على الرغم من المحاولات المستمرة من علماء الآثار لفك شفرة علم التحنيط لدى الفراعنة، فإنهم لم يتمكنوا سوى من تجميع بعض الطرق غير التفصيلية، وما زال الأمر محيرًا. في يوليو من هذا العام، أعلنت وزارة الآثار عن اكتشاف أثري يعطي الأمل لفك شفرة علم التحنيط، وذلك بعد العثور على أول ورشة كاملة لعمليات التحنيط في عصر الفراعنة، يعود عمرها إلى 2500، وذلك داخل مقبرة قديمة بالقرب من أهرامات سقارة بالجيزة، الذي فتح الباب أمام التعرف على بعض ما يتعلق بالمكونات الكيميائية للزيوت التي استخدمها المصريون القدماء في تحنيط موتاهم، واحتوت الورشة على مبان بئر خبيئة التحنيط، بعمق 13 مترًا، وتنتهي بحجرة أسفل الأرض، وضعت عليها أوانٍ فخارية مدون عليها بالخط الهيراطيقي والديموطيقي أسماء لمواد وزيوت التحنيط. بدأ علم التحنيط في مصر على يد الكهان، الذين قاموا بأولى تجاربهم في هذا المجال بوضع النطرون على الأجسام، وهي محبوكة في أكفان، أو بلف الجسم في رباطات مشبعة بالراتنج، وكانت تلك العملية تشير إلى أن الذين قاموا بها لا يزالون غير متمكنين من وسائلها، وهو ما تكشف عنه بعض المومياوات، التي ترجع إلى عصر الدولة بدأ علم التحنيط في مصر على يد الكهان، الذين قاموا بأولى تجاربهم في هذا المجال بوضع النطرون على الأجسام، وهي محبوكة في أكفان، أو بلف الجسم في رباطات مشبعة بالراتنج، وكانت تلك العملية تشير إلى أن الذين قاموا بها لا يزالون غير متمكنين من وسائلها، وهو ما تكشف عنه بعض المومياوات، التي ترجع إلى عصر الدولة القديمة، وكثير منها في حالة حفظ سيئة. ووصلت علوم التحنيط إلى ذروتها مع بداية الدولة الوسطى، حيث تشير المومياوات التي ترجع إلى هذا العصر، إلى أسلوبهم الفريد في التحنيط، حيث تمت معالجتها بالراتنج، وتحنيطها بتأنق، لكنها كانت دائمًا في حالة هشة، ما يعني أن التحنيط لم يبلغ حينذاك أوج عظمته. ومع بداية الدولة الحديثة تدفقت العطور الآسيوية على السوق المصرية، ليصبح هذا العصر هو عصر الإبداع في فنون التحنيط، وهو ما تجلى في العديد من المومياوات الجميلة التي عثر عليها، وكانت في حالة طيبة للغاية، إذ لم يسود جلدها إلا بمقدار. وظل التحنيط فى بادئ الأمر مقصورا على الملوك والطبقات الغنية، لكن عرفت واستعملت أخيرًا طرق أخرى للتحنيط أبسط وأرخص، بحيث تمكن الفقراء من أن يستفيدوا من بعض العمليات الحافظة لجثثهم، خصوصًا عملية التجفيف بالنطرون، وأن يكون لديهم هم الآخرون أمل الحصول على الحياة الأبدية. ولم يصل العلماء إلى الطريقة الكاملة المستخدمة للتحنيط، لكنهم تعرفوا على فقرات قليلة، ذكرها كل من هيرودوت وديودورس، وهما المؤرخان الوحيدان اللذان تركا لنا بعض البيانات عن هذه العملية، إذ إن النصوص المصرية القديمة -كما هو معلوم حتى الآن- لا تحتوى على أية تفاصيل عن طرق التحنيط. وأقدم وصف تفصيلى هو الوصف الذى ذكره هيرودوت، الذى رحل إلى مصر حوالى منتصف القرن الخامس قبل الميلاد (460 ق.م). وتعد الطريقة الأولى، وهى أغلى الطرق ثمنًا، وفيها يستخرج جزء من المخ بطريقة آلية، ويستخرج الباقى بواسطة العقاقير، لا يعرف أنواعها حتى الآن، وتستخرج محتويات البطن وتغسل الأحشاء المستخرجة بعرق النخيل والتوابل، ثم يحشى التجويف بالمر والقرفة ومواد عطرية أخرى (أنواعها غير مذكورة) عدا بخور اللبان، وبعد أن يخاط شق التحنيط كانت الجثة تعالج بالنطرون، ثم تغسل، وتدثر فى لفائف كتانية، كانت تلصق بعضها ببعض بالصمغ. أما الطريقة الثانية فكانت الجثه تحقن بزيت الأرز عن طريق الشرج، ثم تعالج بالنطرون، والطريقه الثالثه تعد أرخص الطرق الثلاث، وقد اختارتها الطبقات الفقيرة، وتتضمن غسل الجثة والأحشاء، بواسطة حقنة شرجية، ثم يلى ذلك المعالجة بالنطرون. وهناك طرق أخرى يروجها علماء الآثار للتحنيط تتمثل في استخراج المخ من الجمجمة بالشفط عن طريق الأنف باستعمال الأزميل والمطرقة للقطع من خلال الجدار الأنف، وبعد ذلك يسحب المخ من خلال فتحة الأنف بسنارة محماة ومعقوفة. وبعد ذلك استخراج أحشاء الجسد كلها، ما عدا القلب ((مركز الروح والعاطفة))، وبذلك لا يبقى فى الجثة أية مواد رخوة تتعفن بالبكتيريا، إما بالفتح أو حقن زيت الصنوبر فى الأحشاء عن طريق فتحة الشرج. وبعد ذلك يملأ تجويف الصدر والبطن بمحلول النطرون ولفائف الكتان المشبعة بالراتنج، والعطور، وهى جميعا مواد لا يمكن أن تكون وسطًا للتحلل والتعفن بالبكتيريا. وقام الفراعنة بتجفيف الجسد بوضعه فى ملح النطرون الجاف لاستخراج كل ذرة مياه موجودة فيه، واستخلاص الدهون وتجفيف الأنسجة تجفيفًا كاملًا، وطلاء الجثة براتنج سائل لسد جميع مسامات البشرة، وحتى يكون عازلًا للرطوبة، وطاردًا للأحياء الدقيقة، والحشرات فى مختلف الظروف حتى لو وضعت الجثة فى الماء أو تركت فى العراء.