رباعيات عمر الخيام هي إحدى أشهر الرباعيات الشعرية في التاريخ الإسلامي، رغم أنها كُتبت بالفارسية، حتى جاء الشاعر أحمد رامي وترجمها إلى العربية في عشرينيات القرن الماضي. بينما يبدأ عصر الدولة السلجوقية في وسط آسيا (1037 – 1194م)، وتعُج الأمة الإسلامية بالمتغيرات، ولد غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهيم الخيام، الشهير بعمر الخيام، في 18 مايو 1048، في مدينة نيسابور التجارية الكبرى شمالي إيران، والده الطبيب الغني إبراهيم الخيامي، الذي وظّف لتعليم نجله عالم الرياضيات باهمانيارين مرزيان الميال للزرادشتية، وهي ديانة فارس القديمة، قدّم له تعليمًا شاملًا في العلوم والفلسفة والرياضيات، فيما قام الخواجي الأنباري بتدريسه علم الفلك، حتى صار رياضيًا وفلكيًا وشاعرًا ماهرًا، وشخصية عالمية شهيرة عرفها الأوروبيون قبل العرب. في عام 1070، عندما كان في سن ال22، نشر عمر الخيام واحدة من أعظم أعماله، وهي رسالة حول إظهار مشاكل الجبر والموازنة، وفيها أن المعادلة التكعيبية يمكن أن يكون لها أكثر من حل، وهو أول من اخترع طريقة حساب المثلثات، وقام السلطان ملك شاه بتمويل مشروعه من أجل إنشاء مرصدٍ فلكي لمراقبة السماء خلال 30 عامًا، في عام 1070، عندما كان في سن ال22، نشر عمر الخيام واحدة من أعظم أعماله، وهي رسالة حول إظهار مشاكل الجبر والموازنة، وفيها أن المعادلة التكعيبية يمكن أن يكون لها أكثر من حل، وهو أول من اخترع طريقة حساب المثلثات، وقام السلطان ملك شاه بتمويل مشروعه من أجل إنشاء مرصدٍ فلكي لمراقبة السماء خلال 30 عامًا، وقدّم تقويما جديدا للأمبراطورية السلجوقية ولا يزال مستخدمًا حتى يومنا هذا، وبالإضافة لكل ذلك كان شخصًا يدعو إلى التأمل والتفكير، وكان حجة في العلم والحكمة والشعر واللغة والطب والميكانيكا والجغرافيا، وله رسائل فلسفية شهيرة، منها "رسالة في الكون والتكليف" و"الرسالة الأولى في الوجود" و"مختصر في الطبيعيات"، و"رسالة في الموسيقى"، تلك الرسائل التي نقل أفكارها في رباعياته الشهيرة. ورغم كوّن عمر الخيام حبرًا من أحبار التاريخ الإسلامي، إلا أنه اشتُهر بالرباعيات تحديدًا، بل أن رباعياته هي إحدى أشهر الرباعيات الشعرية في التاريخ الإسلامي، وهي عبارة عن مقاطع شعرية يتكون كل منها من بيتين شعريين وله جزآن (أربعة أشطر)، وظل تفسيرها قضية قائمة، حيث رأى البعض أنها نداء للاستمتاع بالحياة والاحتفال بها، بينما نظر لها البعض من منظور صوفي، وآخرون قالوا إن العمل يعزّز النظرة التشاؤمية والعدمية، وقد تأثرت هذه التفسيرات بشكل كبير بالترجمات المتنوعة للمجموعة، ولا أحد يعرف رقم رباعيات الخيام بالتحديد، حيث إنه من المعتقد أن هناك رباعيات عديدة قام شعراء لاحقون بإضافتها للمجموعة الأصلية، ومع ذلك، فقد نُسِبت إلى عمر الخيام عدد 1200 إلى 2000 رُباعية. لَبستُ ثَوبَ العَيشِ لمْ أُستشَر.. وحِرتُ فيهِ بَينَ شَتّى الفِكرْ وسوفَ أنضو الثوبَ عني ولَمْ.. أدرِك لماذا جِئتُ؛ أينَ المَقرْ ولقد ظلّت رباعيات الخيام غائبة في بطون الكتب، ضائعة في حنايا المكتبات، حتى ترجمها إلى الإنجليزية الشاعر "فتزجرالد" عام 1859، ثم تتالت بعدها الترجمات إلى لغات أجنبية، وقد صدرت باللغة العربية، مترجمة عن الإنجليزية، ولكن الشاعر المصري أحمد رامي (9 أغسطس 1892 - 4 يونيو 1981)، شعُر أن الترجمة عن غير اللغة الأصلية قد تؤدي إلى فقدان بعض من الإحساس والمعاني، ولهذا قرر أن يدرس الفارسية في جامعة السوربون، ضمن رحلته إلى فرنسا عام 1923، لدراسة اللغات الشرقية وعلم المكتبات، وبالفعل عاد من هناك محمّلًا بخبرة كبيرة، واطلاع واسع، انعكس في ترجمته وشِعره، وما هي إلا أشهر قليلة، حتى بدأ يترجم رُباعيات الخيام عن لغتها الأصلية الفارسية، لتصدر الطبعة الأولى لترجمته عام 1924 في القاهرة. يا نَفسُ ما هَذا الأسى والكدرْ.. قَدْ وَقعَ الإثمُ وضاعَ الحَذرْ هلْ ذاقَ حلوَّ العفو إلا الَّذي.. أذنَبَ واللهُ عفا واغتَفرْ يا مَن يَحارُ الفَهمُ في قُدرتكْ.. وتَطلبُ النَفسُ حِمى طاعتِكْ أسكَرَني الإثمُ ولكنني.. صحوتُ بالآمالِ في رحمَتِكْ والرُبعيات ابتكار فارسي، انتقل إلى العربية في القرن الرابع الهجري، ولها أنواع متعددة، من حيث اتفاق الشطور في القافية، واختلافها، فيما تنتمي رُباعيات الخيام كما ترجمها أحمد رامي، إلى رباعية "الأعرج أو الخصيّ" التي تكون باتفاق القافية في شطور ثلاثة، أو أربعة، وبوزن واحد للبيتين، وتنوعت موضوعات تلك الرُباعيات، في الحياة وشؤونها، في الوجد والحب، في الحكمة والقناعة، في الخمر والمُدام، واستطاع رامي أن ينقل إحساسه إلى الرباعيات، فأحدث طفرة في ترجمة الشعر، حتى إذا قرأت الرباعيات ولم تعلم هي نظم من، لظننت أن شاعرها من فحول الشعراء العرب. أينَ النديمُ السَّمحُ أينً الصبوحْ.. فقدْ أمضَّ الهَمُّ قَلبِي الجَريحْ ثلاثةٌ هُنَّ أحبُّ المُنى.. كاسٌ، وأنغامٌ، ووجهٌ صبيحْ لمْ أشرب الخمرَ ابتغاءَ الطربْ.. ولا دَعتني قِلةٌ في الأدبْ لكن إحساسي نِزاعاً إلى.. إطلاقِ نَفسي كانَ السَببْ واستدعت ترجمتها من الفارسية إلى العربية على يد أحمد رامي، العديد من الفنانين والمنشدين المصريين وغيرهم إلى أن يتغنوا بكلماتها، ولعل أبرز من غنى هذه الكلمات، كانت أم كلثوم عام 1950 من ألحان رياض السنباطي، بدءًا من قوله: "سمعت صوتًا هاتفًا في السحر، نادى من الغيب غفاة البشر، هبوا املأوا كأس المُنى قبل أن تملأ كأس العمر كف القدر".
وكان رياض السنباطي مغنيًا في الأصل قبل أن يكون ملحنًا، وله عدة تسجيلات غنائية نادرة، ومن بينها رُباعيات الخيام، مع عزفه على العود ويصاحبه الموسيقار الكبير توفيق الألايلي على آلة "الجمبش" في صالون الدكتور محمد عبد اللطيف جوهر 1963، وبدأ من نفس مطلع الست.
ولقد غنّت نجاة الصغيرة أيضًا من كلمات عمر الخيام إلا أنها لم تحظ بالشهرة ذاتها التي حظى بها تسجيل أم كلثوم، وهي تختلف عن الأبيات التي غنتها الست، ومطلعها: "طوّت يد الفجر ستار الظلام.. فانهض وبادل حديث الغرام.. فكم تحينا له طلعة ونحن لا نملك رد السلام".
ومن بين أشهر الأصوات التي أدت رُباعيات الخيام، الشيخ سيد النقشبندي، في جلسة خاصة في مدينة حمص السورية.
وشدا برباعيات الخيام أيضًا المطرب السوري جورج وسوف، ومواطنته ربى الجمال، واللبنانية ولاء الجندي، والتونسي رشيد غلام، والسعودي أسامة عبد الرحيم، وغيرهم الكثيرين. لبستُ ثوب العمر لم أُسْتَشَرْ.. وحرت فيه بين شتّى الفكر وسوف أنضو الثوب عني ولم.. أدركْ لماذا جئتُ أين المقر لم يبرح الداء فؤادي العليل.. ولم أنل قصدي وحان الرحيل وفات عمري وأنا جاهل.. كتاب هذا العمر حسم الفصول رغم أن رُباعيات الخيام كُتبت بالفارسية، إلا أنها حققت شهرة واسعة كبيرة في العالم العربي، حتى أن كثيرا من الرباعيات نُسبت لعمر الخيام، لكن بعد التدقيق ثبت نسبة كثير منها إلى من جاؤوا بعده أو سبقوه، وتوفي صانعها في بلدته نيسابور في 4 ديسمبر عام 1131، عن عمر ناهز 83 عامًا، ودُفن في قبرٍ كان قد اختار موقعه مسبقًا ضمن بستان زهور، وفي عام 1963، أمر شاه إيران بنقل رفاته إلى ضريحٍ ضخم يمكن للسياح أن يزوروه ويحيوا ذكراه.