18 عامًا مرت على استشهاد الطفل محمد الدرة الذي اغتالته يد الغدر الإسرائيلي بين ذراعي والده في 30 سبتمبر عام 2000 بقطاع غزة، إبان انتفاضة الأقصى المبارك الرافضة لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيريل شارون للمسجد، ما دفع الفلسطينيين إلى الانتفاض للدفاع عن المقدسات. ويبدو أن تجولات شارون في الأقصى، وتصريحاته بأن الحرم القدسي سيبقى منطقة إسرائيلية، أثارت استفزاز الفلسطينيين، فاندلعت المواجهات بين المصلين والجنود الإسرائيليين. وحينما كان الطفل محمد الدرة البالغ من العمر حينها 12 عامًا، يتجول برفقة والده في شارع صلاح الدين بقطاع غزة، تعرضا لإطلاق النار من قوات الاحتلال دون ذنب، فحاولا الاختباء خلف برميل إسمنتي، حسب "الحقيقة العماني". وحاول الأب "جمال الدرة" أن يحمي ابنه بكل قواه، إلا أن الرصاص اخترق يده اليمنى، ثم أصيب محمد بأول طلقة في رجله اليمنى، ليتلقى المزيد من الرصاص في ظهره، لينكفئ على الأرض مضرجًا بدمائه دون حراك. اقرأ أيضًا: «اتفاق أوسلو» بين فلسطين وإسرائيل.. خطيئة سياسية أم منفعة متبادلة؟ في المقابل، حاولت إسرائيل التنصل والتبرؤ من قتل "الدرة"، الذي اختصر استشهاده آلاف المشاهد والمآسي التي سجلها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، كاشفًا طبيعة الاحتلال في اغتيال الأطفال وأحلامهم. ورغم استشهاد "الدرة"، لم تهدأ مدينة القدس واستمرت المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، لتسفر عن إصابة العشرات، وسرعان ما امتدت إلى كافة المدن في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسميت ب"انتفاضة الأقصى". وأثار إعدام الجيش الإسرائيلي للطفل الدرة، مشاعر غضب الفلسطينيين في كل مكان، ما دفعهم بالخروج في مظاهرات غاضبة، ووقوع مواجهات مع الجيش الإسرائيلي. الانتفاضة الثانية تميزت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، مقارنة بالانتفاضة الأولى، بكثرة المواجهات وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، حسب "معا". اقرأ أيضًا: «كامب ديفيد».. معركة ذكاء تعيد حقوق الفلسطينيين وتجلب السلام للمنطقة وحسب أرقام فلسطينية وإسرائيلية رسمية، فقد أسفرت الانتفاضة الثانية عن مقتل 4412 فلسطينيًا و48322 مصابا، فيما قتل 1069 إسرائيليًا وأصيب 4500 آخرون. وتعرضت مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة خلال انتفاضة الأقصى لاجتياحات عسكرية، وتدمير لآلاف المنازل والبيوت، وتجريف آلاف الدونمات الزراعية. ليس هذا فحسب، بل شهدت الانتفاضة الثانية اغتيال وزير السياحة في الحكومة الإسرائيلية آنذاك رحبعام زئيفي على يد مقاومين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حسب الأناضول. لكن سرعان ما رد "شارون" على تلك العمليات، وبدأ في تنفيذ سلسلة من الاغتيالات بحق أكبر عدد من قيادات الصف الأول في الأحزاب السياسية والعسكرية الفلسطينية، في محاولة لإخماد الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت عام 2000 ولإضعاف فصائل المقاومة وإرباكها، وفي مقدمتهم مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين. إلا أن فصائل المقاومة عملت خلال الانتفاضة الثانية على توسعة أجنحتها العسكرية، وقامت كتائب القسام الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بتطوير سلاحها، وتمكنت من تصنيع "صواريخ" لضرب المدن والبلدات الإسرائيلية، وفقا للوكالة. اقرأ أيضًا: ترقب أمريكي من انتقاد إسرائيل ل«صفقة القرن» وسط مقاطعة فلسطينية وتوقفت انتفاضة الأقصى في 8 فبراير عام 2005 بعد اتفاق هدنة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قمة "شرم الشيخ"، إلا أن مراقبين يرون أن الانتفاضة الثانية لم تنته لعدم توصل الفلسطينيين والإسرائيليين إلى أي حل سياسي، واستمرار المواجهات في مدن الضفة. سياسيون فلسطينيون أكدوا، أن ما تشهده القدس من اقتحامات متكررة، قد تكون شرارة لاندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، حيث شهدت العديد من الأحياء الفلسطينية، في القدسالشرقية، خلال الأيام الماضية، مواجهات بين قوات الشرطة الإسرائيلية وعشرات الشبان الفلسطينيين الغاضبين، جراء الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة لساحات الأقصى، بحسب "سما". ومن هذا المنطلق، يجب أن تعي إسرائيل جيدا أن تعنتها بحق الشعب الفلسطيني، قد يطيل أمد الأزمة، ويفجر انتفاضة ثالثة يمكنها أن تقضي على ما هو يابس، خاصة أن الشعب العربي المُكبل لن يسعى إلى التهدئة، وسيزيد من وتيرة العمليات العسكرية حتى يسترد الأرض المحتلة.