يبدو أن الولاياتالمتحدة تستعد لحرب جديدة مفتوحة على غرار أفغانستان التي مكثت بها قرابة 17 عاما، لكن تلك المرة في سوريا، خاصة بعد إعلان إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب البقاء في سوريا لأمد طويل طالما ظلت إيران. المتحدث باسم شؤون الشرق الأدنى بالخارجية الأمريكية كريستيان جيمس، قال إن إنهاء الوجود العسكري الإيراني في سوريا يعد أحد أهم أهداف الاستراتيجية الأمريكية بعيدة المدى، مضيفًا أن الولاياتالمتحدة تعمل على تحقيق هذا الهدف بطرق دبلوماسية واقتصادية، حسب وكالة "رويترز". يذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كان شن هجومًا حادًا على إيران في خطابه بالدورة ال73 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك، مشددًا على أن السلطات الإيرانية لا تحترم جيرانها وتنشر الفوضى والدمار في المنطقة. كما حمّل ترامب الحكومة الإيرانية مسؤولية تمويل وإطالة أمد النزاع السوري، قائلًا: "يجب أن يضم أي حل لتسوية الأزمة الإنسانية في سوريا طرح استراتيجية للتصدى للنظام العنيف الذي يؤججها ويمولها". اقرأ أيضًا: هل تنجح منظومة «إس 300» الروسية في تأمين أجواء سوريا بشكل كامل؟ في المقابل، قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جون بولتون "لن نرحل طالما أن القوات الإيرانية باقية خارج حدود إيران، وهذا يشمل حلفاء إيران والمجموعات المسلحة". أما صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية فقد علقت على تصريحات مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جون بولتون، بالإشارة إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تبنت القيام بمهمة أوسع في هذا البلد المحاصر لا تقتصر فقط على محاربة تنظيم داعش الإرهابي. ولفتت الصحيفة إلى أن بولتون ربط بشكل مباشر أي انسحاب مستقبلي للقوات الأمريكية من سوريا برحيل القوات الإيرانية عن البلاد. يذكر أن البنتاجون كان قد قال في وقت سابق: إن المهمة العسكرية الأمريكية فى سوريا ستنتهي بمجرد أن تهزم القوات المدعومة من الولاياتالمتحدة تنظيم "داعش"، وتقوم بتأمين المناطق التى خضعت لسيطرته، ولم تكن مواجهة القوات الإيرانية جزءًا من المهمة العسكرية الأمريكية حتى الآن، حيث لم يتلق الجيش بعد أوامر من البيت الأبيض لتغيير عملياته في البلاد لمجابهة إيران. بدوره، صرح وزير الدفاع الأمريكى جيمس ماتيس بعد ساعات من تصريحات بولتون بأن المهمة العسكرية الأمريكية فى سوريا لا تزال تركز فقط على هزيمة "داعش". اقرأ أيضًا: لماذا ترفض الفصائل المسلحة فى إدلب الاتفاق الروسي التركي؟ وأكد "ماتيس" أن السياسة الأمريكية في سوريا لم تتغير، قائلًا: "نحن في سوريا لهزم تنظيم "داعش"، والتأكد من أنه لن يعود ما أن ندير ظهرنا. وأوضح وزير الدفاع الأمريكي أن الوضع على الأرض معقد، وهناك الكثير من الحساسيات والخصوصيات، والولاياتالمتحدة تعترف بذلك. "واشنطن بوست" أوضحت أن تصريحات مثل هذه التى صدرت عن اثنين من كبار المسئولين الأمنيين فى الولاياتالمتحدة أثارت أسئلة حول ما إذا كانت إدارة ترامب قد تبنت بالفعل سياسة جديدة بشأن سوريا؟.. وتابعت "نظريًا، يمكن للجيش الأمريكي أن يبقى رسميًا في سوريا بموجب مهمة هزيمة تنظيم "داعش"، ومنع انبعاثها من جديد، لكن ما زالت الإدارة الأمريكية تربط رحيلها برحيل القوات الإيرانية عن سوريا". اللافت هنا، أن هذه ليست المرة الأولى التي يلمح فيها مسؤول أمريكي إلى وجود أمريكي طويل الأمد على الأراضي السورية، حيث نشرت واشنطن نحو ألفي جندي في إطار حملة مكافحة تنظيم داعش الإرهابي في يناير، بعدما كان البنتاجون أعلن أن الولاياتالمتحدة ستبقي على وجود عسكري في سوريا طالما لزم الأمر لمنع أي عودة للتنظيم الإرهابي. اقرأ أيضًا: العدوان على سوريا.. هل تتصدى روسيا للهجوم الغربي المزعوم؟ لكن يبدو أن الحرب المفتوحة التي تعتزم واشنطن انتهاجها، أقلقت الجانب الفرنسي، ودفعت وزير الخارجية جان إيف لودريان للتحذير من أن المنطقة المحيطة بسوريا يمكن أن تشهد حربا دائمة إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي في هذا البلد. وقال لودريان على هامش الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة: إن العمل من أجل حل سياسي من مسؤولية الرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الذين يدعمونه، وإلا فيمكن أن نسير باتجاه حرب دائمة في المنطقة. وزير الخارجية الفرنسي أوضح أن هناك اليوم 5 جيوش تتواجه في سوريا، والحوادث الأيرة تظهر أن خطر اندلاع حرب إقليمية هو خطر فعلي، بحسب "فرانس برس". أما أندرو باراسيليتي من مركز الأبحاث راند كوربوريشن، فقد قال: إنه بجانب خطر حصول خلافات داخل التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب الذي تقوده الولاياتالمتحدة، ويشن العمليات في شمال سوريا بالتعاون مع قوات سوريا الديموقراطية، فان هذا التحول الاستراتيجي يعتبر خطيرًا. اقرأ أيضًا: أمريكا تتقرب من سوريا.. 3 شروط لإعادة العلاقات الدبلوماسية وأوضح الخبير الاستراتيجي "كمرشح وكرئيس قال ترامب إن الحرب في العراق كانت خطأ، وأنه يريد سحب الجنود الأمريكيين من سوريا"، وفقا للوكالة الفرنسية. "باراسيليتي" أضاف "لكن السياسة الأمريكية تقوم الآن على أساس البقاء في سوريا طالما أن إيران باقية في هذا البلد، ولا يبدو أن إيران على عجلة للرحيل، وهناك بالتالي خطر حصول تصعيد أو حوادث مع الجيش الروسي كما حدث الأسبوع الماضي مع إسرائيل". كان الجيش السوري أسقط في 17 سبتمبر الجاري عن طريق الخطأ طائرة عسكرية روسية كانت تقل 15 عسكريا، وحملت موسكو في بادئ الأمر المسؤولية لإسرائيل قبل أن تتحدث عن ظروف عرضية مأساوية. وفتحت الدفاعات الجوية السورية النيران لاعتراض صواريخ إسرائيلية كانت تستهدف مخازن ذخيرة في محافظة اللاذقية في شمال غرب البلاد.