أظهرت بيانات من مكتب الإحصاء الاتحادي في ألمانيا أن صادرات البلاد إلى تركيا هبطت في أغسطس، وهو ما يعكس انخفاضا حادا في القدرة الشرائية في تركيا بعد انهيار الليرة. على الرغم من التوترات السياسية المستمرة في العلاقات الثنائية بين ألمانياوتركيا، فإن برلين أرادت الحفاظ على صادرات شركاتها إلى أنقرة على مستوى عالٍ، وبشكل أساسي، رغم سياسات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المتشددة تجاه رجب طيب أردوغان، خاصة بعد احتجاز العديد من المواطنين الألمان، وهو الأمر الذي دفع برلين إلى تخفيض مبلغ تغطية تأمين المخاطر الخاصة بمعاملات التصدير للشركات الألمانية إلى تركيا ل1.5 مليار يورو، وهو الأمر الذي أثار مخاوف المستثمرين من الجانبين، وقد يعرقل أي اتفاقات اقتصادية مستقبلا. أمس، انتقدت شركات ألمانية التدخلات السياسية من قبل الحكومة التركية في آليات السوق، وأبدت تخوفها من انتهاج الرئيس رجب طيب أردوغان سياسة صدامية مع البنك المركزي، الذي أصبح تحت هيمنته.ودعت الشركات الألمانية إلى حوار شفاف مع تركيا بشأن التوترات السياسية، وذلك قبيل زيارة وزير الاقتصاد الألماني، بيتر ألتماير، في المقابل، أعرب عدد كبير من الخبراء عن قلقهم إزاء انتهاج الرئيس التركي سياسة صدامية مع البنك المركزي ورفضه زيادة الفوائد. وبحسب بيانات غرفة التجارة والصناعة الألمانية، يوجد حاليا أكثر من 6500 شركة ألمانية في تركيا، يعمل بها نحو 120 ألف شخص. بينما أظهرت بيانات من مكتب الإحصاء الاتحادي في ألمانيا أن صادرات البلاد إلى تركيا هبطت في أغسطس، وهو ما يعكس انخفاضا حادا في القدرة الشرائية والطلب المحلي في تركيا بعد انهيار الليرة. كانت وزارة المالية الألمانية قد حذرت من أن أزمة العملة التركية تشكل خطرا إضافيا على الاقتصاد الألماني، في حين لا ترى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حاجة ملحة لتقديم الدعم المالي لتركيا لتخفيف أزمة عملتها، بحسب "سكاي نيوز". وقالت وزارة المالية الألمانية: إن "المخاطر ما زالت موجودة ولا سيما فيما يتعلق بالغموض بشأن كيفية نجاح انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى السياسات التجارية الأمريكية في المستقبل"، مضيفة أن التطورات الاقتصادية في تركيا تمثل خطرا اقتصاديا خارجيا جديدا. من جهته رأى رئيس البنك المركزي الألماني ينس فايدمان إمكان حدوث آثار غير مباشرة لتقلبات الليرة التركية عن طريق علاقات ائتمانية مثلا أو من خلال التجارة الخارجية. يونس أولوسوي، الخبير الاقتصادي في مركز الدراسات التركية والاندماج، نوه بأن العلاقات الألمانية التركية تمر بمرحلة صعبة في الوقت الحالي، لكنه يرى أن كلا البلدين يستند إلى تصورات مختلفة تمامًا، بحسب "دويتشه فيله". "أولوسوي" أوضح أنه عندما يتعلق الأمر بالوضع السياسي في تركيا، فإن التصور في ألمانيا يركز بشكل رئيسي على أوجه القصور هناك، مشيرًا إلى أن التصور الذاتي للعديد من الأتراك الذين يوافقون على سياسة أردوغان مختلف تمامًا، وهذا ما يخلق سوء تفاهم وتفسيرات مختلفة. كانت وزارة الاقتصاد الألمانية قد أفادت في يوليو الماضي، أنها لم تعد تحدد سقفًا ماليا بعينه للتأمين الحكومي للصادرات الألمانية لتركيا، وأكدت أنها ألغت مرة أخرى سقف 1.5 مليار يورو الذي حددته العام الماضي لهذه الضمانات التي تعرف ب"ضمانات هرميس" الائتمانية للصادرات. وتهدف "ضمانات هيرمس" إلى حماية شركات التصدير الألمانية من تكبد خسائر جراء توقف شركائها التجاريين في الخارج عن السداد. يمكن القول إنه رغم التوترات، فإن العلاقات بين ألمانياوتركيا تستمر من خلال المصالح المشتركة، وهذا يشمل العلاقات الاقتصادية، والمصلحة المشتركة بإنهاء الحرب في سوريا، حيث استقبلت كل من ألمانياوتركيا عددًا كبيرًا من اللاجئين السوريين، الذين يأملون في العودة إلى ديارهم في أقرب وقت ممكن.