اليوم العالمي للغة العربية يوافق 18 ديسمبر من كل عام، وهو التاريخ الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بإدخال العربية ضمن لغاتها الرسمية عام 1973. "أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي.. فيا ويحكُم أبلى وتَبلى محاسني ومنكم وإن عز الدواءُ أساتي.. فلا تَكلوني للزمان فإنني أخاف عليكم أن تحين وفاتي.. أَيهجُرني قومي-عفا الله عنهم- إلى لغة لم تتصل برواة.. سرت لوثةُ الإفرنج فيها كما سرى لُعاب الأفاعي في مسيل فُرات.. فإما حياةُ تبعثُ الميتَ في البلى وتُنبت في تلك الرموس رُفاتي.. وإما مماتٌ لا قيامة بعده مماتٌ لَعمري لم يُقس بممات".. لعل أبيات شاعر النيل حافظ إبراهيم تلك هي أهم ما كُتب في عصرنا الحديث عن اللغة العربية، والتي نحتفل بيومها العالمي في 18 ديسمبر من كل عام. والسينما المصرية كثيرًا ما تناولت اللغة العربية في أعمالها، وخاصةً في الأفلام الجادة والتاريخية، واستخدمتها أيضًا في صُنع "إفيهات" من خلال شخصيات علقت في أذهان الجمهور، ومن تلك الشخصيات والأعمال: الأستاذ حمام - غزل البنات (1949) فيلم "غزل البنات" من إخراج وتأليف أنور وجدي، ويدور العمل حول "الأستاذ حمام"، والسينما المصرية كثيرًا ما تناولت اللغة العربية في أعمالها، وخاصةً في الأفلام الجادة والتاريخية، واستخدمتها أيضًا في صُنع "إفيهات" من خلال شخصيات علقت في أذهان الجمهور، ومن تلك الشخصيات والأعمال: الأستاذ حمام - غزل البنات (1949) فيلم "غزل البنات" من إخراج وتأليف أنور وجدي، ويدور العمل حول "الأستاذ حمام"، ويُجسده نجيب الريحاني، مدرس اللغة العربية والذي يعاني من فقره وسوء حظه، حتى تأتيه الفرصة ليكون المدرس الخصوصي لابنة باشا ثري، يميل قلبه إليها حتى يتمكن منه، يعرف أنها ضحية لأحد الشبان المستهترين، ويحاول إنقاذها منه. من ضمن مشاهد الفيلم، وقوف الأستاذ والباشا وجهًا لوجه لتعليم ابنته أخوات "كان"، ويقول جملته الشهيرة: "من حلة دي من أخوات كان صحيح بس من أب تاني"، وأيضًا عندما سأله الطلاب "هو الأسد بيتكلم يا أستاذ؟"، فرد: "لا مابيتكلمش بس وزارة التعليم عاوزاه يتكلم"، وغيرها من الإفيهات العالقة في الأذهان حتى الآن. المفارقة أن الريحاني توفي قبل أن يُكمل الدور في 8 يونيو العام 1949، إلا أن أنور وجدي استطاع أن يخرج من المأزق بجعل النهاية مفتوحة، وخرج الفيلم للنور وحقق نجاحًا كبيرًا، خاصةً عندما جعل وجدي العرض الأول للفيلم في السينما المقابلة لقهوة الفن في شارع عماد الدين، وهي المكان الذي أحبه الريحاني واعتاد الجلوس فيه، كما جلب تمثال نصفي لنجيب، وهو ما كان وسيلة دعاية وتسويق رائعة أدت إلى تحقيق إيرادات عالية، وبات "حمام" الأستاذ الأشهر للغة العربية في تاريخ السينما. الحاج عبد العزيز - "الأستاذة فاطمة" (1952) فيلم "الأستاذة فاطمة" للمخرج فطين عبد الوهاب، من تأليف علي الزرقاني، وتدور أحداثه في إطار كوميدي حول "المحامية فاطمة" وتُجسدها فاتن حمامة، وخطيبها "عادل" ويُجسده كمال الشناوي، ووالدها "الحاج عبد العزيز" ويُجسده عبد الفتاح القصري، ووالد خطيبها "عمر كامل" ويُجسده عبد الوارث عسر. وضمن أحداث الفيلم، يحدث خلاف بين والد المخطوبين بسبب كسر أحدهما بنود عقد مُبرم بينهما، ويصل إلى ساحة المحكمة، وأمام القاضي يُلقي القصري مرافعة أُطلق عليها "مرافعة القرن العشرين"، ويبدأ كلماته بالقول: "يا حضرات المستشارين"، فيرد القاضي: "مستشارين إيه؟ المحكمة مافيهاش مستشارين". يُكمل القصري مرافعته بطريقة كوميدية: "اليوم هي قضية الحق، ولقد ظهر الحق وزِهق الباطل، إن المتهم الواقف وراء القضبان مجرم أثيم اعتدى على الشرف والفضيلة، وقتل حقوق الإنسان التي والذي تكفل بها مجلس الأمن، قتل أولئك وهؤلاء عامدًا مستعمدًا، فلذلك ولكل تلك المجاني، أطلب من المحكمة أن تحكم عليه بالإعدام شنقًا"، وتنفجر القاعة بالضحك. وفي مشهد آخر، يتعلم القصري القراءة والكتابة، ويتهجى حروف كلمة "ثعبان": "ث - ع - ب - ا – ن"، ثم يقرأها كلمة أخرى "حنش". الأستاذ حكم - السفيرة عزيزة (1961) فيلم "السفيرة عزيزة" للمخرج طلبة رضوان، من تأليف أمين يوسف غراب، ويدور حول المدرس أحمد، ويُجسده شكري سرحان، والذي يتزوج من جارته "عزيزة" وتُجسدها سعاد حسني، إلا أن الخلافات تنشأ بينهما بسبب مطالبته وزوجته لشقيقها "المعلم عباس الجزار" ويُجسده عدلي كاسب، بنصيبها في الميراث. ويُزامل أحمد "الأستاذ حكم"، ويُجسده عبد المنعم إبراهيم، وسانده في طمس جشع شقيق عزيزة، ودبروا له فخًا مع الشرطة، فنجد "حكم" وهو يُهين "عباس" في بيته ويقول: "سنتحدى أجدادك وأجداد أجدادك وأسلافك وأسلاف أسلافك أيضًا، إنك لحيوان مفترس، وثور هائج، ومتوحش شارب للدماء"، ولكن الأمور لم تسير على ما يرام، ولم يأتي البوليس، فينادي "حكم" بعدما هاجمه "عباس"، ويقول جملته الشهيرة "النجدة الغوث أدركونا أغيثونا". عبد البر عبد الواحد - إسماعيل يس في الأسطول (1957) فيلم "إسماعيل يس في الأسطول" للمخرج فطين عبد الوهاب، من تأليف حسن توفيق والسيد بدير، وتدور أحداثه حول "رجب" الذي يتطوع في الأسطول الحربي سعيًا وراء التعجيل بالزواج من ابنة عمه، وإلى جوار "سُمعة" اثنين من الزملاء يساعدانه، وهما "منير" (أحمد رمزي)، وعبد البر (عبد المنعم إبراهيم) الذي لا يتحدث سوى بالعربية الفصحى. ومن بين المشاهد الكوميدية التي قدّمها عبد المنعم إبراهيم في الفيلم، مشهد يحاول "رجب" فيه كتابة جواب لحبيبته، ولكنه كان يريد التأكد من كتابة الكلمات بشكل صحيح، وكان "عبد البر" يساعده في ذلك، ويسأله "هي أساس بالسين ولا بالثاء؟". في مشهد آخر يحاول إقناع "الشاويش عطية" بضرورة حصول "رجب" على إجازة بعدما أجرم في حقه، فيقول له: "أنا لا أقول إلا الحق، رجب لم يتخلص نهائيًا من ركوب الهواء، وعندما سمع الصفارة نط وفط وقفز، وحدثت الفاجعة التي لطخت وجهكم الكريم"، فيرد الشاويش: "يا جدع أنا مابفهمش كلامك اسكت أنت"، فيرد بعبارته الشهيرة "يا لك من شنقيط". الأستاذ "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة" (2008) فيلم للمخرج وائل إحسان، من تأليف يوسف معاطي، ويدور العمل حول "رمضان" ويُجسده الفنان محمد هنيدي، مدرس اللغة العربية في بلده الريفي، ويخشاه الجميع لأنه مثال للحزم والانضباط، ثم تستعين به وزارة التعليم لضبط الأمور في مدرسة خاصة بها أبناء كبار المسئولين، فتتبدل حياته. وفي الفيلم، العديد من المشاهد الكوميدية والتي تستخدم بها اللغة العربية وأداها هنيدي ببراعة، ومنها حينما حاول "رمضان" تهذيب أحد الطلاب في فصله بسبب سوء سلوكه، فعلقه في حبل متدلي من السقف وعنفه بشدة، ويقرأ عليه البيت الشعري "أنا وإن كنت الأخير زمانه لآت بما لم تستطعه الأوائل"، ويطالبه بإعرابه قائلًا: "اعربي يا ألفت"، قبل أن يكتشف أنه نجل وزير التعليم. وفي مشهد آخر، ينظم فيه "رمضان" فصول لمحو الأمية لتعليم أهل القرية اللغة العربية، ويطلب من الحضور كلمة بحرف ال"إ"، فيرد أحدهم "إيتو"، وآخر ب"إليسا". ومن "الأستاذ حمام"، إلى "الأستاذ رمضان مبروك أبو العلمين حمودة" وغيرهما العديد من الفنانين برعوا في تقديم أدوار باللغة العربية، في أعمال متنوعة طوال تاريخ السينما المصرية.