أعمال سينمائية قليلة تناولت ثورة 1919، كما أن التناول كان هامشيًا في غالبية الأفلام، وذلك رغم مرور 100 عام على انطلاقة شرارتها التي أعادت للمصريين كرامتهم. ثورة 1919 نجحت في تبديل وجه مصر المسالم إلى آخر مناضل في وجه كل أعدائه، وغرزت في نفوس الشعب الشعور الوطني للمرة الأولى في تاريخه، كانت سببًا في أن يتيقن المصريون بأن لهم وطنًا خاصًا، وأنه ليس هناك تعارض بين الدين والوطن. ورغم عظمة تلك الثورة، وعظمة قائدها الزعيم خالد الذكر سعد باشا زغلول، إلا أنه حتى الآن وفي ظل مرور 100 عام على ذكراها، لم تُقدّم السينما المصرية فيلمًا واحدًا تكون هذه الثورة بأحداثها وعظمتها هي مادته الأساسية، وكل الأعمال، القليلة للغاية التي تناولتها، كان تناولها لها على هامش أحداثها الرئيسية. ولعل بدء تخليد ثورة 1919 سينمائيًا، كان من خلال أحد رواد السينما المصرية محمد بيومي، والذي خصص أول أعداد جريدة "آمون" (تحولت إلى جريدة مصر السينمائية)، لتصوير عودة الزعيم سعد زغلول، قائد الثورة، من المنفى، واستقباله بالقاهرة في 18 نوفمبر عام 1923، وكان العمل القصير "عودة سعد زغلول" هو أول شريط يقوم ولعل بدء تخليد ثورة 1919 سينمائيًا، كان من خلال أحد رواد السينما المصرية محمد بيومي، والذي خصص أول أعداد جريدة "آمون" (تحولت إلى جريدة مصر السينمائية)، لتصوير عودة الزعيم سعد زغلول، قائد الثورة، من المنفى، واستقباله بالقاهرة في 18 نوفمبر عام 1923، وكان العمل القصير "عودة سعد زغلول" هو أول شريط يقوم بإدارته وعمله مصري وطني. مصطفى كامل (1952) فيلم للمخرج أحمد بدرخان، سيناريو يوسف جوهر عن رواية فتحي رضوان، بطولة أنور أحمد، أمينة رزق، ماجدة، ومحمود المليجي، وهو الفيلم الروائي الأول الذي تناول ثورة 1919 في السينما المصرية، وهو الإنتاج الأول لأحمد بدرخان، واشترط وقتها على أنور أحمد أن يقوم بدور الزعيم "مصطفى كامل" على أن تكون تلك المرة الأولى والأخيرة لظهوره كممثل سينمائي، وبالفعل لم يشارك أنور أحمد بعد ذلك في أي عمل سينمائي. عُرض الفيلم للمرة الأولى في 14 ديسمبر 1952، بعد جلاء الاحتلال الذي كان يمنع عرضه، وعُرض الفيلم، وحضر حفل الافتتاح الضابط محمد أنور السادات كممثل عن مجلس قيادة الثورة، وتبدأ أحداث العمل من اندلاع الثورة في التاسع من مارس عام 1919، وتستمر لمدة سبع دقائق تقريبًا، قبل أن يعود الفيلم "فلاش باك" ليقص علينا حكاية الزعيم مصطفى كامل وفترة نضاله من أجل الاستقلال، وهكذا يقدم لنا المخرج في مشاهد سريعة لقطات حية تصور الحشود في هذه الثورة وهتافاتها "سعد زعيم الأمة.. تعيش مصر حرة.. النيل لا يتجزأ". بين القصرين (1962) فيلم للمخرج حسن الإمام، الجزء الأول من ثلاثية نجيب محفوظ، سيناريو وحوار يوسف جوهر، بطولة يحيى شاهين، صلاح قابيل، عبد المنعم إبراهيم، وعزت العلايلي، ويستعرض العمل المسارات الحياتية لأسرة "سي السيد" خلال فترة الاحتلال الإنجليزي وقبيل اندلاع ثورة 1919، وخلاله قدم أديب نوبل صورة بانورامية كبيرة للمجتمع المصري وقت ثورة 1919، وجعل "فهمي" (صلاح قابيل) ابن السيد أحمد عبد الجواد "بطل الثلاثية" أحد قادتها الطلابية، وقدّمه كشهيد لها. مخرج العمل حسن الإمام ولد في نفس العام الذي اندلعت فيه ثورة 1919، وقدّم خلال "بين القصرين" مشاهد عبقرية تحمل الكثير من الدلالات والتفصيلات المذكورة في كتب التاريخ عن الثورة، سواء في شكل الملابس التي اختارها، وشكل الجموع التي خرجت للتظاهر ضد الاستعمار، وغيرها من النواحي البصرية التي حرص الإمام على نقلها بحرفية عالية، حتى إن الكثير من البرامج والأفلام الوثائقية تستخدم مشاهد "بين القصرين" كمشاهد حقيقية عن الثورة. سيد درويش (1966) فيلم للمخرج أحمد بدرخان، سيناريو وحوار محمد مصطفى سامي وسامي داوود، وهو أول بطولة مطلقة للفنان كرم مطاوع، الذي قدّم دور الفنان السكندري الراحل سيد درويش، وإلى جواره هند رستم، وأمين الهنيدي، وزيزي مصطفى، وهاني شاكر (الظهور الأول بالسينما)، وعادل إمام، وغيرهم. ويروي الفيلم قصة حياة الراحل سيد درويش منذ نشأته في الإسكندرية، حتى وفاته المفاجأة يوم عودة سعد زغلول من المنفى، مستعرضًا أهم المحطات في حياته وأهم ألحانه وأغانيه، وبالطبع من بينها مشاركته في ثورة 1919، وقيادته المتظاهرين، وحمله على الأعناق وهو يُغني وهم من خلفه: "بلادي بلادي بلادي.. لكِ حبي وفؤادي"، كل ذلك فيما لا يتجاوز دقيقتين. وشارك في الفيلم الفنان عادل إمام، وكان في بداياته الفنية، وقدّم دورٍ "صبي العالمة" لدى هند رستم، التي كانت تجسد دور الراقصة "جليلة"، وظهر مائعًا مشكوكا في رجولته، وصرح الزعيم، إنه نادم على هذا الدور، وينزعج عند عرض الفيلم، لأنه ظهر فيه بشكلٍ "غير لائق". البطل (1998) فيلم للمخرج مجدي أحمد علي، تأليف مدحت العدل، إنتاج سامي العدل، بطولة أحمد زكي، مصطفى قمر، محمد هنيدي، وتبدأ أحداثه من الإسكندرية عشية ثورة 1919 في مصر، حيث تجمع الصداقة بين "حودة" النجار الذي يهوى الملاكمة، و"بيترو" الذي يهوى الغناء، و"حسن" عامل المطبعة الذي يؤمن بالثورة، ويُشارك بها، وتمت الاستعانة خلال الفيلم، بمشاهد وصور قديمة حقيقية لثورة 1919، إضافة لمشاهد تمثيلية أخرى جديدة. وكان "حودة" من أشد المعجبين والمؤيدين للزعيم سعد زغلول، ويحلم بلقائه، ولذلك عندما رآه في أحد المؤتمرات، اندفع نحوه وصافحه، بينما "حسن" قاده صديقه "نور" للاشتراك في المظاهرات المناهضة للإنجليز عقب نفي سعد زغلول، ولقى "نور" مصرعه بالرصاص لتتغير حياة "حسن" بعدها، ويواصل كفاحه ويشترك في طباعة المنشورات وتوزيعها، حتى أُلقي القبض عليه، وما أن خرج من السجن، زوجه "حودة" من شقيقته "فاطمة"، وواصل كفاحه، ولكن كفاحه هذه المرة مسلحًا، مما أدى لمطاردته حتى لقي مصرعه على يد الإنجليز. أعمال سينمائية قليلة بالفعل تناولت ثورة 1919، وكما أوضحنا كان التناول هامشيًا في غالبية الأعمال، رغم مرور 100 عام على انطلاقة شرارتها التي أعادت للمصريين كرامتهم.