الهدف من هذه السياسة هو جعل حلف الناتو يلغي تعهده بضم جورجياوأوكرانيا ذات يوم للحلف، كما تريد روسيا من كلا البلدين الانضمام إلى الاتحاد الأوروآسيوي بقيادة موسكو كان أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأسبوع الماضي، فرصة سانحة لفرض عقوبات اقتصادية جديدة على جورجيا، بعد أن دعاه البرلمان لمعاقبة الاحتجاجات المناهضة للكرملين بها، لكن بوتين رفض هذا العرض قائلا: "إنني أحترم الجورجيين". أثار رد فعل بوتين غير المتوقع تساؤلات عما إذا بدأ الكرملين يعيد التفكير في نهجه التقليدي تجاه الدول المجاورة، واللجوء بدلا من ذلك إلى القوة الناعمة. وجاء ذلك بعد أن تبنى بوتين مؤخرا اتجاه الاتحاد الأوروبي لتأييد حكومة ائتلافية في مولدوفا بقيادة سياسيين مؤيدين للغرب، ونيته الإفراج عن البحارة الأوكرانيين الأسرى. ونقلت شبكة "بلومبيرج" الأمريكية، عن سالومي زورابيشفيلي رئيسة جورجيا، قولها إن الوقت قد حان للتغيير، وأضافت الدبلوماسية الفرنسية السابقة أن "سياسة الحرب والاحتلال والعقوبات تدفع جورجيا في مسارها الغربي". وكانت روسيا في صراع مع الدول السوفييتية السابقة لسنوات، في الوقت الذي كانت تسعى فيه كل من جورجيا ونقلت شبكة "بلومبيرج" الأمريكية، عن سالومي زورابيشفيلي رئيسة جورجيا، قولها إن الوقت قد حان للتغيير، وأضافت الدبلوماسية الفرنسية السابقة أن "سياسة الحرب والاحتلال والعقوبات تدفع جورجيا في مسارها الغربي". وكانت روسيا في صراع مع الدول السوفييتية السابقة لسنوات، في الوقت الذي كانت تسعى فيه كل من جورجياوأوكرانيا ومولدوفا إلى مزيد من التكامل مع الاتحاد الأوروبي والأمل في الحصول على عضويته. كما تتوق جورجياوأوكرانيا أيضا إلى الانضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلنطي "الناتو"، وهو ما أغضب الكرملين، الذي دائما يتهم الغرب بتقويض أمن روسيا من خلال زيادة أنشطته بالقرب من حدوده. إلا أن الضغط الاقتصادي والعسكري الروسي الذي لا هوادة فيه قد جعل هذه الدول أكثر تصميما على الهروب من مدار موسكو، وأذكى العداء معها. ومع ذلك، فإن الاحتجاجات العنيفة التي اندلعت الشهر الماضي على مرأى من رئيس البرلمان الروسي في اجتماع في جورجيا قد صدمت الحكومات في موسكو وتبليسي على حد سواء، واتهم كل منهما عدوه المشترك، الرئيس الجورجي السابق ميخائيل ساكاشفيلي، بالوقوف وراء هذه المظاهرات. وقالت زورابيشفيلي إن الاحتجاجات الكبيرة التي قادها الشباب في البداية كانت عفوية، حتى لو سعت الأحزاب السياسية لاحقا إلى الاستفادة منها، مضيفة أنها كانت "تجسيدا لشعور الشعب الجورجي الراسخ بشدة بأنه لا يقبل الوضع الراهن". شراء الحسابات.. كيف تدخل بوتين في انتخابات أوكرانيا؟ وهذا في إشارة إلى الوضع منذ حرب عام 2008 بين روسياوجورجيا، والتي انتهت بسيطرة القوات الروسية على منطقتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، في جورجيا، حيث أكدت زورابيشفيلي: "ليس صحيحا أنه يمكنك نسيان هذه الأشياء". وتسيطر حالة من القلق على النشطاء من قيام الحكومة الحالية، التي يديرها من وراء الكواليس رجل الأعمال الملياردير بيدزينا إيفانيشفيلي، بإضعاف الزخم نحو التقارب مع أوروبا، في الوقت الذي سعت فيه إلى تخفيف التوترات مع روسيا. فابتداءً من عام 2013، بعد فترة وجيزة من وصول حزب إيفانيشفيلي إلى الحكم، رفعت روسيا على مراحل الحظر المفروض على النبيذ الجورجي والمياه المعدنية والمنتجات الزراعية. هذه التحركات، بالإضافة إلى تدفق السياح الروس إلى جورجيا، الذين بلغ عددهم 1.4 مليون في العام الماضي، بدأت في جعل البلاد أكثر اعتمادا على موسكو من الناحية الاقتصادية. وكثيرا ما لجأت روسيا إلى فرض عقوبات على جيرانها عندما تتصاعد التوترات السياسية، ولجأت إلى القوة العسكرية بعد الإطاحة بالرئيس الأوكراني الموالي للكرملين في ثورة 2014، وضم شبه جزيرة القرم وإثارة صراع انفصالي في شرق البلاد، أسفر عن مقتل 13 ألف شخص. وقال فلاديمير فرولوف، وهو دبلوماسي روسي سابق، إن سياسة روسيا تجاه الدول الثلاث لم تنجح "تماما حتى الآن"، وقد يكون التغيير جاريا. وأضاف فرولوف للشبكة الأمريكية أن الهدف من هذه السياسة هو جعل حلف الناتو يلغي تعهده الذي اتخذه في قمة عام 2008، بأن تصبح جورجياوأوكرانيا في يوم من الأيام عضوين في الحلف، كما تريد روسيا من كلا البلدين الانضمام إلى الاتحاد الأوروآسيوي بقيادة موسكو، بدلا من الاتحاد الأوروبي. هل تضررت أوروبا من عقوباتها ضد روسيا في أزمة القرم؟ وتابع الدبلوماسي السابق: "لذلك انتقلت موسكو من الاعتماد على القوة التقليدية إلى القوة الناعمة"، مضيفا أن بوتين ليس في عجلة من أمره، وأنه "يحتاج إلى إلغاء فكرة عضوية جورجيا في الناتو بشكل رسمي، وزيادة الانتماء إلى موسكو". إلا أن ذلك قد يكون غير ممكن الآن، فبعد حرب عام 2008، اعترفت موسكو باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، حيث يعد الكرملين الأخيرة أرضا روسية، لذا لن يكون من السهل التراجع عن هذا الموقف، ومن غير المرجح أن يقبل أي زعيم جورجي هذه الادعاءات والبقاء في السلطة. إلا أن التحدي في أوكرانيا كبير، حيث تحدث الرئيس الأوكراني الجديد فولودومير زيلينسكي، مع بوتين للمرة الأولى في 11 يوليو الجاري، حيث طالب بإحياء محادثات السلام والإفراج عن 24 بحارا أوكرانيا تحتجزهم روسيا منذ نوفمبر، عندما حاولت سفنهم المرور إلى بحر آزوف، وهو مياه مشتركة بالقرب من شبه جزيرة القرم، لكن محكمة في موسكو مددت، يوم الأربعاء الماضي، احتجاز البحارة. ودفعت التهديدات الروسية كلا من جورجياوأوكرانيا إلى تحقيق نتائج أفضل في تلبية معايير الاتحاد الأوروبي في مجالات مثل الديمقراطية وبيئة الأعمال مقارنةً بالعديد من بلدان غرب البلقان، وفقًا لدراسة أعدها مركز السياسة الأوروبية العام الماضي. وترى "بلومبيرج" أن هذا صحيح على الرغم من حقيقة أن دول البلقان مثل ألبانيا وصربيا قد تلقت وعودا صريحة بأنها تستطيع الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في حين أن جورجياوأوكرانيا لم تتلقيا تلك الوعود. وفي ما قد يكون نتيجة مباشرة للاحتجاجات، أعلنت زورابيشفيلي في 11 يوليو الجاري، أن جورجيا ستبدأ في تلبية متطلبات الانضمام للاتحاد الأوروبي. وقال مايكل إيمرسون، مؤلف دراسة مركز السياسة الأوروبية، عن جورجياوأوكرانيا، إن "بوتين فقد كلتيهما"، وأضاف أن "روسيا أصبحت هي العدو، وهو أمر لم يكن محتوما وسيكون من الصعب جدا عكسه". ترامب يواصل دعم أوكرانيا عسكريا رغم العلاقات الجيدة مع بوتين وحتى في بيلاروسيا، وهي أقرب حليف لموسكو، فشلت الضغوط الاقتصادية المتصاعدة حتى الآن في إقناع الرئيس ألكساندر لوكاشينكو بقبول تكامل أكبر مع روسيا، حيث إن التمهيد لدمج كامل محتمل بين البلدين يمكن أن يسمح لبوتين بتجنب حدود فترات الرئاسة والحكم كرئيس مدى الحياة لدولة موحدة، وهو ما دفع لوكاشينكو إلى الميل تجاه الاتحاد الأوروبي والصين. كما توسعت آفاق جورجيا الاقتصادية، حيث واصلت الحكومة الحالية سياساتها الهادفة إلى جعل جورجيا جذابة للمستثمرين الأجانب، حيث تحتل الآن المرتبة السادسة في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال للبنك الدولي، كما أن لديها اتفاقية تجارة حرة مع الصين، والاتحاد الأوروبي. ويقول ميخائيل تشوكاسيلي، الرئيس التنفيذي لشركة "جوريلي" للشاي الجورجي: "يمكن لجورجيا أن تتاجر مع الصين والاتحاد الأوروبي ودول الاتحاد السوفييتي الأخرى ودول الخليج وتركيا وإيران، وهو سوق يبلغ عدد سكانه 2.3 مليار نسمة"، وتساءل: "لماذا نستمر في النظر إلى ال140 مليون مستهلك في روسيا؟". إلا أن زورابيشفيلي ترى أن روسيا لا تزال بإمكانها الاستفادة من اللغة، والاقتصاد، وحسن نية الشعب، إذا ما اختارت التحول إلى القوة الناعمة في التعامل مع جورجيا، مضيفة أنها لا تعرف كيف تستغل ذلك.