كان السؤال الأبرز الذي شغل المفكرين العرب منذ مطلع القرن الماضي وحتى الآن هو: لماذا تأخرنا عن باقي العالم المتقدم؟ وقد طرحوا دراسات كثيرة في ذلك المجال. عشرات، وربما مئات الكتب وآلاف الدراسات والمقالات التى تعرضت لمثل هذه الأسئلة التى تعبر عن انشغال أصيل بالبحث، ونجدها صريحة فى عناوين عدد من الكتب، ربما أقدمها «حاضر المصريين، أو سر تأخرهم»، الصادر فى عام 1902، والذى أعاد نشره بمقدمة مستفيضة الدكتور مجدى عبدالحافظ، وأصدره المكتب المصرى لتوزيع المطبوعات، فى عام 1998، ثم أصدر عبدالحافظ طبعة ثانية عن سلسلة ذاكرة الكتابة الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، فى يناير 2012، وفى المرتين حظى الكتاب بتغطية ومتابعة نقدية لافتة. يؤكد عبدالحافظ، أن سيرة حياة مؤلف الكتاب مازالت مجهولة، وأن كل ما نعرفه عنه هو ما كتب على غلاف الكتاب «تأليف: محمد عمر من مستخدمى مصلحة البوستة المصرية»، ويفند ما ردده بعض الباحثين من أنه «لا يوجد مؤلف بهذا الاسم، وأن مؤلفه (الأصلى، الحقيقى) فى الغالب هو فتحى زغلول».هذا الالتباس حول شخص المؤلف ينبع، يؤكد عبدالحافظ، أن سيرة حياة مؤلف الكتاب مازالت مجهولة، وأن كل ما نعرفه عنه هو ما كتب على غلاف الكتاب «تأليف: محمد عمر من مستخدمى مصلحة البوستة المصرية»، ويفند ما ردده بعض الباحثين من أنه «لا يوجد مؤلف بهذا الاسم، وأن مؤلفه (الأصلى، الحقيقى) فى الغالب هو فتحى زغلول». هذا الالتباس حول شخص المؤلف ينبع، أولا من أن هذا هو الكتاب الوحيد المنسوب ل«عمر»، وأن الكتاب ينم عن شخص ذى ثقافة ومعرفة عميقة، خاصة لجهة منهجه فى البحث ولغته الراقية المنضبطة بمعايير ذلك الوقت، وثاني أسباب الالتباس الحضور اللافت لزغلول - الشقيق الأكبر للزعيم سعد زغلول- حيث نقرأ فى تقديم المؤلف لكتابه: «وضعت كتابي هذا على مثال كتاب (سر تقدم الإنكليز السكسونيين) المعرب بقلم سعادة العالم القانوني الفاضل أحمد فتحي زغلول بك رئيس محكمة مصر الابتدائية الأهلية، ولكنه مع الأسف يشرح سر تأخر المصريين لا تقدمهم»، قبل ذلك نقرأ تقديم، زغلول للكتاب، وإشارته إلى ترجمته لكتاب «سر تقدم الإنكليز السكسونيين»، تأليف إدمون ديمولان، الصادرة فى عام 1899- بعد عامين فقط من صدوره فى فرنسا- ثم أن زغلول ينشر فى عام 1913 ترجمته لكتاب «سر تطور الأمم»، ل«جوستاف لوبون»، ويكتب فى مقدمته: «نقلت إلى العربية منذ سنين كتاب (روح الاجتماع) للدكتور العلامة جوستاف لوبون فاستقبله القراء بالحسنى وأن واضعه قد سبقه بمؤلف من نوعه سماه (سر تطور الأمم) رجع إليه فى مواضع كثيرة من روح الاجتماع، فلما قرأته رأيت من الواجب أن أقدمه لقراء الكتاب الأول حتى يجتمع لديهم الفرع بأصله». فى نفس الوقت الذى كان النشر الأخير لكتاب «حاضر المصريين، أو سر تأخرهم» - يناير 2012- يحدث أصداء وتساؤلات عن الدوران فى تلك الدائرة المفرغة - طوال أكثر من قرن- من التساؤل ومحاولات النهضة، ثم السقوط، ثم التساؤل مرة أخرى، نُشرت ترجمة مصطفى حجازى لكتاب مصطفى صفوان: لماذا العرب ليسوا أحرارا؟، وجاء فى مقدمة صفوان: عندما بدأت كتابة هذه الصفحات التى نقرأها فى هذا الكتاب، منذ ما يقرب من أربعين سنة، لم يكن لدى أى فكرة عن العلاقات ما بين الكتابة والسلطة، ترجع بداية هذا المشروع فى الواقع إلى حزيران- يونيو- 1967، بعد هزيمة حرب الأيام الستة التى بدت لى بمثابة هزيمة مجمل العالم الثالث باستثناء الهند.
طوال القرن والسنوات العشر طرحت فى الثقافة العربية أسئلة قريبة من هذه الأسئلة، فسأل «الشيخ محمد بسيونى عمران إمام مهراجا جزيرة سمبس برنيو» مجلة المنار- التى كان يصدرها الشيخ رشيد رضا- أن يكتب شكيب أرسلان (أمير البيان) مقالًا فى «أسباب ضعف المسلمين فى هذا العصر وأسباب قوة الإفرنج واليابان وعزتهم بالملك والسيادة والقوة والثروة»، فكتب «الأمير» سلسلة مقالات فى «المنار»، بداية من ديسمبر 1930، ثم جمعها فى كتاب حمل عنوان: «لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟»، وصدرت طبعته الأولى عام 1939، عن مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه بمصر، وكانت خلاصة الجواب: إن المسلمين ينهضون بمثل ما نهض غيرهم. مع هذه الأسئلة والإجابات الكبرى جاءت أسئلة أقل طموحا وأكثر تفصيلية وعلمية، فطرح مركز دراسات الوحدة العربية، مشروع دراسات الديمقراطية فى البلدان العربية، هذا السؤال: لماذا انتقل الآخرون إلى الديمقراطية وتأخر العرب؟ دراسة مقارنة لدول عربية مع دول أخرى، وتضمن الكتاب، الطبعة الأولى 2009، دراسات تناولت تجارب عدد من البلدان العربية: الكويت، لبنان، تجربة، السودان، البحرين، المغرب.