المصري اليوم: القبض على رمضان صبحي في مطار القاهرة    سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025    سعر الفراخ اليوم الثلاثاء 29-7-2025 فى المنوفية.. الفراخ البيضاء ب 76 جنيه    وزير الري يتابع أعمال مصلحة الميكانيكا والكهرباء وموقف إعداد خطة لإدارة وصيانة محطات الرفع بمصر    بسبب السياسات الإسرائيلية المتطرفة.. هولندا تحظر دخول بن غفير وسموتريتش لأراضيها    ارتفاع حصيلة ضحايا إطلاق النار فى نيويورك ل5 أشخاص بينهم ضابط شرطة    وزير الخارجية يؤكد أهمية تكثيف الضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها الصارخة    ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار أرضى بمقاطعة شمالى الصين إلى 8 قتلى    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج الدراسات القانونية باللغة الفرنسية ب "حقوق حلوان"    الكشف عن شرط الأهلي للموافقة على رحيل عبدالقادر    اليوم.. الأهلي يواجه إنبي وديًا    طقس كفر الشيخ اليوم الثلاثاء 29-7-2025.. ارتفاع نسبة الرطوبة    للطلاب المتقدمين لمدارس التكنولوجيا التطبيقية.. طريقة دفع رسوم الاختبار    وزير العمل: التعليم الفني يشهد طفرة كبيرة في السنوات الأخيرة بتعاون وجهود ملحوظة من القطاع الخاص    وزير العمل يشارك في حفل تخرج الدفعة الرابعة لطلاب مدرسة السويدي للتكنولوجيا    حملة 100 يوم صحة تقدم 19 مليونا و253 ألف خدمة طبية مجانية خلال 13 يوما    وزير التنمية المحلية: شركاء التنمية حليف قوي في دفع العمل البيئي والمناخي في مصر    نقيب المهندسين ل طلاب الثانوية العامة: احذروا من الالتحاق بمعاهد غير معتمدة.. لن نقيد خريجيها    بيان جديد من الكهرباء بشأن «أعطال الجيزة»    رئيس اتحاد طنجة: عبد الحميد معالي اختار الانضمام إلى الزمالك عن أندية أوروبا    كريم رمزي يعلق على ستوري عبد القادر.. ويفجر مفاجأة بشأن موقف الزمالك    تراجع في 3 بنوك.. سعر الدولار اليوم ببداية تعاملات الثلاثاء    معيط: دمج مراجعتي صندوق النقد يمنح مصر وقتًا أوسع لتنفيذ الإصلاحات    ترامب: لا أسعى للقاء جين بينج لكني قد أزور الصين تلبية لدعوته    بدء دخول شاحنات المساعدات الإنسانية من مصر إلى قطاع غزة    عاجل.. الشرطة تلقي القبض على رمضان صبحي بعد عودته من تركيا    سميرة صدقي: محمد رمضان وأحمد العوضي مش هيعرفوا يبقوا زي فريد شوقي (فيديو)    العظماء السبعة في دولة التلاوة، خريطة إذاعة القرآن الكريم اليوم الثلاثاء    موعد عرض مسلسل حرب الجبالي الحلقة الأخيرة    رئيس الوزراء البريطاني يعقد اجتماعا طارئا لبحث مسار السلام في غزة    رابط التقديم الإلكتروني ل تنسيق الصف الأول الثانوي 2025.. مرحلة ثانية (الحد الأدني ب 6 محافظات)    تفاصيل القبض على رمضان صبحي في مطار القاهرة (إنفوجراف)    ضياء رشوان: الأصوات المشككة لن تسكت.. والرئيس السيسي قال ما لم يقله أحد من الزعماء العرب    «رجب»: احترام العقود والمراكز القانونية أساس بناء الثقة مع المستثمرين    يوسف معاطي: «سمير غانم بيضحك ودمه خفيف أكتر من عادل إمام»    من «ظلمة» حطام غزة إلى «نور» العلم فى مصر    مرشح الجبهة الوطنية: تمكين الشباب رسالة ثقة من القيادة السياسية    بدء اختبارات مشروع تنمية المواهب بالتعاون بين الاتحادين الدولي والمصري لكرة القدم    تشييع جثماني طبيبين من الشرقية لقيا مصرعهما في حادث بالقاهرة    وزير الثقافة يشهد العرض المسرحي «حواديت» على مسرح سيد درويش بالإسكندرية    لا تليق بمسيرتي.. سميرة صدقي تكشف سبب رفضها لبعض الأدوار في الدراما    تحت عنوان «إتقان العمل».. أوقاف قنا تعقد 126 قافلة دعوية    في عامها الدراسي الأول.. جامعة الفيوم الأهلية تعلن المصروفات الدراسية للعام الجامعي 2025/2026    «النادي ممكن يتقفل».. رسائل نارية من نصر أبوالحسن لجماهير الإسماعيلي    تشييع جثمانى طبيبين من الشرقية لقيا مصرعهما فى حادث على الدائرى.. صور    قرار مفاجئ من أحمد عبدالقادر بشأن مسيرته مع الأهلي.. إعلامي يكشف التفاصيل    صراع على السلطة في مكان العمل.. حظ برج الدلو اليوم 29 يوليو    محافظ سوهاج يوجه بتوفير فرصة عمل لسيدة كفيفة بقرية الصلعا تحفظ القرآن بأحكامه    لجنة للمرور على اللجان الانتخابية بالدقهلية لبحث جاهزيتها لانتخابات الشيوخ    لها مفعول السحر.. رشة «سماق» على السلطة يوميًا تقضي على التهاب المفاصل وتخفض الكوليسترول.    للحماية من التهاب المرارة.. تعرف على علامات حصوات المرارة المبكرة    بدون تكلفة ومواد ضارة.. أفضل وصفة طبيعية لتبييض الأسنان    جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية تُقدم خدماتها الطبية ل 476 مواطناً    مي كساب بإطلالة جديدة باللون الأصفر.. تصميم جذاب يبرز قوامها    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألتراس قبل الميلاد
نشر في التحرير يوم 07 - 10 - 2011

حينما صرخ الألتراس الأهلاوى بنشيدهم الأثير «حرية حرية» أمام محكمة مدينة نصر كان المشهد يعكس أصداء متشابهة لصراخ قديم خلال عهد الإمبراطور الرومانى جستنيان عام 532 قبل الميلاد، فى ما عرف بثورة نيقا، وهى الثورة التى انطلقت فى يناير أيضا وخرج على أثرها الإمبراطور يلقى خطابا منكسرا يَعِد فيه بالإصلاحات يوم 28، وانتهى الأمر به إلى اتخاذ قرار الفرار ولم يوقفه إلا زوجته الإمبراطورة ثيودورا، عاد جستنيان بأسلحة السياسة التقليدية السيف والذهب.. استمال فريقا وقتل 30 ألفا من الفريق الآخر.. حتى استتب الأمر له.
أوجه التشابه بين المشهدين مذهلة وتحمل فى طياتها تنبؤات بأحداث فى المستقبل وأجوبة لألغاز فى الحاضر. القاسم المشترك بينهما هو قوة جماهير الفرق الرياضية. ففى عهد جستنيان تطور نفوذ الجماهير المشجعة إلى سباق العربات والخيول (فريقى الزرق والخضر) فى الهيبيدروم، والأخير مكان اللعب والتنافس الرياضى، اعترضت الجماهير على سياسات الإمبراطور المالية التى وضعها يوحنا الكبدوكى، ونفوذ رجل القانون المقرب منه تريبونيان. طالب الثائرون بعزلهما ثم تطور الأمر إلى المطالبة بعزل الإمبراطور نفسه، وتعيين ابن أخ الإمبراطور السابق مكانه، وافق جستنيان على مطالب المتظاهرين وعزل تريبونيان ويوحنا الكبدوكى ولكن جاء ذلك متأخرا.
واندلعت الشرارة واجتاحت المدن، وتحول سخط الهيبيدروم إلى حرب أهلية يوم 25 يناير، ثم حاصر المتظاهرون القصر يوم 28، وخرج الإمبراطور ضعيفا يتودد للشعب، وأعلن مسؤوليته عن الأحداث واستعداده التنازل عن السلطة، ثم قرر الفرار لكن زوجته أوقفته، أحرجته بتهكمها «إن شئت أن تنجو بنفسك فليس ذلك صعبا ولا شىء يمنعك فالمال وفير والبحر وسيع والسفن كثيرة على الشاطئ، أما أنا فإنى لن أتمسك بالقول القديم إن العباءة الإمبراطورية خير الأكفان».
لجأ إلى الحيلة فأمر قائده نارسيس باستمالة رؤساء الأحزاب بالأموال والهدايا، خصوصا زعماء الزُّرق، وفعلا نجح فى ذلك وانسحب الزُّرق من الهيبيدروم، ثم جمع قائد الجيوش بليزاريوس جنوده وتوجه إلى الهيبيدروم وارتكب مذبحة راح ضحيتها من 30 إلى 40 ألف شخص.. قمع الثورة واستمر حكمه قويا.
تفاصيل ثورة نيقا مسطورة فى أكثر من مرجع منها كتاب الدكتور وسام عبد العزيز فرج «دراسات فى تاريخ وحضارة الإمبراطورية البيزنطية»، وكتاب «بيزنطة بين الفكر والدين» للدكتور رأفت عبد الحميد، وكتاب الدكتور إسحق تاوضروس «عبيد التاريخ السرى لبركوبيوس».
تفاصيل الصفحات تحمل بذورا لما نراه اليوم.. ففيما هتف الألتراس البيزنطيون «نيقا.. نيقا» أى النصر النصر، ورددت خلفهم الأغلبية «عاش الزرق والخضر الرحماء». اليوم يهتف الألتراس الأهلاوى «حرية.. حرية» فى المدرجات، وتتبعهم كتلة غير رياضية فى الميادين. نكتشف أن الألتراس كتلة سياسية خام لم تلوثها الصفقات بعد، كتلة كثيرة العدد لها زعامات، تملك رأس مال ثوريا مؤثرا فى نجاح ثورة يناير المصرية، وأبرزه دورهم فى موقعة الجمل. قدمت الكتلة تضحيات ملموسة، كتلة تمارس السياسة بروح اللعب وبتنظيم العسكر فتمنح المواجهات مع السلطة متعة وإثارة ونصرا فى المعارك المباشرة والسريعة، وتضخ طاقة إضافية فى أوردة النضال.
تقول كلمات أغنيتهم للحرية.. «قلناها زمان للمستبد.. الحرية جاية لا بد.. يا حكومة بكره هتعرفى بإيدين الشعب هتنضفى.. حرية حرية».
انتبه لكتلة الألتراس محمد البرادعى قال إن ما فعلوه فى مباراة الأهلى والترجى أعاد روح الثورة.. مثمِّنا قدرتهم على تنظيم الأمن فى المدرجات، دون الحاجة إلى الشرطة وإبراز اعتراضهم على حبس زملائهم احتياطيا بشكل حضارى مؤثر.
كتلة الألتراس الهائلة قابلة للتحالف مع كتل أخرى.. رأينا ما فعله ألتراس الزمالك وكيف تحالفوا مع مطالب ألتراس الأهلى.. تملك القدرة على التأثير عبر آليات متنوعة وربما متناقضة.. قادرة على خوض المعارك بمرونة وقوة.. وعلى التحاور الحضارى والاعتراض السلمى.. وفوق ذلك القدرة على التأثير فى كتلة الأغلبية الصامتة بميولها الكروية وابتعادها عن تراشقات النخبة، وجدل المثقفين.
من بين سمات كتلة الألتراس المتحفزة للسياسة قدرتها على الخصوبة.. تزداد عددا عبر خطاب بسيط ومؤثر يقنع قاطعا عريضا من وطن شاب.. يمثل صغار الشباب أغلبيته. وتتسع رقعة الكتلة كلما سدت منافذ الأحزاب.. وعادت الوجوه القديمة.. لن يدخل هؤلاء دكاكين يملكها مثلا محمد عبد العال أو السيد البدوى.
فى صورتها الهادئة تقتصر كتلة الألتراس على كونها جماعة ضغط لها مطالب سياسية تنتزعها مع مطالبها الأخرى.. وفى أوقات التوتر قد تتحول إلى رقم يصعب السيطرة عليه.
يقول لنا التاريخ إن جستنيان قضى على ثورة نيقا.. وسارع بعدها فى توسيع الإمبراطورية وإصلاح الدولة. لكن التاريخ يقول لنا أيضا إن ثورة نيقا كانت هبّة شعبية لجمهور الرياضة والمضطهدين دينيا والمأزومين اقتصاديا بلا أجندة معروفة.. بينما هبّة المصريين أصبحت ثورة، لها أجندتها وخارطتها.. كما يقول لنا أيضا إن رئيسا كان اسمه مبارك استسهل استخدام العصا لإزاحة كل العقبات فى طريق التمديد والتوريث وإسكات المطالب.. ومع كل ضربة عصا يزداد السخط.. حتى وجد نفسه فى القفص.. بينما يحتفل الألتراس بالشماريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.