تشكلت ثقافتنا السينمائية عبر مراحل العمر المختلفة، ومن خلال المشاهدة وتطوير الثقافة البصرية، والحساسية للصورة ومكوناتها وحركة الكاميرات، والأداء التمثيلى، والبُنى السردية للعمل، ومدى غلبة البعد البصرى وتشكيلات الأبيض والأسود والنور والظلال وحركة الكاميرات، على أداء الممثلين والممثلات، والرؤى الإخراجية من حيث الكلاسيكية أو التجديد فى التجارب الإخراجية، سواء لدى بعض المخرجين الغربيين الكبار، أو المصريين والعرب لاسيما فى النصف الثانى من عقد السبعينيات وما بعد، وبروز تجارب إخراجية عربية فى الجزائر وتونس والمغرب. تشكلت ثقافتنا السينمائية عبر مراحل العمر المختلفة، ومن خلال المشاهدة وتطوير الثقافة البصرية، والحساسية للصورة ومكوناتها وحركة الكاميرات، والأداء التمثيلى، والبُنى السردية للعمل، ومدى غلبة البعد البصرى وتشكيلات الأبيض والأسود والنور والظلال وحركة الكاميرات، على أداء الممثلين والممثلات، والرؤى الإخراجية من حيث الكلاسيكية أو التجديد فى التجارب الإخراجية، سواء لدى بعض المخرجين الغربيين الكبار، أو المصريين والعرب لاسيما فى النصف الثانى من عقد السبعينيات وما بعد، وبروز تجارب إخراجية عربية فى الجزائر وتونس والمغرب. حول المشاهدة كانت متابعة الكتابات النقدية حول السينما والأفلام فى بعض الكتب العربية القليلة، أو المقالات أو النشرات التى تصدر بالعربية أو المتابعات باللغة الإنجليزية فى الصحف البريطانية، ثم الفرنسية فى نهاية الثمانينيات وما بعد.. لم تكن الثقافة السينمائية لدى عشاق الفن السابع تشتمل على ما يمكن أن نطلق حول المشاهدة كانت متابعة الكتابات النقدية حول السينما والأفلام فى بعض الكتب العربية القليلة، أو المقالات أو النشرات التى تصدر بالعربية أو المتابعات باللغة الإنجليزية فى الصحف البريطانية، ثم الفرنسية فى نهاية الثمانينيات وما بعد.. لم تكن الثقافة السينمائية لدى عشاق الفن السابع تشتمل على ما يمكن أن نطلق علية ثقافة المهرجانات، وطقوس المشاهدة والقراءة حول عروضها متعددة الجنسيات، تلك التى بدأت مع مهرجان القاهرة السينمائى فى 16 أغسطس 1976. إن أهمية المكونات المختلفة للثقافة السينمائية تتمحور حول المشاهدة، والتدريب على تحليل الخطاب البصرى أو المرئى، وبنيته وسروده وجمالياته وتجاربه الإخراجية، وتعتمد أيضا على بعض المعرفة بالدراسات السينمائية حول المدارس الإخراجية، والتصوير، وجماليات الصورة، والأداء التمثيلى، والتدريب البصرى على مشاهدة المدارس السينمائية العالمية - الأوروبية والأمريكية واللاتينية والآسيوية- والمصرية والعربية. إن تشكيل الثقافة السينمائية للمشاهد المثقف لا تقتصر على الأفلام الروائية، وإنما تمتد إلى الأفلام التسجيلية -الوثائقية-، وصولا لأفلام الموبايل فون، مع تطور الثقافة الرقمية والاتصالية. فى قلب هذه العملية البصرية المستمرة، تُشكل القراءة والمتابعة جزءًا أساسيا فى إرهاف الحساسية البصرية والذائقة السينمائية، التى تختلف بين مثقف وآخر، وبينهم وبين المشاهد العادى. لا شك أن نظام المهرجانات لعب ولا يزال -حتى الآن لكن فى حدود فى ظل الثورة الرقمية والاتصالية وتسهيلاتها المتطورة- دورًا مهمًا فى تكوين ثقافة المشاهدة وإنمائها، للمشاهد، وللسينمائيين، وذلك على الرغم من تطور واتساع إمكانات وقنوات المتابعة والمشاهدة لأنماط متعددة من السينما العالمية متعددة المدارس، والإنتاج، والأساليب، فى ظل دخول التكنولوجيا الرقمية، والذكاء الصناعى فى تشكيل وإنتاج الأعمال السينمائية، وذلك على نحو سوف يؤثر فى العمق على السرديات البصرية، وفى الأداء التمثيلى والتصويرى والإخراجى، وهو الأمر الذى دخل إلى حيز التنفيذ، ومنها على سبيل المثال فيلم خيال علمى هو A.i Artificial intelligence أى: الذكاء الصناعى -أندرويد، وذكاء صناعى- إخراج ستيفين سبيلبرج وبلغت ميزانيته 100 مليون دولار، وأفلام آخرى عديدة استخدمت تقنيات الذكاء الصناعى، أو حول دور هذه النقلة النوعية الكبرى وما ستحدثه فى الحياة الإنسانية. ثقافة المهرجانات، شكلت جزءًا من عالم السينما، إلا أنها ستتأثر كثيرًا بالتطورات الكبرى للثورة الصناعية الرابعة، والرقمنة، واتساع دوائر وآفاق وسائل التواصل الاجتماعى. إن ما يجرى فى عالمنا من تحولات وأثرها على الثقافة السينمائية ومصادرها يستدعى إلى الذاكرة علاقتنا كمشاهدين بطقس المشاهدة أو القراءة عبر المراحل العمرية المختلفة، سواء المشاهدة وسط الأسرة فى قاعات عروض سينمات الدرجة الثانية فى بعض أحياء الطبقة الوسطى فى القاهرة والجيزة، أو من خلال دور عرض الدرجة الأولى، وذلك فى إطار مراحل العمر المختلفة من الصبا إلى الشباب فى مصر، أو فى غيرها من البلدان الأوروبية فى أثناء الدراسة فى فرنسا، أو السفر فى المؤتمرات الدولية. خبرة شخصية، لكن بعض القلة من مثقفى أبناء جيلنا السبعينى كانوا مولعين ولا يزالون بالفن السابع الذى كان جزءاً مهماً من تكوينهم البصرى والثقافى، مع الفنون التشكيلية والآداب، بالإضافة إلى تخصصاتهم المختلفة. محاولة تنشيط الذاكرة حول طقس المشاهدة فى دور العرض، تستدعى ذكريات بصرية جميلة أثرت إلى حد ما، فى تكويننا وحساسيتنا وذائقتنا بل ونظراتنا للعالم حولنا مع المصدر الرئيسى للمعرفة حول الكتب والموسيقى والفنون التشكيلية، وخبرات الحياة والتعلم المختلفة. أن نظرة على تاريخنا البصرى حول السينما، تشير إلى تطور ثقافة العين من خلال هذا الطقس الجميل والفاتن. فى مراحل العمر المختلفة شكل طقس مشاهدة أفلام السينما المصرية جزءاً جميلاً من مسارات حياتنا، كل أسبوع منذ مرحلة الصبا. كان ثمة موعد لذهاب الأسرة إلى السينما فى منطقة شبرا، فى واحدة من دور العرض، هى دوللى، وشبرا بلاس، والنزهة الصيفى بالترعة البولاقية، وبلازا، وفريال والجندول والتحرير.. الخ فى حى الطبقة المتوسطة المصرية التى تعايش فيه الأقباط والمسلمين وبعض من بقايا اليهود المصريين والأرمن وآخرين، وذلك فى حالة من التوحد والتفاعل والتسامح والمحبة، وكانت السينما جزء من طقوس الحياة المشتركة بذهاب الأسر معاً إلى حفلات الساعة السادسة أو التاسعة. فى مرحلتى الصبا والشباب كان الذهاب إلى دور عرض الكيت كات، ثم إلى وسط المدينة، حيث تحول طقس المشاهدة إلى جزء من العادات الشخصية. مع القراءة المستمرة، بدأ الوعى البصرى والسينمائى يتبلور فى تقييم الأعمال السينمائية المصرية والأجنبية والفرز والتقييم بين الميلودرامات الفجة، والأداء التمثيلى المسرحى الذى انتقل من خشبات المسارح إلى الأفلام، وهو ما كان مصدراً للضجر والنقد، ثم تطورت الأداءات التمثيلية والإخراجية مع مخرجين كبار على رأسهم صلاح أبو سيف، ويوسف شاهين، وكمال الشيخ وداود عبد السيد، ومحمد خان، ومحمد كامل القليوبى وآخرين من بعض مجايليهم وأجيال أخرى. كانت دور العرض تشكل جزءاً من عادات وسلوك الطبقة الوسطى المدينية فى القاهرة والإسكندرية أساساً، ومعها بعض مدن المحافظات. كانت المشاهدة للأفلام المصرية والأجنبية هى الأساس، ولم تكن المهرجانات قائمة فى مرحلة الصبا، ومن ثم كنا فى مرحلة الشباب نتابع عن طريق القراءة للصحف والمجلات أو المذياع بالاستماع إلى إذاعة ال B.B.C أو مونت كارلو، إلى متابعات بعض معديها أو مقدمى البرامج لظاهرة المهرجانات السينمائية الدولية الشهيرة مثل كان، وفينيسيا، وبرلين، وكارلوفيفارى، وموسكو.. الخ. كنت أتابع هذه المهرجانات لمعرفة الجديد فى السينما العالمية واتجاهاتها الجديدة، من خلال بعض العروض عن الأفلام ومخرجيها لاسيما الواقعية الجديدة الإيطالية وكبار مخرجيها روبرتو روسيلينى وفيتوريودى سيكا وفيسكونتى، وبيير باولوبازولينى العظيم وفللينى وآخرين، والسينما الفرنسية ورواد الموجة الجديدة جان لوك جودار، فرنسوا تروفو، وإريك رومير، وكلود شابرول، وألن ريميه، وأنيس فردا وجاك دمى، الذين تأثروا بالواقعية الجديدة فى إيطاليا، والكلاسيكيات الهليودية، ونظرية سينما المؤلف، والسينما الألمانية فى السبعينيات مع رينار فاسبندر، وهيرتزوج، وفولكر شولندروف، وفيم فيندرز، وبعض من السينما الإسبانية والتجارب السينمائية الجديدة فى الهند وبعض أعمال أمريكا اللاتينية. كانت متابعات بعض النقاد والصحفيين المصريين ذات طابع صحفى وإذاعى تتسم بالنزعة الحكائية والسرد وبعض الأخبار والقليل والشحيح من التحليل السينمائى الجاد. وكنا نذهب إلى نوادى السينما الإيطالية والألمانية، والقاهرة ونلتقط بعض النشرات عن الأفلام التى تعرض فيها. لم يكن لدينا نقاد سينما محترفين ودارسين يستطيعون تحليل الأفلام، وكافة عناصرها وبنياتها وأداءاتها ومكوناتها من خلال اللغة الاصطلاحية التحليلية إلا قليلاً جداً، وكان لدينا ولا نزال حكى عن أفلام السينما وبعض من التقييمات الانطباعية للقصة والأداء التمثيلى والإخراجى، دونما عمق وموضوعية فى متابعة أفلام السينما العالمية أو المصرية أو العربية، وذلك على الرغم من تدفق المعلومات والتحليلات عبر الثورة الرقمية للسينمات العالمية، وأيضا لبث الأفلام مجانا، أو باشتراك فى بعض المواقع. أقول ذلك لأننا كنا نلهث وراء الكتابات فى الجرائد والمجلات الفرنسية والبريطانية والأمريكية، التى كنا نتابع من خلالها السياسة الدولية فى عملنا منذ نهاية عقد السبعينيات فى مركز الدراسات بالأهرام. كانت المهرجانات جزءا لا يتجزأ من الثقافة السينمائية العالمية، وتشكل متابعتها تغذية للمكون الثقافى السينمائى فى تشكيل ثقافة المثقف، والأحرى ثقافة العين والبصيرة والحس الفنى والجمالى، وكانت تمثل جزءا من الثقافات العالمية لاسيما الغربية بامتياز، وواكبت تطوراتها منذ بدايات نشأة السينما مروراً بالثورة الصناعية الثالثة، وأثرها على التطور التقنى للسينما، وكذلك مواكبة التطور فى الفكر والإخراج والأداء، والسرد البصرى عموماً، وهو ما سوف يشهد تطوراً جذرياً مع الثورة الرقمية والذكاء الصناعى فى ظل الثورة الصناعية الرابعة على نحو ما أشرنا على نحو سريع سابقاً. بدأت ثقافة المهرجانات مع مهرجان القاهرة السينمائى السنوى، ولهاث المرء وراء العروض المختلفة بعيداً عن الرقابة السينمائية التى تنامى دورها وطغت فى منع الأفلام الأجنبية، أو الحذف للمشاهد لاعتبارات سياسية أو أخلاقية أو دينية من وجهة نظر الرقابة الرسمية التى ترفع شعار الآداب العامة والنظام العام، هذين المصطلحين السائلين والغامضين اللذين تمارس الرقابة من خلالهما على حريات الرأى والتعبير من منظور سلطوى على عيون المشاهدين للسينما، وعلى عقول المواطنين والقراء للكتب والمشاهدين للأعمال المسرحية والفنية.. الخ. كان مهرجان القاهرة السينمائى فى بداياته لحظة حرية نسبية فى المشاهدة، ومتابعة بعض الاتجاهات السينمائية، والأعمال الجادة. كنا نلهث من دار عرض لأخرى، وراء بعض الأفلام المتميزة والجديدة، والتى لا تعرض إلا فى المهرجان. تحول مهرجان القاهرة السينمائى، ونوادى السينما التابعة للمراكز الثقافية الألمانية والإيطالية والفرنسية إلى جزء تكوينى أساسى فى الثقافة البصرية السينمائية لبعض المثقفين المصريين، واستمر هذا المصدر مع قراءة المقالات والنشرات والكتب والمجلات السينمائية بالعربية والإنجليزية والفرنسية، وذلك حتى مرحلة الفضائيات، والقنوات المتخصصة فى العروض السينمائية المجانية، أو تلك التى يتم الاشتراك فيها مع جهاز استقبال لها، أو مع الثورة الرقمية وأدواتها والاشتراك الشهرى الميسر. لم يعد مهرجان القاهرة السينمائى، هو المصدر الوحيد، وتزايدت المهرجانات التى تقوم بها بعض الجمعيات الأهلية، وغيرها التى تعتمد على بعض المبادرات الفردية أو الجماعية مثل مهرجانات الإسماعيلية، والإسكندرية، وشرم الشيخ، والمهرجان الدولى لسينما المرأة، والجونة والأقصر والسينما الإفريقية. غالب هذه المهرجانات، يعتمد على دعم وزارات الثقافة، والسياحة والمحافظات، وبعض الفنادق، أو الشركات، أو الأفراد وغيرها من الجهات، باستثناء مهرجان الجونة السينمائى الذى ترعاه عائلة ساويرس وشركاتها. يبدو أن طقس المهرجانات لم يعد يشكل جزءاً من الثقافة السينمائية للجمهور على نحو ما تعرفه المهرجانات السينمائية العالمية الكبرى مثل كان، وفينيسيا، وبرلين، وكارلوفيفارى، أو بعض المهرجانات العربية مثل قرطاج المتخصص فى السينما الإفريقية على نحو ما تأسس تاريخيا. تبدو مشكلة غياب الجمهور أحد أكبر مشاكل المهرجانات المصرية التى يحضرها بعض الممثلين والممثلات أو المخرجين أو السينمائيين الذين يتم تكريمهم، ومعهم بعض الصحفيين أو مقدمى البرامج التلفازية، وفى الغالب الأعم لا يشاهد كثيرين منهم الأفلام التى تعرض، وتحولت المهرجانات إلى وقت للاستجمام، ومن ثم تبدو قاعة العرض خاوية إلا من قلة من المهتمين بالمشاهدة، أو المشاركة فى الندوات. تحولت بعض هذه المهرجانات إلى تظاهرات شكلية معزولة عن الجمهور، وتعتمد على بعض التغطيات الصحفية أو التلفازية، ومن ثم فقدت دورها الثقافى فى رفد الثقافة السينمائية للجمهور بالجديد الذى أصبح يتابع السينما عبر القنوات الفضائية، أو المواقع المتخصصة فى البث السينمائى عبر الإنترنت بالاشتراك. بعض هذه المهرجانات فقدت دورها حتى فى مجال السياسة الترفيهية، أو الترويج لبعض هذه المناطق السياحية فى مصر لغياب الجمهور المصرى أو الأجنبى. من ثم لا تلعب دورًا فى تبادل وجهات النظر بين العاملين فى الفن السابع، من خلال الندوات، أو ورش العمل إلا بين القلة القليلة من المهتمين، لاسيما فى ظل الثورة الرقمية، ويسر الوصول إلى المعلومات والأفلام العالمية الجديدة أو الكلاسيكية.. الخ. من هنا يثور السؤال حول مدى جدوى عديد المهرجانات التى تتم فى مناطق سياحية مختلفة، ومدى تحقيق أهدافها السياحية والفنية، فى ظل غياب الجمهور؟ ويثور التساؤل حول ما هى أدوار هذه الجمعيات الأهلية فى مجال الثقافة السينمائية طيلة العام بخلاف المهرجانات التى لا يحضرها الجمهور فى الغالب الأعم؟ ألا يحتاج ذلك إلى إعادة نظر ومتابعة؟ ألا يجب على وزارة الثقافة والسياحة والمحافظين أن يقيموا مدى جدية هذه الجمعيات الأهلية ومهرجاناتها، ليقتصر الدعم المقدم على الجاد منها؟ ومن ثم يوجه الدعم إلى المهرجانات المتميزة أو المبادرات السينمائية التى يقوم بها بعض شباب السينمائيين، أو الجمعيات الأهلية المهتمة بالسينما وتقيم مهرجانات وأنشطة ثقافية نوعية مختلفة عن عديد من المهرجانات القائمة؟ ألا ينبغى على وزارة الثقافة أن تسأل عن ماهية الأنشطة التى تقوم بها هذه الجمعيات سنوياً لتقرر دعم مهرجاناتها أم تحجبه عنها، وتوجهه إلى الجمعيات الجادة؟! أسئلة تحتاج إلى إجابات فى ظل ظاهرة المهرجانات دون جمهور ومشاهدين التى انتشرت فى مصر.