عوامل الزمن والإهمال وصلت بمياه الترعة إلى الجفاف وسط تندر أهل القرية والفلاحين بأن «البلهارسيا» كانت أفضل بكثير مما تشهده الترعة حاليا بعدما باتت مرتعًا للأوبئة رغم ما تسببت فيه من آلام ومرض ظل ملاصقا له حتى وفاته، فإن «الترعة» كانت محل اهتمام بالغ ومكانة شبه مقدسة للفنان الراحل عبد الحليم حافظ، الذي كان يحرص على النزول فيها، خصوصا في أيام الصيف، لكن التمتع بمائها لم يدم طويلا، بعد إصابة «العندليب» بمرض البلهارسيا، الذي بدأ معه بنزيف متكرر، ثم أصيب بفيروس «سي» بسبب نقل كيس دم ملوث إليه، لتنتهي رحلة الفنان الجديد بوفاته صبيحة يوم الأربعاء، 30 مارس، سنة 1977، بعد خدش جدار جهازه الهضمي في أثناء إجرائه عملية جراحية بمستشفى لندن، وبعد وفاته، لحق الترعة مصير مشابه، حيث جفت تماما. أيام البلهارسيا «راحت أيام البلهارسيا» قالها سامي إبراهيم أمين، أحد أهالي قرية «الحلوات» مسقط رأس الفنان الراحل عبد الحليم حافظ، وهو يشير إلى ما تبقى من الترعة الموجودة بجوار أرضه، موضحًا أن الفلاحين كانوا يستخدمونها في ري أراضيهم ومحصولاتهم الزراعية، لكن أيام الترعة «ولّت». «أمين» أيام البلهارسيا «راحت أيام البلهارسيا» قالها سامي إبراهيم أمين، أحد أهالي قرية «الحلوات» مسقط رأس الفنان الراحل عبد الحليم حافظ، وهو يشير إلى ما تبقى من الترعة الموجودة بجوار أرضه، موضحًا أن الفلاحين كانوا يستخدمونها في ري أراضيهم ومحصولاتهم الزراعية، لكن أيام الترعة «ولّت». «أمين» أوضح في حديثه إلى «التحرير» أن «حليم» كانت روحه معلقة بمياه الترعة وكأنها جزء من عائلته، إذ كان صغيرًا يغتسل ويستحم فيها كلما واتته الفرصة، قبل أن يعبر عن ذلك باسمًا: «كان بيستحمى فيها ويخرج يتمرمغ في التراب علشان يرجع يستحمى في الترعة تاني». وقال «أمين» إن حال الترعة اختلف كثيرًا عن ما مضى، إذ كانت مياهها نظيفة رغم وجود «البلهارسيا» فيها، والآن باتت مرتعًا للأوبئة والأمراض التي يصعب حصرها، وسط إهمال تام من جانب المسؤولين عن تنظيفها أو الاعتناء بها. مُصلى ومذاكرة والتقط إبراهيم محمد عبد العزيز، أحد الفلاحين بالمنطقة، أطراف الحديث، موضحًا أن الترعة كانت تضم قديما «مصلى» يحتوي على حصيرة يصلي الناس عليها مع كل أذان، بينما كان الفنان الراحل من عشاق المكان فيأتي لاستذكار دروسه والجلوس فيه، وأوقات أخرى كانت شاهدة على نزوله الترعة، والاستحمام في مياهها. وأوضح في حديثه إلى «التحرير» أن عبد الحليم حافظ كان يأتي للمكان دوما: «بيجي يذاكر هنا وكتير غرق والناس طلعته» قبل أن يضيف أن هذه الأيام كانت عامرة بالخير، لكن ما يحدث الآن هو إهمال لا يستحقه «حليم»، فأقل ما يمكن تقديمه من جانب المسؤولين تطوير المصلى والعمل على أن يكون مزارا وشاهدا على جزء ولو بسيط من تاريخ العندليب في قريته. إني أغرق «إني أتنفس تحت الماء.. إني أغرق» جملة جاءت على لسان العندليب الراحل قبل عقود ضمن كلمات أغنية «رسالة من تحت الماء»، لكنها على ما يبدو لم تكن عابرة أو من وحي الخيال، على حد وصف محمود محمد إبراهيم الديب، أحد أهالي القرية، الذي أشار إلى الصلة الوثيقة بين الترعة وكلمات الأغنية التي غناها عبد الحليم حافظ: «كان بيغرق كتير في الترعة وعلشان كده غنى الأغنية». الديب تطرق إلى أيام وذكريات الفنان الراحل مع الترعة، منوهًا بأنها كانت ملاذه الأخير في القرية، إذ كان دائم الحرص في طفولته على الجلوس إلى جوار الترعة بالقرب من المُصلى، على أن يستحم في مياهها مثله مثل الأطفال في سنه وقتها، قبل أن يوضح أن أيام حليم كانت «حلوة» ولا يعكر صفو الناس شيء. وتابع أن النزول إلى الترعة كان بمنزلة متعة وعادة للجميع صغارا وكبارا، أما الآن فجفت مياهها وبات الإهمال يسكن جنباتها وينهشها نهشًا، حتى انتهى بها المطاف إلى خط مياه صغير أشبه ب«قناية» بالكاد تستخدم في ري الأراضي المجاورة. فيروس سي وكان الدكتور هشام عيسى، الطبيب الخاص بالعندليب عبد الحليم حافظ، والذي فارق الحياة هو الآخر قبل خمس سنوات، كشف عن كيفية انتقال فيروس «سي» إليه، إذ كان «حليم» في الإسكندرية مع طبيبه يوم الإثنين، 28 سبتمبر 1970، واستمع إلى نبأ وفاة الرئيس جمال عبد الناصر، الذي كان بمنزلة الأب الروحي للعندليب، وفي ظل اكتئاب وحزن حليم، انتقل إلى مستشفى «المواساة» ونُقلت إليه زجاجة دم ملوث بالفيروس، الذي بدأ رحلة افتراس باقي الكبد المحتضر حتى فارق الحياة في النهاية. اقرأ أيضًا: أصابها «العندليب» باكتئاب وصورتها أبكت المصريين.. معلومات عن آمال فريد نجوم رُفضوا في بداية المشوار.. أحمد زكي فكر في الانتحار