوريا منذ أن تولى رئاسة الوزراء فى 3 مارس الماضى، وبعد أيام من الانتصار على الاستبداد والطغيان وخلع الرئيس السابق حسنى مبارك.. وإصرار الثوار على التخلص من الفريق أحمد شفيق، رئيس الوزراء، الذى أتى به مبارك أيام الثورة.. واستهزأ الرجل بالثورة والثوار، ولم يعتبر أن ما حدث ثورة (كان يقول هذا الكلام وقت عنفوان الثورة فى ميدان التحرير وميادين مصر)، وجرت موقعة الجمل والاعتداء على المتظاهرين والمعتصمين فى ميدان التحرير يوم الأربعاء 2 فبراير، تحت رعايته وبإشراف وزير داخليته محمود وجدى، الذى جاء به خلفا لحبيب العادلى.. ومع هذا لم يُساءل الرجل حتى الآن عن تلك الأحداث، لا هو ولا وزير داخليته.. وهو ما يضع علامات استفهام كثيرة. واستطاع الثوار خلع شفيق، على الرغم من تمسك الذين يديرون شؤون البلاد فى المجلس العسكرى به.. لكنهم استجابوا فى النهاية.. وعلى الرغم من كل ذلك ما زال شفيق يفكر فى أن يرشح نفسه للرئاسة.. (والله عيب). وأتى الثوار بعصام شرف رئيسا للوزراء، وهو الذى كان مؤيدا للثورة، ومناصرا لها، ومشاركا فيها، وقاد مظاهرة لأساتذة جامعة القاهرة من الجيزة إلى ميدان التحرير، تطالب بإسقاط النظام. وحصل شرف على تأييد الثوار والناس.. وبدا أنه جاء رئيسا للوزراء بالانتخاب لا بالتعيين. لكن الرجل لم يكن على قدر الثقة التى منحه إياها ثوار التحرير فى مشهد لن يتكرر أبدا، وبالطريقة التى تمت تحيته بها فى الميدان فى مليونية من مليونيات الانتصار على الاستبداد والفساد.. وللأسف جاءت اختياراته منذ البداية للوزراء مخيبة للآمال، فحافظ على وزراء مبارك وابنه.. وأتى بوزراء آخرين «فلول». وحتى عندما أجرى تعديلات على حكومته، استجابة لجمعة 8 يوليو «جمعة استرداد الثورة»، التى خرجت احتجاجا على سياسات الحكومة الفاشلة والأداء المتردى والبطىء للمجلس العسكرى، استعان فيها بفلول حزب معارض كانوا ضد الثورة! وأطلق الرجل تصريحات وتعهدات بتطبيق قانون الغدر والعزل السياسى لرموز النظام السابق، الذين أفسدوا الحياة السياسية.. وتطهير مؤسسات الدولة من الفاسدين وأتباع الحزب الوطنى المنحل، الذين جاؤوا بتقارير أمن الدولة.. وكذلك تطهير الجامعات من رؤسائها الفاسدين، الذين جعلوا الجامعات المصرية فى ذيل الجامعات العالمية، بل فى مرتبة أقل من جامعات عربية كثيرة.. بعد أن حولوا تلك الجامعات من مؤسسات علمية إلى مراكز لموالاة النظام وترويج سيناريو التوريث، ومنح الجوائز لزوجة الرئيس.. وأصبحت الجامعات تدار على أيديهم من خلال ضباط أمن الدولة. واستعادة الأمن ومحاربة البلطجة بعد الانفلات الأمنى الذى تركه لنا النظام المخلوع وحبيب العادلى وعصابته فى وزارة الداخلية، وهو الأمر الذى لم يحدث حتى الآن.. لكن لم يحدث أى شىء مما دعا إليه ووعد به عصام شرف وحكومته، التى لا يزال بها عدد من الوزراء الشرفاء الذين نظنهم وزراء الثورة، ولا أعرف حتى الآن لماذا يظلون فى حكومة بهذا الشكل تابعة لا تمارس أى شىء إلا بأوامر من المجلس العسكرى. وها هو شرف ووزراؤه يدخلون امتحانات كثيرة.. لكنهم يفشلون فيها، وكان آخرها ما حدث أمام ماسبيرو من مجزرة دامية.. لو كان عند تلك الحكومة دم لقدمت استقالتها فورا بدلا من تقديم مبررات واهية من أيادٍ خارجية وأعداء الثورة، بأنهم وراء تلك الأحداث، مع تقديم بيان هزيل لا يرقى للحدث. يا أيها الذين فى حكومة شرف.. اتكسفوا واختشوا.. أنتم تذهبون بالبلاد إلى الجحيم. ملاحظة: كتبت هذا المقال قبل تقديم د.حازم الببلاوى استقالتة.