إذا كانت الثورة أسقطت جدار الخوف والصمت، الذى ألجم المصريين طوال ثلاثين عاما ماضية، فإنها وضعت أيضا، حدا لمبدأ السمع والطاعة العمياء، الحاكم فى مختلف الجماعات والتيارات الإسلامية، من جماعة الإخوان، إلى جماعة الجهاد والجماعة الإسلامية، وصولا إلى معظم التيارات السلفية.. جمعة «استرداد الثورة»، بدت مثالا على الانقلاب الحادث، فى أروقة الكيانات الإسلامية التنظيمية فى مصر، ورفض شباب تلك الكيانات التسليم بقرارات القيادات. كانت الجماعة الإسلامية، وجماعة الإخوان المسلمين، والدعوة السلفية، أصدرت قرارات مركزية، بعدم المشاركة فى جمعة «استرداد الثورة»، إلا أن مئات من شباب الإخوان شاركوا، تماما مثلما حدث مع شباب «تيار الائتلاف الإسلامى الحر»، القريب من الجماعة الإسلامية، ونحو 15 تيارا، من التيارات السلفية، أمثال حركة «حازمون» و«ائتلاف دعم المسلمين الجدد» و«الجبهة السلفية»، و«سلفيو كوستا»، ومن ثم تبقى علامة استفهام كبيرة: «هل مشاركة شباب الإسلاميين، تمثل انشقاقا وخروجا، على ثوابت الجماعات التى ينتمون إليها؟».. منسق حركة «سلفيو كوستا» وليد مصطفى، قال ل«التحرير»، إن «قرار مشاركتنا، فى أى فاعلية، يتوقف على أمرين، هل المطالب المطروحة، مخالفة لديننا وعقيدتنا أم لا؟ وهل تحقق تلك المطالب أهداف المجتمع والثورة؟»، بينما أكد منسق ائتلاف دعم المسلمين الجدد حسام أبو البخارى، أن التيارات السلفية متعددة، وهى فكرة ومرجعية، أكثر من كونها تنظيما على غرار الإخوان، «لذلك فقرارات القيادات ليست ملزمة، على حد قوله.. من جانبه، قال المنسق الإعلامى السابق للائتلاف الإسلامى الحر سيد فرج، إن التنظيمات الإسلامية، كانت تعمل قبل الثورة، بشكل سرى، لكنها الآن تعمل فى ظل حراك سياسى، إتاحة تامة للمعلومات، مما يؤدى لأن يتخذ بعض أفرادها «قرارات تخالف رؤية القيادات، بعد أن يقيموا الأمر ويقيسوه بالضوابط الشرعية». فى سياق آخر، نفى القيادى فى حزب الحرية والعدالة الدكتور أحمد أبو بركة «وجود أى انفصال بين شباب الحزب وقياداته، وكذلك شباب جماعة الإخوان المسلمين وقيادات مكتب الإرشاد»، معتبرا مشاركة شباب الحزب والجماعة، فى مظاهرات جمعة استرداد الثورة «مجرد مئات من الآلاف، الذين ينتمون إلى الجماعة والحزب». الخبير فى الحركات الإسلامية الدكتور عمرو الشوبكى، اعتبر مشاركة أفراد من تلك الجماعات والتنظيمات، فى الفاعليات السياسية، دون رغية القيادات، أمرا عاديا منذ اندلاع الثورة، مشيرا إلى أن حزبًا مثل «التيار المصرى»، يعد «نتاجا لتلك الحركات الفردية، التى خرجت من كياناتها، ورفضت قرارات جماعاتها، وتحول بعضها إلى حزب أو ائتلاف».. الشوبكى يعتبر أن ما يتخذ من قرارات بالمشاركة فى المظاهرات، من قبل تلك الجماعات هو عبارة عن قرارات مركزية ناتجة عن حسابات خاصة، أكثر منها عامة، مما يدفع الشباب إلى المشاركة، وعدم الالتزام بما يصدر من قرارات، مشيرا إلى أن هذا من شأنه إحداث «انشقاقات داخل هذه الكيانات، إن لم تقم بمراجعة حقيقية لمواقفها». فى الوقت نفسه يتعجب الشوبكى، من عدم المشاركة فى المليونيات من قبل الفصائل الإسلامية، وعلى رأسها الإخوان، رغم أنها ترفع نفس المطالب، التى ينادون بها.