عاش حمدي قنديل طيلة حياته مخلصًا لعمله ولحبيبته نجلاء فتحي، وحرمه القدر من الأبناء؛ لكنه كان راضيا وليس منزعجًا، واكتفى بأن يعيش حياة هادئة مع زوجته ومحبوبته أمس تلقينا جميعا خبرا صادما، عن رحيل الإعلامي حمدى قنديل، المشهود له بحسن السير والسلوك، وخيم الحزن على الشارع المصري، وعلى الفور تحولت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي إلى عزاء؛ حزنًا على فراق الأستاذ الذى أفنى عمره في المهنة التي أحبها كثيرًا ومن أجلها ترك الطب والتحق بصفوفها، وتدرج خلالها حتى أصبح الإعلامي الكبير صاحب أهم البرامج ذات الطابع السياسي، كونه شاهدًا على أهم الفترات السياسية فى مصر بداية من النكسة ونصر أكتوبر مرورًا بالرؤساء الخمسة، ولا تقل حياته الشخصية أهمية عن حياته العملية، فهو زوج نجلاء فتحي. قبل سنوات نشر الراحل حمدي قنديل مذكراته والتي حملت عنوان: «عشت مرتين»، وللوهلة الأولى يعتقد البعض بأنه يتحدث عن حياة اليقظة والمنام ولكنه لم يقصد المعنى القريب، ففي مقدمة مذكراته كتب: «عشتها طولا وعرضا، أخذا وردا، فيها الأسى والانكسار والفشل، وفيها الصمود والحلم والإنجاز، وفيها من قبل سنوات نشر الراحل حمدي قنديل مذكراته والتي حملت عنوان: «عشت مرتين»، وللوهلة الأولى يعتقد البعض بأنه يتحدث عن حياة اليقظة والمنام ولكنه لم يقصد المعنى القريب، ففي مقدمة مذكراته كتب: «عشتها طولا وعرضا، أخذا وردا، فيها الأسى والانكسار والفشل، وفيها الصمود والحلم والإنجاز، وفيها من المفاجآت والمفارقات ما يعجز عن ابتداعه عتاة المؤلفين»، تناولت تلك المذكرات حياته بداية من توزيع منشورات بمسجد السيد البدوي، وتركه لكلية الطب بسبب حبه للصحافة، وعن الوقائع السياسية ولقائه بالرئيس ياسر عرفات ونكسة 67 وعلاقته بنظام مبارك وتطرقه إلى حكم مرسي والسيسي، ولكن الجانب الأبرز فى تلك المذكرات كانت عن علاقته بوالده وإخوته وزوجته نجلاء فتحي. وكانت كواليس علاقته بنجلاء فتحي، التي كانت بين صفحات الكتاب مثيرة للجميع لمعرفة كيف جاء لقاؤهم وماذا فعل الثنائي لكي تستمر علاقتها، على غرار علاقات الوسط الفني التي أصبحنا نشاهد نهاياتها قبل البداية، فليس بعيدا عن صاحب الأخلاق أن يستأذن زوجته قبل أن يكتب بقلمه الكثير من تفاصيل حياتهما، وعلى الفور وافقت «نجلاء» فهي لم تخجل يوما من أن تقول بأنها هي من بادرت بالتصريح بحبها له، وإن كان هذا غريبا على مجتمعنا الشرقي ولكنها فعلتها وفازت بقلبه إلى الأبد حتى رحيله. تعود ذكرى لقائهما الأول في عام 1991 أى قبل زواجهما بأربعة أعوام، يقول حمدي قنديل: «كان التليفزيون المغربى (2M) قد أوفد فريق تصوير لتغطية أخبار مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، وإجراء مقابلات مع عدد من الفنانين، كانت نجلاء فتحى من بينهم، ولما لم تكن مشاركة فى المهرجان فقد طلب منى المخرج أن أسعى لترتيب موعد معها»، وبالفعل تواصل معها ووافقت على إجراء المقابلة ولكنها طلبت أن تكون فى حديقة الفندق الذي يوجد به المهرجان، إلى أن استقرت فى النهاية على إجرائها فى بيت شقيقتها بالدقي. وربما شاء القدر أن يرتب لقاء آخر بينهما بعد هذه المقابلة، ففى مساء نفس اليوم تلقى الراحل حمدي قنديل اتصالا من اللواء محمد السكرى وكيل اتحاد التنس، وأخبره بأنه متزوج من شقيقة نجلاء فتحى، وعزمه على الشاي ولكنه اعتذر لارتباطه بموعد آخر، وتجدد الطلب ولكن هذه المرة بدعوة على العشاء فى الأسبوع التالي، وما كان له إلا أنه وافق ولكنه بداخله قلق شديد من رؤية نجلاء فتحي. فالإعلامي الذي أربكت أسئلته كل من جلس أمامه، حائر لا يعلم ماذا يقول عندما يلتقى بها، وعن ذلك يقول: «ذهبت إلى العشاء وأنا فى غاية القلق خشية ألَّا أجد موضوعا مناسبا أحدثها فيه عندما نلتقى»، ولكن هذا القلق تلاشى تماما ولفت انتباه اسم «زهرة» الذي يناديها به الحاضرين، ومن هنا بدأ الحديث وسألها عن سر هذا الاسم، لتخبره «نجلاء» بأن اسمها الحقيقي هو فاطمة الزهراء، ومن ثم تحدث الثنائي عن زيارتهما لباريس، وكانت نجلاء فتحى بسيطة للغاية فى كل شيء، كلامها وملابسها،... وهذا كان لافتا له مما جعله يقول: «ما فاجأنى حقا هو أنها لا تمت بصلة للصورة النمطية للنجمة السينمائية التى كانت فى ذهنى». هذا اللقاء كان بداية لقاءات أخرى كثيرة أدرك الثنائي حينها أن بينهما الكثير من التشابهات، أهمها حب السفر ولعب الطاولة، وبعد مرور سنوات على صداقتهما، فى صباح أحد الأيام عندما اتصل «قنديل» ب«نجلاء» قالت له: «كنت أفكر فى موضوع مهم.. أنا هتجوزك النهارده» بدهشة شديدة رد عليها قائلا: «عظيم عظيم»، وطلبت منه أن يحضر إلى منزلها، وهو فى طريقه إليها كان يردد داخله أنه يعشق المرأة القوية؛ وهذا سبب عشقه ل«نجلاء»، حيث كانت جرأتها فى طلب الزواج منه، سببا فى البهجة التي لم تفارق حياتهما يوما. وعندما وصل حمدى قنديل إلى منزلها، لم يفكر كثيرًا في أن يخبرها بما يدور فى رأسه، فسألها عن ردة فعلها إذا كان ماطل فى الرد على عرض الزواج الذي قدمته له، فكانت إجابتها كأى مرأة تشعر بالخجل وأن كرامتها ستهتز، فأخبرته بأن ليس بينهما قصة غرام مشتعل، فكلاهما خاض تجربة الزواج من قبل، وأن ما بينهما هو مجرد إعجاب وإن كان رده بالرفض، فلن تحزن خاصه أنها حينها ستتأكد أنه ليس الزوج المناسب لها. تزوج الثنائي عام 1995، واعتزلت نجلاء فتحى الفن برغبتها، وقد يتساءل البعض عن: لماذا هذا الزواج العظيم وقصة الحب المليئة بالمشاعر الطيبة، لم ينتج عنهما أطفال؟، وتقول نجلاء فتحى فى لقاء صحفى لها مع إحدى المجلات، بأنها كانت تتمنى أن تنجب من زوجها الإعلامي حمدي قنديل الذي تعلمت منه الكثير والكثير وتكن له كل الاحترام والتقدير، ولكن حكمة الله قضت أن لا يكون هناك أولاد، ف«حمدي» وأشقاؤه الذكور حرموا جميعًا من الإنجاب، بخلاف شقيقته التي أعطاها الله الإناث والذكور، وكان، إن فتح موضوع الإنجاب أمامه فى أى مجلس، يؤكد أنه ليس منزعجًا من قضاء الله. وقد كان يتعامل «قنديل» مع «ياسمين» الابنة الوحيدة ل«نجلاء» من زوجها السابق سيف أبو النجا، كأب وليس كزوج لوالدتها، خاصة أنه عندما تزوجها كانت لا تزال صغيرة، وخلال السنوات الماضية بعد أن أصيبت نجلاء فتحى بمرض نادر، كان هو بجوارها ولم يتركها يوما، إلا أنه تركها أمس، ليس برغبته ولكن قد حان موعد الرحيل.