الجيران: يوم الخميس الصبح سمعنا صراخ وطلعنا لقينا دخان طالع من شقة عم عبده.. ابنه كان بيصرخ «أبويا مات» وافتكرنا الحريق قضاء وقدر لحد ما النيابة جابته يمثل الجريمة في زمن تلاشت فيه الرحمة من القلوب وتصدرت القسوة والغل المشهد ولعب الشيطان دور السنيد فبطل القصة «محمد عبده» شاب عشريني واحد من شياطين الإنس تقمص أدوار الشر ببراعة لم تصادفه يوما آية «وبالوالدين إحسانا» وكأنه لم يسمعها طيلة حياته وبات لا يفكر إلا في التخلص من والده الذي بلغ من العمر عتيًا وتجاوز الستين عامًا وسطر قصة مأساوية حروفها يتوسطها الخزي ونهايتها درامية تدمى القلوب. ضحايا «العاق» كل ذنبهم في الحياة أن القدر ساقه في طريقهم، دون أن يتخيل الأب أن الابن الذي ترجاه في حياته سيقضي عليه بطريقة تفوق في بشاعتها الوصف. قبل عشرين عامًا أو يزيد تزوج «عم عبده» من سيدة أنجبت له 5 فتيات وفي كل مرة يمني نفسه ويدعو الله بأن المولود القادم يكون ولدا يحمل اسمه ويعيش سندا له في الحياة. واستجاب الله لدعواته ورزقه بولد وحيد وبعدها توفيت والدة «محمد» وتقدم الوالد في السن وبات في حاجة ملحة لسيدة آخرى قبل عشرين عامًا أو يزيد تزوج «عم عبده» من سيدة أنجبت له 5 فتيات وفي كل مرة يمني نفسه ويدعو الله بأن المولود القادم يكون ولدا يحمل اسمه ويعيش سندا له في الحياة. واستجاب الله لدعواته ورزقه بولد وحيد وبعدها توفيت والدة «محمد» وتقدم الوالد في السن وبات في حاجة ملحة لسيدة آخرى ترعى شئونه وتقوم على خدمته بعدما أنهكته متاعب الحياة وليكمل الباقي من عمره إلى جوارها حتى وجدها سيدة تجاوزت الخمسين من عمرها تزوجها وعاشت معه راضية بقليلها وهي لا تعرف أن للرجل الطيب شيطانا رجيما قتلهما معا وأحرق جسدهما الضعيف وحوله إلي رماد. برج سكني شاهق الارتفاع يجلس أمامه «عم عبده البواب» حارسا وبصحبته زوجته ويقيمان بغرفة بالطابق الأرضي ضيقة وكأنها لا تسع سواهما عاما كاملا مر على الرجل وزوجته يلاقيان من قاطني العمارة كل الود والاحترام وتسير الحياة عادية لا جديد تحت الشمس وقبل شهر مضى ظهر في حياتهما شاب غريب يجلس معهما أمام العمارة غير مألوف وجهه لدى السكان قبل أن يقوم الرجل بكشف هوية ذلك الدخيل لهم «ده محمد ابني» لاقى هو الآخر بعدها معاملة طيبة منهم يشاهدونه جالسا مع والده بعض الوقت وفي المساء يرحل لحال سبيله إلا أن ثمة شيء وقع صباح الخميس الماضي غير مجرى الأحداث حيث نشب حريق هائل في غرفة الرجل وزوجته خلف وراءه جثتيهما ودخان كثيف مازالت أثاره قابعة على الجدران وفاجعة اهتز على وقعها سكان المنطقة بعدما شاع بينهما خبر وقوع جريمة قتل بشعة وأن الحادث ليس مجرد حريق. الحادث خلف وراءه موجة من الغضب والسخط، وصدمة كبيرة في أوساط سكان شارع العشرين بمدينة السلام عندما شاهدوا الشاب بصحبة فريق من النيابة يقوم بتمثيل جريمته في حق والده وزوجة الوالد وكيف كسر عظامهما قبل أن يسكب عليهما «البنزين» ويحرق جثتيهما في مشهد بشع لا يمت للرحمة والإنسانية بصلة. «التحرير» كانت في شارع جانبي متفرع من شارع العشرين بالسلام، لكشف غموض محرقة «أبن البواب» وكيف تمت جريمته وكواليس ما حدث في العمارة الهادئة التي لم يكن يتخيل أكثر المتشائمين من سكانها ما دار بها من أحداث درامية باتت حديث المدينة بأكملها وشاهدة جدرانها على أبشع جريمة قتل وحرق مسن وزوجته على يد من وهباه الحياة. «عم عبده ده كان راجل طيب في حاله عايش في الأوضة اللي تحت وبيشتغل بواب هنا في العمارة من حوالي سنة ومن شهر لقيت شاب قاعد معاه بسأله عنه قالي ده ابني» بهذه الكلمات بدأ «ممدوح» أحد السكان حديثه، مضيفا «يوم الخميس الساعة 6 الصبح شوفته واقف بيمسح الأسانسير بقوله أبوك عامل إيه يا محمد قالي كويس وطلعت شقتي والساعة 8 صحيت على صوت صراخ ومطافي جاية في الشارع وحريقة كبيرة في أوضة عم عبده». واستطرد «مات عم عبده ومراته في الحريق وكنا فاكرينها قضاء وقدر بس بعد كده عرفنا إن ابنه اتقبض عليه واعترف إنه هو اللي ولع في الأوضة ومش مصدق إن في حد بالقسوة والجبروت ده يقتل أبوه ومرات أبوه ويولع فيهم النار ومحدش عارف السبب خلافات مالية وكان عايز يسرقهم ولا إيه.. لما كان عبده بيعرفني على ابنه ده كان فرحان بيه وهو بيقولي ده ابني ميعرفش إن ابنه هيقتله بالطريقة البشعة دي حسبي الله ونعم الوكيل فيه أبوه كان راجل غلبان برغم كبر سنه كان عنده أمانة في شغله». «أم سيف» واحدة من السكان تقول «الساعة 8 الصبح صحينا على صوت صراخ ودخان كتير واصل من تحت لحد عندنا في الدور الخامس نزلنا نجري لقينا أوضة عم عبده مولعة وابنه واقف يصرخ «أبويا مات» ومتعور في ايده ومحدش فينا كان يعرف إنها جريمة قتل غير من يوم بس لما كان بيمثل جريمته». وأضافت «خلى الشك يحوم ناحيته لما قال إنه دخل لقى أنبوبة البوتجاز انفجرت والأنابيب طلعت سليمة لأنها لو انفجرت زي ما قال كانت العمارة كلها وقعت علينا سمعنا إن المعمل الجنائي لقى «بنزين» في الأرض وكمان كاميرات المراقبة صورته وهو بيدخل ويطلع يوم الواقعة وفيه حركة غير طبيعية ومحدش عارف عمل كده ليه علشان يسرق ولا أبوه عنده أرض في البلد وعايز يورثها لأنه ولد وحيد على 5 بنات». مضيفة «مشوفتوش غير من أسبوعين بس ومكنش بييجي هنا وأنا ساكنة من حوالي سنة وعم عبده ومراته ميستهلوش كل ده ناس كبيرة في السن وطيبين مشوفتش منهم غير كل خير الحمد لله وقبضوا عليه علشان ياخد جزاء اللي عمله.. إحنا من يوم اللي حصل مش عارفين ننام ولا نعيش عملنا رعب وفزع من اللي شوفناه وفي حالة ذهول.. مرات أبوه كنت بشوفها بعيني تجيبله ياكل ويشرب وفي الآخر قتلها هي وأبوه وعذبهم بالنار حتى بعد ما ضربهم وكأنه قتلهم مرتين حسبي الله ونعم الوكيل». «كنت بشوفه قاعد قدام العمارة وأنا معدي كل يوم راجل كبير في السن ومعاه مراته وعنده توك توك بيشتغل عليه ابنه منه لله» كلمات قالها «هاني» صاحب ورشة بالشارع. مضيفا «أنا ساكن قريب من هنا ويوم الواقعة حد قالي إن فيه حريقة في الشارع نزلت أشوف المحل بتاعي لقيت الإسعاف والمطافي والشرطة بسأل الناس قالولي عم عبده ومراته ماتوا وابنه واقف بيصرخ وكان متعور في إيده». وأضاف «لحد كده كنا فاكرينها حريقة عادية مكناش نعرف إن ابنه هو اللي عمل كده وكان بيمثل يوم الواقعة ويبكي عايز يوهم الناس إنه حزين على أبوه وبعد ما راح اتعالج من الحرق اللي في إيده خرج عمل عزاء لوالده كان فاكر إن جريمته عدت خلاص ومحدش هيكشفه بس اتكشف وكان بيمثل الجريمة هنا بعد القبض عليه.. مفيش حد يعمل في أبوه كده ده لو الواحد لو أبوه تراب ميدسش عليه». جريمة هزت مدينة السلام.. شاب يحرق والده وزوجته الشهوة والدم.. جريمة الكوافيرة والعشيق تهز شبرا «سالي والركين» قصة أبشع جريمة ذبح في مدينة نصر جريمة هزت القناطر.. تكبيل شاب بسلسلة وحرقه بالنار