الكنيسة القبطية تعاني هجرة أبنائها لطوائف أخرى.. البابا يسعى لإعادة تجربة مدارس الأحد بعد 100 عام على إنشائها؟.. وقيادات الكليات والمعاهد الإلكليريكية العقبة الأكبر «ألف معلم كنسي»، برنامج أسسه بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الأنبا تواضروس الثاني، كمحاولة لتطوير التعليم داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والتي تعاني في هذا المجال منذ سنوات عدة، بحكم ما أصابها وأصاب مصر لعدة قرون، ورغم ظهور تجربة مثل «مدارس الأحد» مطلع القرن العشرين، كمحاولة لإحياء التعليم الكنسي، إلا أن الكنيسة تعاني ولديها هاجس من ذهاب أبنائها إلى طوائف أخرى، وظهر ذلك في فيديوهات كثيرة لبعض الأساقفة والكهنة المشهورين، يطالبون شباب الكنيسة القبطية بعدم الذهاب لمهرجان «احسبها صح»، الذي تنظمه الكنيسة الإنجيلية. الكنيسة القبطية في السنوات الماضية لم تحاول تطوير منظومة التعليم بقدر ما كان يصدر من بعض وجوهها المعروفة، تصريحات تقلل من الطوائف الأخرى، وتذكر بمجد الكنيسة وقوتها في القرون الأولى واشتهارها بترسيخ علم «اللاهوت»، عبر مدرسة الإسكندرية، حيث حدثت قطيعة بين الكنيسة حاليا وبين هذا التراث، نظرا لتحول لسانها الكنيسة القبطية في السنوات الماضية لم تحاول تطوير منظومة التعليم بقدر ما كان يصدر من بعض وجوهها المعروفة، تصريحات تقلل من الطوائف الأخرى، وتذكر بمجد الكنيسة وقوتها في القرون الأولى واشتهارها بترسيخ علم «اللاهوت»، عبر مدرسة الإسكندرية، حيث حدثت قطيعة بين الكنيسة حاليا وبين هذا التراث، نظرا لتحول لسانها مرتين، الأولى عندما تم تغيير لسانها من اللغة اليونانية لغة الثقافة والفلسفة والعلوم، إلى اللغة القبطية (المصرية القديمة بحروف يونانية)، ثم إلى اللغة العربية، في القرن ال12، عندما أقر البابا غبريال الثاني (3 فبراير 1131- 5 إبريل 1145)، وقرر تعريب صلوات الكنيسة، وتنظيم القراءات بين اللغة القبطية واللغة العربية.
وبالتالي حتى تستطيع الكنيسة القبطية، تطوير منظومة التعليم، لا يوجد أمامها إلا تقييم تجربة مدارس أحد، والاستفادة منها. تجربة مدارس أحد مدارس أحد ليست تجربة مصرية، بل نقلها الأرشدياكون حبيب جرجس عن إنجلترا، وهي اجتماع أسبوعي، عندما كان يوم الأحد هو يوم الإجازة الرسمي، وبدأها روبرت رايكس Robert Raikes في إنجلترا سنة 1780، وهو رجل عِلماني، يتبع الكنيسة الأنجليكانية الأسقفية ببريطانيا، وتحوَّلت في مصر إلى يوم الجمعة لكونها يوم الإجازة الرسمية وأصبح اسمها مدارس التربية الكنسية، وفقا لموقع سانت تكلا هيمانوت، التابع للكنيسة القبطية في الإسكندرية. ونشأت حركة مدارس الأحد على يد الأرشدياكون حبيب جرجس، وهي عبارة عن فصول مُقسَّمة بالمراحل الدراسية للأطفال، بدءًا من سن الحضانة والمرحلة الابتدائية، ثم الفتيان في المرحلة الإعدادية والمرحلة الثانوية، ثم بعد ذلك يتحول الأمر إلى اجتماعات، وفيها ينتقل الشباب في مرحلة الجامعة وما بعدها إلى اجتماعات مثل اجتماع الشباب، اجتماع الأسرة، اجتماع المتزوجين حديثًا، وغيرها من الاجتماعات على حسب الفئات. ومدارس الأحد التي تحتفل الكنيسة القبطية بمرور 100 سنة على إنشائها خلال العام الجاري، ذكر مصدر كنسي رفيع المستوى، أنها أسهمت في تطوير التعليم داخل الكنيسة، وأصبحت أجيالها الأولى من قيادات الكنيسة خلال ال50 عاما الأخيرة، موضحا أنها يجب مراجعتها وتقييمها، لأن نظام عملها لا يعتمد على «الليتورجيا الأرثوذكسية»، بقدر ما تقدم التعليم الكنسي على طريقة الكنائس الإنجيلية، وبالتالي يتسبب هذا في ذهاب أبناء الكنيسة القبطية للكنائس الأخرى، لذا يجب مراجعة التعليم الكنسي وتطوير حسب هوية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وروحها. الليتورجيا: وفقا لموقع كنيسة تكلا هيمانوت هي كلمة يونانية معناها «خدمة»، ويُقصد بها العبادات والصلوات الاجتماعية بكل أنواعها، ولكن استقر الرأي على إطلاق هذا الاصطلاح على القداس الإلهي تحديدا. هدف برنامج «ألف معلم كنسي» ذكر المركز الإعلامي للكنيسة أن برنامج "ألف معلم كنسي"، معني بتطوير التعليم الكنسي لدى المعلمين الكنسيين، وتدريبهم على استخدام مصادر التعليم الكنسي وهي (الكتاب المقدس، الليتورجيا، أقوال وكتابات الآباء، تاريخ الكنيسة والهوية القبطية). حتى الخميس الماضي، تخرج من 51 إيبارشية على مستوى الكرازة المرقسية 876 متدربا بعد تدريب 4 أفواج من البرنامج، وكان التدريب الخاص بالفوج الرابع بعنوان «تراث كنيستنا.. روح وحياة- المستوى الثالث»، وكانت المحاضرة الافتتاحية عن «التلمذة»، وأخرى عن «مفهوم التقليد والتسليم في الكنيسة». كان المستوى الأول للبرنامج جرت فعالياته خلال 2016 و2017 للتدريب على مهارة المعرفة، وشعاره «اعرف»، والمستوى الثاني في 2017 و2018، على مهارات البحث وشعاره «ابحث»، والمستوى الثالث هذا العام على مهارات الابتكار والإبداع وشعاره «ابتكر». ويبقى التساؤل: هل تكفي برامج مثل «ألف معلم كنسي» في تطوير التعليم داخل الكنيسة؟ أم الكنيسة تحتاج لإجراءات أخرى؟ التعليم الأكاديمي أما الكليات والمعاهد الأكليريكية فهي الأخرى تعاني من عدم الاعتراف عالميا بشهاداتها، كما يحدث مع الكليات والمعاهد المسيحية حول العالم كما في أمريكا واليونان وإنجلترا، وغيرها من الدول، ولكي تكون المعاهد والكليات الأكليريكية القبطية معترفا بها على الساحة الدولية تحتاج لمجموعة من الإجراءات الأكاديمية. البابا تواضروس قام ببعض هذه الإجراءات إلا أنها لا تزال غير كافية، حيث تم تغيير قيادات الكليات والمعاهد القديمة، واستعان بمجموعة من أساتذة الجامعة والأكاديميين للتدريس وتطوير مناهج الكليات والمعاهد القبطية الأرثوذكسية، إلا أن مثل هذه الخطوات تلقى مقاومة من أنصار التيار المتشدد داخل الكنيسة الذي يرفض التطوير، ويعتبره تنازلا عن العقيدة الأرثوذكسية. ربما يساعد الكنيسة في تطوير منظومة التعليم الأكاديمي، من خلال إرسال بعثات للتعلم في الخارج بجامعات دولية مرموقة، في مجال اللاهوت والفلسفة، وأن تحيي حركة الترجمة داخل الكنيسة لترجمة كتابات الآباء الأوائل من اللغة اليونانية القديمة إلى اللغة العربية، ويمكن الاستعانة بخبرة دير أنبا مقار في الترجمة.