حينما ينتهي عصام من العمل يخبر صاحب الحمار بتكلفة الحلاقة والتي لا تتعدي 40 جنيها إذ أنه استخدم المقص والماكينة معا وهذا يجعل سعر الحلاقة مرتفعا يبدأ يومه القصير بمناجاة ربه طالبا منه الرزق الحلال، ليفاجأ برنة تليفون، تخبره أن الله استجاب لدعائه، فيحمل أغراضه سريعا وهى عبارة عن "خورج" كما يسمونه، به "مقص كبير وماكينة كهربائية وحبل وملجم"، يضعه فوق ظهر حماره، وينطلق من بيته المتواضع في أطراف قريته البسيطة، متوجها إلى مكان عمله الذي يتغير يوميا على حسب مكان وطلب الزبون، عصام رفعت المعروف ب"عصام القصاص"، حلاق الحمير في قرية الشبراوين التابعة لمركز ههيا بمحافظة الشرقية، هو الحلاق الوحيد بالقرية منذ أكثر من 20 عاما. بعد وفاة والده الحاج رفعت القصاص، لم يجد الطفل الصغير "عصام" مهنة يزاولها غير تلك المهنة التي أورثها له والده، ويوما بعد يوم أصبحت حلاقة الحمير مهنته الرئيسية التي يقتات منها وأسرته، "التحرير" التقته، لتقضي يوما كاملا معه، لتتعرف على تلك المهنة عن قرب، بعد انقراضها بشكل كبير في بعض المدن والمحافظات بعد وفاة والده الحاج رفعت القصاص، لم يجد الطفل الصغير "عصام" مهنة يزاولها غير تلك المهنة التي أورثها له والده، ويوما بعد يوم أصبحت حلاقة الحمير مهنته الرئيسية التي يقتات منها وأسرته، "التحرير" التقته، لتقضي يوما كاملا معه، لتتعرف على تلك المهنة عن قرب، بعد انقراضها بشكل كبير في بعض المدن والمحافظات الأخرى. بداية اليوم في الساعة السادسة صباحا يبدأ عصام يومه المعتاد، بإيقاظ أطفاله لإعداد وجبة الإفطار، التي غالبا ما تكون فول وطعمية وجبنة قريش وكوب من اللبن، ثم يباشر عمله المنزلي المعتاد بإطعام الماشية التي يربيها، ثم يجلس وعينه على هاتفه في انتظار "رنة" من زبون يرغب في قص شعر حماره وتهذيبه لينطلق بعدها إلى العمل. "التليفون بيرن يا عصام".. هكذا تصيح زوجته الثلاثينية، والفرح والسعاده تملأ وجهها الريفي البسيط، لتخبره أن الرزاق استجاب لدعواته، يجيب على هاتفه ليستفسر من الزبون عن مكان الحمار المراد قص شعره ونوعية القص، ومن ثم يرتب أغراضه في عجالة وينطلق إلى مكان العمل ومعه نجله الصغير. "الرزق يحب الخفية".. هكذا كان يردد عصام، طوال الطريق وهو متجه إلى زبونه المعتاد، ليوقفه أحد جيرانه طالبا منه أن يأتي لقص حماره، فيقول له "هخلص وأجيلك" لتبدأ رحلة عمله اليوم بحمارين، يمشي عصام مستقلا حماره وسط شوارع القرية ملقيا التحية على الصغير والكبير فهو يعرفهم جميعا بحكم عمله وهم أيضا يعرفونه لكونه "متربي فى وسطهم" حسب قوله، ترى وجوه الناس تبتسم له بمجرد رؤيته وكأنهم يحيونه، هذا هو الحال أثناء رحلته القصيرة وهو متجه إلى الزبون بالقرية. نهيق الحمار حينما يرى عصام، الحمار المراد حلاقة شعره يقترب منه بحماره، فيبدأ الأخير في النهيق وكأنه يحييه، فيبتسم عصام قائلا: "شوفت بيضربلي التحية أزاي"، ثم يبدأ عمله بالاستفسار من صاحب الحمار عن بعض الأمور الخاصة بحماره، ثم ينزل "خورجه" ويبدأ في العمل بتقييد أرجل الحمار ثم إلجامه من فمه كي لا يعضه أثناء الحلاقة، يقول عصام: "هناك بعض الحمير مؤذية تعض وترفس وتقطع الحبل وتجري"، وبعد تقييد الحمار بإحكام يخرج مقصه الكبير ويقوم بممارسة عمله. حينما ينتهي عصام من العمل، يخبر صاحب الحمار بتكلفة الحلاقة، والتي لا تتعدي 40 جنيها، إذ أنه استخدم المقص والماكينة معا، وهذا يجعل سعر الحلاقة مرتفعا، إما إذا كانت الحلاقة بالمقص فقط أو بالماكينة فقط فإن ثمن الحلاقة يتراوح ما بين 20 إلى 30 جنيها فقط، يحكي: "بعض الزبائن لا تدفع مقابلا ماديا إنما تتعامل بالزرعة أو المحصول، فحينما يجني محصوله يرسل له بعض القمح أو الحبوب على البيت، وهناك من يعطيه برسيما لكي يطعم مواشيه، وهكذا". تعالى نتغدا قبل مغادرة زبونه، يكون قد جاء وقت تناول الغذاء، ليجلس عصام ونجله وبعض الحاضرين مع صاحب الحمار ليتناولوا وجبة الغداء، تلك هي العادات والتقاليد بالقرية، وبعد الانتهاء "يحبسوا بكوباية شاي معمولة على الشالية"، ثم يحمل عصام أغراضه ويضعها على حماره منطلقا إلى الزبون الثاني، وبعد انتهائه من الزبون الثاني والأخير، يلملم أغراضه، وينطلق إلى بيته آمنا مطمئنا راضيا بما قسمه الله له في ذلك اليوم، حامدا ربه على الرزق الذي أعطاه إياه.