تخيلوا لو أن، أندريس بيهرنغ بريفيك، الرجل الذى ارتدى زى الشرطة وقتل نحو مئة شاب وفتاة فى النرويج قبل أيام، حوكم، وأدين، وقضى عقوبة 25 عاما فى السجن، ثم قال قبل أن يخرج من السجن إنه تخلى عن فكرة العنف.. تخيلوا أنه خرج فى وقت اضطراب سياسى فى النرويج، هل يجرؤ أحد من الساسة هناك أن يستعين به كداعية استقرار؟ فكر فى الموضوع قبل أن تجيب.. هذه إجابتى: ممكن جدا، لو أن بعد خمس وعشرين سنة من الآن كانت النرويج تحت الاحتلال المصرى، والمجلس العسكرى الحالى يحكمها انتقاليا. لا تستعجب من كلامى.. عاصم عبد الماجد ورفاقه ارتدوا زى الجيش، صباح عيد الأضحى 8 أكتوبر 1981، وقتلوا 118 جنديا وضابطا فى أسيوط غدرا، إذ اعتقد هؤلاء الضحايا أن عبد الماجد ضابط فى الجيش، ولم يدركوا أنه جاء ليقتلهم، تماما كما فعل المتطرف المسيحى النرويجى. فى تلك المرة ارتدى عبد الماجد ملابس الجيش دون علم الجيش، أما الآن، بعد خروجه من السجن، فإنه يمسك بميكروفون الجيش بعلم المجلس العسكرى، وهو، بعد أن تاب عن العنف، يهدد بتطهير (لاحظ) ميدان التحرير ممن فيه.. ويتوعد من هناك بأن الناس ستأتى إليهم من الإسكندرية إلى أسوان، لن يتركوا فى البيوت إلا النساء والعجزة (أليس هذا تهديدا بالعنف؟).. واسمعوا إلى تعليقه أمام مسجد الفتح بأن فى التحرير ثلاث فئات، الفئة الأولى تقبض من رجال الأعمال، يقول عبد الماجد، «احفظوا هذا الاسم جيدا، نجيب ساويرس، حين تقوم دولة عادلة فيها قضاء عادل، سيحاكم هذا الرجل بتهمة الخيانة العظمى»، لا بتهمة الفساد مثلا، أو الكسب غير المشروع، بل الخيانة العظمى، طبعا عبد الماجد ذكر رجل أعمال آخر هو ممدوح حمزة (نفس قائمة الإخوان)، لكنه لم يتهم حمزة بالخيانة العظمى، لأن حمزة مسلم، أما ساويرس فمسيحى، سيخرج الآن من يقول لى، لا تحمل الأمور أكثر مما تحتمل، الخلاف سياسى وليس دينيا، ولهؤلاء أقول إننى أعرف تماما ماذا يدور فى عقل عبد الماجد.. فقد تتلمذت على كتبه، صغيرا، وما يقصده هو أن ساويرس، كذمى، نقض عهد الذمة بمحاولة الولاية على المسلمين من خلال حزب سياسى، وهذه تهمة خيانة عظمى فى «دولة العدل» التى يريدها عاصم عبد الماجد، خطيبا أمام مسجد الفتح.. شاب إلى جواره يلتقط منه الميكروفون ويهتف «لا علمانية ولا مدنية.. إسلامية إسلامية»، طبعا نفهم التعارض بين العلمانية والإسلامية، لكن ما التعارض بين المدنية (دولة المواطن) والإسلامية؟ هل يريدونها إسلامية عسكرية، أم إسلامية طبية، أم إسلامية هندسية، مثلا؟ لا أعرف.. بعض الخبثاء يقولون إن الجيش يبحث عن واجهة «مدنية» لحكمه، ويبدو أن أعداء « المدنية » يعرضون جهودهم كوكيل «مدنى» .. يا مثبت العقل والدين يا رب ! الفئة الأخرى، حسب عبد الماجد، هى فلول الحزب الوطنى، رغم أن صفحة «أنا آسف يا ريس» الفلولية، كانت أبرز الداعين لأعضائها للتوجه إلى العباسية ومواجهة ثوار التحرير.. مرة تانية: يا مثبت العقل والدين يا رب! يا مجلس يا عسكرى انتبه! انتبه ! لا تختلط عليك الأمور وتعميك العداوة! إن كثيرين ممن يرددون، بحماس الشباب، هتاف «يسقط حكم العسكر»، إنما يعنون تحيا الدولة الديمقراطية المواطنية، ويريدون منك أن تتم مهمتك فى وضع أسسها، وسوف يحفظون جميلك، وإن بعضا ممن يرددون هتاف «يحيا المجلس العسكرى» إنما يقصدون يحيا المجلس فى قمعه القوى الأخرى، لأنه يحقق هدفا مرحليا مشتركا.. حدث هذا فى باكستان وأفغانستان ومصر من قبل، والنتيجة كارثة. باختصار: ليس كل من يرتدى زى الشرطة أو الجيش صديقا، لقد فعل الإسلامى المتطرف عاصم عبد الماجد ذلك قبل ثلاثين سنة، وفعلها المسيحى المتطرف أندريس بيهرنغ بريفيك، بالأمس القريب، وكان أول ضحاياهما من انخدعوا بالظاهر، وصدقوهما. من يريد أن يعرف تفاصيل أكثر عن ما حدث فى أسيوط عليه أن يزور http://assuit-online.com/vb/showthread.php?t=1352 .