في الوقت الذي يطالب فيه العديد من المغاربة بمناهضة التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، جاءت زيارة مسؤول إسرائيلي للمغرب مؤخرا لتثير حالة من الغضب بين الداعين لتجريم التطبيع. تمثلت هذه الزيارة في العطلة الصيفية التي قضاها رئيس حزب العمل الإسرائيلي آفي غباي ذو الأصول المغربية، مع زوجته وأولاده في المغرب، على الرغم من القطيعة الرسمية المعلنة بين المغرب وإسرائيل. ويظل النقاش الدائر حول مناهضة التطبيع حبيس الأصوات الحقوقية في المغرب، المناصرة للقضية الفلسطينية، غير أنه لم يجد بعد الطريق نحو التشريع، للتوقف عند السلوكيات والممارسات التي من شأنها ترسيخ "السياسة التطبيعية" مع الاحتلال. كسب الدعم وسائل إعلام إسرائيلية، أشارت إلى أن غباي يسعى من خلال زيارته للمغرب، إلى كسب دعم اليهود الإسرائيليين المقيمين بالمغرب وبشمال إفريقيا، خلال الانتخابات التشريعية القادمة. اقرأ أيضا : 5 أسباب وراء انضمام المغرب لقطار الدول المقاطعة لإيران ورئيس حزب العمل يتخذ أصوله المغربية كورقة رابحة لاستمالة إسرائيلي شمال إفريقيا، الذين يصوتون في الغالب لحزب الليكود، بحسب "المصدر" الإسرائيلي. وأضاف الموقع أن المسؤول الإسرائيلي البارز خص زيارته للمغرب باهتمام كبير، وروج لها في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حيث عبر عن "فخره بأصوله المغربية"، رغم أنه وُلد بإسرائيل، مشيرا إلى أن والديه وإخوته الثمانية وُلدوا بالمغرب، وعاشوا فترة بالدار البيضاء قبل أن يهاجروا إلى إسرائيل. ويطمح المسؤول الإسرائيلي أن يكون رئيس الحكومة الإسرائيلية مستقبلا بديلا لبنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال الحالي. كما تحدثت وسائل الإعلام عن نشاط "غباي" (51 عاما) في تجنيد عناصر من المغرب، وباقي بلدان شمال إفريقيا، لصالح إسرائيل. وما يثير الاهتمام هو أن "غباي" يستخدم أصوله المغربية لتجنيد داعمين إسرائيليين كثيرين من دول شمال إفريقيا، الذين يصوتون غالبًا لليكود، وأشارت وسائل الإعلام إلى أن زعيم حزب العمال تحدث كثيرًا عن الرحلة، وأطلق منشورا مدفوع الأجر في فيسبوك بخصوص رحلته إلى المغرب. وجاء رئيس حزب العمل إلى المغرب بحثا عن القرية التي عاشت فيها عائلته، التي تنحدر من قرية جبلية، نواحي مدينة "دمنات"، فيما ولد عدد من إخوته الكبار في مدينة الدار البيضاء قبل إنتقالهم إلى إسرائيل. ونشر الموقع صورة توثق رحلة غباي إلى المغرب، فيما لم يتحدث عن تاريخ الزيارة. ولدى عودته إلى إسرائيل قال غباي في برنامج حواري على التلفزيون العبري، إنه "شعر برغبة كبيرة في زيارة القرية التي ولد فيها أبوه، لكنه تعرض لمشكلة، لأن الموقع صغير جدا وبعيد ولم يظهر أبدا في خرائط محرك البحث "جوجل ماب". وتابع رئيس حزب العمال المعارض، قائلاً: لقد احتجنا إلى يومٍ كاملٍ للعثور على هذه القرية. اقرأ أيضا: هل حصل المغرب على أسلحة من إسرائيل؟ ويحمل "غباي" أفكارًا سياسية متطرفة جدًا، لا تختلف كثيرًا عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فقد كان قد أطلق تصريحًا جاء فيه أنّه يرفض الجلوس مع "القائمة المشتركة" في حكومة إسرائيلية مستقبلية، ومؤخرًا قال في حديثٍ أدلى به للقناة الثانية في التلفزيون العبري إنه لن يقوم بإخلاء المستوطنات الإسرائيليّة، التي أُقيمت منذ العام 1967 على أراضي الضفّة الغربيّة المُحتلّة، حتى في إطار اتفاق سلام، على حد تعبيره، بحسب "اليوم 24". جريمة ضد المغاربة المرصد المغربي لمناهضة التطبيع ندد بزيارة السياسي الإسرائيلي للمملكة، واصفا إياها ب"الجريمة النكراء ضد المغاربة جميعا"، كما اعتبرها "مسا بمشاعرهم المناهضة للاحتلال والعدوان والغصب". وندد المرصد، في بلاغ بثه على صفحته في "فيسبوك"، تحت عنوان "التطبيع مع الصهاينة مشاركة في إجرامهم"، بما سمّاه "محاولات حثيثة ونافذة في عدد من مراكز النفوذ بالدولة لصهينة مفهوم المكون العبري بالدستور المغربي عبر تقديم الصهاينة الإرهابيين القتلة المحتلين من أصل مغربي على أنهم مواطنون مغاربة، وأنهم يمثلون جالية مغربية في الكيان الغاصب". المرصد ندد أيضا ب"حالة التسيب في حماية السيادة الوطنية أمام الاختراق الصهيوني الخطير المتصاعد، والذي يهدد الأمن الوطني للمغرب بشكل أصبح ملحوظا جدا"، معتبرا أن "الصهاينة مكانهم المحكمة والسجن على جرائمهم اللامتناهية وليس الاستقبال والرعاية والضيافة"، بحسب "هسبريس". تنامي العلاقات "العلاقات مع المغرب آخذة بالتنامي رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية مشتركة، فالمغرب يحافظ على اليهود لديه، ويستضيف إسرائيليين كثرا في كل عام، رغم ما أظهره عدد من المشجعين المغاربة في مونديال روسيا الأخير وهم يحرقون علم إسرائيل، والمعاملة العنيفة التي عاملوها لعدد من المشجعين الإسرائيليين"، هذا ما أشارت إليه الباحثة في المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية والإقليمية عينات ليفي. اقرأ أيضا: تزايد زيارات المغاربة لإسرائيل رغم دعوات تجريم التطبيع وأوضحت خلال ورقة بحثية أن المملكة المغربية تتعامل مع اليهود الذين من أصولها على أنهم جزء من الجالية المغربية في الخارج، وذكرت وزارة شؤون الهجرة والشتات المغربية في تقريرها السنوي لعام 2016 أن إسرائيل تعتبر الدولة الثانية التي تضم مغاربة في الشتات بعد فرنسا، حيث يوجد 800 ألف يهودي من أصول مغربية. وأشارت الورقة البحثية التي نشرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، إلى أن "الإسرائيليين من أصول مغربية يستطيعون الحصول على جنسية مغربية، وهي تمنح لأربعة أجيال قادمة، وفي 2011 حصل تعديل في القانون المغربي أقر بأن اليهودية تعتبر جزءا من التراث المغربي، وبذلك فلن نجد دولة مسلمة ترى في إسرائيل دولة تضم مواطنيها في الشتات، وتعترف باليهودية كجزء من ميراثها الشعبي، وتقدم جنسيتها للإسرائيليين". وتعتبر المجموعة المغربية هي ثاني أكبر مجموعة عرقية في إسرائيل حيث يعيش اليوم نحو مليون يهودي مغربي في إسرائيل. اقرأ أيضا : «المقاطعة».. سلاح المغاربة لمواجهة لهيب الأسعار تجدر الإشارة إلى أن الأمر لا يقتصر على زيارة الإسرائيليين للمغرب، فخلال العام الجاري قام وفدان بزيارة دولة الاحتلال، أحدثها ما قام به وفد شمل 11 شخصا يتشكل من مهندسين وكتاب ومخرجين ورجال أعمال مغاربة ممن يرون أهمية للحوار والتواصل مع نظرائهم الإسرائيليين، في زيارة التقوا خلالها بأعضاء في الكنيست ومسؤولين في حكومة الاحتلال.